“آرمان ملي” الإيرانية تكشف خبايا .. حرب القوى النووية

“آرمان ملي” الإيرانية تكشف خبايا .. حرب القوى النووية

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

بلغ التوتر بين “الولايات المتحدة” و”روسيا” مرحلة غير مسبّوقة من التعارض وانعدام الثقة؛ لا سيّما بعد إعلان الرئيس الروسي السابق؛ “يمتيري مدفيدف”، عن احتمال اللجوء إلى السلاح النووي حال استمرار الضغوط الغربية. بحسّب ما بدأ به “علي بيگدلي”؛ تحليله المنشور بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.

وقد ردّت “أميركا” بشدة على هذا التصريح وزيادة الاستعداد النووي في “روسيا”. وعقب ذلك، أصدر “دونالد ترمب”؛ قرار لاثنين من الغواصات النووية الأميركية برفع حالة التأهب والاستعداد، والتحرك صوب المياه الدولية.

التأهب لـ”حرب عالمية ثالثة”..

وهذه الخطوة لم تكن فقط رد مباشر على تهديدات (الكرملين)، وإنما رسالة واضحة للمجتمع الدولي بشأن استعادة المنافسات النووية مكانها في صدراة الأولويات الأمنية العالمية. وإذا كان لا بُدّ من ذريعة لاندلاع حرب عالمية ثالثة، فالواضح أن تعارض الطرفين (ترمب-بوتين) يُهيّء الأجواء في هذه المرحلة أكثر من أي وقتٍ مضى.

فكلاهما يضع عمليًا الأجواء الدولية في حالة من التعليق والاضطراب، نظرًا لنزعتهما السلطوية والميل لاتخاذ القرارات غير المتوقعة.

اختلاف الأجواء عن مناخات “الحرب الباردة”..

من جهة أخرى؛ إذا كانت “الولايات المتحدة” لا تزال تتفوق على “روسيا” من حيث القوة العسكرية، والمخابراتية، والتسليحية، إلا أن هاتين القوتين قد وصلتا مرارًا في التاريخ المعاصر إلى حافة المواجهة العسكرية المباشرة دون أن تندلع حرب فعلية.

وفي فترة “الحرب الباردة”، ورغم المنافسة الإيديولوجية والعسكرية الشرسة، ساد نوعٍ من الفهم المتبادل بين “واشنطن” و”موسكو” لمعاني: “الردع المتبادل”.

لكن حاليًا تواجه هذه القواعد التقليدية تحديًا نتيجة دخول لاعبين مثل: “ترمب” و”بوتين”، حيث أثبت كلاهما غير مرة عدم الالتزام بالأسس الدبلوماسية التقليدية، وقواعد القانون الدولي والمؤسسات العالمية. لذلك لا يمكن انتفاء سيناريوهات احتدام التوتر أو حتى المواجهة العسكرية.

أهمية ميدان الصراع في “أوكرانيا”..

مع هذا؛ وفي ظل التطورات الراهنة، يمكن تفسيّر تحركات الطرفين في قالب المناوارت السياسية والعسكرية، كخطوات تهدف إلى استعراض القوة وتوجيه الرسائل للطرف المقابل، دون أن تُفضّي بالضرورة إلى المواجهة المباشرة.

مع هذا؛ تزداد الأوضاع في “أوكرانيا” تعقيدًا، ذلك أن المواجهات في هذا البلد لا مثل حربًا عادية بالنسبة للدولة السورية، خلافًا لتصورات بعض المراقبين الغربيين، وإنما تُعتبر حربًا استراتيجية. فلم يدخل الروس هذه الحرب في البداية بنية الخروج من الميدان دون إنجازات.

وتُعدّ المدن ذات الأغلبية الروسية في شرق “أوكرانيا”، والتي استولت عليها القوات الروسية خلال هذه المواجهات، مناطق ذات هوية قومية وتاريخية روسية من وجهة نظر (الكرملين)، ولذلك لا تنتوي “موسكو” التنازل عنها مطلقًا.

لن تتخلى “روسيا” عن شبرٍ واحد من الأرض التي استولت عليها؛ تمامًا كما ضمت “شبه جزيرة القِرم” إلى أراضيها خلال فترة؛ “باراك أوباما”، الرئاسية، ولم تتراجع عن موقفها رغم الاعتراضات الدولية الشديدة.

استراتيجية “تثبيت السيطرة” الروسية..

والآن تستمر هذه السياسة التي تهدف إلى تثبّيت السيّطرة الإقليمية؛ بقيادة “بوتين”، كجزء من استراتيجية “موسكو” الكبرى بهدف إحياء النفوذ الجيوسياسي لـ”الاتحاد السوفياتي” السابق. في المقابل يتمثل القلق الغربي في إمكانية تحول استعراض القوة الهجومية الروسية إلى نموذج خطير على حدود “أوروبا”.

والتخاذل أمام “موسكو”؛ من منظورهم، قد يُفسّر على أنه رسالة ضعف، مما يتُيح لـ”موسكو” مزيدًا من الحرية لاتخاذ خطوات مستقبلية.

مع هذا لا يزال السلاح الأساس في يد الغرب لمواجهة “روسيا” هو السلاح الاقتصادي، وخاصة العقوبات. وقد أعلنت “الولايات المتحدة” نيتها فرض عقوبات جديدة على “روسيا”، لكن كثيرًا من المحللين يرون أن هذه الإجراءات لن تكون فعالة بشكلٍ كبير، لأن “موسكو” نجحت، رغم الضغوط الغربية، في العثور على مشتَّرين دائمين لـ”النفط والغاز الروسي”.

ولا تزال دولتان آسيويتان كبيرتان، هما: “الهند والصين”، تواصلان شراء الطاقة من “روسيا”، بل إنهما طورا في بعض الحالات علاقاتهما الاقتصادية مع “موسكو”.

ضرورة العودة إلى “الحوار”..

في ظل هذه الظروف؛ يبدو أن على “أميركا” و”روسيا” الدخول في حوار مباشر وجاد في أسرع وقتٍ ممكن.

ذلك أن تصاعد التوتر بين هاتين القوتين النوويتين لا يصبّ في مصلحة أي منهما، بل يُشّكل تهديدًا خطيرًا للأمن العالمي.

وفي عالم معقّد تتداخل فيه التعقيدات الجيوسياسية، والتنافسات الإقليمية، والتهديدات البيئية الشاملة مثل تغيّر المناخ، لا تُمثّل العودة إلى نهج التهديد النووي مجرد نكسة استراتيجية، بل خطر يُهدّد الحياة البشرية على مستوى العالم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة