21 ديسمبر، 2024 8:10 م

عقارات مسيحيي بغداد ضحية شبكات مافيوية لفصائل مسلحة واحزاب اسلامية

عقارات مسيحيي بغداد ضحية شبكات مافيوية لفصائل مسلحة واحزاب اسلامية

كتبت سارة القاهر : يتولى مقاولون وشبكات مافيوية تدعي انتماءها الى أحزاب اسلامية وفصائل مسلحة، عمليات بيع وتزوير سندات عائدية عقارات المسيحيين بجانب الرصافة من العاصمة بغداد، بالتنسيق مع اصحاب مكاتب وموظفي التسجيل العقاري في تلك المناطق. الا ان وزارة العدل تعزو الخلل في تلك المعاملات المزورة الى “وكالات وهمية”، مشيرة الى انها تمكنت من استرجاع أغلب العقارات المستولى عليها، في حين يؤكد نواب مسيحيون سابقون أن تلك الوكالات ليست وهمية، بل يضطر اصحابها الى ترويجها تحت تهديدات القتل والخطف.
وكان عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي، قال في وقت سابق، إن 70% من بيوت المسيحيين المهاجرين من بغداد، تم الاستيلاء عليها من قبل جهات متنفذة، مبيناً أن أغلب المسيحيين المتضررين هم من محلات (906) و (904) و (902) في حي الوحدة بمنطقة شارع الصناعة في بغداد.
وبيَّن الربيعي، أن “هناك دورا اغتصبت في بغداد وهي تعود لمسيحيين في خارج العراق سافروا بسبب الوضع الامني”، مشيراً إلى أن “متنفذين قاموا بتزوير ملفات هذه الدور في دوائر التسجيل العقاري (الطابو)”.
ويقول المتحدث باسم الحشد الشعبي، كريم النوري، إن اتهام جهات على صلة بالحشد بارتكاب هذه الجرائم يمثل إساءة للحشد والمسيحيين، على حد سواء.
وأضاف النوري، في تصريح لـ “العالم”، أمس، أن “الحشد الشعبي يمثل جميع العراقيين، ويضم مقاتلين من جميع المكونات، ولا يمكن أن يكون عرضة لمثل هذه الاتهامات”.
وعبر النوري، عن استعداده لنقل أي معلومات في هذا الملف الى قيادة الحشد للتحقيق فيها ومتابعتها، والمساعدة في كشف مرتكبيها.
وزارة العدل، من جانبها، نفت أن تكون هناك معاملات مزوّرة تمررها دوائر التسجيل العقاري ببغداد في الفترة الحالية. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة حيدر السعدي في تصريح لـ”العالم”، ان الكثير من العوائل المسيحية استرجعت منازلها، من خلال وزارة العدل، وعبر الشكاوى التي قدمتها تلك العائلات الى المحاكم والنزاهة.
وأردف السعدي أن أواخر العام الماضي، وبادية 2015 كان هناك ترويج كبير لمعاملات بيع دور ومنازل المسيحيين، عن طريق وكلاء وهميين، من دون علم المالك الشرعي للعقار، مشيرا الى ان وزارته تلافت تلك المشكلة بحصر الوكالة بـ”قريب من الدرجة الاولى”.
وتروّج لعمليات بيع تلك العقارات الخاصة بالمسيحيين في بغداد، شبكات ومافيات تدعي انتماءها لفصائل مسلحة، وبخاصة في مناطق الكرادة ـ شارع 52، وكمب سارة، والغدير؛ حيث تقوم تلك العصابات بنقل ملكية العقار وبيعه بفترة لا تتجاوز الشهر.
وذهب السعدي الى ان تلك العصابات تتخذ من فصائل الحشد الشعبي غطاء لعملها، مؤكدا في الوقت ذاته ان “جميع الفصائل المنضوية الى الحشد نفت صلتها بتلك العصابات”.
حسين الغزي، صاحب مكتب عقار في منطقة بغداد الجديدة، قال ان أربع عوائل مسيحية في أحد احياء المنطقة تفاجأت بأن منازلها التي غادرتها إثر أعمال العنف والتهجير القسري والاضطرابات الامنية قد بيعت الى أناس من مكون آخر.
ويؤكد حسين أن هناك مجموعة مقاولين ينتمون الى مافيات متخصصة ببيع عقارات المكون المسيحي، يتولون عمليات تزوير عائدية تلك العقارات، بالتنسيق مع موظفين في دوائر التسجيل العقاري.
جوزيف سبي صليوا، نائب سابق عن المكون المسيحي قال ان هناك جهات متنفذة في وزارة العدل ودائرة التسجيل العقاري تعمل على تزوير عقود الاراضي والعقارات وبيعها، من دون علم صاحب العقار. واضاف أن المسيحيين يعانون كثيرا من تلك الحالات، الا انهم يخشون كشف تذمرهم، بعد تلقي اكثرهم رسائل تهديد بالقتل او الخطف. وعلى أثر تلك التهديدات، يضطر المسيحيون الى الموافقة على منح تلك العصابات توكيلاً بالتصرف بعقاراتهم، بحسب صليوا.
لكن النائب السابق يؤكد أن اكثر من 90 عائلة، تمكنت من استرجاع عقاراتها، وبخاصة المنازل بعد أن بيعت وسكنها اناس في فترة الطائفية والتهجير.  وتابع صليوا ان “اغلب تلك العصابات تستخدم هويات وهمية بانتمائها لفصائل اسلامية مسلحة”، لافتا الى انهم يلجأون الى ذلك “لتسهيل مهمة الاستيلاء على ممتلكات الاقليات”.
وكان النائب المسيحي عماد يوخنا، قال في تصريح سابق ان “مسيحيين في بغداد تعرضوا الى تهديدات لاجبارهم على ترك منازلهم، واللجوء الى كردستان وخارج العراق، ثم يفاجأون بان منازلهم سكنت من اشخاص آخرين”.
واضاف يوخنا، انه “في العادة جيران المسيحيين من يخبرهم بوجود اشخاص غرباء في منزلهم وحين يعود صاحب الدار الاصلي الى بغداد لاستطلاع الامر يكتشف ان ملكية المنزل تحولت باسم شخص آخر”. وتابع النائب المسيحي “حاول بعض المسيحيين اللجوء الى المحاكم لاعادة الامور الى نصابها لكنهم تعرضوا الى تهديد، وبعض من المحامين الموكلين بهذه المواضيع تلقوا اتصالات تتوعدهم بالقتل في حال الاستمرار برفع الدعوى”.
ويقدر يوخنا تلك الحالات بنحو “60 حالة” حدث معظمها في مناطق شارع الصناعة، منطقة 52، بغداد الجديدة وتل محمد.
وطالب النائب الحكومة بايقاف عمليات بيع عقارات المسيحيين، ووضع ضوابط جديدة مثل الحصول على ورقة من الوقف المسيحي قبل المباشرة بمعاملة البيع.
ويؤكد النائب يونادم كنا، رئيس كتلة الرافدين، ان “تلك الجهات تزور بصورة سريعة قد لا تتعدى الشهر الواحد حتى تحول ملكية الدور او حتى الاراضي التابعة لمسيحيين الى اشخاص آخرين”.
وقال عضو اللجنة طه الدفاعي، في وقت سابق ان لجنة النزاهة البرلمانية “تسلمت عشرات الشكاوى من مسيحيين وغير مسيحيين في بغداد تفاجأوا بنقل ملكية عقاراتهم دون علمهم”. واشار الدفاعي الى ان “تلك الحالات جرت بسبب البيع عن طريق الوكالات”، مطالبا الحكومة “بايقاف البيع الا بحضور صاحب العقار الاصلي وبالنسبة للمقيمين خارج العراق فيمكنهم الحضور امام السفارات العراقية هناك، لتجنب حالات التزوير”.  كما دعا عضو لجنة النزاهة، وزارة العدل الى “الاسراع في ارشفة سجلات الدوائر العراقية الكترونيا لمنع التلاعب بها في المستقبل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة