8 أبريل، 2024 7:30 ص
Search
Close this search box.

كمال سبتي.. لازمه هاجس الموت ومزج الشعر بالسرد

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- سماح عادل

“كمال سبتي” شاعر عراقي، ولد في مدينة الناصرية في جنوبي العراق سنة 1954، درس في بغداد وتخرج من معهد الفنون الجميلة قسم السينما ثم درس في أكاديمية الفنون الجميلة وفُصل منها، وسيق إلى الخدمة العسكرية إلى أن هرب من العراق عام 1989. درس في كلية الفلسفة والآداب بجامعة مدريد المستقلة، في إسبانيا، أقام في هولندا منذ عام 1997.

الشعر والموت..

يقول الكاتب “إبراهيم سبتي” شقيق “كمال سبتي”  في مقال بعنوان ” غياب الشاعر.. حضور الشعر” في موقع الحوار المتمدن: ” يغيب الشاعر، لكنه يظل يتباهى بما أنجزه.. الشاعر يتعافى في محنته، أنه هكذا لا يشبه الآخرين ولن يفعل ذلك.. كمال سبتي، يموت غريبا في منفاه الهولندي البعيد.. منفى اختاره من دون منافي اللجوء ليكتب وينظّر ويبدع ويصبح متفردا.. في أعوام الصبا العشرة المخذولة بمرض يصيب العائلة بالرعب. سقط الصبي مغشيا عليه.. ولكن هل سيموت يا دكتور؟ يجيب الدكتور بصوت خافت: إنه ميت بالفعل!! تعالى بكاء الأم المفجوعة وجلس الأب مصدوما.. مات كمال في العاشرة في مستشفى كئيب لا يعرف الشمس ولا الفرش النظيفة.. كانت مثل أكفان مدماة.. بعد ساعتين تدب الحياة في أوصال الميت النحيفة، فتختلط دموع الذعر بدموع الذهول.. هل كتبت له الحياة يا دكتور؟ لا.. سيموت مبكرا!! عاش مهووسا بالموت والشعر، لم يعرف غيرهما رغم أنه كان سعيدا في الوجه وحزينا في الشعر. ترك ذكريات البيت مرغما نفسه على نسيان نبوءة الطبيب.. لم ينس وظل يتذكر.. حفظ الشعر وهام على وجهه بين كتب الأقدمين وشعرهم حتى حفظ الشعر وأتقن النحو اتقانا غريبا . في بداية السبعينات نزل طالبا إلى بغداد داخلا معهد الفنون الجميلة تاركا مدينته إلى الأبد، فمشروعه الشعري لا يحب الترحال فظل في بغداد بين تنظيراته وكتاباته الشعرية التي لفتت نظر الآخرين.. فعاش الشعر في بغداد ثمانية عشر عاما لينتج أربعة دواوين شعرية، وليعش في الغربة ثمانية عشر عاما لينتج أربعة كتب أخرى”..

ويواصل”إبراهيم السبتي”: “أما الموت، فهو أيقونة الحياة بالنسبة لكمال، فعاش مرتبكا قلقا منه.. فذكره ثمان مرات في أول كتبه (وردة البحر) وذكره ثمانية مرات في كتابه الثاني (ظل شيء ما) وذكر الموت في كتابه الثالث (حكيم بلا مدن) مرة واحدة، وذكره في الكتاب الرابع (متحف لبقايا العائلة) أربعة عشر مرة.. فيما تنامى الإحساس بالموت لديه في غربته. فذكر مفردة الموت في كتابه الخامس (آخر المدن المقدسة) مرتين، فيما ذكره في (آخرون قبل هذا الوقت) تسع مرات. وذكره في (بريد عاجل للموتى) ثمانية عشر مرة، وذكره في الكتاب الثامن (صبرا قالت الطبائع الأربع) مرتين.. فيكون المجموع اثنتان وستون مرة توزعت بالتساوي تماما بين كتب العراق وكتب الغربة.. إنها محنة الشاعر أن يموت وحيدا شاعرا مجيدا، ترك كمال سبتي مخطوطات شعرية لم يمهله الموت لنشرها أو طبعها .. يقول كمال في ديوانه الأخير: ( كانَ أَبي يَقولُ: في الحَرْبِ لِي أَرْبَعَةٌ، وَمِثْلَ كونْفيشيوسَ يَخْشى أَنْ يَموتَ الابْنُ قَبْلَ الأبِ في الحَرْبِ، وَكانَ لا يَرانا كَلَّنا، أَرْبَعَةً، لَوْ مَرَّةً واحِدَةً، في بَيْتِهِ. اِثْنانِ مِنّا يَأتِيانِ، قُلْ ثَلاثَةٌ وَلا تَزِدْ وَكونْفيشيوسُ في بالي وفي بالِ أَبي عِشرونَ عاماً، وَأَبي لا يَقْرَأُ الحَكيمَ، لكِنَّ أَبي يَعْرِفُ ما الحِكْمَةَ في الشَّرْقِ، فَإِنْ لَمْ يَمُتِ الأَبْناءُ في الحَرْبِ فَقَدْ يَهْرُبُ جنديّانِ، قَدْ يَموتُ واحِدٌ وَلَمّا يَبلُغِ الخَمسينَ في بَغْدادَ، كانَ لا يَرانا كُلَّنا أَرْبَعَةً، لَوْ مَرَّةً واحدَةً، في بيْتِهِ. يَعْرِفُ ما الحِكْمَةَ في الشَّرْقِ، فَكُنّا أَرْبَعَةْ يَحْلُمُ كانَ أَنْ يَرانا كُلَّنا).

آخرون قبل هذا الوقت..

ويقول الكاتب “حاتم الصكر” في مقال بعنوان “الشاعر وطبائعه الأربع:عن كمال سبتي”: “لقد كانت انتقالة كمال سبتي المبكرة إلى قصيدة النثر جزءاً من رؤية تنامت لديه وتبلورت عبر خسائره  واحتراقاته الشخصية وتجاربه في ظروف غير شعرية تماماً, كالجندية الإجبارية, والخروج الاضطراري من الوطن, والعيش في المنفى, وما يتولد عن ذلك من مفردات حياتية انعكست في شعره, وكرست منحى قصيدته السردي, والكتابة الشعرية المستفيدة من امتدادات النثر وتوسعات المخيلة وتنويعات الإيقاع .. فكان ديوانه السابق (آخرون قبل هذا الوقت) اشتغالاً على مؤاخاة الزمن بالبشر, والأيام بالأشياء وكأنه يقترح على قارئه موقفاً (ظاهراتياً) لا يغدو فيه للأشياء وجودها المستقل, ومن انفرادات كمال سبتي بين شعراء جيله الخاضعين_ افتراضاً_ للمؤثرات والمرجعيات الثقافية ذاتها, تدعيمه لنصوصه باختيارات مما توفرت عليه ثقافته المتنوعة, إذ تتصدر قصائده اقتباسات متنوعة المصادر: الحلاج والجواهري وبيانات ثوار 1920, وتمتلئ الحواشي والهوامش التي يحرص على تثبيتها آخر القصائد بتفسير تلك الاقتباسات التي تتدرج لتصبح جزءاً من عملية (تناص) ضخمة تصاحب قصائده وتحف بسياقاتها النصية, فيذكر مراجعه في تلك الحواشي ويتوسع في الإحالات ليؤكد حضور النص المستلف أو المجلوب إلى نصه.. ويؤازر ذلك إهداءات القصائد الملفتة للاهتمام والداخلة كموجّه قوي لقراءة القارئ, وكذلك حرصه على تثبيت تواريخ قصائده وزمن الفراغ من كتابتها بدقة فائقة.. وفي قصائد ديوانه الأخير يتطور حضور النص الأول داخل قصيدته ويصبح جزءاً منها أي أن المقتبس لا يتصدر قصيدته أو يتراجع إلى حواشيها المستفيضة بل يدخل في نسيجها ولا يكتفي بدور العتبة أو الموجّه, فتكون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار القديمة والأقوال المضمّنة جزءاً من بنية القصيدة ذاتها”..

الأنا الشعري..

في حوار مع “كمال سبتي” أجراه “نعيم عبد مهلهل” يقول عن كتابة أناه داخل شعره: “نعم هو أنا. ولكن هل “أنا” الذي في الحياة هو تماماً “أنا” الذي في القصيدة؟ الجواب ليس سهلاً. الأنا الذي في القصيدة هو أنا محملٌ عادة بتمنيات لتغيير مصير الأنا الفعليّ، الحياتيّ، وسلوكه مهما تشابه وسلوك الأنا الفعليّ إلاّ أنه يحمل جمالاً شعرياً يرقيه على السلوك اليوميّ العاديّ. الأنا الشعريّ في رقيه – وغالباً ما يكون الرقيّ تراجيدياً – يخلق نفسه كلّ مرة خارجاً من كيان محدد فعليّ، وفي الوقت نفسه فهو “أنا” مراقب بفتح القاف أثناء الكتابة فيتقوى في التكوين والنمو”.

وعن المعنى داخل القصيدة يقول “كمال سبتي”: “قصيدتي هي قصيدة معنى، وهي تعادي اللعب اللغويّ البارد. كبّ القاموس على الورق لعب لا يعنيني ولا يعني عذابي وشتاتي في هذا العالم. اللعب اللغويّ والكتابة الشعرية الذهنية الخالصة التي يجاهر أصحابها في أنها شعر عالٍ أيضاً، يلتقيان في أنهما منتجان معاً بعصبٍ بارد. المساحة واسعة سعة التاريخ كله للتجديد في اللغة والأشكال والمعاني..إلخ بدون الذهاب إلى النص اللغويّ المغلق، الذي لا فنّ فيه ولا حياة”.

وعن الوطن يقول: “عندما تهرب من بلاد يحكمها دكتاتور له قصص كثيرة في ذاكرتك فإنه يهرب معك أيضاً ليلازمك كالهواء. لم أتحرر منه ومن قصصه إلى الآن”.

الشعر والسرد..

وعن قراءة قصيدته التي هي قراءة مشدودة إلى تاريخ وحكايات وأحداث وشخوص يتحركون داخل مساحتها يستطرد “كمال سبتي”: “بعد نشري قصيدتي حكاية في الحانة أوائل عام 2001 هاتفني إلى هولندا الصديق الشاعر أدونيس من أجلها وكان في باريس، وقادنا الحديث عنها إلى الحديث عن السرد في الشعر، وأدونيس أستاذ في الشعر، وحوارنا حول السرد سيبدو كما لا يخفى مناقضاً لشغل أدونيس نفسه. وتعميقاً لذلك الحوار مع أدونيس ولإشارة كتبها حسب الشيخ جعفر عن السرد عند أبي نؤاس ولما كتبه محمود درويش عن مزج سعدي يوسف بين الغنائية والسردية، وتعاليه على اللغة الشعرية، أقول: هناك خطان في الشعر في كل لغة وفي كل زمان: الأول سردي وفي العربية أبو نؤاس المثل الأرقى وقبله ثمة أصول له عند امرؤ القيس والأعشى وطرفة بن العبد وعمر بن أبي ربيعة وقيس ليلى وغيره لكن أبا نؤاس يبقى الأرقى في تقصده اعتماد السرد ومعه من عصرنا اختصاراً للأزمنة الشعراء السياب والملائكة والبياتي ويوسف الخال وخليل حاوي وتوفيق صايغ وصلاح عبد الصبور وسعدي يوسف وأنسي الحاج وأمل دنقل وحسب الشيخ جعفر ومحمود درويش..إلخ والثاني شعر اللغة لذاتها، شعر الجزالة الفخمة، “الشعر الذهني” والمتنبي والبحتري وأبو تمام أمثلة ساطعة وثمة أصول لهم عند النابغة الذبياني وذي الرمة.. إلخ ومعهم اختصاراً للأزمنة أدونيس، وليس معه من الرواد غيره عندما اتجه تماماً إلى الذهن واللغة، لكن شعراء لاحقين كثراً سيكونون معه وفي معسكره، أبرزهم الأصدقاء الشعراء سليم بركات وقاسم حداد ومحمد بنيس وزاهر الجيزاني وخزعل الماجدي.. المشكلة الفنية الكبرى في شغل السرد هو احتمال ضياع الشعر في أية لحظة. ينبغي أن يبقى الشاعر يقظاً من احتمال ضياع خيط الشعر وهو يكتشف في لغة عادية لغة شعرية. وحينها يرقى على اللغة التجريدية الذهنية. الشعر والشعر كله في أن يبقى شاعر السرد يقظا فلا يسقط في المشاع السردي تماماً. والسرد يتحمل التاريخ والحكايات والشخوص..إلخ”.

وعن منجزاته الشعرية الأولى يحكي “كمال سبتي”: “كلما مضى العمر بالشاعر كلما أصبحت القصيدة أصعب مما كانت عليه. في المنجزات الشعرية الأولى كان الأمر بريئاً أكثر، أي غير ملطخ بكل القراءات التي تزداد كل مرة وغير ملطخ بكل الخسائر والتراجيديا التي تزداد حدة كل مرة. يشدني إلى (حكيم بلا مدن) وإلى سابقتيها (وردة البحر) و(ظل شيء مّا) خيطان: خيط سريّ وآخر علني. العلنيّ: الثقافي والشعري والتاريخي يدعوني إلى تذكرها كل حين فأذعن لرغبته من أجل التواصل، والسري أمر عصي على الفهم، إيقاع ما أتمتم به في لحظات الخلوة مع النفس والندم والبكاء حتى”.

الشعر العراقي..

وعن جملته المتكررة “الشعر العراقي قادم” يوضح: “أنا أظن والأرض كلها تظن معي، أن الشعر العراقي قد غبن كثيراً إعلامياً بسبب الحكم الدكتاتوري وبسبب معيشتنا في المنفى مجبرين ومنعزلين. والشعر العراقي هو الأعرق والأرقى في المساحة العامة للشعر العربي ولست هنا لأفاخر بل هذه حقيقة فالأساليب هي أساليبه والأسماء التي نفتخر بها روحياً هي أسماء أبنائه وفي النهاية سيكون الشعر العربي إرثنا نحن أكثر من غيرنا بسبب من اشتغالنا الدهري فيه. هذا لا يعني أنه ليس إرثاً لغيرنا، لا، ولكن ستكون لنا الحمية الأشد عليه أكثر من غيرنا، بسبب من انجازنا التاريخي فيه. طوال سنوات الدكتاتور وسنوات منفانا المستمر تم إبعادنا قصداً عن خارطة الفعالية الثقافية العربية من قبل جميع الذين يعملون في الثقافة العربية. لم يقم أحد عربي بدعوتنا، حتى، إلى مهرجان أو إلى أمسية. كأنما كانوا يتقصدون هذا حتى يثأروا من وجودنا العراقي الطاغي شعرياً عبر التاريخ. الآن قد ولى الدكتاتور، نعم.. الاحتلال باق، لكنه سيرحل حتماً. ولأن الدكتاتور قد رحل فإن أدبنا سيكون له منبر إعلامي فخم سيعوضنا خسارة عقود من التغييب. وسيعاد إنتاج المعلومة والمصطلح والإشارة إلى أهمية الأسلوب الفني هذا والاتجاه الفكري ذاك، وستعاد في العراق قراءة العملية النقدية العربية برمتها فكراً وذائقة ستتغير أشياء كثيرة في الثقافة العربية بفضل سقوط الدكتاتورية في العراق. ستسقط أصنام ثقافيةعربية عديدة ، ستسقط مقولات كثيرة ، سيتغير الخطاب العربي في جوهره كثيراً. الخطاب العربي السائد أفراداً ومؤسسات يعارض العراقيين كبشر على أرضهم ويعارض الديمقراطية العراقية القادمة باسم معارضة الاحتلال ومعارضته هذه هي مقاومة طبيعية من قبله ضد موته . نحن عارضنا الحرب شعراً ومقالات ونعارض الاحتلال أيضاً لكننا لن نعارض التحول الليبرالي في العراق. إننا أزاء ولادة خطاب عراقي جديد في الحرية وحق الاختلاف والإيمان بوجود الآخر وعدم عده عدواً بسبب هاجس القبيلة العدائي ضد الآخر ، والإعلاء من الإنسان كقيمة عليا أغلى من الأرض ..إلخ، وقد ولد هذا الخطاب في العقل الآن وفي حوار العراقيين وإنتاجهم الفكري الهائل الذي يحتضنه الإنترنت الآن كعقاب قدري على تخلي العرب عن الثقافة العراقية ، وهو ماض ليترسخ على تلك الأرض الموعودة بالتحولات كل حين وسيؤثر حتماً في مصير الخطاب العربي السائد. ومؤكد أن الأصنام الثقافية مرعوبة من الخطاب العراقي الجديد لأنها هي الخطاب السائد الماضي إلى حتفه. قلت مرة إن كثيراً من المثقفين العرب خائف من تحسن الوضع الأمني في العراق وإن باله لايهدأ إن سمع بيوم هدوء في بغداد”.

وعن المؤهلين لوعي جديد لقصيدة عراقية جديدة  يقول ” كمال سبتي”: “هم المعذبون بنار الحروب وطغيان الدكتاتورية داخلاً وخارجاً. الذين ترافقهم التراجيديا في رحلتهم المعرفية على الدوام. الذين جاءوا إلى الحرية من حفلات الدم التي أقيمت لأجسادهم، ومن الجوع ونكران الآخر العربي لهم ولعذابهم. الذين لم يعرفوا بهرجة أضواء الصالات للحديث عن الثورة والمقاومة والحداثة. المشردون في وطنهم بفعل إقصاء تركيبة الحكم لهم والمشردون في المنافي لأن وطنهم قد عصي عليهم كل ذاك الزمان وعسى أن يلين هذه المرة. العارفون وقد أتقنوا اللغات ودخلوا الجامعات على الرغم من نوم الأرصفة والمحطات، العارفون وقد سكنوا مكتبات بغداد هرباً من فضيحة حكم الجاهل ولوذاً بها من مصير كان يسود قدرياً. الوارثون للتاريخ كله في شعر آبائهم ومجلدات معارفهم. هؤلاء هم شعراء القصيدة العراقية الجديدة”.

وعن المنفى يجيب: “أنا أريد أن أعود إلى بلدي. لي الحق الطبيعي في أن يكون لي بيت فيه ومكتبة ومقهى ألتقي فيه الأصدقاء. و أغلبنا متعب من المنفى. أما إذا أولنا الغربة بالتحولات الأسلوبية التي تجري عادة في الشعر العراقي وكل تحول هو غربة حقاً لبعض الوقت قبل أن يشيع فأنا أمني نفسي في أن أكون في مركز التحول حتى وإن عارضته. لأنني في معارضتي إياه إنما أقيم حواراً معه والحوار سيجعلني أكون موجوداً فيه والأمر ذاته ستقوله عنه في حالة معارضته إياي. تلك هي سنة الجدل”.

شاعر بلا مدن..

يقول الكاتب “سعد جاسم” في مقالة “كمال سبتي.. شاعر بلا مدن”: “كمال سبتي: ينتمي- جيلياً- إلى جيل السبعينيات في الشعر العراقي والعربي، وفي حقيقة الأمر، فهو واحد من أهم الأسماء والتجارب الشعرية بين الشعراء السبعينيين، حيث تميز كمال ومنذ بداياته بفرادة صوته الشعري وبرؤاه وطروحاته التنظيرية المهمة حول الكتابة الشعرية الجديدة. وسبتي واحد من الشعراء الحقيقيين القلائل الذين عاشوا حياتهم من أجل الشعر، ولا شيء سوى الشعر، وأنا أشهد بكل ضمير وصدق عن حقيقة كمال هذه وذلك بحكم صداقتي المبكرّة له أيام دراستنا معاً في معهد وأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد وكذلك خلال معايشتي له في الوسط الثقافي خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات. كمال سبتي: سلاماً لك في ذكرى رحيلك وحضورك الخالد في قلوبنا نحن أصدقاؤك ومحبوك الذين لا ننسى أبداً قصائدك الموجعة عن البلاد التي تُحبُّها ونُحبُّها حدَّ اللوعة والقداسة والخلود”.

 تاريخ المرارة..

يقول الكاتب “خالد المعالي” في مقالة بعنوان “في رحيل الشاعر كمال سبتي.. تاريخ المرارة”: “التقينا لأول مرّة عام 1974 كشاعرين شابين ومشاغبين من مدينتين متجاورتين هما الناصرية والسماوة، وفي الأحرى كنت أهرب من جو مدينتي الخانق إلى مدينة الناصرية حيث وجدت أجواء أليفة تتلاءم وغربتي، التي هي غربة ريفي في مدينة تكنّ عادةً الاحتقار لشخص مثلي، اشدّ الاحتقار.. حاول كمال تعليمي الأوزان الشعرية وإدخالي إلى المدينة، خبرت الأوزان ولكني لم آخذ بها، لكني ألفت السكن في المدينة، رغم حفاظي على بعض صفات الريف التي لا يمكن التخلّص منها بسهولة. عيدية عيد الفطر عام 1974 ساعدتنا في القيام برحلتنا المشتركة الأولى إلى البصرة، شاعران صغيران يحاولان اختبار العالم، وبكل غرور طفنا في شوارعها بحثا عن أثر لبدر شاكر السيّاب، تصوّرنا عند تمثاله، جلسنا في مقاهيها بحثاً عن محمد خضير، حسين عبد اللطيف، محمود عبد الوهاب، أو كاظم الأحمدي، مشينا في سوق العشار، زرنا مكتباتها القليلة بحثاً عن كتب تروي عطشنا وغامرنا كشعراء ملهوفين بحثا عن ما قيل لنا أنه حياة الشعراء.. التقينا فيما بعد مرارا في الناصرية، ببغداد، وكانت عقدة التفعيلة، الأهواء السياسية تلعب فينا في ذلك الوقت لعبتها الخطرة، فسرعان ما تلقفتنا هذه الأوهام وجرّعتنا كؤوس المرارة، كل حسب مشربه، ينظر من بُعد إلى صاحبه دون أن يجرؤ على التلويح بالتحية له ولو من بعيد، فالتخوين كان عقوبة جاهزة لمن يقوم بخطوة كهذه، وما زال كذلك! وبعدما انكشفت لنا مرارة العسل الموهوم وحينما دارت رحى الحرب العراقية الايرانية وشدتنا حبال المنفى ولعبت لعبتها بنا، حتى أخذنا نتلفت بحثاً عمن كان معنا، عن الأخوة والصداقة التي لم نعرفهما إلا لماما”.

ويواصل: “شربنا المرارة منذ الصغر، حملناها معنا، وسرنا على طرق مختلفة، تجرعناها وترامينا بها، ولم نتوقف عن هذا حتى آخر الرسائل الالكترونية: أين أنت الآن؟ وأنا أجيب: في الرياض، في مسقط، في المنامة، في بيروت، في أبوظبي… وحينما عدت يوم 9/4 من الإمارات العربية المتحدة، تركت له خبراً بأنني عدت وكنت أريد أن اسرد له أخبار انتشار ديوانه.. لكنه لم يتصل.. فأرسلت إليه رسالة الكترونية لتصوّري بأنه مسافر، وقد رأيت متعجباً ديوانه الأخير متصدراً الكتب الأكثر مبيعاً في مكتبة النيل والفرات لعدّة أيام، وهي مكتبة موثوق بأرقامها، ولكن أيضاً لم يصلني جواب.. كنت تصوّرت كمال سبتي مسافراً إلى العراق.. ولكن.. لم تكن فكرة الموت وحيداً تفارقني، موته أو موت أيّ منّا، لكني أتعجل خوفاً إبعادها عن المخيلة، أحاول تجاهلها حتى كان يوم أمس 22/4 حيث سمعت صديقيّ الحميمين كاظم جهاد وصموئيل شمعون وهما يريدان التأكد من الأمر..”

مجموعاته الشعرية:

  1. وردة البحر بغداد 1980
  2. ظل شيء ما ـ بغداد 1983
  3. حكيم بلا مدن بغداد 1986
  4. متحف لبقايا العائلة بغداد 1989
  5. آخر المدن المقدسة بيروت 1993
  6. آخرون.. قبل هذا الوقت دمشق 2002
  7. بريد عاجل للموتى هولندا 2004
  8. صبرا قالت الطبائع الأربع دار الجمل ألمانيا 2006

وفاته..

توفي “كمال سبتي” في منفاه الهولندي يوم 23/4/2006 وصل جثمانه إلى العراق يوم 5/5/2006 وشيع في مدينته الناصرية تشييعا كبيرا ومهيبا اشترك فيها كافة المثقفون والأدباء وأبناء مدينته.

قصائد لكمال سبتي..

قصيدة خَريفُ الغِياب

هذا خريفُكَ، ذِكْرَياتُ البَيْتِ مَدْخَنَةٌ، وأمك في الجِوارِ، بُحَيْرَةٌ.. راعٍ يُشاكِسُ عارِياتٍ، لَمْ تَقُلْ شَيْئاً لِنَفْسِكَ، رَأَيْتَ حُبَّكَ موحِياً بِالمَوْتِ، تَعْبُرُ جِسْرَ هذا الدَّمْعِ،..ثُمَّ تَضيعُ: سِرٌّ.. مايُغَرِّبُهُ الكَلامُ، الوَقْتُ: آخِرَةُ المَدينَةِ، سَوْفَ نَبْدَأُ بِالنُّزولِ، وإِّذْ يَنامُ اللّيْلُ أَسْمَعُ نايَها..

هَلْ كُنْتَ تُدْرِكُها؟

الخَريفُ،

نَهارُ هذا العامِ..

أُنْثى اللّيْلِ تُجْهِضُ،

ظِلُّكَ الذَّهَبِيُّ أَدْمَتْهُ القِطاراتُ،

اِنْتَهى.

قَمَرانِ مَنْفِيّانِ، لَمْ يَجْهَرْ رَمادي بِالنَّشيدِ،

هُما البِدايَةُ، في السَّريرِ أَضعْتُ كَنْزَهُما، لِيَ الخَدَرُ الأَخيرُ مِنِ الجُنونِ، أَضعْتُ مَوتي في الطَّريقِ إِلَيَّ، لا أَحَدٌ تَمَلَّكَهُ الخَريفُ سوايَ، جَنّاتي سَتائِرُ، أُفْقُها حَجَرٌ ومَمْلَكَتي يَدايَ، أُؤَرِّخُ الأَرَضينَ بِالسِّريِّ مِنْ لَغَطي، وَأُخْرِجُ ماردي المَذْعورَ مِنْ جَيْبي: قَصائِدُ مِنْ صَدى المَعْنى.. وَمَنْفِيّانِ: وَحْدَهُما صَقيعي في اللَّهيبِ، إذا تَكاثَرَ في الشَّوارِعِ إِرْثُ مَوْتى، لَيْسَ لي ما لا يُطاقُ.. وَلَيْسَ لي ما رَقَّ، أَصْحَبُ زِنْجَ أَفْريقِيا لأَعْبُرَ جِسْرَ مِيرابو، فَتَشْملُني الطُّبولُ بِجوعِها، إِذّاكَ أَضْحَكُ، أَوْ أُنيمُ اللَّيْلَ عِنْدَ المَرْأَةِ الشَّقْراءِ، أورُبّا: سُؤالٌ تائِهٌ وَجَوابُهُ قَبْرٌ، دَمٌ مُرٌّ يُلَوِّثُ إِرْثَنا الرَّمْلِيَّ بِالشُّعَراءِ، يَلْبَثُ سَيِّداً، يَخْتارُ ما يَخْتارُ مِنْ كَلِماتِنا، حَتّى إذا اِنْتَفَضَتْ قَصيدَتُنا الجَديدَةُ، قالَ ذي روحي تَخَطَّتْ قَيْدَها.

كَلِماتِنا.. هَلْ لا جَديدَ لَدَيْكِ؟ أورُبّا.. كِتابٌ غابِرٌ، أَلْغازُهُ سِرُّ المَغولِيِّ القَديمُ، ونارُهُ نَحْنُ: التُّرابَ وَقَدْ تَفَتَّتَ عَنْ حِكاياتٍ وأَقْبِيَةٍ وَسُمّارٍ يَجولونَ الزَّمانَ صَدىً، بِما وَهَبَتْ قَريحَتُنا المُدَوِّيَةُ.

انْتَظَرْتُكَ قُرْبَ هذا النّهْرِ، قَبْلَ مَدينَتَيْنِ.. وما أَتَيْتَ؟

أَكُنْتَ تَدْري بالقَطيعَةِ بَيْنَ آوِنَةٍ وَأُخْرى؟ ضِعْتُ بَيْنَهُما أَدورُ وَصَرْخَتي في التَّيْهِ حَوْلَ المَعْبَدِ الوَثَنِيِّ، لَمْ أَسْأَلْ عَنِ الهِنْدِيّةِ ابْتَكَرَتْ لَها “بوذا” يُغَنّي في ملاهي اللّيْلِ.. لَمْ أَسْأَلْ سِوى عَنّي.. فَقُلْتُ لَهُمْ: أَلَيْسَ هُناكَ مَنْ يُصْغي إِلَيَّ؟ فَقالَ حارِسُهُم: أَيَنْفُخُ سَيِّدي في الطِّينِ؟ كانَتْ هَيْأَةُ الطَّيْرِ اِعْتَلَتْ بَوّابَةً، حُرّاسُها يَبْكونَ، وَالخَرَزُ المُلَوَّنُ شَعَّ، حَدَّقَ بي، سَأُقْتَلُ قُلْتُ إن لَمْ أَدْنُ مِنْهُمْ، فَاعْتَراني خَوْفَهُمْ..

وَأَخَذْتُ أَبْكي، في البُكاءِ رَأَيْتُ أُمّي وَالخَريفَ، وَقُبْلَةً مَهْجورَةً، فَصَرَخْتُ: أَيْنَ أَنا؟ فَقيلَ: لَقَدْ تَعَمَّدْتَ:

انْتَظَرْتُكَ،

هذِهِ الكَلِماتُ تَسْطَعُ في السَّرابِ، أَكُنْتَ تَدْري بِالتَّواريخِ الخَفِيَّةِ؟ غابَةٌ في الأُفْقِ تَسْأَلُ عَنْ ضَفافٍ غادَرَتْها، لا ضّفافَ لَدَيَّ، قَرَّبَنا الفُراغُ إليه، ساءَلَنا عَنِ الحَيِّ الَّذي يَكْتَظُّ بالمَوْتى،

فُراغٌ،

تِلْكَ نافِذَةٌ،

وَتِلْكَ فَتاتُها..

انْتَهَتِ التَّواريخُ الخَفِيَّةُ في الشَّوارعِ،

وَانْتَهى قَمَرانِ..

قَرَّبَنا الفُراغُ إِلَيْهِ،

فَلْنَسْمَعْ مَعاً صَرَخاتِهِ، فَهُنا انْتَهَتْ آشورُ بالعَرَباتِ، بابِلُ أَدْرَكَتْ أَبْوابَها، أوروكُ تَبْحَثُ عَنْ نَباتِ الخُلْدِ. يالِقَصائِدِ المُدُنِ القَديمَةِ، كَيْفِ تُتْلَفُ في المَتاحِفِ؟ لا ضَفافَ لَدَيَّ، أَقْرُنُ ميتَتي بالرّاحِلينَ، وَبَيْتُنا رَكْضٌ سَريعٌ، ما السُّؤالُ الآنَ؟ أَيْنَ تَرَكْتَني؟

في اللَّيْلِ تَخْرُجُ فِتْنَةُ المُدُنِ،

ارْتَمَيْتُ عَلى الجِدارِ، لِيَرْتَمي وَشْمٌ جَنوبِيٌّ عَلَيَّ، أَكُلُّ هذا لي؟

كَوابيسي، المُؤَجَّلَةُ، الخَبيئَةُ في الفُراغِ، بَنَتْ لَها قُرْبي أَنا المَلِكَ المُشَرَّدَ، قَلْعَةً، حَمْراءَ، أم سَوْداءَ، لا أَدْري، هُنا أَبْناؤها المَوْتى تَسَمَّرَ حَوْلَهُمْ شَجَرٌ تُرابِيٌّ سَيَثْمرُ حَشْرَجاتٍ، قالَتْ الأَفْعى: حَياتي، فَاسْتَدِرْتُ إلى الجِدارِ، أكُلُّ هذا لي؟.. هُوَ المَنْفى، وَغَنّى لي غِناءً بَرْبَريّاً. يا طُبولَ الجِسْرِ كَيْفَ رَجَعْتِ مِئْذَنَةً إِلَيَّ؟ وَبَيْتُنا رَكْضٌ سَريعٌ، نَغْمَةٌ سادَتْ فَلَمْ نَسْمَعْ بِها، تَلْويحَةُ العِمْيانِ.. هذا البَيْتُ، مُنْذُ تَكَوَّمَتْ أَسْمالُهُ، وَعَلاهُ هذا الطّينُ، أَدْرَكَ أنَّهُ المَأْهولُ مِنْ جِنٍّ وَسِيّاحٍ وَمَوْتى، ما لَدَيْكَ؟ هُنا دُمىً مَحْروقَةٌ، في الصَّيْفِ عَلَّقَها العَجوزُ عَلى الجِدارِ، وَأَشْعَلَ الأَعْشابَ، قالَ مِنَ الدُّخانِ تَجيءُ، هذا وَجْهُكَ المَحْروقُ، تِلْكَ بَقِيَّةُ الأَسْمالِ، فَاكْشِفْ عَنْ مَصيرِكَ، قالَ سَوْفَ تَجيءُ، يا ابْنَ النّار، شِئْتَ، أَبَيْتَ، أَن هذي الدُّمى نَطَقَتْ، أَنِ احْتَرَقَتْ أمامَ رَحيلِكَ الشَّمْسِيِّ وَالقَمَرِيِّ، سَوْفَ تَجيءُ، فَاهْبِطْ ، لا تَخَفْ، تِلْكَ العَجائِزُ يَبْتَكِرْنَ أُمومَةَ الأَثْداءِ غَرْبَ العُمْرِ فَاقْرَأْ بِاسْمِهنَّ دُعاءَ مَن تاهَتْ بَصيرَتُهُ، وَضَلَّ، وَلا تَخَفْ، سَيَكونُ ظِلُّكَ بَيْتَهُنَّ، وَوَقْتُهُنَّ غِيابَكَ، اهْبِطْ، لا تَخَفْ..

1986- الناصرية

ليلٌ وشمس

وَيْكَأنَّ الأرضَ ضاقتْ بي

فلا تَسْألُ آلامي عن البلدانِ هل جارتْ؟

ولا تَبسُطُها كالأرضِ..

ضاقتْ بي سريعاً..

لا يُسمّى الليلُ ليلي، والنَّهارُ الشَّمسُ أو قلْ والنَّهارُ البيتُ صِنْوانِ بلا فَرْقٍ

كفَرْقِ الليلِ عن ليلي وفَرْقِ الشَّمسِ عن بيتي

ولا ليلٌ ولا شَمسٌ ولا تسألُ آلامي عن البلدانِ هل جارتْ؟

ولا ليلٌ ولا شَمسٌ ولا تبسُطُها كالأرضِ..

إني ذاهبٌ فيها بلا لغزٍ إلى لغزٍ

وإنّي مِشْيةُ الأرضِ إلى أرضٍ إلى لغزٍ وإنّي

ويْكأنَّي

قد أضعتُ الأرضَ في مِشْيَتِها أو قد أضاعتْني سريعا..

3-7-‏2005‏‏

هولندا

***

تلك السَّعادةُ غائبة

تلكَ السَّعادةُ غائبةْ

صبرٌ مضى صبرٌ سيمضي وهيَ طعمٌ ما تَمَطَّقَهُ الّلسانُ

كأنما منذ الأزلْ

وكأنما من ليلةٍ أو ليلتينِ

كأنما ولِدَتْ بإسبانيا القريبةِ كالأمَلْ

أو كالأزلْ

وكأنما اندثرَتْ بأريافِ البلادِ الواطئةْ

تلك السَّعادةُ غائبةْ

هيَ ها هنا قولوا وربتَّما سأضحكُ من ظنوني

كأسُ شايِ الصُّبحِ والبيضُ المكرّرُ كلَّ يومٍ والدَّجاجُ السَّهلُ في طبخِ الغَداءِ

ورحلةُ الأرزاقِ من بيتي إلى سوقِ النَّبيذِ الحُلْوِ مرتفعِ الكحولِ

وعودةٌ حتّى بلا أدنى صَفيرٍ للمزاحِ معَ النِّساءِ

بلا فضولٍ للكلامِ عن السَّماءِ وغيمِها

وبلا خُرافةِ أنْ ترى عينايَ في المَشْيِ الطَّريقَ

مخافةً مِنْ أيِّما عَثْرٍ،

وإلاّ دندنةْ

بقصيدةٍ في المَشْيِ عن إيلامِ إسبانيا:

“إليها.. ثمَّ لا تَرجِعْ ولا تَرجِعْ.”

سأضحكُ من ظنوني كلَّ كأسٍ من نبيذٍ، كلَّ دندنةٍ ببيتٍ أوَّلٍ،

وبغُصّةٍ في الدّندنة:

تلك السَّعادةُ غائبةْ

هولندا

23-9-2005

* القصيدتان من المجموعة الشعرية الثامنة للشاعر “صبراً قالت الطبائع الأربع”

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب