9 أبريل، 2024 7:47 م
Search
Close this search box.

بعيون شاهد عيان .. سيناء أرض الحصار واقتلاع الزيتون !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – محمد البسفي :

كثيرة هي التقارير الصحافية والدراسات الرصدية التي كتبت ومازالت تكتب محاولة رصد ما يجري داخل “شبه جزيرة سيناء” شمال مصر، بالتغطية الخبرية وتحليل وقائعها وأحداثها المتلاحقة بفعل “الحرب على الإرهاب” المعلنة من قبل النظام المصري منذ ما يزيد عن 4 أعوام، ضد الخلايا والتنظيمات الداعشية الإرهابية.. ولكن نذيرة تلك الأخبار والتقارير التي تخرج لنا من داخل “شمال سيناء” عاكسة ما يجري على ميدانها وواقع أرضها، خاصة بعد تعدد حوادث إختطاف واستهداف الكثير من الصحافيين داخل سيناء، ما حدا بـ(كتابات) أن تهتم بمحاورة الأستاذ “أشرف أيوب” أحد مؤسسي “الحركة الاشتراكية-يناير” والمنسق الإعلامي لـ”اللجنة الشعبية للعريش”، الذي تثقل شهادته الحية من قلب ما يحدث بالعريش خاصة وشمال سيناء عامة، شخصيته الناشطة في المجال العام السياسي منذ أكثر من ثلاثة عقود كاملة…

شمال سيناء تحت حصار “ممنوع الإقتراب والتصوير”..

يبدأ “أيوب” حديثه عن حقيقة الوضع الاجتماعي والأمني على الأرض في شمال سيناء عموماً ومدينة العريش خاصة، بملاحظة أنه: “علينا ألا نغفل أن المصريين، سكان سيناء، يقع عليهم نفس الأعباء، التي تقع على عاتق كل المصريين الناتجة عن سياسات نظام الحكم المصري، قلب طبقة “الدولمالية” النيوليبرالية، (وقد صك هذا المصطلح الأستاذ “أشرف الحفني”، من ضمن رؤية “الحركة الاشتراكية-يناير”، وهي طبقة رأسمالية الدولة.. إنها شكل من أشكال الرأسمالية، رأس المال فيها هو مناصب الدولة والربح فيها هو مرتبات المسؤولين فيها.. والعمال فيها هم المواطنون، حيث إهدار صحتهم وعملهم ويقابله أموالاً طائلة يتقاضاها المسؤولين الكبار من الخارج لتسويق مشاريعهم وسلعهم في الداخل)، بقيادة “السيسي” كتابع للمركز الرأسمالي الذي يقوده حالياَ “ترامب”، سياسات اقتصادية تابعة للرأسمالية المتوحشة إلتزاماً بأجندة “صندوق النقد” و”البنك” الدوليين بشكل حرفي وسافر؛ نتيجتها الحتمية زيادة نسبة الفقر بإفقار جزء كبير من الطبقة الوسطى وطرد الفقراء إلى براثن الفقر المدقع، وتبديد ثروات الشعب بخصخصتها وإخضاعها للمضاربة في البورصة”.

ولكن بسبب الحصار الأمني المحكم على كامل سيناء، والذي يبدأ من غرب “قناة السويس”، لتتحول إلى ميدان معركة عليه لافتة (ممنوع الإقتراب والتصوير وغير مسموح الدخول إليها لغير السكان إلا عبر الكارت الأمني)، ويزداد إحكام الحصار عندما تطل لافتة “قرية الميدان”؛ أكبر نقطة تفتيش في شمال شرق سيناء وأول قرى مركز العريش، “العريش” التي تعاني من الكساد الخانق وقد تحولت إلى معسكر إيواء كبير، كما في “الشيخ زويد” وسبق وحدث في “رفح” قبل تفريغها من السكان ومسحها من على الخريطة، حيث نزح سكانها ليعيش العديد من سكان “الشيخ زويد” في “العريش وبئر العبد”، ولاحقهم التعنت من “قوات إنفاذ القانون” بتوسيع دائرة الإشتباه عليهم، وإهمال مسؤولي المحافظة لهم في توفير الخدمات وتطبيع أوضاعهم الاستثنائية.

خريطة الدواعش في “ولاية سيناء”..

أما عن خريطة تنظيمات الإسلام السياسي داخل منطقة سيناء ككل ومدى تسليحها وقوتها الفعلية، فيقول المتحدث الإعلامي عن اللجنة الشعبية للعريش: “في ظل الصراع على السلطة بين قوى الثورة المضادة، والجماعات المسلحة، “الصهيو-وهابية” الداعشية، أختاروا سيناء ميدان لحسم هذا الصراع بين مشروعان؛ الأول: “تدويل سيناء” وتهجير السكان.. والآخر الإستقلال بها كولاية داعشية”.

مستطرداً: كان هجوم “كَرْم القواديس”، الذي أستهدف الجيش المصري في 24/10/2014، أول عملية نوعية تقوم بها جماعة “أنصار بيت المقدس”، بعد إندماجها مع 3 آلاف متأسلم عادوا إلى مصر من أفغانستان والشيشان والبوسنة والصومال وإيران، بعد رفع أسمائهم من قوائم ترقب الوصول.

كما شهدت العملية صعود تنظيم جديد يعلن عن نفسه، كانت بداية إنقسام داخله بين الوافد المقاتل المتمرس الذي خبر حرب العصابات وفنونها، والذي يشكل نسبة 90%، وبين المحلي الدعوي التكفيري الخبير بواقعه، والذي يشكل نسبة 10%، وجناحه العسكري أفراده محدودين في العدد وقليل الخبرة في فنون الحرب ويعتمد في عملياته على الإنتحار، مما جعل الوافد الأكثر عدداً وخبرة قتالية يسيطر على القيادة ويبتلع المحلي داخله.

