“شرق” تقرأ .. سيناريوهات المفاوضات “الإيرانية-الأميركية”

“شرق” تقرأ .. سيناريوهات المفاوضات “الإيرانية-الأميركية”

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

في المفاوضات يكون للطرفين مواقف وخطوط حمراء؛ لكن تظهر باستمرار الفرص الجديدة. ومن النتائج المهمة في بحوث صنُع القرار أن توجهات الأطراف المشاركة في القرار غالبًا ما تكون غامضة؛ (problematic policy preferences). كما يستهل “كيومرث اشتريان”؛ تحليله المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.

بمعنى أن أغلب المفاوضين لا يمتلك فهمًا دقيقًا لأولوياته أو أولويات الطرف الآخر، ولكن يُدرك بالتدريج (ماذا يُريد).

طبيعة التفاوض الدولي..

بعبارة أخرى؛ لا تخضع عملية اتخاذ القرار لحسابات دقيقة، ولا تتبع بالضرورة “خوارزمية عقلانية”؛ وإنما تحدث في عملية ديناميكية.

ويكتشف مندوبي الحكومات، أنفسهم والطرف المقابل في إطار المفاوضات، وكما قال “مولوي”: “لا بُدّ من الصعود إلى القمة (درجة-درجة)، فالجبر هنا أمل باطل”، وتلك مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للمفاوض الإيراني؛ وهو ما يتطلب بالطبع الاختيار والثقة بالنفس.

فالمفاوضات الدولية عملية دائمة التغيّير؛ وهي عملية ينطوي على مئات الالتواءات، ويُخفي آلاف الفرص تحت طيات من المصالحة.

لذلك فإن هذا الغموض وتلك السيّولة تصنع الفرصة لا تحرقها؛ من ثم لا تُفيّد التنبؤات الغامضة، بل يجب أن نستعرض سيناريوهات متنوعة لأنفسنا لكي نكون مستعدين للاستفادة من الفرص، ربما يمكننا أن: “نصنع المستقبل”:

السيناريو الأول: عدم الاتفاق له تداعيات؛ بداية من كبح الزناد؛ (هي آلية توصلت إليها إدارة “أوباما”؛ في حال أخلّت إيران بأي من التزاماتها تجاه تعهداتها للأطراف الموقّعة على ما عُرف لاحقًا بالاتفاق النووي)، وحتى الحرب أو كلاهما.

وكنت قد ناقشت هذا الموضوع قبلًا في مقالة بعنوان: “التدمير السريع”. وفي هذا السيناريو تزداد احتمالية الحرب، وربما يقوي احتمال إعادة النظر في العقيدة النووية، بمعنى أنه لا مفر من تقديم الموازنة النووية على ما عداها من الموازنات الأخرى؛ لا سيّما وأن؛ (المحافظة على النظام من أوجب الواجبات).

وبالنظر إلى ارتباط موقف السياسة الخارجية بوجود الأنظمة السياسية، تزداد إمكانية وقوع السيناريو الأول.

والمخطيء الأساس برأيي هو دعاة الحرب الأميركيين الذين لا يجيبون على المرونة الإيرانية بالرد المناسب، والمخطيء الآخر هو النظام الإسرائيلي الآثم، ذلك العضو الدولي في نظام الفصل العنصري.

لكن بغض النظر عن المخطيء، يمكن أن يؤدي إلى تعطيل تاريخي لتطوير البلاد في جميع أبعادها، ويخلق تحديات “أمنية-اقتصادية” كبرى للنظام الدولي، ويؤثر على نفط الشرق الأوسط والعرب في الخليج، ويُعرّض أمن “إيران وإسرائيل” لخطر دائم.

السيناريو الثاني: اتفاق الحد الأدنى؛ والذي قد يشمل تخصّيب محدود، وحل مشكلة “البحر الأحمر”، وإلغاء بعض العقوبات.

وفي هذا السيناريو؛ قد يُتيّح للطرفين الحديث عن الانتصار، لكنه بالواقع لا يقضي على التحديات بشكلٍ جذري، ويبقى الاتفاق غائبًا في ظل تعنت “الكونغرس” الأميركي واستفزازات “إسرائيل”.

ومن ثم فسوف تزداد احتمالات هجمات “إسرائيل” وردود “إيران”، وآلية “كبح الزناد” في نسختها الجديدة، عالقًا في ثنايا الجرح الاقتصادي الإيراني.

وستُقلل فاعلية الاتفاق على الأقل من خطر اتساع دائرة الحرب؛ ويمكن تقيّيم زيارة وزير الدفاع السعودي إلى “طهران” في هذا الإطار.

وفي هذا النوع من الاتفاق ستكون القواعد الأميركية بمأمن من خطر الانتقام الإيراني ردًا على الهجمات الإسرائيلية؛ لأن الطرف الآخر سيكون “إسرائيل” وليس “أميركا” أو دول الخليج.

كذلك لن تواجه عملية تدفق النفط لـ”الصين”؛ عبر “مضيق هرمز”، التحديات، أما “روسيا” فموقفها واضح ولا تتدخل بشكلٍ ملحوظ في هذا النزاع.

السيناريو الثالث: “بعيد جدًا-قريب جدًا”؛ وهو اتفاق الحد الأقصى، بمعنى أن الاتفاق بين “إيران” و”الولايات المتحدة” سيكون له نطاقٍ واسع، وتحصل “إيران” على قّدرها ونصيبها اللازم في الاقتصاد والتجارة الدولية.

والضمانات الاقتصادية للاتفاقيات “السياسية-الأمنية” أكثر قوة من ضمانات القوانين الدولية.

والاتفاقيات القوية بالعادة يجب أن تتصل بشبكة من العلاقات التجارية والمصالح الاقتصادية التعددية والموازنات الأمنية.

ولو أن هذا السيناريو يبدو بعيدًا، لكن يتطلب جرأة لاتخاذ القرارات الكبيرة ومرونة سياسية من الطرفين بحيث يتغير “المستَّفيدون من العقوبات” إلى “المستَّفيدون من السلام”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة