خاص : ترجمة – آية حسين علي :
أمام التحديات التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي وقدرة الجماعات المتطرفة على نشر رسائل تدعو إلى الكراهية والعنف بحرية كبيرة، جاءت خلال الأسبوع الجاري عدد من الجهود الثمينة استهدفت تقليص منشورات العنف على هذه المواقع.
من أبرز هذه الجهود موافقة “الجمعية الوطنية الفرنسية” بأغلبية ساحقة على مشروع قانون يغرم مواقع التواصل إذا لم تقم بإزالة الرسائل التي تدعو إلى العنف أو التمييز خلال مدة أقصاها 24 ساعة، وتضمن الاقتراح كل أنواع العنف سواء على أساس الدين أو العرق أو النوع، وحصل على موافقة 434 عضوًا، بينما عارضه 33 فقط.
وحصل مشروع القانون، الذي اقترحته العضوة، “ليتيتيا أفيا”، نائبة حزب “الجمهورية إلى الأمام”، على تأييد واسع من جانب المواطنين داخل “فرنسا”، فيما تخشى بعض الأطراف من استغلال هذا القانون من أجل تطبيق رقابة صارمة على محتوى منصات التواصل.
وتعرف “أفيا” معاناة التعرض للتنمر والإيذاء على الإنترنت، وذكرت خلال أحد الجلسات أن: “هذا القانون يحمل قصتي، إنها حكاية سيدة لا تقبل أن تتعرض من جديد للإيذاء أو التعامل بصفتها من أصحاب البشرة السوداء في مواقع التواصل الاجتماعي”.
وبموجب القانون قد تصل قيمة الغرامة إلى 1.25 مليون يورو، إذ لم يقم الموقع أو محركات البحث بإزالة الرسائل التي تحث على الكراهية أو الإهانة والتمييز على أساس العرق أو الدين أو النوع أو التوجه الجنسي أو العجز، كذلك يجبر المنصات على ضمان قدر كبير من الشفافية والتعاون مع العدالة، بإزالة الغموض حول هوية مرتكبي جرائم العنف، ويشمل القانون أيضًا إنشاء مكتب تابع للنيابة متخصص في هذه القضايا، وكذلك وضع زر للإبلاغ عن محتوى يدعو إلى الكراهية في كل مواقع التواصل الاجتماعي.
على الجانب الآخر، عارض نواب حزب “فرنسا الآبية” القانون، وأوضحوا أنه بموجبه يقع الجزء الأكبر من المسؤولية عن المنصات، ما قد يجبرها على إزالة محتوى مشكوك فيه فقط من أجل تجنب التعرض للغرامة، كما وصفت اللجنة الوطنية للتشاور في مجال حقوق الإنسان، القانون، بأنه “غير مناسب وسيء”، وأعربت عن قلقها حيال المخاطر التي قد يحملها شأن الحريات الأساسية.
ولاية ألمانية تُعد قانونًا لكشف هوية المسيؤون..
والواقع أن “فرنسا” لم تأتِ بجديد، إذ يشبه المشروع الفرنسي؛ القانون الذي أقرته “ألمانيا” لإلزام شركة “فيس بوك” بسحب محتوى الكراهية، خلال 24 ساعة، من تقديم إشعارات عن وجود محتوى يدعو للكراهية، لكن “ألمانيا” تسبق بخطوة دائمًا، إذ أعلنت ولاية “بافاريا” الألمانية إعتزامها إطلاق مشروع ريادي يستهدف كشف هوية من يروجون لرسائل الكراهية والعنف على منصات التواصل الاجتماعي.
“إنستغرام” تواصل مكافحة التنمر..
أعلنت شركة “تويتر”، أمس، أنها سوف تزيل التعليقات المسيئة للأديان خلال مدة وجيزة من الإبلاغ عنها، في إطار رقابة مشددة على المحتويات التي تخص الأديان.
في سياق متصل؛ يواصل تطبيق مشاركة الصور، (إنستغرام)، جهوده من أجل مكافحة التنمر، إذ أعلن عن إطلاق تحديث جديد يحذر من يقبلون على نشر رسالة كراهية قبل نشرها بجملة: “هل أنت متأكد من أنك تريد نشر ذلك ؟”، وبحسب منظمة “ديتش ذا ليبل” البريطانية لمكافحة التنمر عبر الإنترنت، فإن 42% من الشباب الذين تعرضوا لمضايقات على الإنترنت كانت من خلال موقع (إنستغرام).
ومنذ عدة سنوات، تستخدم الشركة، المملوكة لمؤسس موقع (فيس بوك)، “مارك زوكربيرغ”، الذكاء الاصطناعي من أجل رصد المضايقات عبر التعليقات أو الرسائل أو المقاطع المصورة، ويستهدف التحديث الجديد منح الأشخاص الراغبين في نشر رسائل عنف فرصة جديدة لإعادة التفكير قبل النشر، وخلال التجارب التي أجرتها الشركة على التحديث الجديد وجدت أنها طريقة جيدة لحث المستخدمين على مسح الرسائل المسيئة ونشر محتويات أقل ضررًا.
كذلك تنتوي إدارة التطبيق إطلاق تحديثًا جديدًا يوفر للمستخدم إمكانية تصنيف بعض المستخدمين بأنهم مسيؤون، وتقييد قدرتهم على كتابة تعليقات على صفحته، دون أن يشعر الشخص الآخر بذلك.
وذكرت الشركة أنها توصلت مع بعض الشباب ووجدت أنهم لا يرغبون في عمل حظر أو التوقف عن متابعة أو الإبلاغ عن محتوى غير مناسب كي لا تزداد الأمور تعقيدًا، خاصة عندما يكون الشخص المسيء معروفًا لديهم في الحياة العامة, لكن مع بدء تطبيق نظام “التقييد” سوف يتمكن الشخص الذي يتعرض للإيذاء من استكمال نشاطه على (إنستغرام) دون أن يستطيع المسيء قراءة تعليقاته أو منشوراته، ولن تصبح تعليقاته مرئية إلا إذا وافق صاحب الحساب على إظهارها.
من جانبه؛ أصدر مدير التطبيق، “آدم موسيري”، بيانًا ذكر فيه أن: “مهمتنا هي ربطك بالأشخاص والأشياء التي تحبها، وهذا يحدث فقط عندما يشعر الأشخاص بالراحة ويستطيعون التعبير عن أنفسهم في (إنستغرام)، ونعلم أن التنمر هو تحدي يواجه كثير من الناس وخاصة الشباب”.
ووسط كل هذه الجهود التي تعتمد على سن قوانين جديدة من أجل ردع مروجي الرسائل المسيئة، يبقى السؤال هو: هل يمكن للقانون وحده أن يقضي على هذا الكم الهائل من المنشورات المحرضة على العنف والكراهية ؟.. وما الضامن لعدم التفريط أو الإفراط في استغلال هذه المواد ؟.