25 يوليو، 2024 12:32 ص
Search
Close this search box.

بعد ما أصبح القضاء على “حماس” هدفًا وهميًا .. “فورين آفيرز” تضع سيناريوهات إنهاء حرب غزة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات:

بعد تمّديد وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” و”المقاومة الفلسطينية”، الذي أُبرم يوم الجمعة 24 تشرين ثان/نوفمبر 2023، لمرتين، لتصل مدته إلى أسبوع، تصاعدت الآمال عالميًا في الوصول لوقف إطلاق نار دائم، ولكن على أرض الواقع هناك ضبابية حول ذلك، بل حتى حول احتمال تمديده لأيام قليلة رُغم وجود مصلحة “أميركية-إسرائيلية” في تحقيق ذلك.

ومُدّد الاتفاق يوم الخميس 30 تشرين ثان/نوفمبر 2023، وسط ضبابية حول احتمال تمّديده، وحديث عن التفاوض حول صفقة كبرى لتبادل الأسرى، وحديث خجول عن وقف دائم لإطلاق النار.

وشكّل الإعلان عن هذه الهدنة؛ التي أُبرمت بوسّاطة “قطرية-مصرية” ورعاية أميركية، أول أنباء سّارة تأتي من “غزة” منذ فترةٍ طويلة، وقد أفرجت (حماس) بموجبه عن عشرات الأسرى الإسرائيليين مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، وأوقفت “إسرائيل” قصفها لـ”غزة”، وسّمحت بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية إلى القطاع الذي يُعاني من كارثة إنسانية، بحسّب ما ورد في تقرير لمجلة (فورين آفيرز-Foreign Affairs) الأميركية.

لماذا يُعد تمديد وقف إطلاق النار مصلحةً للجميع ؟

تمّديد وقف إطلاق النار هو الخيار الصحيح؛ حسّب مجلة (Foreign Affairs)، التي تقول إنه يتعيّن على إدارة “بايدن” الآن توضيح الأسباب التي تُثبت أن تمّديد وقف إطلاق النار يصب في صالح الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وكذلك في صالح “الولايات المتحدة” وشركائها الدوليين.

وأضافت: “لا شك أن تمّديد وقف إطلاق النار سيُسهل عودة المزيد من الرهائن الإسرائيليين، ويُقلل خطر تعميق الكارثة الإنسانية بين المدنيين في غزة. كما قد يُساعد على تهدئة التوترات في الضفة الغربية، وتقليل خطر تصعيد الحرب وجرّ أطراف خارجية إليها”.

“حرب غزة” أثبتّت استحالة تجاهل “القضية الفلسطينية”..

ترى المجلة الأميركية أن تمّديد وقف إطلاق النار يجب أن يكون مجرد خطوة أولى ضمن عملية أوسع، وهذا سيتطلب دبلوماسية إقليمية مكثفة بدعمٍ أميركي وإصلاحٍ للسياسة الأميركية.

يُذكر أن “بايدن” كان عازمًا على عدم قضاء وقته واستهلاك طاقته فيما يعتبره جهودًا غير مثمرة لحل الصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي”، وذلك عند وصوله إلى المنصب عام 2021، لكن الحرب في “غزة” أثبتت استحالة تجاهل هذه القضية.

ولا شك أن سمعة “الولايات المتحدة” ومصداقيتها الدولية قد تضررتا بشدة، وذلك نتيجة دعمها الذي يبدو غير مشروط للحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة في “غزة”، لكن “الولايات المتحدة” تظل البلد الوحيد الذي يتمتع بما يُلزم من العلاقات والنفوذ لضمان تمديد وقف إطلاق النار، وتسّهيل عملية قد تؤدي إلى اتفاق لإنهاء الصراع أخيرًا وبعد طول انتظار، حسًب مزاعم الموقع الأميركي.

لماذا يُعد القضاء على “حماس” هدفًا خياليًا ؟

إذا استمر وقف إطلاق النار المُمدّد؛ فربما يُمهد ذلك الطريق أمام حلٍّ للحرب الحالية.

ويجب أن يتضمن أي اتفاق إنهاء حصار “إسرائيل” وسجنها الفعلي المفروض على المدنيين الفلسطينيين في “غزة”، كما يجب أن يُحرم الاتفاق (حماس) من القدرة على إطلاق الصواريخ باتجاه “إسرائيل”، وفقًا لما ورد في تقرير المجلة الأميركية، التي تزعم: “أنه ربما يكون هدف الحكومة الإسرائيلية المُعلن: بـ (القضاء على حماس) مفهومًا في ضوء ما حدث في السابع من تشرين أول/أكتوبر”، لكنه غير واقعي، إذ ستستمر (حماس) كحركة سياسية طالما استمر حرمان الفلسطينيين من حقوقهم.

وتقول المجلة الأميركية؛ إنه ليس من الممكن “القضاء” على (حماس)، لكنها تزعم أنه من الممكن القضاء على جدوى (حماس) بمعالجة مشاعر الغضب واليأس التي تتغذى عليها الحركة، حسّب قولها.

ما تجنبت المجلة الأميركية قوله؛ إنه حسّب خبراء ومحللين غربيين، فإن هناك مؤشرات على أن “إسرائيل” بعد (45) يومًا من حربها الوحشية ضد “غزة” يبدو أنها ألحقت ضررًا يتراوح بين محدود لمتوسط ببُنية (حماس) العسكرية، ولم تمّس سوى عدد محدود من قياداتها ومقاتليها.

ويُظهر تركيز الدعاية الإسرائيلية على “مستشفى الشفاء” وغيره من المستشفيات؛ أنها لم تصل إلى مقارّ أو مراكز (حماس) الرئيسة، فيما تُفيد تقارير بأن ثُلث قوة (حماس) تُشارك بشكلٍ كامل في القتال، وثُلث بشكلٍ جزئي، والجزء الأخير موجود في جنوب “قطاع غزة” ولم يُشارك على الإطلاق في الحرب حتى الآن.

كما أن القادة الإسرائيليين يعترفون بأنهم يحتاجون لنحو عام للقيام بما يصفونه بتطهير شبكة الأنفاق؛ التي يُقال إن طولها يصل إلى: (500) كيلومترًا، وعمق بعضها يصل إلى: (60) مترًا.

ولكن استمرار الحرب لمثل هذه الفترة سيُشّكل ضغطًا على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصةً في ضوء استدعاء الاحتلال لنحو: (360) ألفًا من جنود الاحتياط، الأمر الذي يشلّ سوق العمل الإسرائيلية، بجانب هروب العمال الأجانب، وتضرر قطاعي السياحة والطيران بشكلٍ كبير.

يجب على “واشنطن” دعم تحقيق للمحكمة الجنائية في جرائم الحرب التي وقعت..

تقول المجلة الأميركية أخيرًا؛ يجب على أي حل عادلٍ أن يضع في اعتباره أعداد الضحايا المدنييّن من كلا الجانبين.

فلقد دعمت “الولايات المتحدة” تحقيق “المحكمة الجنائية الدولية”؛ في ما تدعيه من فظائع ارتكبتها “روسيا” داخل “أوكرانيا”، ويجب على “واشنطن” أن تفعل الشيء نفسه في “إسرائيل” وفي الأراضي الفلسطينية.

ومن المؤكد أن تمّديد وقف إطلاق النار سيمنح “واشنطن” فرصة التعامل بجدية مع استغلالها للدبلوماسية في حل الصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي” الأوسع، وبطريقة عادلة للطرفين.

التخلي عن خطة “نتانياهو” الهادفة للتطبيع دون مقابل للفلسطينيين..

لكن فعل ذلك سيتطلب من إدارة “بايدن” التخلّي صراحةً عن رؤية الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، التي اعتمدت على إبرام اتفاقيات تطبيع ثنائية تدريجيًا بين “إسرائيل” وبين الدول العربية والإسلامية التي وصفتها المجلة الأميركية بالمُسّتبدة. ولم يُسفر ذلك النهج عن خلق السلام، بل كان مجرد غطاء لسّيطرة “إسرائيل” الدائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الوطنية والسياسية والإنسانية الأساسية بما يُخالف القانون الدولي.

وقد اعتمد نموذج “ترامب” و”نتانياهو” فعليًا على إغراء “واشنطن” لبعض الأنظمة بالمنطقة؛ حتى تعترف بـ”إسرائيل”، مع تقديم وعود ببيع الأسلحة الأميركية وتوفير ضمانات أمنية، لكن نهج: “السلاح مقابل السلام” أثبت فشله، وأسّفر عن زيادة العسكرة في المنطقة دون زيادة استقرارها، كما برهنت الحرب في “غزة”.

وعلى نطاقٍ أوسع يجب أن تتخلى “الولايات المتحدة” عن سياساتها الفاشلة المتمثلة في تسّهيل المفاوضات الثنائية المباشرة بين أطراف غير متوازنة على الإطلاق من حيث القوة العسكرية والدبلوماسية.

على “أميركا” تأسيس مجموعة للوصول لحل دائم..

وفي حال تمّديد وقف إطلاق النار يجب على “واشنطن” أن تُسّارع فورًا لعقد اجتماع بين الأطراف التي التقت؛ في شباط/فبراير، لمناقشة الصراع وأصدرت: “بيان العقبة”، وهي: “مصر وإسرائيل والأردن والولايات المتحدة” وممثلو “منظمة التحرير الفلسطينية”، لكن من الضروري هذه المرة دعوة “تركيا وقطر” إلى هذا الاجتماع أيضًا، باعتبارهما من شركاء “الولايات المتحدة” الذين يُحافظون على خطوط الاتصال المفتوحة مع “إيران وحماس”.

ويجب أن يكون الهدف هو تأمين حل شامل للصراع بما يتوافق مع القانون الدولي، وسيتضمن هذا الحل التطبيع العالمي والاعتراف بالحقوق الوطنية للإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍّ سواء، مع ضمان أمن ورفاه الطرفين، ويُمكن للمشاركين اقتراح مختلف النماذج كشروط مرجعية.

وتشمل تلك النماذج المحتملة “مبادرة السلام العربية” مثلاً، وهناك نموذج محتمل آخر يتمثل في ترتيب لتأسيس “اتحاد كونفيدرالي إسرائيلي-فلسطيني”، كذلك النموذج الذي اقترحته منظمة (بلاد للجميع) الإسرائيلية.

وبغض النظر عن الشكل الذي سيظهر، لا بد أن يتعامل ذلك الشكل مع الواقع الأساس الذي يقول إن القانون الدولي يُجرِّم استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجلٍ غير مُسّمى، وكذلك ضم الأراضي الفلسطينية بحكم الأمر الواقع. ولا شك أن الإخفاق في مواجهة الجهود الإسرائيلية لفرض سّيطرة دائمة وغير ديمقراطية على تلك الأراضي سيحكم على أي حل دبلوماسي بالفشل، وسيُغذي المزيد من العنف.

بينما يجب أن يضمن الحل العادل حقوق الفلسطينيين في جميع الأراضي بـ”غزة” و”الضفة الغربية” و”القدس الشرقية”، وأي نهج يسّتثني “غزة” من الحل سيفشل، لأنها تُعد جزءًا لا يتجزأ من نسيج الشعب الفلسطيني.

على “واشنطن” اتخاذ إجراءات ملموسة ضد الاحتلال الإسرائيلي والمسّتوطنات..

علاوةً على قيادة الدبلوماسية الإقليمية؛ يجب أن تُعيد “واشنطن” توجيه سياساتها الخاصة وتُنهي ممارستها المتمثلة في الاكتفاء بانتقاد توغُّل الاحتلال الإسرائيلي، وتنتقل في المقابل إلى اتخاذ خطوات ملموسة لإنهائه.

فغياب أي تداعيات حقيقية لتوسّع المسّتوطنات الإسرائيلية المستمر والعدواني قد أسّفر عن صعود اليمين المتطرف المؤيد للاستيطان في البلاد، ويجب أن تُعيّد “واشنطن” فرضَ التوجيه القانوني القائل بأن المسّتوطنات تتعارض مع القانون الدولي، ولا شك أن فعل ذلك سيُعيد التأكيد على وجود النظام الدولي القائم على القواعد بحق، من خلال جعل “الولايات المتحدة” متماشيةً مع الإجماع القانوني الدولي السّاحق على “اتفاقيات جنيف”، التي توضح بدورها أنه لا يحق للقوى المحتلة نقل شعوبها إلى الأراضي التي تحتلها عسكريًا.

التوقف عن استخدام “الفيتو” لحماية إسرائيل ودعمها بالأسلحة..

ولا بد للولايات المتحدة من التوقف عن استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل حماية إسرائيل من الانتقادات الدقيقة والملائمة لأنشطة الاستيطان والضم، ويجب أن تتوقف واشنطن عن السماح لإسرائيل أو أي دولة أخرى باستخدام الأسلحة أمريكية الصنع، أو الممولة بمساعدات أمريكية، في خرق القانون الإنساني الدولي أو في أي أغراض يحظرها القانون الأمريكي. ومن خلال فرض القوانين الأمريكية القائمة، بما فيها تلك التي تحظر تقديم المساعدات للقوى العسكرية التي لها سجل من الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان، قد تنجح إدارة بايدن في التحفيز على تبني سلوك إسرائيلي أفضل، مع الوفاء بتعهد بايدن بأن يجعل حقوق الإنسان قضيةً محوريةً في السياسة الخارجية الأمريكية.

كما يجب على “واشنطن” أن تدعم العملية الديمقراطية التي ستتمخض عن قيادة فلسطينية شرعية، وهي القيادة التي ستتمكن من تقديم التزامات موثوقة بالنيابة عن الشعب الفلسطيني.

وتقول المجلة الأميركية: “لنكن واضحين، لا تتمتع الولايات المتحدة بالحق أو القدرة على تقرير هوية مَن سيقود الفلسطينيين، لكن الولايات المتحدة تستطيع دعم هؤلاء القادة الفلسطينيين الراغبين في السلام مع إسرائيل، وذلك عبر إظهار أن اللاعنف والدبلوماسية يوفران مسّارًا أفضل من العنف  لتحرير الشعب الفلسطيني”.

وتستطيع “الولايات المتحدة” تعّزيز شرعية هؤلاء القادة بتحسّين علاقات “واشنطن” الثنائية مع “منظمة التحرير الفلسطينية”، وممارسة سلطتها التنفيذية القائمة لإلغاء تصنيف المنظمة كجماعة إرهابية، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في “القدس” لخدمة الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته يجب على “واشنطن” التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإنشاء برنامج دعم اقتصادي كبير يُفيد الشعب الفلسطيني.

ويتعيَّن على “الولايات المتحدة” كذلك أن تتوقف عن عرقلة المنظمات الدولية وتثبّيط الدول الأخرى عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وربما لا يستطيع أحد التوصل إلى حلٍ شامل للصراع بخلاف الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن يحق للفلسطينيين تمامًا أن يسعوا للحصول على اعتراف بدولتهم من المنظمات الدولية والحكومات الأجنبية، لهذا يجب أن توقف “الولايات المتحدة” محاولاتها لنزع الشرعية عن تلك الجهود، وترحب بها في المقابل على اعتبارها مفيدةً لآفاق الحل السّلمي للصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”.

هل يستطيع “بايدن” توظيف دعمه الهائل لـ”إسرائيل” لصالح حل دائم ؟

لطالما كان “بايدن” مؤيدًا قويًا لـ”إسرائيل”؛ طوال حياته السياسية، ونجح في بناء مصداقية هائلة لدى الشعب الإسرائيلي بفضل دعمه الكبير لبلادهم؛ بعد السابع من تشرين أول/أكتوبر. وقد حان الوقت الآن ليسّتغل “بايدن” تلك المصداقية في دفع الحكومة الإسرائيلية نحو الاتجاه الصحيح، وسيكون من السّهل عليه إثبات أن تلك الخطوات لا تتعارض مع وعوده بدعم أمن “إسرائيل” على المدى البعيد، بل ستكون وفاءً بتلك الوعود في الواقع.

لقد تعرضت “غزة” لعدة حروب منذ عام 2007، لكنها حافظت على النمط نفسه دائمًا، حيث يتفق الجميع على ضرورة حل الأزمة الأساسية لعدة أسابيع، ثم يُنسّى الجميع الأمر. ولا شك أن الكارثة التي تتكشف أمامنا اليوم جاءت نتيجةً لذلك النمط، ولا يجب أن يتكرر ذلك، إذ من الصعب تصور إمكانية الخروج بأي نتيجة إيجابية من خلال ما شاهدناه من أهوال وسفك للدماء خلال الشهرين الماضيين، لكن الالتزام الأميركي بعملية دبلوماسية مسّتدامة وقائمة على القانون الدولي قد يُمثل قفزةً كبيرةً للأمام نحو مستقبل آمن ومسالم لكلا الشعبين.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب