7 أبريل، 2024 12:52 م
Search
Close this search box.

محمد الصالح الجابري.. كان موسوعيا وتميز أكثر في النقد والرواية

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“محمد الصالح الجابري” باحث وأديب تونسي.

حياته..

ولد في1940، بمدينة توزر بالجنوب التونسي، ودخل الكتاب في سن مبكر، ثم تابع دراسته بمدرسة «ابن شباط» الابتدائية حتى 1953 حيث واصل الدراسة بالمعهد الثانوي بمدينة توزر، وفي  1957 التحق بمعهد ابن خلدون بالعاصمة التونسية، وتخرج منه 1962، ثم درس ببغداد حيث نال الإجازة وحصل بجامعة الجزائر على الدكتوراه حول محمود “بيرم التونسي”.

عمل معلما بضاحية الوردية بالعاصمة وأستاذا للتعليم الثانوي بالمنستير ثم ألحق بوزارة الثقافة مديرا لمصلحة الآداب ثم عين مديرا للمركز الثقافي التونسي بطرابلس، وفي سبتمبر 1979 التحق بالألكسو حيث أشرف على إدارة الثقافة إلى أن بلغ سن التقاعد عام 2000 وعين بعدها على رأس مشروع موسوعة أعلام وعلماء العرب والمسلمين التي صدر منها حتى الآن 19 مجلدا.

مؤلفاته..

في الرواية:

  • “يوم من أيام زمرا”، وهي رواية وقد صدرت منها ست طبعات أولاها عام 1968، ثم على التوالي أعوام: 1983، 1988، 1999، 2001، 2004، وقد حولها “علي عبيد” إلى فيلم سينمائي بعنوان “رديف 54”.
  • “البحر ينشر ألواحه” عام 1971.
  • “ليلة السنوات العشر” حولت إلى فيلم سينمائي أخرجه “إبراهيم باباي” عام 1982.

في القصة:

 

  • إنه الخريف يا حبيبتي 1971.
  • الرخ يجول في الرقعة 1980.

المسرحيات:

  • كيف لا أحب النهار؟ 1979.

الدراسات:

  • الشعر التونسي المعاصر خلال قرن 1974.
  • الشعر التونسي الحديث 1975.
  • القصة التونسية نشأتها وروادها 1977.
  • أبعد المسافات 1978.
  • دراسات في الأدب التونسي 1979مع ثلة من خيرة أدباء تونس.
  • يوميات الجهاد الليبي في الصحافة التونسية (الجزء 1 والجزء 2) عام 1983.
  • النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس عام 1983.
  • الكتابة القصصيّة في تونس دراسة مشتركة قام بها الكاتب ونشرت عام 1992.

عاشق الثورة..

في مقال بعنوان (محمد صالح الجابري.. عاشق الثورة الجزائرية..خادم الأدب الجزائري) كتب “د.محمد سيف الإسلام بوفلاقة”: ” انتقل إلى الرفيق الأعلى خلال شهر جوان سنة:  2009م   الأديب البارز، والبحاثة القدير، والمبدع المتميز، الدكتور محمد صالح الجابري-عليه رحمة الله-، وبرحيل الجابري تكون الساحة الثقافية والفكرية في تونس، والمغرب العربي، والوطن العربي ككل، قد مُنيت بنكسة فادحة، فقد كان الجابري شُعلةً وضاءة لا تخبو، وجذوة مُتوقدة لا تنطفئ، وقامة سامقة من قامات العلم والمعرفة، وجسراً من جسور التواصل الثقافي بين أقطار المغرب العربي، يتضح ذلك جلياً عندما نرى نشاطاته الجمة، وأعماله الكثيرة، وإنتاجه الغزير المتلاحق.

إنه كان واحداً من  المثقفين الموسوعيين العظام، يُعدّ بحق رائداً من الرواد، وعلماً من الأعلام الجادين الذين جمعوا بين شغف البحث العلمي، وجماليات الإبداع الفني، وعمق الرؤية الفكرية، ومن يرغب في إدراج الجابري وتصنيفه فإنه سيُدرجه ضمن أولئك الكُتاب القلائل الذين  تستهويهم الثقافة الموسوعية، فلم يجعل يراعه حكراً على جنس أدبي معين، فقد ألف الكثير من الدراسات النقدية، وكتب القصة والرواية والمسرحية، وأحب الجزائر حُباً جماً، ونافح عنها وعن أدبائها بكُل غالٍ ونفيس، وثابر بكل جد وجهد وعلو همة،على خدمة الأدب الجزائري، وإذاعة صيته في مختلف الأقطار العربية، ومن آثاره الهامة التي تشهد على حُبه وعشقه للجزائر وللأدباء الجزائريين كتابه الموسوم ب:«الأدب الجزائري في تونس»، الذي هو بمنزلة موسوعة شاملة، بذل من خلالها الباحث جهداً علمياً كبيراً، لا ينهض به إلا أصحاب الهمم العالية، فقد ألف ذلك الكتاب الموسوعة مُقدماً من خلاله خدمة جليلة للباحثين والدارسين الجزائريين، مُعبداً لهم الدروب، وفاتحاً لهم الآفاق، وقد أثنى على ذلك الكتاب الكثير من كبار الأدباء والنقاد الجزائريين، فكتبوا منوهين بمستواه العلمي، وعمقه الفكري، ومن بينهم الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الله ركيبي الذي أصدر قراراً وتوصية بدعم طباعته، وتعميمه على كل الجامعات، والمعاهد العليا في الجزائر، فلا يُمكن لأي دارسِ للأدب الجزائري، أن يتجاوز تلك الموسوعة الشاملة، والتي ألفها الأديب الراحل بسبب حبه وإعجابه بالأدب الجزائري، ورغبةً منه في خدمته، والإعلاء من شأنه، وكي يُلملم شتاته المتناثر في شتى الصحف والمجلات التليدة”.

ويضيف: “والمتأمل في أعمال الجابري الإبداعية، يخرج بجملة من الملاحظات، والأحكام، من بينها أنه رائد من رواد الواقعية في التجربة السردية في المغرب العربي، فأغلب أعماله مستوحاة من تجاربه الخاصة، وشخصياته مستمدة من الناس الذين خامرهم في حياته، ونُلفت الانتباه إلى عمل جبار ومشروع ضخم أشرف عليه الراحل، وهو: «موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين»، والذي أشرف عليه في إطار أبحاثه لفائدة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالسكو)، فقضى من أجله ما يربو عن ثلاثين عاماً في البحث والتنقيب، خدمة للثقافة العربية، وقد صدر منه لحد الآن تسعة عشر مجلداً، ومن المهام التي تولاها الفقيد: كاتب عام لرابطة القلم الجديد، وعضو في جمعية القصة والرواية لاتحاد الكتاب التونسيين، واتحاد الكتاب العرب، ومدير المركز الثقافي التونسي بطرابلس”.

النقد..

من اهتمامات “محمد صالح الجابري” نقد الأدب التونسي والتأريخ لأهمّ أعلامه واتجاهاته على مدار قرن، امتدّ من أواخر القرن التاسع عشر إلى العقود الأخيرة من القرن العشرين. ولم تقتصر دراساته على تونس. وإنمّا شمل القطرين الجزائري والليبي واعتمد جهده النقدي على محورين:

دراسة الأدب التونسي شعره وسرده:

تؤلّف مؤلفاته النقدية رافدا من الروافد الأساسية في دراسة الأدب التونسي شعره وسرده ونقده. ففي كتابه “الشعر التونسي المعاصر” يوضح  معالم هذا الشعر طوال قرن كامل امتدّ من سنة 1870 إلى سنة 1970 أي منذ تباشير النهضة الفكرية والأدبية في تونس. وفي فصول هذا الكتاب الخمسة يدرك القارئ المراحل الكبرى لمسار هذا الشعر وعوامل نشأته وخصائصه المضمونية والفنية. فقد خصّص الكاتب الفصل الأول لرصد ملامح الأدب التونسي في الفترة المتراوحة بين 1869 و1881، مبرزا خصائص مرحلة النشأة للشعر الحديث وما يربط بين شعرائه من وشائج الرؤية التي عمادها التتلمذ. أمّا الفصل الثاني فخصّصه لدراسة الشعر التونسي من عام 1811 إلى عام 1914. ويحلّل في هذا السياق الدور الثقافي الذي كان للصحف التي صدرت في تونس في تلك السنوات، في سياق ما عكسته حركة الانبعاث الأدبية من تأثير، مبرزا دور الأدباء في إنعاش الحركة الأدبية بكتاباتهم في الصحف. ولعلّ هذا ما جعل من الشعر العصري مدارا عليه تتنافس الصحف في نشر أجوده وأمتعه.. ولمتابعة هذا المسار يخصّص الفصل الثالث للحديث عن هوية الشعر التونسي في الفترة المتراوحة من سنة 1914 إلى سنة 1934، مبرزا العوامل السياسية والاجتماعية والفكرية الحافة بهذه المرحلة، محلّلا الدور النضالي الذي اضطلعت به ثلة من الأدباء، معتبرا أنّ الشاعر محمد الشاذلي خزنه دار هو أوّل مؤسس للشعر السياسي التونسي. وبمقتضى ذلك خصّص له ولمصطفى آغا حيّزا درّس فيه حياتهما وشعرهما ومواقفهما الوطنية. وعلى هذا المنوال من الرصد والتحليل يخصّص الفصل الرابع لرصد واقع الشعر التونسي من سنة 1934 إلى سنة 1940 ويبين أثر بعض المجلاّت في الحياة الثقافية والأدبية للبلاد وقتئذ من قبيل مجلة العالم الأدبي لصاحبها زين العابدين السنوسي ومجلّة الزمان التي أشرف عليها محمود بيرم التونسي. وفي هذا السياق أيضا يبرز دور المجالس والمقاهي والنوادي الأدبية في تشكيل المشهد الأدبي. ويخصّص المؤلف خاتمة هذا الفصل للإطلال على شعر محمد العريبي “ابن تومرت” وللحديث عن جوانب من شخصيته الناشطة والمناضلة وليدرس أيضا شعر محمود بيرم التونسي، كاشفا مواقف هذا الشاعر النضالية وإيمانه العميق بشرف الكلمة ونبلها. وفي الفصل الخامس من هذا الكتاب يبرز المؤلف دور الشاعر والباحث محمد البشروش الذي أصدر عام 1938 مجلّة المباحث. وقد التفّ حولها نخبة من الباحثين والكتّاب التونسيين ويشير إلى الدور التجديدي الذي وسم النتاج الشعري لموجات جديدة متلاحقة. ولم يكتف الدارس برصد تيّارات الشعر عامّة وذكر أعلامها في كل طور من أطوار تجدّده. وإنّما وقف على نماذج منها، دارسا حياة كل أديب ومحلّلا لجوانب من شعره مؤكّدا ما به تختصّ هذه الموجة الشعرية من نزعة إلى تجديد الأدب شكلا ومضمونا.

دراسة الأدب المغاربي الجزائري والليبي:

اهتمّ محمد صالح الجابري بالتأريخ للحركة الثقافية والأدبية للبلاد المغاربية، مركّزا اهتمامه على الجزائر وليبيا وتونس، كما يتجلّى ذلك في دراساته وبحوثه التي تتناول الثقافة والأدب التونسيين كما أسلفنا القول. ففي خصوص الأدب والثقافة الجزائريين وتحديدا في كتابه الموسم بالنشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس (1900 – 1962) يسلّط الضوء على النشاط العلمي ودور ابن باديس فيه. ونظرا إلى الحضور اللافت للجزائريين بتونس في النصف الأوّل من القرن العشرين يرصد الباحث مختلف المناشط الطلابية والصحفية والوطنية للمثقّفين والمصلحين الجزائريين وطلاب العلم، معتمدا على أعداد هائلة من الصحائف والمجلات التونسية الصادرة في الفترة المدروسة. أمّا في كتابه الأدب الجزائري في تونس فقد درس موضوع الشعر والمقاومة مركّزا اهتمامه على عناصر الهويّة والعروبة والنهضة وصلة الوفاء بتونس. وبحث، أيضا، في السياق نفسه وفي مجال الأدب القصصي والروائي، طلائع القصة والرواية. وأبان عن الموضوعات التي اهتمّ بها هذا الأدب من قبيل نضال المرأة والضمير الوطني وقضايا تونسية في القصّة الجزائرية. وذيّل كتابه هذا بملاحق تعدّ مرجعا مهمّا من مراجع الأدب الجزائري في هذه الحقبة.

وكان درسه لتاريخ الجهاد الليبي الحديث في الصحافة التونسية. لذلك يعدّ كتابه يوميات الجهاد الليبي، الصادر عن الدار العربية للكتاب سنة 1980 وثيقة تاريخية عن النشاط النضالي الليبي وعن الصلات الحميمة التي تجمع الشعبين التونسي والليبي. وبالروح نفسها، روح المحقق المحلّل، المنتمي إلى القيم الجمالية والإنسانية الرفيعة والمؤيد لأنفاس التجديد والتطوّر والتنوير عرّف بالأديب محمود بيرم التونسي وخصّه بكتاب في جزأين عنوانه محمود بيرم التونسي في تونس، دار الغرب الاسلامي، بيروت ، 1987، بعد أن كان تحدّث عنه وعن نضاله في تونس ونشاطه الأدبي والصحفي وعلاقاته بجماعة تحت السور وبرجال السياسة في الفصل الرابع من كتاب الشعر التونسي المعاصر بعنوان “محمود بيرم التونسي، نصوص الزمرّد”.

الكتابة..

تميّز “محمد صالح الجابري”، فضلا عن كونه شاعرا، بكتاباته السردية القصصية والروائية. والمطّلع على مجمل هذه الأعمال يلاحظ ميله إلى الأدب السردي الواقعي الذي يجمع بين التسجيلي والتاريخي في أسلوب واضح مباشر، عليه مسحة جمال مصدرها التوهّج بالواقع الحيّ والكشف عن تفاصيله دون إسقاط. فقد اهتمّ في روايته “يوم من أيام زمرا” بأوضاع عمال المناجم في عهد الاستعمار وكشف عن معاناتهم وعن وجه من وجوه الكفاح النقابي الوطني في مناجم الجنوب، مركّزا اهتمامه على شخصية إبراهيم وترحّله بين الأزمات ورغبته في الخلاص الفردي والجماعي، ناسجا من قصته قصصا أخرى.

أمّا روايته “ليلة السنوات العشر” فهي وإن نحت منحى الرواية الأولى وأبانت عن تفاصيل أحداث 1978، متّخذة من الحدث مرجعا تاريخيا، كاشفة عن أحوال العمّال ومعاناتهم، فقد شاء لها كاتبها أن تكون رواية أحداث تجمع بين الذاتي والموضوعي، عن طريق حكاية البطل النازح من الجنوب، هذا الذي ظلّ رغم المصاعب والإغراءات حمّال قيم ومبادئ، بصرف النظر عن عواقبها وهذا الذي عاش قصة “حب مستحيلة”. وعموما تظلّ هذه الرواية مثل أخواتها، منغرسة في الواقع الموصوف وصفا أمينا. وقد أسبغ عليها مؤلفها “محمّد صالح الجابري” من ألوان الفنّ والتخييل ما جعل الرواية وثيقة أدبية أغرت بعض السينمائيين. فأخرجت للناس شريطا مصوّرا يحكي وقائع زمن الجمر، ما دامت لعبة الزمن ببعديه الحدثي والنفسي مفتاحا من مفاتيح قراءة الرواية وتأويل أحداثها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب