“بركان الغضب” .. تؤزم الوضع بين حفتر والسراج وتضع طرابلس على مشارف حرب أهلية !

“بركان الغضب” .. تؤزم الوضع بين حفتر والسراج وتضع طرابلس على مشارف حرب أهلية !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تحت مسمى عملية “بركان الغضب”، بدأ “الجيش الوطني الليبي”؛ بقيادة المشير، “خليفة حفتر”، الخميس الماضي، عملية عسكرية لتحرير “طرابلس” من الميليشيات المسلحة، في تحرك قوبل من جهة القوات الموالية للمجلس الرئاسي، خلال الساعات الماضية، بإطلاق عملية “بركان الغضب” لوقف ما اعتبره رئيس حكومة الوفاق الوطني، “فايز السراج”، طعنة في ظهر العملية السياسية وتقويضًا لمساعي إرساء دعائم الدولة المدنية، في الوقت الذي يؤكد فيه المبعوث الأممي، “غسان سلامة”، تمسكه بإجراء “مؤتمر الحوار الوطني”؛ المُزمع منتصف هذا الشهر في مدينة “غدامس”.

واتهم رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، “فايز السراج”، السبت، خصمه المشير خليفة “حفتر”، بـ”نقض العهد”؛ وبأنه: “حاول أن يطعنه في الظهر”.

وجاء ذلك إثر شن قواته هجومًا على العاصمة “طرابلس”، حيث مقر “حكومة الوفاق”، محذرًا من “حرب لا رابح فيها”.

وقال “السراج”، في خطاب متلفز: “لقد مددنا أيدينا للسلام، لكن بعد الإعتداء الذي حصل من القوات التابعة لحفتر وإعلانه الحرب على مدننا، وعاصمتنا وإعلانه بذلك الانقلاب على الاتفاق السياسي، لن يجد منا إلا الحزم والقوة”.

تقويض العملية السياسية..

واعتبر “السراج”، في كلمته، أن “المؤتمر الوطني” المقرر عقده، في نيسان/أبريل 2019، يشكل مسارًا “نحو دولة مستقرة لبناء دولة مدنية وديمقراطية”. وقال إن حفتر “مدفوع برغبات شخصية ونزوات فردية”، متهمًا إياه أيضًا بأنه يعمل من أجل تقويض “العملية السياسية (…) وإغراق البلاد في دوامة من العنف والحرب المدمرة”.

والتقى الرجلان مرارًا، في السنوات الأخيرة. وخلال اجتماعهم الأخير، في نهاية شباط/فبراير 2019، في “أبوظبي”، توصلا إلى اتفاق من أجل العمل خصوصًا على تأليف حكومة موحدة وتنظيم انتخابات قبل نهاية العام.

غارة جوية على قوات “حفتر”..

وبالفعل نفذ “السراج” تهديده، حيث أعلنت القوات التي يقودها المشير “خليفة حفتر”، أمس، أنها تعرضت لغارة جوية على بُعد 50 كيلومترًا من العاصمة الليبية، “طرابلس”.

وهو الأمر الذي ينذر بذهاب الصراع العسكري في طريق قد يؤدي في النهاية إلى نشوب حرب أهلية؛ وبالتالي إلى تراجع الأزمة الليبية لنقطة الصفر من جديد.

هذا بالضبط ما يثير قلق السكان في “طرابلس”، إذ أن العائلات تخزن ما تستطيع من الغذاء والوقود وتقف في طوابير طويلة للقيام بذلك. كما قالوا لوسائل الإعلام المحلية أنهم رأوا عشرات المدرعات وهي تغادر المدينة للتوجه إلى هذه الخطوط الأمامية، حيث توجد مواجهات بين الميليشيات المختلفة. كما أن هناك تقارير فعلاً عن سقوط ضحايا من جانبي الصراع.

قلق دولي من التصعيد العسكري..

وأعربت العديد من الدول عن قلقها البالغ من التصعيد العسكري غربي “ليبيا”، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس.

فقد أكدت حكومات دولة “الإمارات العربية المتحدة” و”فرنسا” و”إيطاليا” و”بريطانيا” و”الولايات المتحدة الأميركية”؛ أنها تشعر بقلق بالغ بشأن القتال حول مدينة “غريان” الليبية، وحثت جميع الأطراف على وقف التصعيد على الفور.

وقالت حكومات الدول الخمس، في بيان أصدرته “وزارة الخارجية الأميركية” في “واشنطن”، أنه: “في هذه اللحظة الحساسة من مرحلة التحول في ليبيا؛ فإن إتخاذ الوضع العسكري والتهديد بعمل أحادي لن يؤدي إلا إلى المجازفة بجر ليبيا نحو الفوضى.. نعتقد بقوة بأنه لا حل عسكريًا للصراع في ليبيا”.

من جهتها؛ دعت “بريطانيا” إلى اجتماع عاجل لـ”مجلس الأمن” حول “ليبيا”.

وقال وزير الخارجية البريطاني، “غيرمي هانت”، أمس، إن بلاده تراقب الوضع عن قُرب في “ليبيا”، بعد إندلاع اشتباكات بين “الجيش الوطني” بقيادة المشير “خليفة حفتر”، وميليشيات “حكومة الوفاق” برئاسة “فايز السراج”.

وأكد وزير الخارجية البريطاني، على أن “المملكة المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” سيتخذان خطوات جادة بشأن الأوضاع في “ليبيا”، اليوم، في “بروكسل”.

و قالت “مصر”، في بيان صادر عن “وزارة الخارجية”، إنها: “تشعر ببالغ القلق من الاشتباكات التي إندلعت في عددٍ من المناطق الليبية”، وناشدت جميع الأطراف بضبط النفس ووقف التصعيد.

كما أكد البيان على موقف “مصر” الثابت والقائم على دعم جهود “الأمم المتحدة” والتمسُّك بالحل السياسي كخيار وحيد للحفاظ على “ليبيا” وضمان سلامة ووحدة أراضيها وحماية مقدرات شعبها وثرواتها من أي سوء، مع التأكيد على ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب وإجتثاثه من كافة الأراضي الليبية.

ومن جانبها؛ عبرت “تونس” عن “قلقها العميق” من التطورات الأخيرة، وقالت “وزارة الخارجية التونسية”، في بيان: “تتابع تونس بانشغال بالغ التطورات الخطيرة للأوضاع في ليبيا، وتعرب عن قلقها العميق لما آلت إليه الأحداث في هذا البلد الشقيق”.

دعوات لاحترام الهدنة الإنسانية..

وبسبب أشتداد القتال، دعت بعثة “الأمم المتحدة” للدعم في “ليبيا”، الأطراف العسكرية المتواجدة في ضواحي العاصمة، “طرابلس”، لاحترام هدنة إنسانية من الرابعة إلى السادسة مساء أمس الأحد.

وقالت البعثة، في بيان لها: “تدعو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، جميع الأطراف العسكرية المتواجدة في منطقة وادي الربيع والكايخ وقصر بن غشير والعزيزية، إلى احترام هدنة إنسانية بين الساعة الرابعة والسادسة من بعد ظهر اليوم”.

وأضافت البعثة، أن: “الهدنة تستهدف لتأمين إجلاء الجرحى والمدنيين من قِبل أجهزة وطواقم الإسعاف والطواريء والهلال الأحمر الليبي”.

القضاء على الميليشيات..

عما يحدث، قال عضو مجلس النواب الليبي، “علي التكبالي”: “إن الشعب الليبي عرف جيدًا أن، فايز السراج، لا يملك قرارًا بل يعود القرار إلى الميليشيات والجماعات الإرهابية التي تتحكم فيه، وما يريده خليفة حفتر هو القضاء على الميليشيات والجماعات الإرهابية دون سفك دماء”.

توقعات بنشوب حرب..

وعلى الجانب الآخر؛ قال “أحمد الروياتي”، الناطق الإعلامي لـ”قوات البنيان المرصوص” السابقة، التابعة لـ”حكومة الوفاق الوطني”: “إن السيناريوهات المتوقعة هو نشوب حرب، خاصة وأن هناك تحشيد كبير في المناطق الغربية وكافة المناطق المجاورة للعاصمة؛ فهناك تحشيدات كبيرة للقوات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الوسطى، حيث تتوجه كل يوم إلى طرابلس، خاصة وأن عملية حفتر كانت مفاجئة والطرف الآخر لم يرتب أوراقه أو جاهزيته، ولكن في خلال 15 يومًا سيكون هناك ترتيب قوي وكبير سيتفاجيء به الكثير”.

وأضاف: “أن التصعيد العسكري الذي قام به خليفة حفتر هو تصعيد كبير وخطير في ظل المحاولات السياسية السلمية التي تقوم بها البعثة الأممية التابعة للأمم المتحدة والدول المجاورة لحل الأزمة السياسية في ليبيا؛ وهذا التصعيد الذي قام به حفتر لا ينصب إلا في محاولة الإستحواذ والسيطرة على جميع الأطراف لخدمة مشروعه في السيطرة على ليبيا”.

حرب أهلية يمكن لأميركا إيقافها..

تعليقًا على الأحداث؛ نشرت صحيفة (نيويورك تايمز)، يوم الخميس الماضي، مقالًا في صفحة الرأي للكاتبين، “فريدريك ويري”، مؤلف كتاب (الشواطيء المحترقة: من داخل المعركة لبناء ليبيا الجديدة)، ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة السابق للشؤون السياسية، و”غيفري فيلتمان”، تحت عنوان: (ليبيا تخوض حرب أهلية أخرى، ويمكن لأميركا وقفها)، حذرا فيه إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، من دعم المشير “خليفة حفتر”؛ في الحرب التي يخوضها حاليًا للوصول للعاصمة “طرابلس”.

وشكك الكاتبان في قدرة “حفتر” على استعادة الاستقرار وتوحيد “ليبيا”، حتى لو تمكن من تحقيق نصر عسكري في المعارك الدائرة الآن. وقال الكاتبان: “إن إدراة ترامب يجب أن تتحرك سريعًا لوقف تصعيد الصراع في ليبيا، والذي من شأنه الانقلاب على الجهود الحالية التي تبذلها الأمم المتحدة لتحقيق تسوية سلمية، وتقوية تنظيم (داعش)”.

ضوء أخضر من قوى إقليمية ودولية..

وفيما يتعلق يتوقيت تقدم “حفتر”؛ يتناول المراقبون عدة جوانب، أهمها السيطرة على “طرابلس”، ويشير بعضهم إلى أنه ربما كان قد حصل على ضوء أخضر، من قوى دولية وإقليمية داعمة له، ويتحدثون عن أن القائد العسكري، الذي يوصف بأنه صاحب طموحات كبيرة، فيما يتعلق بقيادة “ليبيا”، ربما أقدم على تلك الخطوة بهدف تحسين موقفه التفاوضى، في المؤتمر الدولي الذي كان مزمعًا بعد عشرة أيام في “غدامس” بـ”ليبيا”، تحت رعاية أممية، ولا يستبعد هؤلاء أيضًا أن يكون “حفتر”، قد استغل انشغال الجيش الجزائري بمشهد الحراك الحاصل في البلاد، كي يقوم بتنفيذ مهمته برعاية بعض القوى الإقليمية، إذ أن “الجزائر” كانت تعارض دومًا، قيام “حفتر” بعمليات عسكرية من هذا القبيل نظرًا لأنها تراها تهديدًا لأمنها القومي.

كما يثار جدل آخر يتعلق بالأطراف الإقليمية، المتحكمة في الصراع الدائر في “ليبيا”، إذ يرى البعض أن ما أقدم عليه “حفتر”، لم يكن ليقدم عليه دون حصوله على ضوء أخضر، ودعم من قوى إقليمية، بجانب دعم آخر من قوى دولية.

ويتضح أن “الجيش الوطني الليبي” بقيادة “حفتر”، يتلقى دعمًا كبيرًا، من قِبل كل من “مصر” و”الإمارات العربية”، و”المملكة العربية السعودية”، وكان “حفتر” قد زار “الرياض”، قبل أسبوع واحد، من بدئه هذه العملية العسكرية، وسط تكهنات بأن “السعودية” كانت على إطلاع، على ما ينوي القيام به، على الجانب الآخر يتهم “حفتر” دومًا، كلًا من “تركيا” و”قطر” بدعم حكومة “السراج”، المعترف بها دوليًا في “طرابلس”.

مجرد عبارات دبلوماسية..

حول الجانب الدولي؛ ورغم إعتراف “الأمم المتحدة” بحكومة “السراج” في “طرابلس”، كحكومة رسمية لـ”ليبيا”، يرى مراقبون أن هناك حالة من الرضى من قِبل قوى دولية، تجاه ما يقوم به “حفتر”، ورغم أن حكومات كل من “الولايات المتحدة” و”إيطاليا” و”الإمارات” و”فرنسا” و”بريطانيا”، قد أصدرت بيانًا مشتركًا دعت فيه إلى وقف التصعيد، وأكدت على عدم رؤيتها لحل عسكري للصراع، يرى المراقبون للحالة الليبية أن هذه الدول صمتت في الساعات الأولى، لبدء “حفتر” عمليته العسكرية، وأن ردها لم يأت إلا بعد أن ووجه برد قوي، من قِبل قوات” حكومة الوفاق” في “طرابلس”، بما يفيد من وجهة نظرهم بأن كل ما يصدر عن تلك الدول هو مجرد عبارات دبلوماسية.

وانقسمت “ليبيا”، منذ سقوط حكم الرئيس الليبي، “معمر القذافي”، بين جهتين متنافستين على السلطة، أحدهما حكومة “الوفاق الوطني”، في “طرابلس”، بقيادة “فايز السراج”، والأخرى في “شرق ليبيا” متحالفة مع “الجيش الوطني الليبي” الذي يتزعمه “خليفة حفتر”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة