9 أبريل، 2024 10:28 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. جبار كواز: الشعر هوائي الذي أتنفسه ويجعلني اكتشف الجمال والدهشة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورته- سماح عادل

 

“جبار الكواز” شاعر عراقي، هو “جبار عبد الحسين رضا الكواز”، وهو عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وأمين العلاقات الداخلية فيه. من مواليد 1948 في بابل، مركز الحله محله المهدية. درس في مدارس الحله. لديه الكثير من الدواوين الشعرية والمؤلفات الأخرى في مجال الأدب.

صدر له:

  • سيدة الفجر، عمل شعري، بغداد 1978.
  • رجال من طراز خاص، عمل شعري، بغداد 1982.
  • غزل عراقي، عمل شعري، بابل 1983.
  • ذاكرة الخندق ذاكرة الورد، عمل شعري، بغداد 1986.
  • حمامة الروح، عمل شعري، بغداد 1988.
  • دفاعا عن الظل، عمل شعري، بغداد 1995.
  • ورقة الحلة، عمل شعري، ترجم للانجليزية والايطالية.
  • عيد الرضا عوض، باحثا ومؤرخا، بابل 2011.
  • عالم سبيط النيلي، شعره مع مقدمة نقدية، بابل 2015.
  • أقول أنا وأعني أنت، شعر، بابل 2015.
  • من الضاحك في المرآة؟، شعر 2016 .
  • ما أضيق الغابة ما أوسع الظلال، شعر، بغداد 2017.
  • صعودا إلى ثريا الأنهار، شعر، بابل 2017.
  • أراك حيث لن تكوني هناك، شعر، بابل 2017.
  • أحزان صائغ الطين، بغداد، ٢٠١٨.

إلى الحوار:

* جداك الشيخان (صالح الكواز وحمادي الكواز) كانا من أشهر شعراء العراق، ومن المساهمين في بواكير النهضة العراقية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.. هل أثر ذلك عليك في كتابتك للشعر؟

–  ولدت في أسرة تعيش الأدب تراثا وتزهو به وعلامة فارقة في مدينة بابل الأثرية (الحلة) والعراق، فقد عشت الأدب منذ طفولتي وأنا أرافق جدي الشاعر الشعبي، وأبي وإخوتي الكبار إلى المجالس الأدبية الاجتماعية والمحافل الأدبية والدينية التي تقام في المناسبات الدينية. وكنت استمع وأنا طفل صغير إلى عيون الشعر العربي والعراقي بخاصة، وهو يتلى من قبل الخطباء والمنشدين، مما أولد لدي ميلا كبيرا للدخول إلى هذا العالم المتخم بالإدهاش والأسرار والفخار. ومما لا شك فيه أن انتمائي لأرومة شعرية كبيرة في تاريخ الأدب العراقي كان له الأثر الكبير في غرس البدايات الجيدة، التي مكنتني من العيش وسط عالم من نصوص وشعراء ومناسبات تتآزر حينا، وتتصارع أحيانا صراعا قائما على التمييز والتنافس الشخصي لتأطير وإدامة الفخار الأدبي بين الشعراء وأسرهم.

* ماذا يعني الشعر بالنسبة لك وهل تشعر أن حققت فيه الكثير؟

– الشعر قرين حياتي وبه ولأجله ضحيت بالكثير، حين آمنت وأنا شاب أنه قدري في هذه الحياة فأنا أعيش الشعر في كل تصرفاتي اليومية، سواء كنت يقظا أو نائما، أسير وأنا افتح عيني على عالم يحيطني وأحاول أن أسائله واكتشفه، وأسعى لبنائه كواقع ثان مواز للواقع الأول. وظل الشعر قرينا بشخصيتي منذ صباي تلميذا في المدرسة، وطالبا جامعيا، وأستاذا للغة العربية وآدابها، ومشرفا اختصاصيا للمدارس الثانوية لمدرسي اللغة العربية، وناشطا مهنيا في اتحاد الأدباء منذ سبعينيات القرن المنصرم إلى راهننا الذي أعيشه، فأنا الآن عضو منتخب في المكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق. الشعر حياتي وهوائي الذي أتنفسه، وقدري المتعب اللذيذ الذي أعيشه بوعي وإقدام على اكتشاف الجمال والدهشة.

* كتبت الشعر العمودي ثم قصيدة التفعيلة ثم قصيدة النثر.. احكي لنا عن مراحل التطور هذه؟

– بدأت في صباي شاعرا مقلدا للنصوص التي أسمعها في المجالس والمحافل، أو ما أعجبني من نصوص في مكتبتي أسرتي الصغيرة أو النصوص المدرسية، ثم وأنا طالب في الثانوية بدأت بنظم الشعر ونشرت بعضه وشاركت في مسابقات مدرسية فزت فيها بتفوق. ودخلت الجامعة لألتقي بمجموعة من الشباب الذين حببوا لي شعر التفعيلة فكتبته لسنوات طويلة وما زلت، وحين آمنت أن ما أكتبه غير قادر على استيعاب ما أحس به من رؤى وأفكار وتأثيرا بنتاجات شعراء عراقيين وعرب، بدأت بكتابة قصيدة النثر مبكرا، وما زلت أعيش حياة الشعر يوميا زاهيا بأشكاله ورؤاه وعوالمه.

كانت مجموعتي الشعرية الأولى (سيدة الفجر) ١٩٧٨ كلها من شعر التفعيلة وطبعت على نفقة وزارة الثقافة العراقية، وأول قصيدة نشرتها كانت عام ١٩٧٠(مرثية للرياح)على ثقافية مجلة (ألف باء) البغدادية وكانت وما زالت مصدر فخار واعتزاز لي للآن.

* في رأيك هل استقرت قصيدة النثر في وجدان الشعراء والمتلقين أم مازالت موضع جدل ومناقشة؟

– رغم مضي سنوات طويلة على بروز قصيدة النثر العربية، إلا أنها ما زالت مصدرا ثرّا للصراع الإجناسي بين النقاد والباحثين والشعراء، فهي قصيدة متحركة متجددة لا تحدها قيود ولا يستوعبها حدّ أو تعريف، ولهذا اتجه إلى كتابتها صغار الموهبة والمعرفة ظنّا منهم أنها سهلة التنفيذ ولكنهم بهذا أساءوا إليها وشوهوا منابعها العميقة جماليا وفكريا. هي الآن متسيدة للمشهد الشعري العربي واستطاعت أن تكوّن مستقرا معنويا لها لدى كتابها وجماهيرها، وتصنع متلقين يتذوقونها بجمال ومحبة.

إلا أن تيار الضد لها من قبل كثير من المبتدئين ما زال يضرب في جوهرها، مشوّها دوافعها أمام المتحين لفرصة النيل منها، إلا أن واقع الحال يقول ورغم كل شيء أن مستقبل القصيدة العربية مرتبط بقصيدة النثر، وكفاها شرفا تحوزه في واقع شعري إشكالي يعبد القديم ويلهث أمام الظاهرة الصوتية وصنمية للقصيدة التقليدية.

* ترجمت قصائدك إلى لغات عدة، ماذا تعني لك الترجمة، وهل تعتبرها تقديرا لنصوصك؟

– الترجمة جسر ذهبي ينقل تجارب الشعراء والمفكرين لصناعة تلاقح إبداعي وثقافي وفكري بين الأمم، والترجمة وسعت من متابعي نصوصي في الأمم الأخرى، وهي كفيلة بتأطير الصورة الحقيقة  للإبداع العربي في راهنه اليوم وغدا.

* نلت عدة جوائز وتكريمات، في رأيك هل الجوائز ضرورية لشعور المبدع أنه يحقق نجاحا في كتابته؟

– الجوائز ليست بالضرورة الكبرى للأديب ولكنها إقرار بنجاحه والاعتراف به مبدعا مميزا، وهذا لا يعني أن حاصدي الجوائز هم القمم في المشهد الأدبي فالجوائز لها أجواؤها الخاصة ودوافعها الاجتماعية والسياسية والثقافية في كثير من الأحيان.

*كيف هي صورة المرأة في شعرك، وكيف كان الغزل؟

– تشكل المرأة في نصوصي مصدرا عظيما للغناء للحياة فهي مصدر الغنى والجمال والعلاء والنماء في مفاصلها وصراعاتها وشواغلها، أما وأختا وزوجة وحبيبة وزميلة وصديقة. والنظر إليها كائنا مكملا لحياة الذكر ومؤسسا حيويا لبناء الحياة، عبر الولادة والحب والإخاء والمودة، ولم أنظر لها وفي يوم ما الأيام أنها وسيلة للمتعة، وقضاء الوقت في أجواء زائفة زائلة.

الأنثى هي الحياة وهي الغناء الخالد المصاحب لشواغلها ولمعانيها، كلها ومن هنا كان الغزل بها عندي.

* في رأيك هل فقد الشعر جماهيريته أمام الرواية وباقي أنواع السرد الأخرى؟

– باكتشاف رؤى الشعرية دخل الشعر في كل فنون القول والكتابة ودخل الموسيقى والفنون التشكيلية والمسرح والأزياء والأبنية، لقد حققت الشعرية تنافذا جماليا ارتقى بالسرد الروائي وبقية فنون الأخرى إلى مديات واسعة من الإبداع. نعم العصر الذي نعيشه يشهد تسيّد الرواية ولكنني اسأل هنا ماذا لو استخلصنا الشعرية من كل الفنون ماذا يتبقى لها من حق الحياة والانتشار.

*كيف استطعت أن تكون لك لغتك الخاصة وشعرك المميز الذي له بصمة واضحة؟

– صناعة البصمة الخاصة لا تتشكل بالنوايا لوحدها، فهي صراع أزلي بين قول متداول وقول مبتكر، بين نسج لغوي تقليدي ونسج يصنع تثويرا لغويا قائما على الإحساس باللغة، بوصفها كائنا حيّا يحتاج إلى التجديد والإدامة، لضمان بقائه حيّا متجددا مدهشا وجميلا. من هنا فالبصمة لا تتأتى لأي واحد بل هي نتاج وعي لغوي، وكشف للواقع عبر منظار يسلط الضوء على حيوات بيننا، ولكن لا يراها إلا المبدع الحقيقية بالتزامه الصارم على الكشف والتجديد، والعيش وسط عوالم لغته الخاصة المستلة من رحم الخزين اللغوي. اللغة هي التي تصنع الشاعر ذا البصمة الخاصة وليس العكس.

* كتبت قصيدة عن ثورة تشرين، كيف كان تفاعلك مع هذا الحراك الشعبي الهام؟

– الحراك الثوري لانتفاضة تشرين كان صوتا لشعب مظلوم عبر القرون من مرؤوسيه الأجانب القادمين من وراء الحدود، قديما وحديثا فما حدث بالضبط أن أحلام هذا الشعب قد أفلت بعد أن عاش حقبة الشمولية وتفاءل بحياة سعيدة مرفهة، في بلد يعد من أثرى بلدان العالم. هذا الرؤية هي التي قادت الشباب في انتفاضتهم، ودفعوا ثمنا لها المئات بين شهداء وجرحي ومعوقين ولقد ساهمت فيها بوعي وإيمان مني بطبيعة الحراك والانتفاضة المصاحبة له بنصوص كثيرة. كانت بمثابة شهادة إبداعية تقول للعالم أن شعبا مظلوما يريد استعادة هويته ووطنه المنتهب من جيرانه وقوى الاستكبار العالمي. من هنا كان لي شرف المساهمة فخرا وتاج غار أضعه فوق رأسي دائم.

 

قصيدتين ل”جبار الكواز”

مزمور العشق..

أغرق في رؤياي

كمرآة بلا وجوه

أو كحبل دخان يلف الروح

وحين أراك واقفة،

باسمة

صارخة

تقرئين الشعر

أحسد لحظاتي الممتلئة بك

فأي جمال هذا الذي أضفتيه لكلماتي؟!

ماسره؟!

من هندسه؟!

ومن صاغه بجنون شاعر؟!

ما زلت بين يدي غابة نخيل

مازلت تغرسين ذاكرتي قصائد

لم أقلها يوما

خائف أنا من روحي حين تتسلل إلى

قنديل بهائك

مرتجف من وقوفي تحت شرفة بهائك

وأنت هناك …..

أو لست هناك…

فليساعدني الرب

ولتساعدني يداك كي أنجو من مغفرة إصراري

يا مغيرة حضوري

يا سبية غيابي

كأني شجرة ظمأى

أحاول أن ألم فسائلي في سلة ثمارك

أكثرها برضاب خطاك

ماذا دهاني؟!

وأنا أتعبد منبهرا

بسطوع شمسك في محاق طريقي

سأملأ سراجي بارتشاف كوثرك

لا عاصم غيرك

لا صوت سواك

قبضة أيامي سرقتها أحلامي المثقوبة

وهي خالية من امتلائي بعينيك

تائه بغيرك

مصلوب ببئر لظاك

مجنون بتلفتاتك وهي

تتوزع في الزوايا

يا لفؤادي!

يا للذبيح بعيدا عن دموع الأهلة!

يا لدعائي!

يا لصلواتي في فجر صيامك!

يا لقيد قفصي المثلوم!

يا لتكويرة حلمي!

يا لديباجة ضوئي!

ويالصراخ وحدتي!

حروفي إذن هي من تصنع فلك الله

من طين حريتي

جفت الأقلام

أظلمت الأقمار

واحترق اليم

وفاض تنور الفرات

حين مررت بي

أنا الترابيّ الفراتي

الذي علقوا رأسه فوق

رماح ظنونهم سأقف حائرا

لأكون معك

في كل شهقة ألمي

صادحا باسمك النوراني

مغنيا لمواعيد نائمة في الأسماء

متأوها من عبق عطرك في بساتين غفلتي

متوجعا بصدى أنين أصم

بالحب وبالألم

هادئا

كسحابة ماطرة تقرأ البرق في خطاك

مجنون أنا

اغفري لي جنوني

وهو يشخب في باب بهائك

دعيني مشدوها بك

لا حرف لدي سواك في أيامي المترعة بالرحيل

تائه بغيرك

مصلوب بعينيك

مجنون بمحياك

ألوذ بك وأنا بعيد عنك

أنت المطر

حين تعبرين الضفاف

إلى حيث لا أكون

أو أكون خمرا

في دنان خابيتك

تعالي إذن.

_____

لا عين ترى..

في

لوم الخطى للظلام

في تحديقي الخائف في بياض الورقة

في

نهر غارق بالأسى

ابحث عن كلمة تتسع لأثنين تائهين

لم يدركا للآن

أنهما من ماء ونار

وأنت يا سيدتي الواقفة على قنطرة تعبي

حين تمدين لي كفيك كزهرتي ياسمين

لم تعد المسافة ضيّقة كما تبدو

فذاك الهواء الصاهل بين كفينا

والعيون المترقبة لحظة انفجار المارّين

والأنفاس…..

وهي تخاطب الضفاف بموتها القادم

ما زالت توسع الفضاء

بجنون شعرك العابث بالهواء

فلا عين ترى

ولا هوى ذبيح

ولا آهة تستدرج الفرح

وهي تتكئ على غمازتيك

كلمة لم أجد حلّا لحروفها

إلا بنصّ غائب بين السطور

وهو يمسك هالة محيّاك بصمت

وأنت ترتقين الأفق

بابتسامتك الخجلى

فكيف لا اكلم نفسي وأنا أراقبك خلسة?!

بصورتك التي ما زالت تئن في ذاكرتي المثقوبة

يا مجنون

يا أنت

أنت وحيد في المقهى

الكلمات التي هربها النهر في غفلة

صارت مجنونة أيضا

ونصّك اصطاده السحرة

وهم يرقصون أمام النار

ما زال يئن في سباته

والكلمة التي لم ترها

الكلمة التي تتسع لأثنين

خائفين

محيتْ

وهي تهمس في أذن الشظايا

لا مكان لي هنا

أو هناك

الليل طويل

والنهار نائم في الجرار

أسئلتك عثرة ليل

وكلمتك عجلى

قلها إذن

لا تخش الغرباء

ولا الموتى

لا المهاجرين

ولا الضفاف

من يقولها إذا سرقك العقل?!

وارتكبت معصية العاشق

وألقيت حلمك في طرقات الناس ولم تقل يوما

أنا مجنون

والعابرون إلى عقولهم

يضحكون

قلها ولا تخف

يا مجنون.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب