خاص : ترجمة – آية حسين علي :
لا يشهد قطاع النفط العالمي أفضل حالاته ويواجه تحديات عدة؛ أبرزها الرغبة في التخلص من استخدام “الكربون” وتراجع الطلب، وفي ظل مشهد معقد أعلنت شركة “أرامكو” السعودية النفطية طرح حصة منها للإكتتاب في البورصة، بعد نحو شهرين على التفجيرات التي استهدفت منشآت تابعة للعملاق السعودي.
وأعلنت الشركة، صاحبة القيمة السوقية الأعلى في العالم؛ أنها سوف تطرح حصة صغيرة للغاية منها في البورصة المحلية، تبلغ نسبتها 1.5% فقط من الشركة، مع فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب أيضًا، وبدأت إجراءات الإكتتاب بالفعل، منذ 17 تشرين ثان/نوفمبر الجاري، ويتسائل كثير من المستثمرين عن مدى الفائدة التي تعود عليهم من الاسثتمار في أسهم “أرامكو”، أو ما إذا كان هذا الخيار صحيحًا ومربحًا ومناسبًا للظروف التي يشهدها العالم.
والواقع أن القطاع النفطي يشهد تراجعًا كبيرًا على مستوى عالمي، ومنذ بداية العام؛ يقبع القطاع النفطي، في “أوروبا”، في المرتبة الثالثة من حيث القطاعات التي تشهد نموًا أقل؛ إذ انحصرت درجة نموه عند 6% في السنة، يأتي في المرتبة الثانية قطاع الاتصالات بنمو قدره 3.45%، والقطاع المصرفي 3.19%.
مشهد معقد: التوسع في الطاقة المتجددة وأسعار النفط..
يأتي القرار السعودي، الذي استغرق فترة طويلة للتشاور والمفاوضات، تحديدًا منذ إعلان “خطة 2030″، قبيل دخول قرار إلزام السفن باستخدام وقود خفيف ويحتوي على نسب أقل من “الكبريتيد” الضار من أجل تقليص ملوثات البيئة، حيز التنفيذ، كما تسعى الصناعات المعتمدة على الطاقة إلى تقليص الإعتماد على “الكربون”؛ وفي المقابل تنويع مصادر الطاقة بالإعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة، وإذا لم تكن كل هذه الجهود كافية، فإن السنوات الماضية شهدت ارتفاعًا كبيرًا في تقبل الاستثمارات التي تطبق معايير صديقة للبيئة، لتتحول إلى توجه كبير لعجلات الاستثمار، كما بدأ “صندوق الثروة السيادي” لـ”النرويغ”، منذ حزيران/يونيو الماضي، تقليل استثماراته في شركات الغاز والنفط بشكل تدريجي مقابل الاهتمام بالطاقات المتجددة.
لكن هذا التحول الذي تشهده الصناعة العالمية؛ ليس هو المحدد الوحيد للفترة الحالية، وإنما يرجع إقبال الشركات على الاستثمار في النفط إلى أسعاره أيضًا، ويتوقع أن تشهد الأسعار انخفاضًا خلال النصف الأول من عام 2020، نتيجة زيادة العروض التي تقدمها الدول المنتجة للبترول وغير العضوة في منظمة (أوبك)، في إطار تراجع الطلب العالمي، ويتوقع أن يصل سعر “خام برنت”، بحلول منتصف العام المقبل، إلى 55 دولارًا للبرميل، بينما قدرت مؤسسات أكثر تفائلًا السعر بنحو 60 دولارًا.
وتكمن المعضلة في أن هذه التوقعات تتأثر بالتغيرات التي تطرأ على العرض والطلب إلى جانب التوترات الجيوسياسية، وهو الأمر الذي بدا واضحًا، في آب/سبتمبر الماضي، عندما وقعت تفجيرات “أرامكو” وشهدت أسعار النفط أعلى ارتفاع لها في يوم واحد، منذ حرب الخليج عام 1990.
توقعات سلبية للاستهلاك..
يشهد سوق النفط، على مستوى عالمي، أجواء من تباطؤ النمو في الاستهلاك، وقدرت “الوكالة الدولية للطاقة” توقعاتها للاستهلاك العالمي على النفط، خلال العامين 2019 و2020، بما بين 65 ألف و105 ألف برميل يوميًا، وأشارت الوكالة إلى أن معدلات تزايد الطلب، في 2019، هي الأقل منذ 2016، وأرجعت ذلك إلى التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده الدول الكبرى والمستهلكة؛ بما فيها الدول الأوروبية و”الهند” و”اليابان” و”كوريا الجنوبية” و”الولايات المتحدة”.
ويتوقع ألا يزيد الاستهلاك العالمي اليومي من النفط، خلال العام المقبل، عن 101.5 مليون برميل، وقد يعتبر هذا المشهد حجة قوية أمام (أوبك) لعمل تعديل جديد يهدف إلى استقرار أسعار النفط وتجنب تكرار ما حدث أوائل عام 2016 من تراجع مفاجيء للأسعار.
التكسير الأميركي..
تدرك الدول المصدرة والمستهلكة للنفط مدى تأثير ثورة التكسير “الهيدروليكي”، التي تشهدها “الولايات المتحدة”، وهي التقنية التي أعادت تشكيل ساحة الطاقة الدولية، وفي ظل هذا المشهد المعقد، والخيوط المترابطة، لا ينصح الخبراء رجال الأعمال الصغار أو التجار الذين يمتلكون حصة كبيرة من المال بالاستثمار في النفط، ويوصي جزء منهم بالاستثمار في الشركات التي تعتمد على الطاقة المتجددة نظرًا لما يشهده هذه التوجه.