خاص : ترجمة – محمد بناية :
يواجه الشرق الأوسط حاليًا شبح الحرب العالمية الثالثة بشكل غير متكافيء، إذ تتسبب ديناميكية الحرب في القضاء على السلام وإضفاء المزيد من التعقيد على النزاعات العالمية.
والحقيقة؛ تكمن جذور كل هذه الصراعات والنزاعات في عداء جبهتي “الحداثة” و”الإرهاب الجهادي”، اللتان تتقاتلان على صعيد النظم العالمية الحديثة. وتشمل هذه النزاعات الأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية المختلفة، حيث يلعب كل طرف دوره إنطلاقًا من المصالح والمكاسب الشخصية.
على سبيل المثال استخدم أنصار الرأسمالية الحديثة، الإرهاب الجهادي، في “أفغانستان” ضد “روسيا”، ولكن بالنهاية خرجت الأمور عن السيطرة وتجذر الإرهاب الجهادي في “باكستان” والشرق الأوسط والكثير من بقاع العالم. بحسب توصيف “اژدر پیری سارمانلو”؛ الخبير الإيراني في الشؤون الدولية، في أحدث تخليلاته على موقع (مركز دراسات السلام الدولي) الإيراني.
الداعمين والمتضررين..
الجدير بالاهتمام؛ أن “الولايات المتحدة” كانت قد تعرضت، قبل 18 عامًا، وتحديدًا في 11 أيلول/سبتمبر 2001، للهجوم من جانب نفس هذه التنظيمات الإرهابية. ولذلك تبيح “الولايات المتحدة” لنفسها حق الحرب ضد هذه التنظيمات.
والإرهاب الجهادي، في “آسيا” و”الشرق الأوسط”، هو بمثابة الضغط على مفجر قنبلة، حيث يتهدد أمن “روسيا”. من ثم فقد دخلت الحكومة الروسية، منذ فترة، مرحلة الحرب ضد التنظيمات الجهادية.
وحاليًا استعمر الإرهاب العالمي المنطقة واحتل الكثير من مناطق “كُردستان”، ويخوض حربًا غير متكافئة مع الأكراد مع التهديد بالإبادة. وتدعم “تركيا” و”السعودية” و”قطر”، بشكل سري؛ وأحيانًا معلن، التنظيمات الجهادية.
الإزدواجية التركية !
وقد حققت “تركيا” السبق على زملاءها؛ وتتبنى سياسات إزدواجية بين “أميركا” و”روسيا”. على غرار ما حدث قديمًا، حيث صورت للحكومة الروسية سعي “أميركا” والأكراد للإستيلاء على الأراضي السورية. وقالوا: “لو تفتحون لنا الطريق للتقدم من جرابلس إلى إعزاز فسوف نحبط المخطط الأميركي”.
في المقابل تواطؤ النظام التركي مع “الولايات المتحدة” على ألا تمنع القوات الأميركية تقدم الجيش التركي نحو “إعزاز”؛ وإطلاق يد الأتراك في إخضاع الحكومتان الروسية والسورية في “حلب”.
وإذا طُلب إلى “تركيا” الحرب ضد (داعش)، فسوف تعلن استعدادها للحيلولة دون تقدم الأكراد في “كُردستان” السورية. ولم تقدم الحكومة التركية في الأراضي السورية إلا بغرض إحياء ميثاق مؤسس الجمهورية التركية، “مصطفى كمال باشا”، المعروف، بـ”أتاتورك”، الوطني المؤرخ، بـ 13 تشرين أول/أكتوبر 1921.
من هذا المنطلق؛ بذلت الحكومة التركية مساعيها للسيطرة على المناطق السورية الشمالية والشرقية، بغرض تدعيم قواعدها العسكرية في “كُردستان” السورية على غرار “باشور كُردستان”، وبذلك تكون قد إتخذت خطوة مهمة على صعيد تحقيق أهداف ميثاقها الوطني وإحياء الإمبراطورية العثمانية.
حروب كبيرة وصغيرة..
وحاليًا تتبلور حروب كبيرة تختلف عن مثيلاتها الصغيرة، كما التفجيرات المهولة التي يكون سببها شرارة صغيرة. إذ تسببت المواجهات الصغيرة والمتفرقة التي كانت تندلع قديمًا، في بلورة تشوهات اجتماعية وشيوع الحرب بين النظام الدولي.
وتدريجيًا استحالت هذه الأضرار النفسية في المجتمع كوليرا وطنية ودولية. وحاليًا يساق العالم بإتجاه هذا الوباء الدولي. من ثم يمكن رؤية جذور هذه النزاعات على البارومتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والسبيل القانوني لحل مثل هذه المشكلات إنما يكمن في الحلول السياسي والدبلوماسية.
والسؤال: أين يقف هذا البارومتر المهتز على أي من الفقرات الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية ؟.. الإجابة واضحة: الديناميكية العسكرية !.. فالكوليرا الوطنية تسوق الدول الواحدة تلو الأخرى بإتجاه العسكرية.
فعندما ترى الدول تمتلك أدوات عسكرية متطورة مثل حاملات الجنود المدرعة، والأسلحة الأوتوماتيكية المتطورة، والدبابات، والطائرات الهليوكوبتر، والأشخاص الذين يطوعون التكنولوجيا في خدمة الأهداف العسكرية وعسكرة الاقتصاد، عندما ينفذون مناورة على الساحة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، للتخلص من الأسلحة في مخازنهم، لابد أن تتوقع اندلاع حرب في المنطقة.