15 نوفمبر، 2024 1:42 ص
Search
Close this search box.

عالمة آثار مستقلة : العراق أمامه طريق طويل لإستعادة تاريخه الذي أفسده “داعش”

عالمة آثار مستقلة : العراق أمامه طريق طويل لإستعادة تاريخه الذي أفسده “داعش”

كتبت – لميس السيد :

بعد أثار الخراب والدمار التي خلفها تنظيم “داعش” الإرهابي في أطراف العراق وصولاً إلى منطقة الأكراد، بدأ العمل في كردستان العراق بمنطقة “دربند” لإصلاح ما افسده التنظيم من خلال تدريب علماء الآثار العراقيين على الحفاظ على آثار بلادهم ودراسة مواقع التراث المهدد.

في ذلك الإطار، افردت صحيفة “الغارديان” البريطانية، تقريراً لعالمة الآثار المستقلة “ماري شيبرسون”، حول الجهود البريطانية المخصصة للتعاون مع علماء آثار العراق لإنقاذ التراث الذي دمره “داعش”.

وتقول “شيبرسون” أنها تعمل من خلال مشروع للمتحف البريطاني يهدف لتدريب الموظفين الأثريين والأكراد على الممارسة الأثرية الحديثة، ويتم تمويله من قبل “صندوق الحماية الثقافية”، بقيمة 30 مليون جنيه استرليني من جانب الحكومة البريطانية لمواجهة تدمير التراث الثقافي في مناطق النزاع، خاصة للرد على أعمال تنظيم “داعش” في مناطق غنية بالآثار مثل العراق وسوريا.

أهداف البرنامج البريطاني في العراق..

يقوم هذا البرنامج، الذي يحمل عنوان “المتحف البريطاني في العراق”، على تدريب مجموعات صغيرة من علماء الآثار العراقيين بجلبهم إلى لندن لمدة ثمانية أسابيع للخضوع إلى تدريب مكثف في المتحف البريطاني قبل إرسالهم إلى رحلات الحفريات التي يقيمها المتحف في العراق لمدة ستة أسابيع أخرى لتلقي التدريب الميداني.

ويتراوح البرنامج بين أساسيات علم الآثار وحتى مسح المناطق الأثرية بالطائرات بدون طيار والمسح الضوئي بتقنية ثلاثية الأبعاد.

ويأمل البرنامج أن يقدم التدريب إلى خمسين عراقياً على مدى خمس سنوات.

وتشير “شيبرسون” إلى أن البرنامج يسعى إلى تعليم كيفية الحفر في سياقات آمنة، وفصل طبقات الآثار وجمع المواد بشكل منفصل من كل قطعة، وتطبيق نظام التسجيل وترقيم العينات  المكتشفة بشكل دقيق، إلى جانب ايضاً رسم الخطط وحساب المستويات وكيفية إلتقاط صور لائقة للآثار. وتوضح “شيبرسون” أنها إذا شعرت بالجراءة في نهاية هذا الموسم التدريبي، لا بد أن تعرض طريقة “هاريس” للتنقيب عن الآثار على الأثريين وعلماء الآثار في العراق.

داعش.. خطوة دفعت العمل الأثري في العراق للأمام..

تعتقد “شيبرسون” أن إدارة الآثارالعراقية في السابق كانت واحدة من أفضل إدارات مواقع الآثار في الشرق الأوسط، وخلال معظم القرن العشرين كانت خدمة الآثار في العراق نشطة وممولة تمويلاً جيداً، حيث كان ينظر في التاريخ العراقي القديم كمصدر للفخر الوطني. وقد بدأ هذا يتغير بعد الحرب الإيرانية – العراقية الأولى، ثم تأثر بشكل أكبر بعد سنوات العقوبات التي أعقبت حرب الخليج، حتى وصل الأمر إلى إستنزاف علم الآثار العراقي من المال والاتصال الدولي. وأخيراً، خلف غزو العراق حالة من الفوضى تركت خدمات التراث العراقي في حالة سيئة للغاية.

وبعد عقود من نقص الموارد والعزلة، أصبح علماء الآثار العراقيون يعانون من نقص التمويل والتدريب والمعدات اللازمة لممارسة علم الآثار على أساس المعايير الحديثة. ومن المفارقات، أن تلك الحالة بدأت تشهد تحسن بعد أعمال “داعش” التخريبية في آثار العراق، حيث اصبحت  الحكومات الغربية تتصارع لتقديم الأموال من خلال مبادرات لصندوق الحماية الثقافية في المملكة المتحدة لمساعدة المناطق التي تشهد تهديدات تراثية وثقافية.

وتشير العالمة الأثرية في تقريرها إلى أن في بعض الحالات يتعذر الوصول إلى العديد من المواقع الأثرية، ولذلك لا يمكن اتخاذ إجراء فوري، بفعل تلاشي الآثار والبيانات الأولية للموقع، مما يحصر مهمة تدخل الأثريين فقط في تنظيف المكان والإهتمام ببقاياه.

علماء آثار الغرب غير مسؤولين عن إنقاذ تراث البلاد الأجنبية ولكن..

تؤكد “شيبرسون” أن علماء الآثار الغربيين لم يعدوا يتقبلون فكرة إنقاذ آثار بلد آخر، بدلاً من ذلك أصبح الأمر ينحصر في تمكين مهنيي التراث في ذلك البلد بإنقاذ آثارهم بأنفسهم، لذلك تأتي الإجابة في شكل تدريب ودعم لعلماء الآثار العراقيين وموظفي المتاحف.

ومع ذلك، تعتبر “شيبرسون” أن العراق لا يزال أمامه طريقاً طويلاً لإحياء الآثار، لأن الأمر يستغرق سنوات طوال لتدريب عالم الآثار بشكل صحيح، وهناك حد لما يمكن تحقيقه في الجدول الزمني القصير لبرنامج المتحف البريطاني. وعلى المدى الطويل، سيكون على الأثريين العراقيين الاستفادة القصوى من الدعم المتاح الآن من البرنامج البريطاني. وفي المستقبل، سيتعين عليهم التعامل مع الإرث الذي خلفه “داعش” والنزاعات السابقة في العراق بشكل سليم، فضلاً عن العمل كحراس على تراث واحد من أكثر البلدان الغنية بالآثار على وجه الأرض.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة