بدا كوتشر مقنع تماما بتقمصه اللافت لشخصية ستيف جوبس وخاصة بملامح وجهه وطريقة مشيه وحركاته واسلوب كلامه، كما بدا ذلك باشعاع الذكاء المتوقد بعينيه وبنفاذ صبره مع المتطفلين والمزعجين، كما بكاريزما الشخصية !
تطرق الفيلم لملابسات تأسيس مشروع آبل مع صديقه الحميم ستيف ووزينيك في كراج والده (الغير بيولوجي) بلوس ألتوس، كما استعرض بعض الشخصيات الحقيقية مثل المهندس الكهربائي رود هولت والمستثمر مايك ماركولا، واستعرض بالتفصيل
مناقشة اولى صفقات آبل في منزل جوبس الأصلي فيما تجهز والدته طبق الفواكه المفضل لديه، حيث كان احيانا يكتفي بحمية تقتصر على التفاح طوال اسبوع! ألقى الفيلم الأضواء على شخصية ووزينيك الابداعية لكونه ساهم بهندسة النسخة الأولية لكمبيوتر آبل الشهير1 كما تعرض لوقائع القاء جوبز لكلماته الشهيرة، ولقسوته الغريبة بطرده لصديقته عندما علم بحملها! لاحظنا كيف تمكن جوبتس بفضل تضافر جهوده مع شلة من الأصدقاء المتخصصين وباستخدام كراج والده (النجار) لتأسيس خط انتاج لشركته النامية، حيث نجح بعد عدة محاولات من تجميع رأسمال كاف وبمساعدة المستثمر مايك ماركولا لاطلاق آبل 2 الذي قدم بمعرض كمبيوتر الساحل الغربي في العام 1977.
كما تناول الشريط اسلوب جوبتس العنيف بالتعامل مع زملاءه ومرؤسيه، حيث لاحظنا اسلوب طرده الفظ لأحد المهندسين الغير متحمسين: “لقد طردتك …لماذا ما زلت هنا”! وينتهي الفيلم بالعام 1997 باستعراضه
لتجربة جوبتس الابداعية اثناء تسجيله لحوار دعائي بعنوان “فكر بطريقة مختلفة”.
متاهة سردية وثائقية :
يبدأ الفيلم بالعام 2001 أثناء تقديم ستيف جوبس (أشتون كوتشر) لجهاز الآي بود الشهير باجتماع كبير لموظفي أبل والمهتمين والاعلام، ثم يعود بنا للعام 1974 وترك جوبتس لدراسته الجامعية لعدم قدرته على تسديد الأقساط، ولظروف تعاونه مع صديقه الحميم ووزينياك لتطوير كمبيوتر آبل 2 الذي قدم بالعام 1977، كما نلاحظ طريقة دعمه لجون سكولي ليصبح رئيسا تنفيذيا لشركته الجديدة، بدلا من مدير ماكنتوش
جيف راسكين، الأمرالذي اجبر ماكنتوش للخروج من المشروع ومن ثم الانتقام بطرد جوبس نفسه بالعام 1985. ثم يقفز الفيلم للعام 1996 حيث تزوج جوبس من لورين باول وتقبل ابنته ليزا كابنة شرعية مع ابنه الجديد ريد، كما نلاحظ أنه اصبح مديرا لشركة نيكست التي قررت آبل ان تشتريها، ونلاحظ غدره لمدير آبل (جيل أميليو) الذي وظفه كمستشار لآبل، وبعد ان تمكن قام بطرده سوية بقسوة وتآمر مع ماركيولا الذي أجبره سابقا على مغادرة آبل قبل احدى عشر عاما (كانتقام)، ثم عاد لهيكلة شركة آبل واعادة اطلاق منتجاتها التقنية الشهيرة …ينتهي الفيلم بصور وثائقية حقيقية لكل الشخصيات الرئيسية وضمنها جوبس ومقابلها من الممثلين …حقق هذا الفيلم ثناء نقديا متواضعا نسبيا، وبدلا من تحقيق فيلم لافت يتعرض لمكامن الابداع وعبقرية جوبتس الابتكارية أدخلنا بمتاهة سردية وثائقية معروفة، وبدا وكأنه يستعرض تاريخ شركة آبل والمحاولات الاولى لصناعة الكمبيوتر، واظهر جوبس كرجل اعمال طموح مثابر أكثر من كونه مبدع ومبتكر، مستعرضا قدراته القيادية والادارية على تجميع فريق متميز قادر على تحقيق مشروعه الريادي!
عبقري كاريزمي ام متوحد انتهازي؟!
“لا يهمني أن أكون أغنى رجل قدر ما يهمني أن أعود للفراش في المساء وأنا أشعر أنني قمت بشيء رائع”!
بالرغم من التقمص البارع الاستثنائي لشخصية جوبس من قبل الممثل أشتون كوتشر الا أن عرضه للشخصية قد بقي ضمن اطار التمثيل والتقمص الحرفي الدقيق وذلك عكس انتوني هوبكنز أثناء تقمصه لشخصية هيتشكوك حيث أعاد “خلق الشخصية” مع كم كبير من الشغف والعاطفة، كما يؤخذ على الفيلم باعتقادي عجزه عن تقديم ملامح العبقرية والابداع بشخصية جوبس واكتفاءه بسرد تقليدي شبه وثائقي “بيوغرافي” لشخصية وحياة جوبس العملية والشخصية، كما انه اظهر جوبس وكأنه شخصية متوحدة منفرة في بعض اللقطات: من حيث عدم اهتمامه بالنظافة الشخصية وبلامبالاته بالآخرين وبشخصيته الهيبية، وبقسوته الغير مبررة حتى انه يطرد مهندسا متميزا لأنه لا يتقن العمل مع الفريق، بالرغم من كونه هو نفسه لاعب متوحد ومستبد أناني، كما أظهر نواحي انتهازية بشخصيته عكس الصورة الاعلامية المعروفة عالميا! ويقودني ذلك تلقائيا للمقارنة الموضوعية مع طريقة تناولنا كعرب لشخصياتنا القيادية المؤثرة على كافة
المستويات والتي تحفل غالبا بالمبالغات والتبجيل والتي تصل أحيانا لمستوى التقديس وتزييف الوقائع، كما يسجل لهذا الشريط طرحه الموضوعي وتناوله الدقيق لكافة الشخصيات “التقنية-المبدعة” التي ساهمت مع جوبس بتطوير منتجات آبل الألكترونية الريادية بعيدا عن “الأنانية المتورمة” وعقد العظمة !
مهند النابلسي [email protected]
ملاحظة هامة: نشرت هذه المقالة اولا بموقع “ظلال وأشباح” الخاص بالناقد السينمائي العالمي “محمد رضا”، وغير مسموح نشرها بموقع جديد دون موافقة ، وذلك حسب قوانين الملكية الفكرية الاوروبية.
من الطبيعي أن تخطئ حين تحاول الابتكار. يجب عليك حينها أن تعترف بخطئك بسرعة وتسعى لتصحيحه فيما تقدمه من ابتكارات أخرى
“لقد كنت أملك أكثر من 1,000,000 دولار عندما كان عمري 23 عاماً، و10,000,000 عندما كان عمري 24 عاماً، و100,000,000 عندما كان عمري 25 عاماً. لكن لم يكن لذلك أي أهمية لأنني لم أكن أفعلها من أجل المال”
الإبداع هو ما يفرق بين القائد والتابع””
لنبدأ بمعلومة قد تكون مفاجئة للكثيرين وهي أن جوبز الذي يعد أحد أنجح رجال الأعمال في العالم لم يدخل الجامعة دخل جوبز لفصل دراسي واحد لكنه رسب فيه فترك الجامعة قائلاً: “بعد ستة شهور لم أجد لها قيمة. لم يكن لدي تصور عن الهدف الذي أريد تحقيقه في حياتي، ولا عن فائدة الجامعة في تحقيق هذا الهدف، كما أنني أنفق كل ما ادخره والداي طوال حياتهما، ولذلك قررت التوقف. لقد كان الأمر مخيفاً وقتها، لكنني أرى الآن أنه أفضل القرارات التي اتخذتها في حياتي”!
بدأت الإثارة الحقيقية بعدها في عام 2007 حين أعادت آبل اختراع الهاتف الجوال باختراعها جهاز: iPhone
جهاز بسيط أنيق ومتطور كانت هذه هي المعادلة السحرية التي يطبقها جوبز في كل منتجاته والتي ظهرت جليةً في جهاز iPhone. ثم ظهر بعدها جهاز: iPad في 2010
ليفتح عالماً جديداً هو عالم أجهزة الكومبيوتر اللوحية التي عانت فيه شركات كثيرة لسنوات دون الوصول لأي نتيجة مقنعة!