خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
زرت في العام 2033م، رفقة الوفد البرلماني الإيراني برئاسة؛ السيد “مهدي كروبي”، رئيس “البرلمان الإيراني” آنذاك، العاصمة “عمّان” للمشاركة في اجتماع رؤساء برلمانات دول الجوار العراقي.
وكان في استقبالنا بالمطار؛ السيد “عبدالله المجالي”؛ رئيس “البرلمان الأردني”، وبعد النزول بمحل إقامتنا، تمت مناقشة جدول أعمال الاجتماع ومضمون مشروع القرار وتبادل الآراء في جلسة خاصة بحضور السفير الإيراني في “الأردن”. بحسب ما استهل “جليل سازگار نژاد”؛ مقاله التحليلي المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.
تطوير العلاقات “الإيرانية-السعودية”..
ثم بدأ الاجتماع بكلمة أمين عام منظمة الأمم، ورؤساء برلمان “الأردن، وإيران، ومصر”. وبعد الجلسة الأولى، جاء رئيسا برلمانات “مصر والأردن” مع رئيس “مجلس الشوري” السعودي للقاء؛ السيد “كروبي”، ودار بينهم حوار بالغ الأهمية.
ورئيس البرلمان السعودي كان إمامًا للحرم المكي، وكان يدرس الطب بجامعة (شيراز)؛ قبل أن يقطع الدراسة ويعود إلى “السعودية”. وقد أعرب خلال اللقاء عن سعادته من التوجه الإيراني التفاعلي في السياسات الإقليمية، وقال: “تطوير العلاقات (الإيرانية-السعودية)، من شأنه المساهمة في نشر ثقافة التعايش السلمي بالمنطقة”، كما أبدى رضاه عن سوابقه الدراسية في جامعة (شيراز).
ثم تحدث عن الدور الاستشاري للمجلس الذي يرأسه، وأنه لا يمتلك تأثيرًا جذريًا في سن القوانين وعملية صناعة القرارات في المملكة.
إرهاصات العلاقات “الإيرانية-المصرية”..
أما اللقاء الثاني فقد كان على جانب كبير من الأهمية؛ حيث التقى “كروبي”، الدكتور “فتحي سرور”؛ رئيس “البرلمان المصري” آنذاك.
وقد عكس بإحاطته الجيدة بالأوضاع الإقليمية والعالمية، وتحليلاته العميقة، المكانة السياسة والثقافية لـ”الجمهورية المصرية” في العالمين العربي والإسلامي. وقد أبدى تعجبه وقلقه بفشل الإصلاحيين في انتخابات المحليات في “إيران”، وقال: “وصول الإصلاحيين إلى السلطة التنفيذية والتشريعية، نشر التفاؤل في المنطقة بإمكانية عودة النهج السياسي للفصل في القضايا الإقليمية”.
وأضاف “سرور”؛ الذي يُعتبر من السياسيين المخضرمين في “مصر”: “من وجهة نظري السياسي هو من يتواضع في الملفات والأحداث السياسية الصعبة، وهو الذي يمر بجوار الحادثة قبل أن يسيطر على الأوضاع”.
ورأى أن المسار الأفضل للسلام والأمن بالمنطقة هو التنمية السياسية، والتعليمية، والثقافية بالشرق الأوسط، إلى جانب الاستثمارات الاقتصادية. ووصف عملية التوسع العسكري وتحويل الشرق الأوسط إلى مخازن للسلاح الغربي بالخطأ الفادح، وأستطرد: “ترى الولايات المتحدة في إيران خطرًا كبيرًا على الشرق الأوسط، في حين أن الوجود العسكري الأميركي في العراق ليس مصادفة، وإنما هو استراتيجية يقف وراءها اليهود”.
وأعرب عن اعتقاده بأن اليهودي المتطرفين في “إسرائيل” إنما انتفضوا ضد الإسلام وليس المسيحية.
وشكى قلق بعض الدول العربية؛ في الاجتماع، من خروج الاحتلال الأميركي من “العراق”، وقال: “في الحقيقة هم يخافون من سقوط أنظمتهم”.
واعتبر “سرور” أن بناء العلاقات بين “مصر” و”إيران”؛ إنما يصب في صالح العالم الإسلامي والمنطقة، وطلب إلى؛ السيد “كروبي”، بذل المزيد من الجهد في هذا الصدد بهدف إذابة جليد العلاقات.
وفي جلسة اليوم التالي؛ برزت بعض التحديات حول بعض بنود البيان الختامي؛ حيث رفض “الأردن وسورية” وبعض الدول العربية إرداج طلب محاكمة “صدام حسين” في البيان، لكن جهود السيد “فتحي سرور”؛ بالتعاون مع رئيس “البرلمان الكويتي”، وخطاب السيد “كروبي”، أجبرت “الأردن” على التراجع، وإدراج بند محاكمة “صدام” بالنهاية في نص البيان.
مدى أهمية العلاقات العربية مع إيران لمجابهة الأطماع الصهيونية..
وعلى هامش الاجتماع؛ زار أعضاء الوفد الإيراني، المصابين الفلسطينيين في مستشفيات “الأردن”، ووزع السيد “كروبي” الهدايا على المصابين.
إلا أن النقطة الملفتة كانت بشأن تعليق صورة “صدام حسين”؛ أعلى سرير أحد المصابين، وكتب عليها عبارة: (الرئيس البطل)، وهو ما يعكس مكانته عند الفلسطينيين، وأنهم يعتبرونه بطل النضال ضد “إسرائيل”، وداعم رئيس لـ”القضية الفلسطينية”.
وقد بلغت مدة الزيارة (50) ساعة، وكانت قصيرة ومكثفة جدًا. ومن خلال التجربة السابقة، تعلمت أن تطوير العلاقات الإيجابية والتعاون الإيراني مع دول الجوار ودول المنطقة، لا سيما “مصر والسعودية”، مقدم على علاقات “إيران” مع العالم.
وعليه فالطريق الأمثل للحيلولة دون النفوذ الإسرائيلي في الشرق الأوسط، هو الحاجة الملحة والعاجلة لبناء علاقات بناءة على أعلى مستوى مع “مصر والسعودية”.
وتجارب السياسات الإقليمية والدولية في عصر الإصلاح، موجودة الآن أمام الحكومة الجديدة، للاستفادة منها وإعادة النظر في السياسة الخارجية، ووضع “إيران” على مسار التخلص من العقوبات والعودة إلى مدار التنمية.
وإحياء “الاتفاق النووي”؛ باعتباره أولوية للحكومة، يجب أن يتم على ثلاث مستويات محلية، وإقليمية، ودولية؛ حيث يمكن تحقيق ذلك عبر المصالحة والوفاق الوطني، والتحالف والتعاون الإقليمي، والتعامل الدولي بالتوازي مع نهج الموازنة الإيجابية في السياسة الخارجية والالتزام بالآليات الذكية.