مضيفاً “أيوب”: وبعد هيمنة الوافدين على الجماعات المسلحة الداعشية، (ولاية سيناء)، وإبتلاع المكون المحلي – أقصد بالمحليين والوافدين تحديداً داخل، (ولاية سيناء)، فالمحليين هم من سكان شمال سيناء بعد 1982، والمتواجدين قبل كانون ثان/يناير 2011، (التوحيد والجهاد، جماعة أنصار بيت المقدس)، ولا يزيد أعضاء الجماعة في كل الأحوال عن 300 شخص، وكل عملياتهم، قبل كانون ثان/يناير، تستهدف الصهاينة في سيناء، (تفجيرات طابا 2004، شرم الشيخ 2005)، أما الوافدين فَهُم الـ 3000 مَن تم رفع أسمائهم من قوائم ترقب الوصول، ومَن فر من الملاحقات بعد “فض رابعة” ومَن صدر ضدهم أحكام غيابية من كل محافظات الجمهورية -، وقد كان إعلان مبايعة “داعش” و”البغدادي” من قبل تنظيم “بيت المقدس” قد سبقه إنشقاق نتج عن رفض المبايعة، خاصة عندما كان في قلب هذا الإنشقاق رغبه بتغليب الهدف الإقليمي الدولي على أي هدف محلي أو قل وطني، وكان قد تم تصفية، تقريباً، كل القيادات التي رفضت تلك المبايعة، فهل كانت هذه التصفية بالصدفة ؟!.. مؤكد ليست صدفة؛ وإلا لماذا تمت المبايعة بعدها مباشرة، هذه الهيمنة دفعتهم في أول تموز/يوليو 2015 إلى محاولة احتلال والسيطرة على قسم شرطة “الشيخ زويد” لإعلانه مقر لدولتهم ـ محاكاة لما حدث في الموصل العراقية وبعض المدن السورية ـ وأن تكون المدينة هي أول أرض يتم تحريرها في دولتهم المزعومة، وهي معركتهم الرئيسة حينها، حيث كانت الخطة إشغال الجيش والشرطة في عدد (18) من الكمائن والإرتكازات الأمنية؛ حتى يتم تحقيق الهدف الرئيس.. لكن كانت خسائرهم جمة، وفشلوا في تحقيق هدفهم على الأرض وخسروا فيها كل الجناح العسكري للمكون المحلي، ولكن فازوا بتجسيد تواجدهم كقوة تُرى ولا يسمع عنها فقط في المجتمع.

وأنتشر أفراد تنظيم، ذو إمتداد إقليمي، في كل مراكز شمال سيناء الست، بالتزامن مع توقف حملات قوات “إنفاذ القانون” العسكرية، التي أكتفت بالدفاع عن المؤسسات كمنشآت ومقراتهم الأمنية وكمائنهم وتمركزاتهم، وأيضاً مستفيدين من ضعف سيطرة المركز على الأطراف منذ ثورة يناير.

وقد تراجعت بشكل كبير القدرة التنظيمية والعسكرية لتلك الجماعات الداعشية؛ بعد النجاحات التي حققتها قوات “إنفاذ القانون”، وقد تمركزوا في بؤر خارج المدن يقومون بعمليات خاطفة من خلال عمليات كر وفر ليس لها أثر كبير، بقائهم وتواجدهم يعتمد على الإستفادة من تضاريس المنطقة.

ناهيك عن أن هناك مدد بعناصر ناتجة عن تناقضات صراع الجنرالات على السلطة؛ تقوم بعض العمليات التي لا يعلن أحد المسؤولية عنها، خاصة التي تؤثر على المشاريع الإنتاجية، (زراعية ومحجريه) والتصدير. بحسب “أيوب”.

أما عن التسليح فقد جاء من الغرب والجنوب، (ليبيا والصعيد)، عن طريق تجار السلاح وبتمويل ودعم أجهزة إستخبارات عربية و”الموساد”، مما نتج عنه تكدس وتخزين أسلحة وعتاد “جيوش” في سيناء، وقوات الاحتلال متعددة الجنسيات المسماة (M.F.O)، والمفترض أنها تراقب إلتزام مصر والكيان الإسرائيلي بالتسليح في سيناء، بحيث لا يتجاوز ما نصت عليه “اتفاقية كامب ديفيد” وملاحقها الأمنية، خاصة في المنطقة (ج)، مركز عمليات الجماعات الداعشية، والتي إلتزمت معسكراتها ولم تعترض على دخول مثل تلك الأسلحة بإعتراضها ومصادرتها.

الدعم والتمويل الخارجي..

يوضح “أيوب”، في بداية تعليقه على حدود المساعدات الخارجية الأجنبية للتنظيمات الداعشية داخل سيناء وكيفيته على الأرض، قائلاً: “علينا أن نتفق أن الجماعات المسلحة التي تمارس العنف وإستهداف المدنيين؛ ما هي إلا شركات أمن لها دور وظيفي لتطبيع مخططات الحلف “الصهيوـأميركي” في المنطقة، ودورها الوظيفي.. استخدام كل ما في الدين يحث على العنف ورفض الآخر لتغييب الصراع الطبقي حماية للأنظمة الحاكمة التابعة الخاضعة، وعصا لمن يخرج عن الطوق، لهذا أنا أطلق عليها الجماعة “الصهيو-وهابية” الداعشية”.

وتابع: فالمساعدات التي يقدمها الخارج أغلبها لوجيستي وتمويل، فـ”قطاع غزة” كان ملاذ آمن بعد العمليات الكبرى ومكان للتدريب لتشابه طبيعة التضاريس، وتقوم بها الجماعة الداعشية الفلسطينية وبموافقة “حماس”، لحسابات خاصة بها مع تلك الجماعة تخص الشأن الفلسطيني، ولكن بعد تراجع هذا الدور بشكل نهائي بعد سيطرة الجيش المصري على كامل الحدود مع “قطاع غزة”، في الربع الأخيرة من عام 2015، وغلق الأنفاق وعمل مجرى مائي بمحاذاة الحدود معها، ومواصلتها مفاوضات المصالحة الفلسطينية مع “فتح”، برعاية المخابرات العامة المصرية، وكذلك قوات الاحتلال المتعددة الجنسيات المسماة (M.F.O)، بجانب تخليها عن دور المراقب وفرض تنفيذ بنود “اتفاقية كامب ديفيد”، كان معسكرها الرئيس في شمال سيناء بقرية “الجورة” جنوب “الشيخ زويد” هو الذي لا تتجاوزه قوات “إنفاذ القانون” عقب فرار عناصر من الجماعة الداعشية من ملاحقتها لهم وفي إتجاهه ويختفوا بعدها، وهو المكان الوحيد الذي لم تُطلق عليه الجماعة “الصهيو-وهابية” رصاصة واحدة حتى ولو بالخطأ.

ويصل دوماً إلى مسامعنا ما يتداوله الناس وينسبونه، عقب كل فعل إرهابي لم يعلن أحد المسؤولية عنه، إلى اسم “محمد دحلان”؛ المتواجد بقواته في مدن المنطقة (ج)، بعد سيطرة “حماس” على “قطاع غزة” عام 2006، عقب الإقتتال بين “فتح” و”حماس”، مرة كفاعل بالتنسيق مع “الموساد” ومرة مع “المخابرات المصرية”، فعمليات، عدم إعلان المسؤولية عنها، تزايدت عقب الضعف الشديد للجماعات الداعشية، ولكنها أصبحت نوعية تشتبك بشكل مباشر مع تجاذبات قضايا “صفقة القرن”، وآخر هذه العمليات تزامنت مع نشاط ملحوظ ومكثف لقوات (M.F.O)، ومغادرة مجموعة من مقاتلي تنظيم (داعش) ليلة السبت ١٤ تشرين أول/أكتوبر ٢٠١٧، مدينة “الرقة” السورية برعاية أميركية، وحسب تصريح “إردوغان”، أنها وصلت سيناء، وبالتالي وصولها إما عبر طيران حط في معسكر متعددة الجنسيات بـ”الجورة” أو أراضي فلسطين التي يحتلها العدو الصهيوني، المعبر الوحيد للوصول لسيناء براً برعاية الموساد وبدعم رجالات “دحلان” لتنفيذهم مقتلة روضة شهداء سيناء.

ومؤخراً نشرت الـ (نيويورك تايمز) أن طائرات العدو الصهيوني، (بدون طيار)، قامت بـ (100 طلعة)، قصف خلالها أهداف داخل المنطقة (ج)، وهي ما يطلق عليها أهلنا سكان الشريط الحدودي، (زنانات)، وسبق أن إحداها سقطت عند منطقة “سبيكة”، وقامت قوات الجيش بتغطيتها لإخفاء علم الكيان الإسرائيلي بعد رفع حطامها على حاملة سيارات، نفس القوات التي أمرت بتعطيل عمال “شركة النصر للملاحات”، بـ”سبيكة”، عن العمل بعد التقاعس عن حمايتهم، وقد نجزم أن طائرات الصهاينة تقصف مَن خرج عن طوعها، وتمد الجماعة “الصهيو-وهابية” الداعشية بالعتاد والمؤن، وكأن ما جاءت به (نيويورك تايمز) هو التمهيد لتقبل المناورات الجارية بين الصهاينة وقوات “المارينز” في “النقب” على طول الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة، التي احتلها العدو الصهيوني عام 48.

“التهجير القسري” وتأثيراته الاجتماعية..

حول تأثيرات عمليات “التهجير القسري” على البيئة الاجتماعية لمدينة العريش، أكد “أيوب” على أن “العريش” دوماً، مدينة مقاومة، فهي آخر مدينة سقطت وقت هزيمة 1967، وبعد أن سقطت كل سيناء في 6 أيام، وظلت تقاوم بأهلها وجنودنا الذين رفضوا قرار الإنسحاب لمدة شهر، وهي المدينة المشتبكة مع كل قضايانا الوطنية والأحداث في المنطقة، عبر لجان شعبية وتحركات جماهيرية منذ الإنتفاضة الفلسطينية الأولى والحركات الاحتجاجية، مما شكل وعي متراكم كان فاعل في ثورة كانون ثان/يناير حتى 30 حزيران/يونيو 2013، وآخرها الحراك الشعبي الذي تبلور في “اللجنة الشعبية للعريش”، التي إنبثقت من “مؤتمر العريش الشعبي” بديوان “آل أيوب”، وبقيادة يثق فيها الناس عند أي تحرك جماهيري.. وكعاصمة يوجد فيها كل المكونات الفكرية وتنظيماتها.

“العريش” أغلب سكانها من الحضر، يطلق عليهم عائلات، لأنهم تجميع لمكونات السلطة على مدار التاريخ في العصر الحديث، خاصة بعد 23 تموز/يوليو 1952، حيث مجانية التعليم وإلزاميته التي أدخلت جزء ليس بالهين من البدو للمدنية من قبائل وسط وشرق سيناء، أما غربها، خاصة “بئر العبد” تكاد الأمية تتلاشى ونسبة التعليم الجامعي فيها 75% تقريباً، ويتركز فيها نفوذ “الإخوان المتأسلمين”، أما الشرق “رفح” و”الشيخ زويد” يتركز فيها الصوفيين والمتسلفة الوهابيين.

تمثل المساحة المأهولة في محافظة شمال سيناء 10% من المساحة الكلية، منها 15% أراضي الإستعمالات العمرانية، و42.4% أراضي زراعية داخل وخارج الزمام، وباقي المساحة بور، ويعيش 86.5% من السكان على الشريط الساحلي الذي يمثل نسبة 21.4% من مساحة المحافظة الكلية، وهي مساحة المراكز الساحلية الأربعة (رفح، الشيخ زويد، العريش، بئر العبد).

فالقبيلة إحدى وحدات البادية السياسية والاجتماعية التي تخاصم المدنية والتحضر من خلال وعاء ثقافي مغاير يشغل حيزه مجموعة من النظم والسلوكيات والعادات والتقاليد القيمية، تحكمها فقهاً وقضاءً وتشريعاً واقتصاداً “العرف أو القانون العربي القديم”، لبعدها عن الاحتلال العثماني باسم الخلافة الإسلامية لتحييد تلك القبائل وضمان ولائها، بأن المدينة حيث توجد السلطة والنظم والقوانين، مما جعل لكل قبيلة نطاق جغرافي، وحدود من الأرض ـ لا تعتد إلا تقسيمات أمنية ـ تم وضعها باتفاق مع تلك القبائل، وهي زمامات مسؤولية أفراد القبيلة، عليهم تأمين طرق التجارة وطريق الحج القديم ومنشآت الدولة القائمة والتبعية لسلطتها السياسية، مقابل ممارسة حياتهم الخاصة بحرية إنطلاقاً من مكونهم الثقافي والاجتماعي وإحتفاظهم بسلاحهم، وهذا الاتفاق توارثته الأجهزة الأمنية منذ “محمد علي” حتى “السيسي”، مروراً بالاحتلال الإنكليزي، وهذا التضخيم بدأ مع فكرة إقامة وطن قومي لليهود، وكانت سيناء أحد تلك الخيارات لهذا الوطن أو الحبشة، (إثيوبيا حالياً)، بالتزامن مع تصاعد الحركة الوهابية والثورة العربية، ودور “لورانس العرب” في قيادتها وضم عدد من قبائل سيناء لتلك الثورة المزعومة، والتي أدت لإضعاف الرجل المريض في إسطنبول، وتمهيد الأرض لتقسيم بلاد خلافته عبر اتفاق “سايكس بيكو” بعد الحرب العالمية الأولى، لهذا كلفت المخابرات البريطانية رجلها “نعوم شقير” بمسح للحبشة وسيناء جغرافياً وديمغرافياً وطبوغرافياً وإنثروبولوجياً، فكتب كتاب “تاريخ الحبشة” (مفقود)، وتاريخ سيناء، القديم والحديث وجغرافيتها. فبعد أن تناول الجزء الأول منه طبيعة سيناء الجغرافية والإدارية، أنتهى في جزئه الثاني ببداوة سيناء إعتماداً على الإتساع الجغرافي وأهمية إكتساب ولائهم للسيطرة على سيناء، ولم يجد سكان العريش، الحضر، إلا 3 صفحات للحديث عنهم في كتاب تجاوز 800 صفحة، وهذا لا ينفي الدور الوطني والمشرف، الذي يتباهى به كل السيناويه لعواقل ومشايخ ورموز قبائل سيناء كجزء عضوي من مكتب شؤون القبائل في الزود عن مصر من أي خطر يهددها من الشرق، وإن ساءت تلك العلاقة بعد هزيمة 1967، بعد أن علقوا في رقابهم جرس الخيانة للتغطية على قرار إنسحاب الجيش من سيناء، وأيضاً عقب “تفجيرات طابا” عام 2004، حيث العقاب الجماعي طبقاً للمسؤولية التضامنية لأفراد القبلية، ولكن الداخلية تجاوزت نصف الاتفاق، حيث إختصمت المكون الثقافي باعتقال النساء والمشايخ والأطفال كرهائن حتى تسليم المطلوبين أمنياً، فكان التطرف القبلي الممزوج بالتطرف الديني لأبناء بيئة متطرفة، تضاريساً ومناخاً وجفافاً، منشئة مع غياب التنمية فقراً مدقعاَ.

يضيف “أيوب”: وهناك أسئلة سألتها منذ بداية، حرب الجنرالات على الإرهاب، لم يجب عليها أحد، ولكن كانت إجابة الواقع عليها بـ(نعم)، وكانت كالآتي:

* هل تفككت القبيلة كمنظومة اجتماعية ومظلة حماية لأفرادها ؟

* هل لعبت مصالح المتصدرون للزعامة القبلية والمستفيدون من الفساد دوراً في تراجع دور القبلية كمظلة حماية ؟

* هل القمع والتغول على الحريات والحصار الذي تمارسه السلطة على المسالمين بسبب تنامي روح الفردانية كنتيجة للفساد والمصالح الشخصية للمتنفذين في القبيلة ؟

* هل القمع والتغول على الحريات والحصار الذي تمارسه السلطة على المسالمين بسبب مصالح المتصدرون للزعامة القبلية والمستفيدون من الفساد جعلتهم يبرروا للسلطة أفعالها بتشكيل كيانات فوقية أوسع من القبيلة؛ متخلية عن الدور الاجتماعي وكمظلة حماية، وإن كانت تحمل أسم جمع القبيلة مضافاً إليها كلمة العربية ؟

* هل تواجه السلطة الحزبية التي أصبحت واقع ملموس في المجتمع، كأهم منجز لثورة يناير، بالكيانات الفوقية الأوسع “القبائل العربية” كبديل لإنهيار القبيلة كمنظومة سياسة ؟

فالمصريين سكان سيناء أصبح لهم، لدى الأجهزة الأمنية، مكتب يسمى “شؤون القبائل”، من خلاله نظم النظام ما يسمى “اتحاد القبائل العربية”؛ كأحد أدوات الثورة المضادة.. لأن وجود هذا الكيان فيه إقصاء لمن هم خارج القبائل، أي 80% من السكان، ومنهم المصريين المسيحيين في شمال سيناء.

رحلة “الخروج”..

يحاول “أشرف أيوب” تحديد الشرائح والفئات التي كانت أول المستهدفين بالتهجير، حينما لفت إلى أن: “العريش” أصبحت كاشفة وفاضحة للمخططات التي تتم على حساب الأمن القومي المصري في سيناء، وكانت هناك تدابير مجدولة ضمن خطة التفريغ عبر التهجير من خلال مثلث “إنسحاب الدولة، الحصار، الترهيب وتوسيع دائرة الإشتباه”.

موضحاً: فكان سيناريو التهجير يتم بشكل متناغم ومحبوك بين طرفي حربهم المعلنة على الإرهاب، فبعد أي عملية هجوم تقوم بها الجماعات المسلحة، “الصهيو-وهابية”، الداعشية يقابلها إنسحاب للدولة من سيناء، والتخلي عن مظاهر السيادة عليها، فسبق أن تم نقل كافة مقار دوائر “محكمة العريش”، الكلية والجزئية، إلى محافظة “الإسماعيلية” بقرار من مساعد أول وزير العدل، بعد إستهداف القضاة في آيار/مايو, تشرين ثان/نوفمبر 2015، حتى تسارعت وتيرة تفريغ سيناء، والتي بدأت بأضعف حلقات المجتمع المحلي، المسيحيين السيناوية، وبقرار رسمي، وسخرت الدولة، بكاملها، كل أدواتها لتطبيع واقع التهجير في المناطق التي إستقروا بها، تلاهم العرايشية الصعايدة الذين تجري محاولات حثيثة لدفعهم للرحيل لمحافظاتهم الأصلية، بعد أن تم ترحيل البنائيين منهم، وعمال النظافة بتخفيض أجورهم، بدلاً من حمايتهم من بطش الجماعات الإرهابية، وبعد النشاط المكثف للجماعات، “الصهيو-وهابية”، الداعشية في الفترة الأخيرة في غرب العريش ومنطقة “سبيكة”، (تقع غرب مدينة العريش بمسافة 35 كم وعلى بعد 5 كم شرق قرية “الروضة” التي شهدت مقتلة بشعة)، و”الروضة” التابعة لمركز “بئر العبد” ونصبهم كمين لتفتيش المارة على الطريق الدولي “القنطرة شرق/ معبر رفح” عند منطقة “سبيكة”، حيث توجد بها محاجر الملح ومقر فرع “شركة النصر للملاحات” الرئيس بشمال سيناء، ووزعوا بيان على عمال المحاجر والشركة بمنع تصدير الملح خارج شمال سيناء، فما تلاها من إجراءات إنسحاب جديد وبتعليمات مباشرة من الأمن الوطني والمخابرات منح العاملين بفرع “سبيكة” في شمال سيناء، (450 عامل)، إجازة مفتوحة بنصف أجر.. وتعطل كامل للعاملين في الملاحات الخاصة، وسائقي سيارات النقل والمعدات الثقيلة وشركات الشحن.. مما ترتب عليه إغلاق كامل لميناء العريش البحري وتعطل العاملين به.

مستطرداً: بدأ الحصار تحت عنوان عريض، حظر البضائع مزدوجة الاستخدام “عسكري ومدني”، (قرار رئيس الوزراء رقم 334 لسنة 2017 بحظر سير كافة الدراجات النارية وملحقاتها في شرق شمال سيناء)، بحظر سير كافة الدراجات النارية وملحقاتها بمثلث الرعب، (العريش، الشيخ زويد، رفح، حتى الحدود مع جنوب سيناء، ورأس سدر)، فقامت قوات “إنفاذ القانون” بالتوسع في مفهوم البضائع مزدوجة الاستخدام؛ حتى وصلت للباذنجان والدواجن، (الفراخ البيضاء)، وأنابيب الغاز والأكسجين. وتضيق الخناق وإحكام الحصار على السكان الصامدين والرافضين للتهجير، وإختلاق أزمة وقود بين الحين والحين بتعطيل وصول شاحنات المحروقات للعريش، وغيابها بشكل تام عن مركزي “رفح” و”الشيخ زويد”، ودفع الصامدين في هذين المركزين إلى الهجرة بإعطاب “كابل الجهد العالي 66” بشكل مستمر ليعيشوا في ظلام دامس لمدد تصل لأسبوعين؛ في ظل تعمد تعطيل إصلاحه حتى وصل إلى إعتام تام لرفح، قبل تنفيذ المرحلة الأخيرة من التهجير، وفشلت محاولتي إعتام العريش في 25 نيسان/أبريل، 5 آيار/مايو 2017، بإتباع سيناريو “كابل الجهد العالي ٦٦” بسبب صمود ووعي عمال محطة محولات نقل الطاقة الكهربية بـ”المساعيد”، المحطة الرئيسة التي تغذي العريش وشبكة الجهد العالي الدولية، بسرعة طلب الإستغاثة من كل الجهات ومنها الناس، والذي إختار الدواعش وقوات “إنفاذ القانون”، طرفي المحطة المتقابلان، منصة إنطلاق قذائفهم المتبادلة.. والتي لو أصابت المحطة لأحرقت غرب العريش بجانب الإعتام التام.

وكانت عملية الترهيب المتناغمة كحقنة المخدر التي جهزت الناس للإستسلام لحملات توسيع دائرة الإشتباه الأمنية، حيث كانت تلك الحملات توقف الشباب في الشارع وتمر على البيوت، (بيت، بيت)، في المنطقة التي تستهدفها الحملة بغطاء من قطع كامل لكل وسائل الاتصال والإنترنت ما بين 6 إلي 18 ساعة، فما هي إلا عملية جرد عمري للسكان تستهدف الشباب من سن 18 حتى 35، وصلت لدرجة السؤال التالي: “عندكم شباب ؟!”.. إنهم لا يحاربوا الإرهاب، إنهم يستهدفوا “المستقبل”، يستهدفوا “التغيير”.

الهدف من توتير الأوضاع في المنطقة (ج)، في شمال شرق سيناء وغرب العريش بمحاذاة فلسطين، (قطاع غزة 14 كم)، جعلها حدود مرنة يتحدد شكلها الثابت حسب التفاوض والنجاحات التي تتحقق نحو التفريغ بدفع السكان للهجرة.

“التين والزيتون” داخل سيناء..

وعن مدى تأثير البيئة الاقتصادية – من حيث الزراعة – لمدينة العريش، يقول “أشرف أيوب”: إن كل أراضي سيناء ملكية خاصة للدولة، تحتكر التصرف فيها طبقة “الدولمالية”، الطبقة المسيطرة على الحكم في مصر، والتي تربط العلاقة بين الملكية والأمن في سيناء بعلاقة الأمن بالاقتصاد في مصر كلها، (دراسة أعدها الأستاذ “أشرف الحفني” بعنوان” “الملكية في سيناءضحية الأمن”)، وكان أحد تدابير النظام نحو تفريغ المنطقة؛ هو تبوير الأرض المزروعة، فقام بإقتلاع كل ما زرعه المزارع السيناوي عبر مئات السنين، وزادوا عليها بعد عام 1982، من أشجار زيتون وموالح ولوز وخوخ، ومنع إعادة زراعتها من جديد.

إن الثمن الذي دفعه المواطن المصري السيناوي، أكبر مما حققته الدولة في حربها على الإرهاب، فالتضييق على المواطنين وتوسيع دائرة الإشتباه على أساس الهوية، وإقتلاع زراعاتهم وتبوير الأرض الزراعية، واعتبار الأراضي المملوكة لهم، المزروعة والمبنية، تعدي على أملاك الدولة، لم يقابله تأميناً للمواطنين، أو حماية لهم من الجماعات الإرهابية، بل إنه تم إصدار تدابير لتفريغ سيناء، كان من بينها السماح بنقل وإنتداب العاملين بأجهزة الدولة إلى خارج سيناء، ومنع دخولها لغير المقيمين بها بشكل دائم، فبعد أن أحتكر الجنرالات إدارة كل المشاريع الإنتاجية وأمتلاك أهمها، مثل إستخراج المواد المحجريه، (ملح، طَفْلّة إنتاج الإسمنت، رمل زجاجي، رخام، طوب)، وبحيرة “البردويل”، وميناء العريش البحري، وإقتسام صناعة الإسمنت وتخليل الزيتون وإستخراج زيته، تحولت العريش لمجتمع مستهلك؛ غالبية سكانه موظفين في الدولة يعتمدوا على أجور إنخفضت قيمتها وإستقرت عند إستحقاقات عام 2014، بعد إرتفاع التضخم بنسبة 30%، والإرتفاع المضطرد للأسعار، وإنخفضت معها القدرة الشرائية، مما خلق حالة من الكساد في السوق التجاري، خاصة بعد غلق فرع “شركة النصر للملاحات” بسبيكة في شمال سيناء، (وتم عودة العمال لمقر الشركة اعتباراً من السبت 3 شباط/فبراير 2018، وهل السبب هو الحصول على الأجر الكامل فقط أم لعودة الإنتاج ؟!).. بجانب تعطل كامل للعاملين في الملاحات الخاصة، وسائقي سيارات النقل والمعدات الثقيلة وشركات الشحن.. مما ترتب عليه إغلاق كامل لميناء العريش البحري وتعطل العاملين به.. بالإضافة للعاملين بمحاجر الرمل الزجاجي وتصدير الإسمنت.. وبالتالي فقدت ١٥٠٠ أسرة، بشكل مباشر، مصدر دخلهم الأساس والوحيد.. في حين تأثرت ٣٥٠٠ أسرة، تعتمد على العمل في إستخراج وإنتاج وتصدير الثروة، بتراجع دخلها بنسب تتراوح ما بين ٥٠% و٨٠% مثل “شركات الشحن” و”مستخلصي الجمارك”، وأصحاب قطع الغيار ومحطات الوقود وسيارات الأجرة وتجار المواد الغذائية والزراعية التي تزود بواخر الشحن بتموين خزين يكفي رحلتها.. ناهيك عن حرمان الخزانة العامة من الرسوم والضرائب وعائد التصدير من العملة الصعبة والعجز في تلبية احتياجات السوق المصري لصالح الاستيراد.

فقد اتفق لاعبي معركة الحرب على الإرهاب، صناعة ومواجهات، في التوجه نحو الخصخصة وإحتكار السوق.. وإفقار الشعب، وما الخناقة الدائرة إلا في نفس البيت، أي الطبقة ذات نفس التوجه والإنحياز.. والمصلحة المشتركة في تفريغ سيناء عن طريق إحكام الحصار وغلق مصادر الرزق وكل سبل الحياة. على حد وصف “أيوب”.

أما بالنسبة للزراعة؛ فعلى ما يبدو أن شجرة الزيتون أصبحت هي العدو في عقيدة القوة الغاشمة وآمرها “السيسي”، واعتبارها رمز ديني للدواعش، فكما يعتبرها المسيحيون في فلسطين رمز للسلام، يعتبرها المصريون سكان شمال سيناء مقدسة ورمز لهم وضعوها في علم محافظتهم، لأنها نبتت في أرضهم كما “التين”، وفي القرآن قدم الله في قسمه شجرتي “التين والزيتون” على “جبل الطور”، في جنوب سيناء، وقدمها على البلد الأمين، “مكة”، بلد الكعبة، فبدأت “مذبحة الزيتون”، وكل أنواع الشجر، عقب أول عملية نوعية في تشرين أول/أكتوبر عام 2014، إستهدفت بها الجماعة “الصهيو-وهابية” الجيش المصري في “كَرْم القواديس”، فقامت بإقتلاع ما يمثل 20% من أشجار الزيتون بشمال سيناء في قرية “الخروبة” التابعة لمركز “الشيخ زويد” وما حولها، وجنوب غرب العريش دون مقاومة من الأهالي، لأنها تمت تحت رأي عام غاضب يدعمه إعلام متباكي على الجنود الشهداء وجنازاتهم إستحوذت على أغلب ساعات البث، وفَرّد مساحة من البث للهجوم على سكان سيناء؛ وأنهم حاضنة شعبية للإرهاب، وتعالت أصوات مثلت كل التيارات السياسية المصرية تطالب بتهجيرهم، والمتطرف منهم طالب بعزلهم في معسكرات إيواء حتى يتم الإنتصار على الإرهاب !

