خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
تستضيف “المملكة العربية السعودية”، قمم إسلامية وخليجية وعربية، في “مكة المكرمة” وسط أجواء استثنائية يسودها التوتر بين دول الخليج و”إيران”.
وكان وزراء خارجية دول “منظمة التعاون الإسلامي” قد أعدوا جدول مناقشات القمة الإسلامیة في دورتھا الـ 14 العادیة، المنعقدة في “مكة المكرمة”، اليوم الجمعة 31 أيار/مايو 2019، بمشاركة 57 دولة.
وتأمل “السعودية” في توجيه رسالة قوية إلى “إيران”؛ مفادها أن القوى الإقليمية ستدافع عن مصالحها من أي تهديد. فيما تقول “السعودية” و”الإمارات”، إنهما تريدان تجنب الحرب بعد ضربات بطائرات مسيرة استهدفت محطتي ضخ نفطيتين في المملكة وهجوم تخريبي استهدف ناقلات “نفط” قُبالة سواحل “الإمارات”.
إيران تهدد الملاحة العالمية..
في مستهل قمة “مجلس التعاون الخليجي”، الطارئة، التي إنعقدت، أمس، بـ”مكة المكرمة”، قال الملك، “سلمان بن عبدالعزيز”، إن ما يقوم به النظام الإيراني من التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتطوير البرامج النووية والصاروخية، وتهديد الملاحة العالمية بما يهدد إمدادات “النفط العالمي”، يُعد تحديًا سافرًا لمواثيق ومباديء “الأمم المتحدة” لحفظ السلام والأمن الدولي.
وكانت “السعودية” قد اتهمت “إيران” بإصدار أمر توجيه الضربات بالطائرات المسيرة، والتي أعلنت جماعة “الحوثي”، الموالية لـ”طهران”، المسؤولية عنها.
وقال مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، “جون بولتون”، إن تخريب ناقلات “النفط” أمام السواحل الإماراتية، مرتبط بالهجمات على منشآت نفطية في “السعودية”، وإن “واشنطن ليس لديها أدنى شك في المسؤول عن هذه الهجمات”.
ورد مسؤول إيراني، على تصريحات “بولتون”، واصفًا إياها بأنها: “اتهامات سخيفة”، مضيفًا أن بلاده “ستدافع عن نفسها في وجه أي إعتداء عسكري أو اقتصادي”.
قمم مكة: بين مؤيد ومعارض..
شدد بعض المحللين السياسيين على أن، القمتين العربية والخليجية، موجهتان لمناهضة التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية، فيما شكك آخرون في جدوى إنعقاد مثل تلك القمم؛ مؤكدين على أن الشارع العربي بات لا يكترث بها.
وقال رئيس تحرير (الاتحاد) الإماراتية، “حمد الكعبي”: “مهما كان سقف التوقعات منخفضًا، في الشارع العربي، إزاء إلتئام القمم، إلا أن إنعقادها على نحو عادي أو استثنائي، يظل مصلحة عربية، وإن حققت أدنى الطموحات في لقاء القادة، وإصدار بيان ختامي”.
فيما يقول “خالد بن حمد المالك”: “هناك هواجس كثيرة تمرُّ بدولنا وشعوبنا، مصدرها القلق من تنامي الإرهاب وانتشاره، وتدخُّل إيران وتركيا في الشؤون الداخلية لدولنا لإفساد الأمن والاستقرار فيها، والتغرير بالإمارة الصغيرة، (قطر)، بما جعل مواقفها تُدار وفق أجندة خارجية، لم تكن ذات يوم ضمن سياساتها قبل انقلاب حمد بن خليفة على حكم أبيه”.
مُضيفًا: “إن أممنا وشعوبنا الخليجية والعربية والإسلامية سوف تكون مشدودة لمتابعة كل ما سوف يتم في هذه القمم، وما يصدر عنها من قرارات وتوصيات؛ فالمرحلة التي تمرُّ بها حاليًا بالغة الخطورة، ولا بد من استثمار هذه القمم في مواجهة الأخطار والتحديات باتفاقيات وقرارات، تكون في مستوى المسؤولية، وقادرة على حماية أمن دولنا واستقرارها واستقلالها”.
في المقابل، شكك البعض في جدوى إنعقاد مثل تلك القمم، وخاصة أن توصيات القمم السابقة نادرًا ما يتم تنفيذها.
فتحت عنوان: “السعودية: قمم كثيرة وفائدة قليلة”، تقول (القدس) اللندنية، في افتتاحيتها: “تستطيع السعودية طبعًا عقد القمم وتجميع الزعماء ونصب الموائد وإصدار البيانات الطنّانة، لكنّ هذا لا يغيّر في شيء لأن تلك القمم فاشلة، والسبب طبعًا هو سياسات المملكة نفسها التي تحولت بعد تولّي، محمد بن سلمان، ولاية العهد وإدارته شؤونها السياسية؛ إلى صورة تسيء للإسلام والعروبة والسعودية نفسها”.
وفي (الشرق) القطرية، كتب “أحمد عبدالملك”، مقالاً بعنوان: “لماذا كل هذه القمم ؟”، يقول فيه: “في حقيقة الأمر، فإن الظروف الحالية لا تسمح بعقد أية قمة، سواء كانت خليجية أم عربية !.. ذلك لأن مواقف الدول الخليجية والعربية متضاربة تجاه الأحداث الجسام التي تواجه الأمة العربية”.
قطريون يرفضون المشاركة !
لقد حضر “قمة مكة” ممثلون عن ثلاث دول تربطها علاقتها جيدة مع “إيران”، وهم “العراق” و”عُمان” و”قطر”. ويطالب مسؤولو تلك البلدان بإنتهاج سياسة عقلانية مع “إيران” والعمل على إزالة التوتر في منطقة “الخليج العربي”.
وهناك قطريون رفضوا مشاركة وفد بلادهم في أي قمة خليجية، بعد الحصار الذي تعرضت له “الدوحة” من قِبل دول عربية على رأسها “المملكة العربية السعودية”. وقال أحدهم: “حين عجز ملك (السعودية العظمى) عن ردع إيران تعلق بستار الكعبة على عجل ويدعو لقمة؛ كُتب عليها الفشل قبل أن تبعثر فيها أوراقها وتطنطن صرير أقلامها…”.
وكان الملك “سلمان”؛ قد وجه دعوة لحضور القمة إلى أمير “قطر”، الذي تتعرض بلاده إلى مقاطعة شاملة من “السعودية والإمارات والبحرين ومصر”، منذ 2017.
ظريف: مستعد أن أذهب إلى السعودية !
كان وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، قد أبدى، أمس، استعداده للذهاب، اليوم، إلى “الرياض”، مشترطًا في ذلك تغيير الحكومة السعودية سياساتها.
وقال “ظريف”، في مقابلة مع قناة (العالم): “نحن منفتحون علی دول الخليج، ولكن للأسف إثنتان أو ثلاث من تلك الدول اختارت طريقًا آخر، طريقًا خطرًا عليها قبل أن يكون خطرًا علی الجميع”.
وأضاف “ظريف”: “لو لدی الحكومة السعودية الاستعداد لأن تغير سياساتها، أستطيع أن أذهب غدًا إلی الرياض”. وأوضح “ظريف” أن: “رسالة جولته في المنطقة وخارجها هي ضرورة أن تتوقف أميركا عن خرقها للقوانين وعن فرضها حربًا غير قانونية على الشعب الإيراني”.
من جانبه؛ قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، “عادل الجبير”، إن بلاده لا تريد الحرب مع “إيران”، لكنها لن تتسامح مع ما تعتبره، “نشاطًا إيرانيًا عدائيًا”، في المنطقة.
وحول عرض “إيران”، الأخير، للحوار مع جيرانها، قال “الجبير” إن هذا وقت التحرك وليس الكلام.