خاص : ترجمة – محمد بناية :
(نيوزويك)؛ في تقريرها عن الحوار الأخير للرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، مع نظيره التركي، “رجب طيب إردوغان”، والذي انتهى إلى تراجع القوات الأميركية عن الحدود (السورية-التركية)، وكتبت على لسان مسؤول أميركي: “ترامب مرعوب من تهديدات إردوغان، وتقبل ببساطة مطالبه بشأن سوريا”.
كذلك أصدر “البيت الأبيض”، بعد محادثة “ترامب” مع “إردوغان”، بيانًا جاء فيه: “بالنظر إلى قرار تركيا بشأن العملية العسكرية في مناطق سيطرة الأكراد شمال سوريا، فسوف تنسحب القوات الأميركية من هذه المناطق”.
وبعد ساعات أعلن مسؤول أميركي، في تصريحات متلفزة: “لا تعتزم أميركا المحافظة على الأكراد إزاء الهجوم التركي المحتمل”. ونقلت (نيوزويك) عن مصدر داخل مجلس الأمن القومي الأميركي: “الرئيس الأميركي مقصر بلا شك في المباحثات، وأكد التراجع والانسحاب بالأساس حتى يستعرض أننا ممسكون بكل شيء، لكن لن نحصل على شيء”.
وللحديث عن هذا الموضوع؛ أجرى “مرتضى رفيعي”، مراسل صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية؛ الحوار التالي مع “سيد هادي برهان”، أستاذ كلية الدراسات العالمية – جامعة “طهران”.
“ترامب” وأسلوب التاجر !
“آرمان ملي” : مع الأخذ في الاعتبار للضوء الأميركي الأخضر للحكومة التركية بشأن العمليات في “سوريا”، لماذا أعلن “البيت الأبيض” عن الانسحاب من الحدود الشمالية السورية ؟
“سيد هادي برهان” : “ترامب” يتبنى نظرة التاجر للتطورات في الشرق الأوسط، ومن هذا المنطلق فإن التدخلات الأميركية لم تحقق مصالح هذا البلد، فالتكاليف الباهظة التي أنفقتها “الولايات المتحدة” في الشرق الأوسط، لاسيما “العراق” و”أفغانستان” و”سوريا”، لم تسفر عن أي إنجازات عملية.
وعليه يبدو أن “ترامب” وصل إلى قناعة بأن الوجود الأميركي لم يحقق أي مكاسب رغم التكاليف. من ثم يريد إنقاذ “الولايات المتحدة” من هذه التكاليف الباهظة والخسائر البشرية عديمة الفائدة. وعليه يمكننا القول إن هذه الحسابات الأميركية صحيحة. فالانسحاب الأميركي من المنطقة سوف يعود بالنفع على هذا البلد، ناهيك عن دول المنطقة.
مؤامرة صهيونية للوقيعة بين العرافيين والإيرانيين..
“آرمان ملي” : طوت بعض المدن العراقية مرحلة من الأجواء العاصفة نسبيًا، من هذه بالتحديد الدول المستفيدة من توتير الأجواء العراقية على مشارف “مراسم الأربعين” ؟
“سيد هادي برهان” : الجذور الرئيسة للمشكلات العراقية، وما يستدعي الإحتشاد كل فترة ثم التهدئة، هو قضية المداخلات الأميركية في “العراق”. لأن “الولايات المتحدة” احتلت “العراق” بالقوة، وقامت بتدمير الهيكل السياسي العراقي، ومن ثم فرضت هيكل سياسي جديد على هذا البلد لا يتناغم والوقائع العراقية. وأسست بالحقيقة حكومة عراقية على أسس واهية.
وعليه؛ يلف الغموض دور الفصائل والعرقيات المختلفة من مثل الشيعة والسُنة والأكراد. كذلك لا يجمع هذه الفصائل إرتباط قوي في إطار الدستور الجديد. من ثم تتوفر بـ”العراق” أسس الاضطرابات والمواجهات، وتحول هذا البلد إلى دولة فاشلة.
ومن غير الواضح إلى متى يستمر هذا المسار؛ إذ لا يمكن التنبؤ بهذه المسألة. لكن من الطبيعي حين تندلع مثل هذه الاحتجاجات أن يبحث البعض عن مصالح فئوية، ويأتي “الكيان الصهيوني” في مقدمة هؤلاء المنتفعين. إذ يسعى الصهاينة إلى خلق الاضطرابات في “العراق” وإثارة الفرقة بين الإيرانيين والعراقيين على شاكلة إدعاءات، “إدي كوهن”، المحلل الصهيوني، في حوار متلفز وفيها: “القوات التي تشتبك مع المتظاهرين في العراق لا تتبع الشرطة العراقية، وإنما هي قوات إيرانية أو متحالفة مع إيران”.
لذا يمكن القول بشكل صريح: إننا نشهد مؤامرة على الساحة العراقية، لإنهم يتطلعون للتفرقة بين الشعبين، الإيراني والعراقي.
جدير بالذكر أن الصهاينة روجوا كذبًا، خلال الأحداث التي شهدتها شوارع “طهران”، على مدى السنوات الماضية، للفكرة ذاتها وهي أن قوات الشرطة في “إيران” ليست إيرانية الجنسية، ولكن عربية !.. بعبارة أدق يستثمر “الكيان الصهيوني” في مسألة الوقيعة بين الشعبين الإيراني والعراقي.
هناك عقلاء بالسعودية..
“آرمان ملي” : بناءً على تقرير (نيويورك تايمز)؛ فقد طلب ولى العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، إلى “باكستان” و”العراق” الوساطة بين “طهران” و”السعودية”.. هل تريد “السعودية” الحد من التوتر مع “إيران” ؟
“سيد هادي برهان” : يمكن القول: “محمد بن سلمان”، أمير يفتقر إلى الخبرة، ولو أنه عمل على إصلاح أخطاءه لكان من الأفضل أن يسلك مسار السابقين السعوديين أمثال الملك “عبدالله”.
وبالنسبة للوساطة؛ يبدو أن هذه قضية جادة. لأنه هناك عقلاء بـ”السعودية” وقد توصلوا إلى نتيجة مفادها أن سياسات “الرياض” بشأن رفع مستويات التوتر مع “طهران” لم تفشل فقط؛ وإنما وضعت المصالح والأمن السعودي في خطر.