15 ديسمبر، 2024 8:31 م

حصة مياه “الفرات” صداع يؤرق بغداد ودمشق .. العراق يتفاهم مع تركيا وسوريا تلجأ للتحكيم الدولي !

حصة مياه “الفرات” صداع يؤرق بغداد ودمشق .. العراق يتفاهم مع تركيا وسوريا تلجأ للتحكيم الدولي !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في فصلان متناقضان لـ”تركيا” حول حصة المياه، أعلن وزير الموارد المائية العراقي، “مهدي رشيد”، أمس، أن “البرلمان التركي” وافق على مذكرة التفاهم التي تُلزم “تركيا” بإطلاق الحصة المائية العادلة لـ”العراق”.

وقال في تصريح صحافي، إن: “المبعوث التركي الخاص؛ أكد أن هناك اتفاقيات في الأفق ومذكرات تفاهم ستكون في القريب العاجل، بعدما وافق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم التي تلزم الحكومة التركية بإطلاق الحصة المائية العادلة والمنصفة للعراق”.

مضيفًا أن: “هذا الموضوع أعقبه بروتوكول عراقي تنفيذي قدمته الحكومة العراقية، وحققنا أكثر من 5 إلى 6 اجتماعات مع الجانب التركي في هذه الفترة، وهذا ما لم يحصل منذ سنين”.

الإلتزام بحصة مياه عادلة..

وقال الخبير القانوني، “طارق حرب”، إن “تركيا” و”إيران” متفقتان على غاية واحدة؛ هي الإضرار بحصة “العراق” المائية، مطالبًا “تركيا”، بأن تستجيب لحصول “بغداد” على حصة مياه عادلة.

وقال “حرب”؛ إن العام الجاري، سيظهر مدى التعاون التركي مع “العراق”، واستجابته لمطالبه.

ورد “أوكتاي يلمز”، الكاتب والباحث السياسي من “إسطنبول”، على الاتهامات الموجهة لـ”تركيا”، بالتأثير على حصة “العراق” من المياه.

وذكر أن “تركيا” ملتزمة بحقوق “العراق” وحصته في المياه، ومنع أي أضرار قد تلتحق به.

وأشار “يلمز”، إلى أن ملء “سد إليسو” التركي؛ لم يكتمل حتى الآن، نتيجة قلة الأمطار، وأسباب أخرى منعته من الملء لسنوات طويلة.

تحذيرات من نقص حاد في مناسيب المياه..

وكان المستشار في وزارة الموارد المائية، “عون ذياب عبدالله”، قد حذر بإن “العراق” سيواجه نقصًا حادًا في مناسيب المياه، خلال السنوات المقبلة، فيما أشار إلى أن الحل يكمن بتوقيع اتفاقية مشتركة مع “تركيا”.

وقال في مقابلة متلفزة؛ أن التحديات المائية لا تخص “العراق” وحده، بل هي تحديات إقليمية، خاصة مع وجود مؤشرات تنذر بنقص في واردات المياه، مع زيادة أعداد السكان في “العراق” ودول الجوار، فضلاً عن المؤشرات المناخية.

مضيفًا “عبدالله”؛ أن المؤشرات الإستراتيجية تتوقع أن يشهد، عام 2035، نقصًا في المياه بحوالي 10 مليار متر مكعب، وسيؤثر سلبًا على ملف المياه بكل تأكيد.

وتابع؛ أن “العراق” يتواصل مع “تركيا”، منذ زمن، بشأن تأمين حصة معقولة ومنصفة من المياه وفق القوانين الدولية، مبينًا أن الجانب التركي لم يستجب بتوقيع اتفاقية مشتركة بهذا الشأن، واستجاب فقط بتأييد الفكرة.

وأكد المستشار في “وزارة الموارد المائية”، أن عدم توصل “العراق”، مع “تركيا”، إلى توقيع اتفاقية بشأن المياه، سيؤدي إلى نقص حاد في المياه العراقية، مبينًا أن ملف المياه يجب أن يكون حاضرًا في جميع المحادثات بين “العراق” و”تركيا”.

وأشار إلى أن الخزين العراقي جيد، حتى الآن، ويفي بالغرض، وستكون هناك كميات كافية في الموسم المقبل بالنسبة للزراعة، مع وجود بعض الصعوبات في حوض “ديالى”.

وكان البلدان قد وقعا، في كانون أول/ديسمبر عام 2014، مذكرة تفاهم في مجال المياه؛ تتضمن 12 مادة، أبرزها التأكيد على أهمية التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري “دجلة” و”الفرات”، وتحديد الحصة المائية لكل دولة في مياه النهرين، والتأكيد على أهمية تقييم الموارد المائية.

آثار سلبية من تجاوزات تركيا..

غير أن الأمر على النقيض في “سوريا”، حيث حذرت الإدارة العامة لسدود “الفرات”، شمالي “سوريا”، من الآثار السلبية الخطيرة المترتبة على التجاوزات الحاصلة على الحصة المائية من قبل “تركيا”، وإنقاصها الحصة السورية من مياه “نهر الفرات” بشكل أكبر.

وقالت “الإدارة العامة لسدود الفرات”، في بيان، إن الحكومة التركية لم تطلق الحصة المقررة لـ”سوريا” من المياه، وقلصت كميات الوارد المائي الذي يمر في مجرى “الفرات”، منذ كانون ثان/يناير من العام الجاري، إلى أقل من ربع الكمية المتفق عليها بموجب الاتفاقية المبرمة بين الدول الثلاث المشاركة.

وبحسب البيان، فإن الوارد المائي المنخفض يعجز عن تلبية متطلبات الاستثمار وري الحقول والأراضي الزراعية على طول ضفاف النهر، مع حلول مواسم الري التي تحتاج إلى السقاية، لاسيما مع شح الأمطار هذه السنة وانخفاض مناسيب البحيرات الثلاث إلى أدنى مستوياتها، بالمقارنة مع الأعوام الماضية.

ونوهت “الإدارة العامة لسدود الفرات” إلى خطورة نقص المخزون المائي على البيئة، وارتفاع نسب التلوث وإزدياد تركيز النفايات الصناعية والصرف الصحي للمدن الواقعة على ممر النهر في بحيرات “الفرات”.

يُهدد حياة 9 ملايين مدني..

وأوضحت أن ذلك يهدد حياة 9 ملايين مدني، يقطنون على ضفاف بحيرات “الفرات”، ويعتمدون على مياهها للشرب والزراعة والثروة السمكية التي يقتاتون منها كمصدر للرزق، مما يُنذر: بـ”كارثة مباشرة” تُهدد الاقتصاد المجتمعي والأمن الغذائي العام للسكان، وتؤثر على جهود مكافحة وباء (كورونا).

إنهيار القطاع الزراعي..

تراجع مستوى المياه في “الفرات” يُشكل تهديدًا بيئيًا على الثروة الزراعية والحيوانية، ويُنذر بإنهيار الاقتصاد المحلي وارتفاع نسبة البطالة وهجرة سكان القرى، بعد جفاف أراضيهم الزراعية في مواسم شح الأمطار وقطع مياه الري.

وفي تقرير لـ (سكاي نيوز عربية)، يقول المزارع، “كاظم السهدان”، المقيم في قرية “الحصيوة” بريف “الرقة”، إنه خسر مواسم القمح التي زرعها على مساحة 200 دونم، (الدونم يعادل ألف متر)، على الضفة اليسرى من “نهر الفرات”، بعد أن أصابها البوار.

ويضيف “السهدان”؛ أن: “المزارعين تظاهروا مؤخرًا في الرقة، وطالبوا الأمم المتحدة التدخل لحل مسألة المياه مع تركيا، وإيجاد حلول لشحها الذي سيقضي على أراضينا الزراعي التي كانت في الماضي عامرة، ويحولها إلى حقول جرداء”.

تهديد الثروة السمكية..

وعلى الأطراف الغربية لمدينتي، “الرقة” و”دير الزور”، يعتاش الأهالي على مهنة صيد الأسماك التي توارثوها من الآباء والأجداد، لكن يكاد يُقضى على هذه المهنة، نتيجة شح المياه الذي يهدد الثروة السمكية، بعد جفاف النهر وانحساره بشكل كبير.

وهو ما تسبب في دفع العديد من الصيادين، من بينهم، “جاسم عواد”، وإخوانه وجيرانه الصيادين، في “حي الدرعية”، بـ”الرقة”، إلى: “ترك المهنة”.

ويقول لموقع (سكاي نيوز عربية)، إنه: “قبل أزمة البلاد كانت أسواق السمك عامرة بمختلف الأنواع، وكنا نعتمد عليها في معيشتنا، والعديد من الصيادين افتتحوا مشاريع لتوريد الأسماك الطازجة إلى الأسواق المحلية في الحسكة وحلب وغيرها”.

وأشار إلى أن نسبة البطالة ارتفعت بين الشرائح الشبابية بشكل كبير، فالمنطقة تعتمد في مواردها الاقتصادية على الزراعة وتربية المواشي وصيد الأسماك، مستطردًا: “أما الآن بِتنا عاطلين عن العمل بعد أن فقدنا موارد رزقنا، مما يهدد مستقبل المنطقة الاقتصادي، دون وجود حلول لتفاقم أزمة المعيشة لدينا، لاسيما مع ارتفاع صرف الدولار وإنهيار الليرة السورية. لقد أصبحنا على أعتاب المجاعة”.

استمرار إنقطاع الكهرباء..

ويتسبب عدم ضخ الكميات الكافية من المياه إلى “نهر الفرات” وملء بحيراته، بإنقطاع التيار الكهربائي وعدم توفره لسكان المنطقة، مما يؤثر، كما يوضح المهندس الكهربائي، “جوان شمدين”، على محطات الري التي تحتاج لتوفر الكهرباء بكميات جيدة لتشغيلها.

محذرًا “شمدين” من أن انخفاض منسوب “نهر الفرات”: “سيُخرج محطات الري عن الخدمة، وسيقضي على الحياة الزراعية للمنطقة التي تعتمد عليها بنسبة 80 بالمئة، مما يفاقم الأزمة المعيشية”.

حلول “إسعافية..

مسؤول مكتب دائرة الري، “شيخ نبي الخليل”، من جهته، أوضح أن الدولة التركية تضخ 200 متر مكعب من المياه باتجاه الأراضي السورية، وهي أقل بكثير من الحصة المتفق عليها، وفق الاتفاقيات الدولية التي حدت 500 متر مكعب بالثانية.

وحول الحلول الإسعافية اللازمة لمنع وصول البحيرات لعتبة: “المنسوب الميت”، وهو المنسوب الذي لا يمكن معه تشغيل السد لتوليد الطاقة الكهربائية، قال “الخليل”: “سنعتمد على برنامج تغذية كهربائية، بحيث لا تتجاوز الست ساعات، مع نظام مراقبة دائمة لانخفاض مناسيب مياه البحيرات”.

وتابع: “لمنع وصول البحيرات إلى عتبة المنسوب الميت، سيتم اعتماد برنامج جديد حتى لا يحصل كما في بحيرة سد تشرين، التي أصبحت على عتبة المنسوب الميت، وهو 320.01 متر مكعب”.

ودعت “الإدارة العامة لسدود الفرات”، كلاً من: “الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومنظمة الصحة العالمية، والمجتمع الدولي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، إلى: “التدخل والضغط على تركيا للإلتزام بالقانون الدولي، والتوقف عن الإستحواذ على الحصة السورية من المياه والتلاعب بمنسوبها”.

يُذكر أن منسوب “نهر الفرات”، في “سوريا”، وصل إلى أدنى مستوياته، وذلك بعد أن بدأت “تركيا”، بخفض كميات المياه القادمة إلى “سوريا”، منذ الـ 27 كانون أول/ديسمبر عام 2020، من خلال بناء سدود على مجرى “نهر الفرات”، من الجانب التركي، وبهذا تتحكم “تركيا” بكمية المياه القادمة من أراضيها إلى الأراضي السورية.

ويُعد “سد أتاتورك”؛ ثاني أكبر سد في الشرق الأوسط، وهو الذي يحتجز كميات المياه التي تنبع من أراضيه، ويتكفل بتراجع حصة السوريين من مياه “الفرات” إلى مستويات غير مسبوقة، فيما يحذر هذا بالأسوأ نتيجة تراجع نسبة المياه إلى أقل من ربع الكمية المتفق عليها دوليًا.

ووقعت حكومة “دمشق”، مع “تركيا”، في 17 تموز/يوليو من عام 1987، اتفاقية تنص على تعهد الجانب التركي بتوفير معدلاً سنويًا، يزيد عن 500 متر مكعب في الثانية، عند الحدود “التركية-السورية”، بشكل مؤقت إلى حين الاتفاق على التوزيع النهائي لمياه “نهر الفرات” بين البلدان الثلاثة: “تركيا وسوريا والعراق”، الواقعة على ضفتيه.

ونقضت “تركيا”، الاتفاقية المبرمة، وخفضت منسوب المياه المتدفقة لـ”سوريا” إلى مستوى أقل من 200 متر مكعب في الثانية، بينما وصل ضخ المياه إلى 100 متر مكعب في الثانية، صيف عام 2017.

ووقعت “سوريا”، في 17 نيسان/أبريل في عام 1989، اتفاقية مع “العراق” تنص بأن تكون حصة “العراق” من المياه، المتدفقة من “نهر الفرات”، بنحو 58%، في حين تكون حصة “سوريا”، 42%. وبذلك تكون حصة “سوريا”، من مياه “نهر الفرات”، 6.627 مليار متر مكعب، وحصة “العراق” 9.106 مليار متر مكعب، وحصة “تركيا” 15.700 مليار متر مكعب في السنة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة