9 أبريل، 2024 3:43 م
Search
Close this search box.

دعا له ناشطون .. هل ينجح “كيان سياسي” عابر للإيديولوجيات في تحقيق أهداف متظاهري العراق ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

عجزت الأحزاب السياسية القائمة بـ”العراق” عن تقديم مرشح يلقى قبول المتظاهرين لتولي منصب رئاسة الوزراء؛ يُلبي مطلبهم ولا تناله وصمة الفساد.. لكن يبدو أن موجة الفساد، على مدار الحقب الماضية، كانت عاتيه لم ينجو منها أي قيادة سياسية شاركت في العمل العام، منذ 2003. لدرجة جعلت الأحزاب السياسية كلها في موقف محرج للغاية، حتى أن “محمد توفيق علاوي”، الذي رشحه رئيس الجمهورية، لم يخلو أيضًا من الشبهات ولازال المتظاهرون يرفضون القبول به لكونه جزءًا من تلك المنظومة الفاسدة، برغم محاولاته إسترضاء المتظاهرين من خلال الحديث عن محاكمة قتلة الثوار ومحاسبة الفاسدين. من هنا خرجت دعاوى لفكرة إنشاء تكتل سياسي من المتظاهرين يُقدم حلولًا للأزمة، ويكون عابر للإيديولوجيات السياسية والطائفية الدينية.. فهل تنجح الفكرة أم أنها تظل محض أحلام رومانسية لا يتقبلها الواقع، الذي يقول بأن أهم شرط لاستمرار أي حزب سياسي هو وجود برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي موحد ؟

تبني فكرة علمانية الدولة..

وأكد نشطاء عراقيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، أن هناك تنسيق بين ساحات التظاهر في المحافظات من أجل تشكيل تكتل سياسي يتبنى الخطاب العلماني في “العراق”.

وأضافوا أن متظاهرين وسياسيين، يتحركون منذ أيام في “بغداد”، عبر اجتماعات في خيم الاعتصام، كذلك من خلال جولات على مدن “البصرة والناصرية والديوانية”، لنيل تأييد المتظاهرين وتزكيتهم للبدء بمشاريع سياسية جديدة.

وفي السياق؛ قال ناشط سياسي، وهو عضو في إحدى الخلايا التشاورية التي شكّلت أخيرًا للتنقل بين ساحات التظاهر في محافظات عدة للاتفاق على التكتل أو الحراك السياسي الجديد، إنّ دعوته الأولى والأخيرة ستكون: “الدولة المدنية”.

وأشار إلى أنّ: “التوجّه نحو التصعيد السلمي لمزاحمة الأحزاب المتنفذة، خطوة قانونية، وقد تترك أثرًا أكبر على الأحزاب ونفوذ الدول اللاعبة في العراق، مثل إيران”.

وأضاف؛ أنّ: “الحراك السياسي الجديد قد يتطلّب أكثر من شهر، من أجل الحصول على قناعة أكبر عدد من خيم المعتصمين، وهناك أكثر من فكرة لتأسيس حزب سياسي يتّخذ من ثورة تشرين الأول استنادًا ومنهاجًا”.

وأكد على أنّ: “الشعارات التي حملها المتظاهرون والهتافات التي نادت بإبعاد التأثيرات الخارجية وعدم السماح لأي قوة أجنبية بالنيل من العراق وحكومته وخيراته، ستكون أولى الفقرات في البرامج الحزبية الجديدة”.

وكشف عن أنّ مَن ينشطون في هذا التوجه، يخططون للتواصل مع قوى نافذة في البلاد، في سبيل نيل الضمانات الأمنية، وعدم التعرّض لهم في المستقبل، إذ إنّ حراكهم سيكون علنيًا.

متابعًا: “نسعى إلى إقناعهم بأنّ لنا جولات معهم على صعيد المنافسة السياسية، وبحقّنا في المشاركة في العمل السياسي، ومن خلال هذا الضمان سننطلق إلى العمل الميداني والإعلامي، والبدء بالحملات الدعائية للأحزاب الجديدة”.

خطوة جريئة تصطدم بالمجتمع..

وأكّد النشطاء أنّ: “ما يُشكّل خطرًا على الكيانات السياسية الجديدة، أنها ستتبنى الخطاب العلماني، وهي خطوة جريئة وقد طال انتظارها في العراق”.

و”العراق” دولة تتميز بالتنوع الإثنولوجي والفكري بشكل واسع؛ فلا تكاد توجد مدينة أو قرية تخلو من إنتماءات متباينة، ويٌعدّ الاختلاف بين بني البشر سُنة إلهية، فالتنوع نعمة من نعم الله إختص بها الإنسانية عمومًا؛ و”العراق” خصوصًا، فلابد من احترام التنوع والحفاظ على كل الهويات الفرعية بالإنطلاق نحو الأسس المشتركة لتنميتها، ومن خلالها يمكن المحافظة على الدولة ومصالح الشعب العامة، والدولة المدنية هي أحد أهم الخطوات التي يمكن أن توصلنا إلى الغاية التي تتمثل بالتعايش السلمي بين مكونات الشعب كافة وتحويل حالة الاختلاف في الهويات إلى طاقة ايجابية من شأنها أن تُسهم في بناء البلد بدلًا من توجيهها نحو الطائفية والإقتتال.

من هنا إنطلق أصحاب الفكرة لدعوة المؤسسات العامة والخاصة الممثلة بالسلطات الفاعلة في الشأن العام، لاسيما التشريعية والتنفيذية والنقابات والاتحادات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والجهات الدينية والثقافية والعشائرية؛ أن تؤمن بمشروع الدولة المدنية بوصفه الخيار الإستراتيجي، وهذا المشروع من شأنه أن يُحلحل كل الأزمات والمشكلات ويضع لها الحلول الجذرية، بحسب طرحهم، فلا نحتاج إلى الإلغاء أو الإقصاء، بل إعتماد سياسة التقريب والتركيز على نقاط مشتركة.

يقول أحد الداعين للفكرة، رافضًا الإفصاح عن اسمه: “نحن لا نُعارض الأديان، ولسنا بذلك بعيدين عن التطبيقات الإسلامية الرائدة في هذا الخصوص، فالإمام علي، عليه السلام، حين آلت إليه الخلافة لم يتوانى في التأسيس لدولة تفصل بين المتطلبات الأساسية للحياة الحرة الكريمة وبين الاختلافات أو الهويات الثانوية، بدليل إن الإمام علي، عليه السلام، لم يُشكل على بعض عماله اختلافهم العقائدي معه؛ بل كان ينظر إلى الجانب المنير من سيرتهم وتفوقهم على من سواهم في العمل الإداري والقضائي، نذكر من هؤلاء، زياد بن أبيه، وشريح القاضي وغيرهما، فقد ولى الأول على البصرة وخراسان وأبقى الثاني كقاضي للقضاة في العاصمة الكوفة، ولم يُعزلا من منصبهما طيلة خلافته التي إمتدت قرابة 5 سنوات، بل بقيا كونهما يحملان مؤهلات معينة، بينما عثمان بن حنيف، رغم إنتمائه العقائدي، لم يُسلم من الإقالة من المنصب كونه لم يتمكن من إدارة الشأن العام بما يتفق مع المصلحة العامة ومقاصد الشرع في الرئاسة، وهكذا نجد إن الأديان الأخرى والعقائد المخالفة لما يتبناه الإمام علي، كالخوارج، كانوا يعيشون بأمن وأمان بين الناس بلا تمييز، وكان الإمام يحرص على مساواتهم مع الناس في العطاء”.

ويُبرز الداعون للفكرة أن العلاقة بين الدولة والفرد قانونية تنظيمية، أي ينظمها القانون ويرسم المُشرع الدستوري أسس هذه العلاقة التي تتميز بالاستمرار والتفاعل المتبادل، إذ يؤسس الفرد بمعية الآخرون سلطات الدولة عبر، (الانتخابات)، وتتولى هذه المؤسسات نيابة عنه الإشراف والإدارة للمال العام وتسعى إلى تحقيق المصلحة العامة؛ فينبغي أن نضع نُصب أعيننا أهمية التأسيس لدولة مدنية محايدة، والأخيرة لا تساوي إلا ما يساويه موظفوها والعاملون فيها وهم من فئات المجتمع جميعًا.

مؤكدين على أن دعوتهم تجعل المواطن العراقي يشعر أن إنتمائه للدولة نابع من شعور داخلي متأصل، وأنه جزء من مجتمع متنوع وعليه أن يؤدي واجباته كاملة ليحصل على حقوقه كاملة بعيدًا عن التفكير بأي تمييز ولأي سبب كان، وأن تقوم العلاقة بين الجميع على مباديء سيادة القانون، واحترام الإرادة.

فرصة لسحب البساط من الأحزب الطائفية..

وأكدت الناشطة في ساحات التظاهر، “ريا البرزنجي”، أن تشكيل حزب سياسي للمتظاهرين يُعد فرصة لسحب البساط من الأحزاب الطائفية.

وأعربت “البرزنجي”، في تدوينة على صفحتها بموقع (فيس بوك)، عن: “تأييدها لفكرة تشكيل حزب وطني شامل عابر للطائفية والقومية”.

وأضافت أن: “هذا الحزب سيُمهد الطريق لخروج مجموعة جديدة من المرشحين الأكْفاء لمناصب قيادية في الانتخابات الجديدة؛ وفرصة لسحب البساط من الأحزاب الطائفية وإنهاء المحاصصة”.

ودعت “البرزنجي” إلى: “البدء بالتفكير بكيفية العمل على تقوية فرص المرشحين الجدد من خارج المنظومة الفاسدة، وهكذا تتم هزيمتهم بالصناديق الانتخابية إلى غير عودة حتى وإن حاولوا التزوير”.

هل تنجح الفكرة ؟

في العلوم السياسية توجد عدة تعاريف للأحزاب السياسية، وتقليديًا ركز علماء السياسة على دور الأحزاب السياسية، باعتبارها أدوات للترويج تُرشح في الانتخابات للمناصب العامة، تُعرف الأحزاب السياسية على النحو التالي: “حزب سياسي هو جماعة منظمة رسميًا أن يؤدي وظائف لتثقيف الجمهور لقبول النظام، فضلًا عن الآثار المباشرة أكثر من اهتمامات السياسة العامة، ويشجع الأفراد لتولي المناصب العامة، والتي تشمل وظيفة الربط بين الجمهور ومتخذي القرارات الحكومية”، ويُقصد بالحزب السياسي جماعة من الأفراد داخل المجتمع، تعمل في الإطار القانوني بمختلف الوسائل السياسية لتولي زمام الحكم، كلًا أو جزءًا، بقصد تنفيذ برنامجها السياسي.

والأحزاب السياسية كثيرًا ما تتبنى إيديولوجية معينة ورؤى، ولكن يمكن أيضًا أن تُمثل التحالف بين المصالح المتباينة.. لكن التخوف دائمًا يكون، ليس في مسألة التشكيل، إنما في استمرارية تماسك هذا الحزب بإيديولوجياته المتباينة، خاصة حيال إتخاذ قرارات اقتصادية أو سياسية، فهل يسلك نظام اقتصادي رأسمالي أم يجنح نحو الاشتراكية. وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب