4 ديسمبر، 2024 12:35 م
Search
Close this search box.

“امرأة على الضفة المقابلة” .. عزلة النساء في مجتمع صاخب !

“امرأة على الضفة المقابلة” .. عزلة النساء في مجتمع صاخب !

خاص : عرض – سماح عادل :

رواية (امرأة على الضفة المقابلة)؛ للكاتبة اليابانية، “ميتسويو كاكوتا”، ترجمة “أسامة منزلجي”، إصدار مشروع “الكلمة أبوظبي”.. تتناول مخاوف المرأة وأفكارها حول الحياة ورغبتها في تحقيق ذاتها.

الشخصيات..

“سايوكو”: امرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها، متخرجة من الجامعة، متزوجة ولديها طفلة في الثالثة من عمرها، كانت تعاني مشاكل في التعامل مع الناس في العمل حين كانت شابة، ثم تركت العمل وتزوجت وأصبحت تجد صعوبة في التعرف على الأمهات لأنهم كانوا ينبذونها.

“آوي”: فتاة في الخامسة والثلاثين من عمرها، متخرجة من الجامعة هي أيضاً، تدير شركة خاصة لمساعدة المسافرين، تحب السفر وزيارة بلدان العالم، لم تتزوج وتعيش في شقة صغيرة مليئة بالفوضى، وتجيد التعامل مع الناس ببراعة وثقة في النفس.

“ناناكو”: كانت صديقة “آوي” في المرحلة الثانوية، تقربت منها بعد أن كانت تعاني مشكلة في التواصل مع باقي الطالبات، وكانت تخاف من حملات الهجوم التي يقمون بها وتخشى نبذهن، وعلمتها “ناناكو” أن تتخلص من مخاوفها من النبذ ولا تهتم بآراء الأخريات بها، وعاشا سوياً تجربة صداقة حميمة انتهت بالفراق بينهما.

“غوشي”: زوج “سايوكو”، رجل غير مهتم، لا يشاركها في تربية الطفلة، ولا يهتم بعملها الذي التحقت به ودائماً ما يقلل من شأن عملها ويعلي من شأن عمله، ويحرضها على ترك عملها حتى تتفرغ للمنزل وأعماله.

“أم غوشي”: حماة “سايوكو”، تعاملها بشكل قاسي، وتنتقدها دوماً، وحين سعت “سايوكو” لإيجاد عمل، وبختها مؤكدة أن عمل المرأة يؤثر على الأطفال.

الراوي..

الراوي عليم.. يتنقل في الحكي ما بين حياة “سايوكو” الحالية وما بين ماضي “آوي” حين كانت طالبة في المرحلة الثانوية، فهو يحكي من خلال وجهتي نظر: الأولى لـ”سايوكو” والثانية وجهة نظر “آوي”.

السرد..

الرواية تتناول دواخل النفس الإنسانية أكثر، فتبدأ بالحكي عن “سايوكو” ومخاوفها تجاه طفلتها وتجاه عزلتها، ثم الحكي عن “آوي”؛ وهي طالبة في المدرسة الثانوية ويظل الحكي يستمر بنفس التقسيم حتى النهاية، إيقاع السرد هادئ، والرواية تقع في حوالي 325 صفحة من القطع المتوسط.

مخاوف امرأة منعزلة..

تحكي الرواية بالأساس عن مخاوف المرأة المنعزلة التي تخشى الآخرين ونبذهم، والتي لا تستطيع عمل تواصل إنساني صحي ومتوازن مع الآخرين؛ بسبب خبرات سيئة في أيام الطفولة والمراهقة، فـ”سايوكو” كانت تعاني من بعض المضايقات في مدرستها، خاصة في المرحلة الثانوية، مما جعلها تكتفي بصديقة واحدة ثم بعد أن التحقت بالجامعة فقدت صديقتها تلك، وأصبحت تتخبط في الحياة، وحين التحقت بالعمل بعد التخرج كانت تواجه مشكلة في تقبل الصراعات التي تحدث في العمل، وحملات الهجوم التي كانت تقوم بها الزميلات بينهن وبين بعضهن، مما جعلها تفضل ترك العمل وقبول الزواج من “غوشي” والرضا بدور ربة المنزل، وبعد إنجابها طفلة أصبحت مخاوفها تزيد بشأن تربية الطفلة وخوفها من أن تكون ابنتها منعزلة مثلها، فترتاد الحدائق العامة حتى تتيح لابنتها فرصة تواصل مع الأطفال من عمرها، حتى تنمي لديها مهارة التواصل الاجتماعي، رغم أنها لا تستطيع التواصل مع الأمهات الآخريات.

وتقرر “سايوكو” أن تعمل لكي تستعيد ثقتها بنفسها وتبدأ في البحث عن عمل، وتجد شركة تقبلها؛ تديرها “آوي”، فتاة مرحة وودودة، تحاول مساعدتها في الخروج من عزلتها وتساعدها على تنمية مهاراتها واكتساب الثقة في نفسها رغم أن زوجها يسيء معاملتها بعد التحاقها بالعمل.

ومع الحكي عن حياة “آوي” نكتشف أنها تقوم بنفس الدور الذي قامت به صديقتها “ناناكو”، حين كانت في المرحلة الثانوية، حيث ساعدتها على الخروج من عزلتها وعلمتها أن تحب الحياة وتثق في نفسها، لكن “سايوكو” تخشى من مجاراة “آوي” لأنها تشعر بالإلتزام نحو ابنتها وبيتها وترفض أن تسافر معها في نزهة في إحدى الأماكن القريبة من “طوكيو”، ثم تترك العمل حين تطلب منها “آوي” أن تساعدها في الشركة بعد رحيل بعض الموظفات، وتحس أن حياة “آوي” تختلف عن حياتها كلياً، وأنها لن تستطيع أن تكون مثلها أو صديقتها لكنها في النهاية تتراجع وتعود إلى العمل مع “آوي” لأنها فهمت أن “آوي” ساعدتها واهتمت بها وخلصتها من وطأة عزلتها.

الحياة اليومية للنساء..

تتميز الرواية بأنها تنقل ببراعة تفاصيل الحياة اليومية للنساء في اليابان، خاصة من الطبقة الوسطى، المتخرجات من الجامعات واللاتي يتطلعن لحياة أفضل، تصور كيف تشعر ربة المنزل التي توكل لها مهمة رعاية الأولاد وتنظيف المنزل وباقي الأعمال الأخرى، تنقل مخاوف الأم التي تشغلها هموم تربية الأبناء وحمايتهم من نفس الأخطاء التي وقعت فيها هي في السابق، وهمومها في إيجاد مدرسة مناسبة لأطفالها وتربيتهم تربية صحية على المستوى النفسي، كما تنقل إحساس المرأة تجاه زوجها المتجاهل الذي لا يهتم بمشاركتها الأعباء، وإنما ينتقدها طوال الوقت ويتهمها بالتقصير مهما بذلت من جهود ضخمة لجعل الحياة مرضية.

كما تنقل الرواية نمط آخر من حياة المرأة والمتمثلة في شخصية “آوي” التي رفضت أن تكون أما وربة منزل وقررت أن تخط لنفسها طريقا آخر، يتمثل في النجاح في العمل وتأسيس شركة، والسفر في بلدان العالم والتعرف عليها، والعيش بشكل مستقل، لكنها أيضا لها مخاوفها حيث يتخلى عنها الموظفون بشكل مستمر وتعاني من الصراعات وحسابات المصالح، والتعامل مع أنماط مختلفة من البشر الطيبين والأشرار والحاقدين وغيرهم كما أنها تواجه دوما مشاكل في العمل تجعلها تبدأ من جديد، كل تلك التفاصيل يتم تناولها من خلال نظرة الشباب المعاصرين الذين أصبحت حياتهم تختلف عن الأجيال السابقة عليهم، فهم يعيشون في مجتمع صاخب، ويريدون أن يحققون ذواتهم والقيام بأعمال هامة كما يريد قسم منهم إنجاب الأطفال وتربيتهم، ومخاوفهم مخاوف شائعة في مجتمع مزدحم يمثل العمل فيه ضرورة حياتية كما أن أوضاع المعيشة لا تتيح سوى قليل من الرفاهية والكثير من العمل وبذل المجهود.

الكاتبة..

“ميتسويو كاكوتا” كاتبة يابانية، ولدت في “يوكوهاما” عام 1967, بدأت مسيرتها الأدبية وهي لا تزال طالبة في “جامعة واسيدو”, وإلى جانب أعمالها الروائية تكتب مقالات وقصص مصورة, حصلت على “جائزة كاين للكٌتاب الجدد” في عام 1990. واستمرت إلى الفوز بـ”جائزة ناوكي” عام 2005، وهي الجائزة الأدبية الأعلى مكانة في اليابان. و”جائزة نوما الأدبية للوجه الجديد”. وواحد على الأقل من أعمالها تم تحويله إلى فيلم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة