خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في تطور خطير قد تظهر من خلفه اتفاقات باطنية لتغيير القوى المسيطرة على الأرض، سحبت “الإمارات” و”السودان”، في اليومين الأخيرين، عددًا كبيرًا من الدبابات والعربات العسكرية من “عدن”، فيما أعلن “التحالف العربي” بأن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة إعادة التموضع.
مصادر إعلامية قالت إن: “سحب الإمارات لقواتها من بعض المواقع بقاعدة (العند)، في محافظة لحج، جنوبي اليمن، يأتي ضمن خطة إعادة تموضع، دون أن يكشف عن نقاط تمركزها الجديدة”.
وذكرت وكالة (رويترز)، في وقت سابق، أن “الإمارات” سحبت بعض قواتها من مدينة “عدن”، أمس الأول الثلاثاء، في الوقت الذي يعمل فيه “التحالف العربي” على إنهاء صراع على السلطة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وقال مسؤولان لوكالة (رويترز)، إن رتلًا إماراتيًا صعد إلى ظهر سفينة عسكرية في ميناء “البريقة” النفطي قُرب مصفاة “عدن”، فيما قال 4 موظفين في المصفاة إنهم شاهدوا رتلًا كبيرًا من المركبات العسكرية و3 حافلات تحمل نحو 200 جندي وهي تتجه نحو الميناء.
بموازاة ذلك؛ قال الناطق العسكري الرسمي باسم قاعدة “العند” العسكرية، “ماهر الحالمي”، إن القوات السودانية انسحبت من مدينة “عدن”، لافتًا إلى أن عملية الانسحاب تمت على مدى ثلاثة أيام.
محاولة للتشويش لا أكثر..
ونقلت صحيفة (آخر لحظة)، عن مصادر؛ أن “وزارة الخارجية” السودانية عممت منشورًا في كافة سفاراتها بشأن موقفها من الحرب في “اليمن”.
ووفقًا للمصادر، يقضي المنشور بتغيير موقف الحكومة بشأن مشاركة القوات السودانية في حرب “اليمن” من موقف إستراتيجي إلى تكتيكي.
وتوصف الإستراتيجية بأنها أكثر شمولية ولها نطاق وتغطية أوسع، أما التكتيكات فهي محدودة في نطاقها وتغطيتها، كما تعرف الإستراتيجية بأنها الخطة الشاملة للوصول إلى الهدف النهائي، في حين أن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي.
فيما نفى المتحدث الرسمي باسم اللجنة التنفيذية لـ”قوى الحرية والتغيير” السودانية، “وجدي صالح”، ما تناولته بعض الصحف حول قيام “وزارة الخارجية” بتعميم منشور يتضمن تغيير موقف بلاده فيما يخص الحرب في “اليمن” من إستراتيجي إلى تكتيكي، واصفًا الأمر بأنه محاولة للتشويش، وأن الأمور لا تسير بهذا التفكير البدائي.
وقال “صالح”، في مقابلة مع (سبوتنيك)؛ إنه لا يتم التعامل مع القضايا المماثلة بهذه الأساليب، وليس هناك إتجاه الآن نحو ذلك.
وأشار إلى أنه لو صحت تلك الشائعات بتحول موقف البلاد إلى موقف تكتيكي، فلا يمكن أن يعلم بهذه الطريقة، وتلك هي محاولة للتشويش لا أكثر.
وأضاف المتحدث باسم اللجنة التنفيذية لـ”قوى الحرية والتغيير”، سياستنا مبنية على المصالح والاحترام المتبادل لسيادة كل دولة على إقليمها واحترام كل الاتفاقيات الموقعة مع كل دول العالم على أساس المصالح المشتركة.
وأكد “صالح” على أن مثل هذا الحديث لا يمكن أن يُنسب إلى حكومة ثورة مسؤولة، وحتى لو كانت هذه الأشياء واردة فلا يمكن تعميمها بتلك الطريقة البدائية.
وأشار المتحدث باسم تنفيذية، (قحت)، إلى أن موضوع القوات السودانية في “اليمن” أو علاقتنا بدول “التحالف” مرتبطة باتفاقيات لا يمكن أن تعالج بتلك الطريقة، و”وزارة الخارجية” تتخذ الموقف المناسب في الوقت المناسب؛ وبما يحقق مصالح “السودان”، ووقتها لن نكون في أحتياج لتلك الإعلانات والمنشورات السرية.
يُنذر بمعركة بين القوات الشرعية وقوات الانتقالي..
وفي “التحالف العربي” تشارك قوات سودانية، وذلك في الحرب التي تقودها “السعودية” على جماعة “أنصارالله”، الذين سيطروا على “اليمن”، عام 2014.
ويأتي رحيل القوات السودانية بعد سيطرة قوات “المجلس الانتقالي” على المنطقة وطرد القوات الحكومية في مدينة “عدن” ومدن أخرى جنوب “اليمن”.
ويُعد انسحاب القوات سودانية، في هذا التوقيت، تطور لافت وينذر بمعركة مصيرية في جنوب “اليمن” بين القوات الشرعية وقوات الانتقالي، المدعومة من “الإمارات”.
وتتهم الحكومة اليمنية، “الإمارات”، بدعم “المجلس الانتقالي الجنوبي”، في إسقاط العاصمة المؤقتة، “عدن”، بقبضة قواته، في العاشر من آب/أغسطس الماضي، خاصة بعد شن الطيران الإماراتي، في 29 من ذات الشهر، غارات على الجيش اليمني أثناء محاولته استعادة السيطرة على “عدن”، ما دفع عددًا من مسؤولي الحكومة، إلى مطالبة الرئيس، “عبدربه منصور هادي”، بإنهاء دور “أبوظبي” في “التحالف”، الذي تقوده “السعودية” في “اليمن”، منذ 26 آذار/مارس من عام 2015.
تمهيدًا لتسليمها للمجلس الانتقالي..
تعليقًا على التطورات الأخيرة؛ أشار الخبير في الشأن اليمني، “ياسين التميمي”، بأن الحديث عن سحب “الإمارات” لقواتها من “عدن” يأتي في سياق التمهيد لتسليم هذه المناطق إلى قوات “المجلس الانتقالي”، والإيحاء في الوقت نفسه بأن عملية سحب القوات الإماراتية هي حقيقية.
و أشار إلى أن القوات السودانية ليس لها وزن فاعل في عمليات “التحالف”، ما يلغي الأهمية العسكرية لهذه الخطوة.
لكنه أوضح أن الخطوة السودانية تملك بُعدًا معنويًا، يتمثل في تآكل هيبة وقوة قوات “التحالف”، لا سيما بعد الضربات المتتالية التي تعرضت لها الأراضي السعودية على يد “أنصارالله”، وتمثل أخطرها بإستهداف منشآت “أرامكو” النفطية.
تجري في إطار مشروع التسوية..
من جهته؛ يقول الباحث في الشؤون السياسية وأستاذ الفلسفة في الجامعة اليمنية، الدكتور “معن دماج”، أن هذه الخطوة قد تكون ليست جديدة، لأن “الإمارات” أعلنت مرارًا أنها سوف تنسحب من الجنوب، وهذا الإعلان كان يتم للمناورة وللضغط على “السعودية”، لكن يبدو في هذه الحالة الأخيرة أنها كانت تجري ضمن مشروع التسوية بين أطراف “التحالف” لاستعادة الشرعية، لإنه يبدو أن الإشراف على المناطق الجنوبية؛ وعلى “عدن” بالذات، سوف ينتقل من القوات الإماراتية إلى السعودية، وهذا ما كان قد بدأ وتم الاتفاق عليه، وتم الإعلان عليه، قبل الأحداث والصدام الأخير بين القوات الحكومية والمجلس الانتقالي، ولعل ما حدث في الواقع، هو محاولة لفرض واقع بين “السعودية” والشرعية قبل خروج القوات الإماراتية.
مشيرًا إلى أن إعادة التموضع وارد والانتقال إلى الساحل الغربي، وحتى إلى مناطق داخل الجنوب؛ وقد حدث مثل هذا من قبل. وأعتقد أن هناك إعادة رؤية بالنسبة لـ”الإمارات” فيما يخص وجودها في “اليمن”، تعتمد فيها على الأدوات المؤيدة لها وعلى حلفاءها أكثر من وجودها المباشر.
اتفاق “إماراتي-سعودي”..
وفي تقرير خاص بموقع (الخبر اليمني)؛ ذكر الكاتب، “رياض الشرعبي”؛ أن التسريبات تشير إلى اتفاق (إماراتي-سعودي)؛ تتسلم بموجبه الأخيرة ملف إدارة الوضع في جنوب “اليمن”، بالتزامن مع انسحاب القوات الإماراتية وإستبدالها بالقوات السعودية.
موضحًا أن المصادر المطلعة قالت إن هناك اتفاق (إماراتي-سعودي) تتسلم بموجبه الأخيرة؛ ملف إدارة الوضع في جنوب “اليمن” عوضًا عن “أبوظبي”.
وتؤكد المعلومات الأولية من مصادر متطابقة؛ أنه سيتم إشراك “الانتقالي” في إدارة الجنوب مع حكومة “هادي” تحت إشراف مباشر من القوات السعودية.
وتنص الاتفاقية، وفق المعلومات؛ على تشكيل قوات أمنية محايدة تُدار من قِبل “التحالف” في “عدن” إلى حين الاتفاق على إعادة هيكلة قوات “هادي” و”المجلس الانتقالي”، غير أن الأخير سيحتفظ بتشكيلاته العسكرية وسيتم ضمها ماليًا وعسكريًا لقوائم وزارتي “دفاع” و”داخلية” حكومة “هادي”.
في حين يسود حالة من الضبابية في وسط القيادات الجنوبية بين مؤيد ومعارض، وأوضح السياسي الجنوبي، الدكتور “حسين لقور”، المقرب من “المجلس الانتقالي”، أن “اتفاق جدة” يقضي بتولي “السعودية” الإشراف على إدارة الجنوب وليس شرعية “هادي”، بينما قيادات “مجلس الحراك الثوري” الجنوبي ترى هذا الاتفاق إلتفاف لإرادة الشعب الجنوبي وإسقاط آمال استقلال الجنوب، كما طالبت قيادات “الحراك الثوري”، “المملكة السعودية”، للعب دور أكبر في دعم عملية توحيد المكونات الجنوبية.
الإمارات تنسحب من الجنوب إلى “تعز”..
وأضاف أنه بعد أن انسحبت “كتائب أبوالعباس” من مدينة “تعز”، المدعومة من القوات الإماراتية، إلى منطقة “الكدحة”، (القريبة من مدينة التربة)، منذ سنة تقريبًا بعد معارك ضارية مع القوات التابعة لـ”جماعة الإصلاح”؛ شهدت مدينة “التربة” توترًا أمنيًا بعد حشد المقاتلين إلى مديرية “الشمايتين” من قِبل القوات التابعة لـ”الواء 35″ و”كتائب أبوالعباس”، المدعومة من القوات الإماراتية؛ من جهة وقوات “اللواء الرابع”، المسنود بقوات من “حزب الإصلاح” من جهة أخرى.
وتشير مصادر عسكرية إلى أن “الامارات”، بهذا التحرك، عازمة على تقويض الشرعية المدعومة بمسلحين “الإصلاح”، المنضوية ضمن “اللواء الرابع” في الريف الجنوبي لمدينة “تعز”، الذي يشهد توترًا كبيرًا بعد أن أقدمت قوات تابعة لـ”أبي العباس”، المدعومة من “الإمارات”، والمنضوية ضمن قوات “اللواء 35″؛ بقطع الطريق الرابطة بين محافظة “تعز” بمحافظة “عدن” على خلفية مقتل إثنين من مرافقي محافظ “تعز” في مدينة “التربة”.
في الوقت ذاته؛ ذكرت مصادر في حكومة “هادي” أن قوات من الوحدات الإماراتية مدعومة بـ”اللواء الثالث” من قوات “العمالقة”، وصلت إلى قاعدة “العند” بالتزامن مع انسحاب القوات السودانية، التي تعرضت في الآونة الأخيرة إلى خسائر كبيرة جراء الاستهداف الصاروخي لقوات “صنعاء”، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر صحافية إلى انسحاب القوات الإماراتية مع منظومة الدفاع الجوي (باتريوت) من بعض المواقع بقاعدة “العند”، بمحافظة “لحج”، جنوبي “اليمن”، وإعادة تموضعها والانتقال إلى نقاط تمركز جديدة في ريف محافظة “تعز”.
ويرى مراقبون بأن “الإمارات” تسعى، من خلال هذه التحركات، إلى فصل مدينة “التربة” عن محافظة “تعز” وتأمين السلسلة الجبلية التي تطل على “باب المندب” ومدخل المحافظات الجنوبية بعد تصفية عناصر “الإصلاح” منها.