بغداد – كتابات
من غيرالمعلوم إن كان الأمر صدفة أم مخطط له، أن يأتي رئيس مركز مساعدات الملك سلمان إلى العراق ليلتقيه نائب رئيس الوزراء ثامر الغضبان لضمان تلقي المساعدات، في اليوم نفسه يلتقي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، يرافقه السفير الإيراني إيرج مسجدي في العراق وعدد من المسؤولين للإعداد للزيارة المرتقبة للعراق للرئيس الإيراني.
واللافت أن لا يذهب رأس الدبلوماسية كما هو المعتاد للتمهيد بنفسه لزيارة الرئيس روحاني، لكن سرعان ما يفسر الأمر بالاستقالة التي فجرها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في وجه الجميع.
إذ نشر تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام” منتصف ليل الإثنين/ الثلاثاء 26 شباط / فبراير 2019، يعلن خلالها استقالته من منصبه؛ لعجزه عن الاستمرار في أداء مهامه.
وما يظهر أن الرجل تعرض لتعنيف كبير لم يتحمله ما اضطره للاستقالة مكرها، تبريره تلك الاستقالة بالتقاعس والتقصير خلال فترة تولي وزارة الخارجية الإيرانية.
اختار ظريف الذي تمر بلاده بأقسى المواقف الدولية وسط ترقب كبير لأقصى درجات التصعيد ضدها أمريكيا، أن يستقيل بشكل درامي ليسبب حرجا كبيرا عنفه وأهانه نتيجة عجز إيران عن كسب تأييد الأطراف الدولية وإخراج طهران من تلك العزلة التي تطوق مواردها يوما بعد يوم.
قرر وزير خارجية إيران المستقيل أن يربح الجماهير، فكتب يقول “أعرب عن شكري الجزيل للشعب الإيراني العزيز والبطل والمسؤولين المحترمين لحلمهم وصبرهم طيلة 67 شهرا الماضية.. أقدم اعتذاري لعجزي عن مواصلة مهامي وعن جميع النواقص والتقصير طيلة فترة خدمتي متمنيا لكم الرفاهية والرفعة.
استقالة ظريف لاشك ستؤثر بشكل غير مباشر على العراق عامة، وعلى الكتل والحركات السياسية والمسلحة التي تتبع إيران في العراق؛ إذ إن إحدى أهم نصائح الرجل التي تسببت في تعنيفه واضطراره إلى الاستقالة بهذا الشكل طلبه وإلحاحه أكثر من مرة على صناع القرار في إيران أن لا تظهر بلاده أي تدخلات سافرة في العراق، فضلا عن رفضه تحريض العراقيين في الوقت الحالي على طرد القوات الأمريكية لأنه يرى أن هذا الأمر سيزيد من شراسة واشنطن تجاه إيران.
خاصة بعد تصعيد واشنطن وإعلانها صراحة أنها ستستهدف مصالح إيران واتباعها في العراق، وهو الأمر الذي رفضه الرئيس روحاني والمرشد الأعلى علي خامنئي؛ خشية أن تتأكد واشنطن من هشاشة الموقف الإيراني.