وكان “السيسي” قد قرر، عقب مقتلة روضة شهداء سيناء “قرية الروضة” في أواخر تشرين ثان/نوفمبر 2017، إنهاء حربه الكونية على الإرهاب وتطهير سيناء خلال 3 شهور، وكلف الجيش والشرطة باستخدام القوة الغاشمة، وأمرها باستخدام كل العنف عقب إستهداف طائرة وزيري القوة الغاشمة، (الدفاع والداخلية) ـ دون إعلان أي جهة المسؤولية عنها ـ، ثم بيان منسوب للدواعش بعده تشريد العمال وغلق الميناء البحري، تلاها إعلان “السيسي”، ضمن برنامجه الانتخابي، رسالة وعيد وتهديد لنا، وقرار شفوي بتفريغ مساحة دائرية بنصف قطر 5 كم من السكان حول الميناء الجوي، (المطار)، بما يمثل 30% من مساحة المدينة، المطار مهمل من الأساس بسبب اتفاقية “كامب ديفيد”، التي تمنح الكيان الإسرائيلي حق الإعتراض عن أي مشاريع في سيناء، وهو الإعتراض الذي جعل “مبارك” يوقف المشروع القومي لتنمية سيناء، والذي كان مقرر إنتهائه نهاية العام الماضي 2017، وتحويل استثماراته جنوباً في “توشكى”، وكان المطار لا يستخدم إلا في حالات استثنائية، وكنا نطالب بتطويره وجعله أحد شرايين الاتصال بين سيناء والوادي، وبحجة تأمينه رغم أن الإستهداف سببه تقصير أمني ومعلوماتي، خاصة أن شبكة الاتصال كانت مفصولة، ولم يكن يعلم بتحركات أعلى منصبين أمنيين وعسكريين في البلد، إلا المسؤولين في تلك الأجهزة ـ أرى أن هذا الإستهداف يدخل ضمن صراع الجنرالات، حيث يتم تحميل أقل من نصف مليون نسمة، كل سكان سيناء، شظايا حرب الصراع على السلطة ؟! ـ هذا القرار يعني تفريغ تلك المساحة من البشر والحجر والزرع، (التين والزيتون والنخيل)، خاصة الزيتون، (5.5 مليون شجرة)، تمثل 70% من المساحة المنزرعة منه، مما ينعكس على إستخراج الزيت وتوقف مصانعة بالكامل، حيث لن تتم إستعادة الطاقة الإنتاجية الحالية إلا بعد 20 عام في حالة زراعة نفس العدد من الشجر.

مطار العريش..

كما أوضح المتحدث عن اللجنة الشعبية للعريش الوضع الميداني الآني بالنسبة لقرار توسيع مساحة حرم “مطار العريش”، قائلاً: أصدرت “اللجنة الشعبية للعريش” بيان  بعنوان (مطار العريش مسمار جحا للتفريغ.. فلنؤسس اللجان الشعبية الوطنية)، ودشنت حملة تحت عنوان (#أوقفو_إقتلاع_زيتون_العريش)، التي وجدت لها صدى عالمي، مما اضطر نظام “السيسي”، تحت ضغط انتخابات، تأكيد سلطة “السيسي” كأمر واقع لاختيار مكان بديل ـ ونحن نؤيد مكان بديل للمطار، وهو ما قلنا به في “اللجنة الشعبية” ـ تم الترويج له عبر “اللجان الإلكترونية السيساوية”، وبعد أن تم إقتلاع غالبية أشجار الزيتون وإزالة بيوت الفقراء، وتزامن طرح الموقع البديل عند البدء في إزالة أشجار الأغنياء، أصحاب معاصر الزيتون، وأماكن تصنيع الرخام، بعد أن كانوا خُرس منذ الإعلان عن القرار..

“صفقة القرن”.. داخل سيناء..

أما عن الآليات التنفيذية لصفقة القرن التي يشعر بها أهالي منطقة سيناء، فيوضح “أيوب”: “لا يجب أن نغفل أن سيناء قضية مصر الوطنية، وأن التفريط الساداتي في السيادة، بتوقيعه اتفاقية سلامه مع العدو الصهيوني والمعروفة باتفاقية “كامب ديفيد” عام 1979، كان الأرضية التي على أساسها يتم تنفيذ مخططات تقسيم المنطقة وتطويرها لـ”كامب ديفيد” الثانية، حيث كانت مناطق تواجد قوات حفظ سلامهم وحماية (إسرائيل) ودعم الدواعش، محور رئيس في “صفقة القرن”.

فما تشهده سيناء من ترتيبات على الأرض؛ قد حدد الملامح الرئيسة لـ”صفقة القرن”، وهو حل مؤجلات اتفاقية “أوسلو” ـ القدس واللاجئين الفلسطينيين ـ مقابل الحفاظ على حدود “سايكس بيكو”، والتي تمثل شرعية أنظمة الحكم في المنطقة، وكان الموقف المصري حائر بين إدماج اللاجئين الفلسطينيين بالسكان وتوطينهم مع تمصيرهم في المنطقة (ج) ـ من “رفح” على الحدود مع فلسطين المحتلة حتى شرق “العريش” عند قرية “الوادي الأخضر” بموازاة قطاع غزة ـ حسب الملاحق الأمنية لـ”كامب ديفيد” في خطة “مبارك”، وبين تهجير السكان في خطة “السيسي” مع توسيع “كامب ديفيد” ـ أي الوصول لتوقيع “كامب ديفيد” الثانية ـ الحل الأدنى الذي يقبله النظام المصري رداً على المشروع الصهيوني لحل الدولتين، كحل نهائي للقضية الفلسطينية، والذي يقترح فيه الجنرال الصهيوني، “غيورا إيلاند”، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي والباحث بمعهده، في دراسة له عام 2008، إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، بعد مضاعفة مساحة “غزة”. ونشرها “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”، وتبادل الأراضي مع مصر بتلك المنطقة مقابل بديل لها في “النقب”.

وظهر جلياً إنكشاف تورط حكام الحلف “الصهيو-أميركي” أمام الشعب الفلسطيني بالمتاجرة بقضيتهم، بعد أن أبلغ “ترامب” عباس هاتفياً ـ حسب الرئاسة الفلسطينية ـ بنقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى “القدس”، والتي سبقها تهديد “بن سلمان” لعباس بالقبول بنفس الفعل، الذي طالما خونوا به الفلسطينيين، بأنهم تاجروا بقضيتهم وباعوا أرضهم، ثم يهددونهم ويفرضون عليهم قبول “تدويل القدس”، وعدم إثارة قضية عودة اللاجئين، على أن يتحمل “آل سعود” و”آل نهيان” و”آل راشد” تكلفة توطينهم في دول الطوق، (سيناء والجولان والأردن)، ودمجهم اقتصادياً في مشروعات “نيوم”.

مستطرداً “أيوب”: وبخطوات مبكرة كانت مصر، تتخذ التدابير اللازمة في سيناء لدمجها ضمن مشروع (نيوم) الرأسمالي الإستعماري، جوهر “صفقة القرن”، لحل قضية القرن مع الإلتزام الكامل بالشروط “الصهيو-أميركية، أخرها قرار “السيسي” بتكليف حكومته إعداد خطة شاملة لتنمية منطقة “بئر العبد” خلال 4 سنوات بتكلفة 100 مليار جنيه، فالمنطقة ضمن المنطقة (ب) في “كامب ديفيد” الأولى، حيث تستعد مدينة “بئر العبد” لتكون عاصمة حكم محلي لشمال سيناء، ليتراجع دور “العريش” كعاصمة ـ كما تراجع دور “نخل” كأول عاصمة لسيناء على طريق التجارة والحج القديم ـ فالعريش مدينة غربها متاخم لشرقها المرسوم ضمن المنطقة (ج) في “كامب ديفيد” الأولى، والتي تم إعادة رسمها على خريطة “صفقة القرن” بمساحة 720 كم2، كموطن للاجئين الفلسطينيين، بعد تسريع التدابير اللازمة لخلق واقع يتناسب مع قلب “صفقة القرن”، مشروع (نيوم) الرأسمالي الإستعماري، والذي بدء بالحرب الكونية على صنيعتهم، تنظيم (داعش) العدو الإرهابي، الذي إنتهى دوره الوظيفي، ليتم وبكل جسارة الإعلان عن الحد الأقصى لإنتهاء حربهم الكونية، ثلاث شهور بدأت من أواخر تشرين ثان/نوفمبر 2017، ولم تمر الأيام الأولى من الشهور المقررة حتى ظهرت بوادر الإنتصار عبر تصريح لمرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة بدار الإفتاء المصرية، يفيد بالعثور على وثائق تكشف عن هزيمة التنظيم في سيناء وهروب العديد من مقاتليه إلى ليبيا، ولم يمهلهم “إردوغان” الوقت للإنتشاء بزهو الإنتصار الإعلامي للتغطية على التقصير البين، الذي يمثل إدانة تستحق المسائلة لنظام “السيسي” بالكامل بخصوص مقتلة المصلين في “روضة شهداء سيناء”، ويقدم الدليل الدامغ على تورط الباحثين معه على “الدفيء” في إزهاق أرواح تجاوزت الـ 305 غير المصابين الذين يضيفوا للشهداء مدد كل يوم، حيث صرح “إردوغان” الثلاثاء 5 كانون أول/ديسمبر 2017: “إن الإرهابيين الذين غادروا الرقة أرسلوا إلى مصر لاستخدامهم هناك في صحراء سيناء”.

لافتاً: جدير بالذكر أن هذا يتزامن مع نشاط ملحوظ ومكثف لقوات الاحتلال المتعددة الجنسيات المسماة (M.F.O)، وبرفقتها خرائط تم تدارسها بديوان عام محافظة شمال سيناء.. ترجم عملياً بإعادة هندسة الكمائن وتجميلها بالعريش وإكسابها صفة الديمومة.. والمرحلة التالية إعادة إنتشار لها والقوات المصرية في المنطقة، التي يتم تفريغها من السكان شرط إستبدال قوات الشرطة بقوات مسلحة، كما الملاحق الأمنية.

وبناءً على ذلك يحاول “أيوب” تحليل المشهد ككل قائلاً: وعليها إتخذ النظام المصري كافة التدابير التشريعية والقانونية بالمشاركة فيه بتدويل سيناء بداية من رفع إحداثيات “رفح” من على الخريطة، بالقانون 444 لسنة 2014، بشأن نزع مظاهر وضع اليد أو الملكية بالأراضي المتاخمة للحدود بعمق 5 كم وبطول 1200م، ـ الحدود التي قال عنها “السيسي” في باريس أن جيشه: “غير قادر على حمايتها بالكامل”، وإتخذ في تشرين ثان/نوفمبر 2015، بعد الإنتهاء من إنشاء تفريعة جديدة لتوسعة “قناة السويس”، قراراً بتنفيذ البنية التحتية لمحور تنمية الاستثمار الأجنبي على ضفتي “قناة السويس”، وأخطر هذه التدابير التنازل عن مصرية “تيران وصنافير” مساساً بالأمن القومي المصري باتفاقية خيانة الحدود البحرية مع “آل سعود” في نيسان/أبريل 2016، وإلغاء كل حقوق مكتسبة للمصريين، سكان سيناء، بحكم التاريخ والأمر الواقع أو قرارات تعتد بأملاكهم للأراضي المبنية والمنزرعة، بقرار تنفيذي لتطبيع وتجسيد القرارات السابقة، واقع وقعه رئيس وزراء “السيسي” في مطلع هذا العام الماضي؛ برقم 215 لسنة 2017، بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون “تنمية شبه جزيرة سيناء”، وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 في 29/10/2017، أي قانون استثمار الأجانب خيرات بلادنا وتحميل غالبية الشعب تكلفة البنية الأساسية لنهب ثرواتنا، ومعها حقوقنا في التعليم والصحة والكرامة، مقابل الإفقار والتجهيل والإمراض باستخدام سيناء والصحراء الغربية كمدفن للنفايات، حيث نصت المادة 40 من القانون، الذي صدر في حزيران/يونيو 2017: “يكون الاستيراد من المناطق الحرة التي تدخل البلاد طبقاً للقواعد العامة للاستيراد من الخارج”، واستثناء التي وردت في قانون الاستثمار الجديد، الذي صدر عام 2016، والتي نصت على السماح بدخول ودفن النفايات الخطرة داخل مصر، وهي الصادرة عن الصناعات داخل المنطقة الحرة. منذ ذلك يسمح بدخول المواد والنفايات والمخلفات الناتجة عن أنشطة المشروعات العاملة بالمناطق الحرة إلى داخل البلاد متى كان دخولها إلى البلاد بغرض التخلص منها أو إعادة تدويرها، وذلك بالطرق والوسائل الآمنة المقررة وفقاً لقانون “البيئة” الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994، على نفقة صاحب الشأن، وتطبق أحكام قانون البيئة المشار إليه في شأن حظر استيراد النفايات الخطرة من الخارج.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب