خاص : ترجمة – محمد بناية :
مقترح وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، بشأن تبادل السجناء بين “طهران” و”واشنطن”، هو نوع من إلقاء الكرة في ملعب “الولايات المتحدة الأميركية”، ومن ثم يتعين انتظار رد فعل الإدارة الأميركية في هذا الصدد.
ورغم تعارض عموم مناقشات الأميركيين القائمة على توقع الإفراج عن السجناء بشكل أحادي، من جانب “الجمهورية الإيرانية”، مع المنطق، لكن هذا المقترح قد يمثل على الأقل بداية جيدة للإفراج عن بعض الأبرياء الذين يقبعون في السجون وجريمتهم الوحيدة الحد من تأثير “العقوبات الأميركية” الجائرة ضد الشعب الإيراني، والعمل على توفير الوسائل والأدوات التي تحتاجها “إيران”. بحسب “حسن بهشتي بور”؛ الخبير الإيراني للشؤون الدولية، في أحدث مقالاته التحليلية الذي نشرته صحيفة (آرمان) الإيرانية الإصلاحية.

مقترح لا يعني بدأ التفاوض..
هذا التبادل قد يساعد في الإفراج عن أفراد بذلوا جهودهم للتخفيف من وطأة العقوبات على بلادهم، وربما مؤشر على الوصول إلى مرحلة حل المشكلات؛ فيما يتعلق بسائر الموضوعات الخلافية بين الجانبين.
على كل حال فإن مبدأ المناقشة لا يعني التفاوض، وإن أبرزت بعض وكالات الأنباء الإيرانية المسألة وكأنها استعداد للتفاوض، لكن يبدو أنها لا ترتبط بالمفاوضات مطلقًا، لأن أجواء المفاوضات غير متوفرة في ظل الأوضاع الراهنة.
إذ لابد من عودة الأميركيين إبتداءً إلى طاولة مفاوضات “الاتفاق النووي”، حتى يتثنى الحديث عن بدء المفاوضات مجددًا. كذلك فإن شروط وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، الإثنى عشر؛ هي بمثابة استسلام ولا تمهد الأجواء للتفاوض.
وينطوي مقترح، الدكتور “محمد جواد ظريف”، على جانب إنساني، وتساعد في الإفراج عن الإيرانيين المحتجزين في “الولايات المتحدة الأميركية”؛ ومبادلة السجناء بين البلدين. ويعدم الأميركيون، (بالنظر إلى تجربتي أفغانستان والعراق)، استعدادات الحرب مع “إيران”، ليس وكأنهم يفتقرون إلى القدرة.
الحرب مستبعدة.. الاستسلام وليس التفاوض !
ولكن، وطبقًا للرئيس الأميركي، فقد أنفقت بلاده 7 آلاف مليار دولار في “أفغانستان” و”العراق” ولم تحقق النتائج المرجوة، حتى أن الطائرة التي تقل، “دونالد ترامب”، حطت في “بغداد” بعد أن أطفأت المصابيح خوف التهديدات الأمنية.
هذه التجربة جعلت “ترامب”، التاجر، يجنح إلى الضغط على “إيران”، بحيث لا تجد مفرًا من الاستسلام وليس المفاوضات. الاستسلام في مواجهة الفريق الأميركي المكون من “ترامب”، “جون بولتون”، “مايك بومبيو”.
فـ”الولايات المتحدة” لا تعتزم الحرب، وهى ليست مطروحة على جدول الأعمال. من جهة الأخرى فإن المواجهة ضد العقوبات هيأ لـ”إيران” الفرصة للتقليل من إعتماد الدولة الاقتصادي على عوائد “النفط”؛ والانتقال من الشعارات إلى العمل.
الاقتصاد الإيراني والاعتماد على النفط..
فلطالما رددنا، على مدى الأربعين عامًا الماضية، شعار “إنقاذ الاقتصاد الإيراني” في التخلي عن عوائد النفط”، لكن للأسف كانت الحكومات المتتالية تتجاهل هذه المسألة. لكن لو كنا قد تحركنا قبل سنوات في هذا المسار، لما تمكنت “أميركا” من استخدام هذه الأداة في الضغط علينا.
مع هذا لم يتأخر الوقت إذا يمكن إحباط العقوبات عبر السفن التي تبيع حمولتها النفطية فوق الماء، وكذلك تصدير المشتقات النفطية. فلو يمكننا تحفيز الشعب على الحد من استهلاك “البنزين”، فسوف يكون بمقدورنا تصدير “البنزين”، حيث تعجز الإدارة الأميركية عن السيطرة على شحنات “البنزين”. كذلك فإن شحنات “البتروكيماويات”؛ تختلف عن حاملات “النفط”، التي يتم السيطرة عليها من خلال نظام التموضع العالمي.
وعليه؛ ثمة الكثير من الحلول المختلفة، مثل بيع المشتقات النفطية كـ”الغاز” و”البرتوكيمياويات”. ونحن للأسف نستهلك “الغاز” في الخريف والشتاء بشكل غير منظم، وهذا الاستهلاك معدوم النظير في العالم.
علميًا أن تصدير “الغاز” يكون عبر أنابيب؛ وفرض عقوبات عليه يمثل مشكلة وينطوي في الوقت نفسه على شق اقتصادي للأطراف المقابلة.. في الوقت نفسه يتعين على السلطات التنفيذية والقضائية وسائر المؤسسات والمنظمات غير الحكومية ترشيد الإنفاق للمساعدة على تجاوز هذه المرحلة التاريخية.
فإذا وصلت الإدارة الأميركية إلى قناعة بفشل تأثير “سلام العقوبات”، فلن تعيد العمل بهذا النظام مجددًا المهم أن نبرز إرادة الشعب الإيراني على تقليل الاعتماد على عوائد “النفط” بالشكل الذي يسهم في الحد من تأثير العقوبات. لأن “أميركا” تريد استغلال سلاح العقوبات في تصعيد الاستياء الداخلي، ومن ثم سقوط النظام كبديل عن إنفاق المليارات.