خاص : ترجمة – آية حسين علي :
تُعد منطقة “أهوار العراق” أكبر نظام بيئي من نوعه في الشرق الأوسط وغربي آسيا، ولها أهمية تاريخية كبيرة؛ إذ يُعتقد بأنها المنطقة التي أُشير إليها في “الإنجيل” باسم (جنات عدن)، كما تشير المراجع إلى أنها تُعتبر مهدًا لـ”الحضارة السومرية”، ومنذ تموز/يوليو 2016؛ تعتبر منطقة “أهوار دجلة والفرات” ضمن لائحة التراث العالمي كمحمية طبيعية، بالإضافة إلى المناطق الأثرية القريبة منها، لكنها باتت مهددة بالاختفاء التام بفعل سنوات من الجفاف وعدم الاستقرار السياسي.
تقلصت مساحتها..
كانت منطقة “الأهوار” تغطي ما يزيد عن 15 ألف كيلومتر مربع، لكنها تعرضت لتدمير كبير خلال فترة رئاسة، “صدام حسين”، إذ أطلق مشروعًا لإنشاء سدود ترابية لتحويل تدفقات الأنهار إلى “نهر الفرات” بدلًا من تغذية “الأهوار”، وخلال حقبة التسعينيات، أمر “صدام حسين”، بتجريفها وتجفيفها، ردًا على “الانتفاضة الشبعانية”، التي قام بها “الشيعة” في “العراق”، عام 1991، انتقامًا من السكان، وجرت عملية تدمير 96% من مساحة “الأهوار” المركزية، فاضطرت آلاف الأسر إلى الانتقال إلى المدن المجاورة، بسبب شُحة الموارد الغذائية والماء بها، وقدرت أعداد النازحين بحوالي 2 مليون شخص، ووثق مقتل واختفاء ما يزيد عن 50 ألف شاب من السكان.
وإلى جانب الأمور السياسية؛ إنحصرت مساحة “أهوار العراق” بفعل التغير المناخي وظواهر أخرى، حتى وصلت إلى نحو 2000 كيلومتر فقط، تسبب تجفيف “الأهوار” في أكبر الكوارث البيئية في العالم، إذ أدى إلى إنقراض أنواع عديدة من الطيور والنباتات والحيوانات، بالإضافة إلى حدوث تغيرات في الأحوال المناخية.
ثقافة واحدة..
يعيش بدو “المعدان”؛ الذين ينتمون إلى قبائل مختلفة في “الأهوار”، يمتلكون ثقافة مشتركة ولغة موحدة، وإرتبط اقتصادهم بماءها ومزارعها، ومروا بفترات “التهجير القسري” على يد نظام “صدام”، وعانوا من شُحة الموارد، ولم يتبقى منهم نسبة ضئيلة يعملون في تربية الجاموس والطيور واستخدام ألبانها، بالإضافة إلى نشاط الصيد لتوفير احتياجاتهم الأساسية.
وتنتج السيدات؛ مثل السيدة، “أم حسن”، القيمر العراقي، من لبن الجاموس وتبيعه، وتعتمد عليه كمصدر لكسب الرزق.
وعادة يقوم الرعاة بتوزيع اللبن الحليب باستخدام قوارب صغيرة تسمى، “المشحوف”، لكن قلة المراعي أمام الجاموس تسببت في شُحة إنتاجها من اللبن، لذا يقبع عدد من هذه القوارب في “الأهوار” الجافة.
تراجعت كميات الأسماك وأحجامها..
تُعد “أهوار العراق”؛ أكبر نظام بيئي للمسطحات المائية في الشرق الأوسط، وقبل تدميرها كانت تنعم بأنواع لا حصر لها من الأسماك، لكن الآن بات نشاط الصيد في خطر، إذ يلاحظ تراجعًا كبيرًا في حجم وكمية الأسماك؛ نظرًا لانخفاض منسوب المياه، وقديمًا كان البدو يعتمدون على أدوات بسيطة لصيد الأسماك، لكنهم استبدلوها بآخرى تعمل بالكهرباء يستخدمونها بطريقة غير مشروعة، بينما اختفت عدة سلالات من السمك من هذه المناطق.
نقص الغذاء..
أصبح صعبًا للغاية على حيوان “الجاموس” الحصول على كميات كافية من الغذاء والماء في “أهوار دجلة والفرات”، التي أصبحت مناطق جافة أو شبه جافة، خاصة في المنطقة الواقعة بالقرب من مدينة “الشبايش” بمحافظة “ذي قار”، وخلال فصل الصيف تسجل درجات حرارة مرتفعة للغاية؛ تصل في بعض الأحيان إلى 50 درجة مئوية، وتشهد هذه المنطقة تغيرًا مناخيًا على حساب الطبيعة، إذ تعمقت حالة الجفاف وتسببت في زيادة موجة “التصحر” كما تقلصت خصوبة التربة.
وفي السابق اعتادت عائلات البدو الخروج بالجاموس في الصباح الباكر إلى المراعي ثم العودة ليلًا، لكن مع تراجع المساحات الخضراء المتوفرة بات الرعاة يعودون في وقت الظهيرة؛ بينما تعاني الحيوانات من الجوع.