14 مارس، 2024 3:17 ص
Search
Close this search box.

يوسف وهبي.. بدأ مسرح المأساة وكان من رواد السينما

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“يوسف وهبي” ممثل ومؤلف ومنتج ومخرج مسرحي وسينمائي مصري، اسمه “يوسُفُ عبد الله هديب وهبي قطب”، يعتبر من أحد عظماء السينما والمسرح في مصر والوطن العربي. ولد “يوسف وهبي” في مدينة الفيوم على شاطئ بحر يوسف في 17 يوليو 1898، وكان والده “عبد الله باشا وهبي” يعمل مفتشًا للري بالفيوم، بدأ تعليمه في كُتَّاب العسيلى بمدينة الفيوم، وتلقى تعليمه بالمدرسة السعيدية بالجيزة ثم بالمدرسة الزراعية بمشتهر.

التمثيل..

شغف “يوسف وهبي” بالتمثيل لأول مرة في حياته عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني “سليم القرداحي” في سوهاج، وبدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادي الأهلي والمدرسة. كان أبوه يريده أن يصبح فلاحا مثله، ولكن عشقه للتمثيل دفعه بعيدا تماما عن هذا الطريق، ووسط دهشة عائلته كلها التحق بالسيرك للعمل كممثل، وهكذا انتقل من أعلى طبقة في المجتمع إلى أدنى طبقة وهي طبقة “المشخصاتية” التي لم يكن معترف بشهادتها أمام محاكم الدولة في ذلك الوقت.

وكرد فعل طبيعي “للعار” الذي لحق بسمعة عائلته من جراء فعلته قام والدة بطرده من بيت العائلة، وألحقه بالمدرسة الزراعية في محاولة منه “لإصلاحه وتهذيبه”. لم يستجب “يوسف وهبي” وهرب إلى إيطاليا لتعلم المسرح ولكي يهرب من ملاحقة عائلته قام بتغيير اسمه إلى “رمسيس”، ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن وصله خبر وفاة والده الباشا الذي توفي وترك له ولأخوته ثروة كبيرة.

سافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالي كيانتونى، وعاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده، حيث حصل على ميراثه عشرة آلاف جنيه ذهبي بالتساوي مع إخوانه الأربعة، بواسطة المال الذي ورثه كان وهبي يهدف إلى ما اعتقده تخليص المسرح من الهاوية التي رآها قد نتجت من الشعرِ الراقص ل”نجيب الريحاني” و”علي الكسار” فأنشأ شركة مسرح باسم “فرقة رمسيس” في نهاية عشرينيات القرن الماضي.

أسس “يوسف وهبي” فرقة “رمسيس” المسرحية مع عدد من الممثلين الكبار مثل “عزيز عيد” و”مختار عثمان” و”حسين رياض”، و”أحمد علام”، و”فتوح نشاطي”، و”زينب صدقي”، و”أمينة رزق”، “فاطمة رشدي”، و”علوية جميل”، وبدأت الفرقة بمسرحية “المجنون” كباكورة لأعمالها المسرحية حيث عُرضت على مسرح راديو عام 1923 وكانت معظم مسرحياتها في بداياتها مترجمة عن أعمال عالمية ل”شكسبير” و”موليير” و”إبسن”، ويعتقد البعض أن “يوسف وهبي” هو الذي أدخل فكرة الموسيقى التصويرية قبل رفع الستار التي لم تكن معروفة إلا في أكبر المسارح في العالم، وقدمت الفرقة بعد ذلك عددًا كبيرًا وصل إلى أكثر من 300 من المسرحيات المؤلفة والمقتبسة باللغة العربية أو بلغات أخرى منها الفرنسية.

ونقلت العديد من مسرحيات الفرقة إلى السينما مثل: (كرسي الاعتراف، راسبوتين، المائدة الخضراء، بنات الشوارع، أولاد الفقراء، وبيومي أفندي)، واتسمت معظم مسرحيات الفرقة بالميلودراما مما جعلها مختلفة عن المسرحيات في ذلك الوقت ، كما كانت المسرحيات التي تُقدم على مسرح رمسيس من روائع الأدب الفرنسي والإيطالي والإنجليزي مخالفةً بذلك ما كان يقدم من مسرحيات ومن هذه المسرحيات: (خليفة الصياد، وهارون الرشيد، وصلاح الدين الأيوبي، وصدق الإخاء، وأصدقاء السوء).

اهتم “يوسف وهبي” بتوعية جمهور المسرح، وتغيير الاهتمام بالمسرح الهازل إلى الاهتمام بالفن والمسرح الجاد، وقد منع التدخين في قاعات العرض، وعمل على احترام مواعيد رفع الستار، ووضع إتيكيتًا للممثل، متمثلًا في الحفاظ على المواعيد، والالتزام بالنص، وتنفيذ تعليمات المخرج، وهو ما دفع الحكومة لتكليفه عام 1933 بتشكيل فرقتها المسرحية التي كانت نواة المسرح القومي فيما بعد، كما عمد “يوسف وهبي” بجانب تمثيله الأدوار الرئيسة في مسرحياته إلى التأليف والإخراج، فإجمالًا قام يوسف وهبي بتمثيل 302 من المسرحيات العالمية، وأخرج منها 185 مسرحية، وقام بتأليف 60 مسرحية، وكان يهدف من وراء أعماله إلى نشر الوعي الاجتماعي ونقد عيوب المجتمع، حيث عرض مشكلات مثل: الزواج من أجنبيات، وأطفال الشوارع، وأبناء الخطيئة، والصراع بين الضمير والعاطفة، كذلك عمد إلى محاربة الاستعمار والفساد.

أزمة فيلم..

في ذروة تألقه، تعرض”يوسف وهبي” لأزمة حيث نشرت إحدى المجلات الإيرانية سنة 1928 أن شركة سينماتوغراف الفرنسية جاءت إلى مصر، واتفقت معه على تمثيل فيلم النبي محمد، واشترطت أن ينتقل مع بعض أفراد فرقته إلى باريس، وأن الفيلم من إنتاج تركي، وحضر المنتج إلى القاهرة وبصحبته المخرج “توجو مزراحي”، وبعد المقابلة أخذ “وهبي” يستعد لأداء دوره وصنع لنفسه صُوَرًا فوتوغرافية للشكل الذي سيظهر عليه في الفيلم، وهي صورة لا تختلف عن صورة راسبوتين، لتفتح عليه أبواب جهنم من كل حدب وصوب، وشُنَّت حملة شرسة ضده، وأرسل شيخ الأزهر خطابًا إلى وزارة الداخلية في اليوم التالي مباشرة يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر ومنع هذا المشخصاتي من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر بالقوة وإيداعه السجن، كما طالب أن تخاطب حكومة باريس بواسطة السفارة المصرية هناك لمصادرة هذه الرواية، واستدعت الداخلية “يوسف وهبي” وحققت معه وأرسلت ردًّا للأزهر تقول فيه إن “يوسف وهبي” سيعتذر في الصحف عن قبوله هذا الدور تحت ضغط شعبي وتحت تهديد الملك فؤاد بسحب جنسيته المصرية منه.بسبب هذه الأزمة تأخر دخول “يوسف وهبي” عالم السينما.

السينما..

في عام 1930 وبالتعاون مع “محمد كريم” أنشأ “يوسف وهبي” شركة سينمائية باسم “رمسيس فيلم” التي بدأت أعمالها بفيلم “زينب” سنة 1930، والذي كان من إنتاجه وإخراج “محمد كريم”، وفي عام 1932 أنتج “أولاد الذوات” الذي كان أول فيلم عربي ناطق وكان الفيلم مقتبسًا عن إحدى مسرحياته الناجحة، حيث قام بكتابة النص وقام ببطولة الفيلم، كما قام “محمد كريم” أيضا بإخراجه، ثم كتب فيلمه “الدفاع” سنة 1935، ليخرجه هذه المرة بنفسه بالتعاون من المخرج “نيازي مصطفى” حتى بلغ به التكامل الفني إلى تلحين أغاني هذا الفيلم. ثم في عام 1937 قدم فيلمه الثالث “المجد الخالد” وهذه المرة كان هو الكاتب والبطل والمخرج، ثم قدم فيلم “ساعة التنفيذ” 1938 من بطولته وتأليفه وإخراجه وبذلك قدم “يوسف وهبي” مجموعة من أوائل أفلام السينما المصرية فكان عدد الممثلين السينمائيين قليل وكانت الأفلام غالبًا ما تكون من بطولة “يوسف وهبي” أو “نجيب الريحاني” أو “علي الكسار” في فترة الثلاثينيات.

بعد ذلك بدأ يوسف وهبي في تقديم ثنائي ناجح مع المطربة والممثلة الشابَّة في ذلك الوقت “ليلي مراد” حيث شارك معها في ثلاث أفلام متتالية هي “ليلة ممطرة” 1939، “ليلى بنت الريف” 1941، و”ليلى بنت المدارس” 1941، وكانت هذه الأفلام من إخراج “توجو مزراحي”.

كما لم يشغل “يوسف وهبي” دخوله عالم السينما عن استكمال مشواره المسرحي حيث قدم في عام 1939 ست مسرحيات وهي: “ناكر ونكير”، “الشبح”، “العدو الحبيب”، “ابن الفلاح”، “يد الله”، “ألف ضحكة وضحكة”.

مرحلة ازدهار..

كانت مرحلة السطوع السينمائي ل”يوسف وهبي” عندما بدأ في الالتفات إلى السينما ومواصلة رسالته الهادفة المتمثلة في نقاش القضايا الاجتماعية ونقد عيوب المجتمع والسعي نحو حلها حيث قدم “وهبي” في هذه الفترة مجموعة من أهم وأعظم أفلامه الخالدة. بدأت هذه المرحلة بفيلم “الطريق المستقي”م من تأليف “يوسف وهبي” و”توجو مزراحي” ومن إخراج “توجو مزراحي”، وشارك في بطولة هذا الفيلم “أمينة رزق” التي كونت مع “يوسف وهبي” أشهر ثنائي درامي على الإطلاق حيث قدمت معه حوالي 11 فيلمًا، كما شاركت في فيلم “الطريق المستقيم” الفنانة “فاطمة رشدي”، و”بشارة واكيم”، و”محمود المليجي”.

وفي عام 1946 بدأ “يوسف وهبي” تعاونه مع الفنانة “فاتن حمامة” التي قدمت معه بعد ذلك واحدًا من أعظم ثنائيَّات السينما المصرية، حيث قدم “وهبي” فيلم “ملاك الرحمة” 1946 من تأليفه وإخراجه وبطولته بالاشتراك مع “فاتن حمامة”، و”راقية إبراهيم”، و”سراج منير”، و”بشارة واكيم”، “زوزو شكيب”.

1954- 1969..

في هذه المرحلة كان “يوسف وهبي” قد بدأ يتقدم في السنِّ نسبيًّا، فبحلول شهر يوليو عام 1953 كان قد بلغ من العمر 55 عامًا، وبطبيعة الحال فقد اختلفت نوعية الأدوار والأعمال التي يقدمها، فقد اتجه إلى التنوع والشمول في أنواع أعماله فصار يقدم الأفلام الكوميدية والرومانسية وأفلام التشويق والإثارة وكذلك مجاله الأساسي الميلودراما، وفي هذه المرحلة قلَّ بنسبة كبيرة عدد الأفلام من تأليف أو إخراج “يوسف وهبي”، كما ندرت بطولته المطلقة للأعمال ولكنه كان يشارك بدور مهم، مثل دور الأب أو الشخص كبير السن، في بطولة الأعمال أمام ممثل أو ممثلة من نجوم الصف الأول من أبناء جيله أو الجيل الجديد أمثال “عماد حمدي”، و”يحيى شاهين”، و”شكري سرحان”، و”رشدي أباظة”، و”فريد شوقي”، و”عمر الشريف”، و”صلاح ذو الفقار”، و”أحمد رمزي”، و”كمال الشناوي”، والمطرب “فريد الأطرش”، ونجم الكوميديا “فؤاد المهندس”، ومن الممثلات “فاتن حمامة”، و”سعاد حسني”، و”مديحة يسري”، و”زبيدة ثروت”، و”شويكار”، و”شادية”، و”نيللي”.

وفي مرحلة اختفاء النجومية (1969-1975) وأداء الأدوار الثانوية (1976-1982) كان “يوسف وهبي” قد تقدم في السن وتجاوز عامه السبعين، فبدأت الأضواء تبتعد عنه وابتعدت عنه أدوار البطولة ولكنه استمر في المشاركة في الأعمال الفنية مع نجوم شارك معهم من قبل مثل “هند رستم” و”سعاد حسني” و”شكري سرحان” و”فريد شوقي”، أو مجموعة من نجوم الجيل الأحدث الذي ظهر في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات مثل “نجلاء فتحي” و”ميرفت أمين” و”عزت العلايلي” و”عادل إمام” وغيرهم.

وفاته..

توفى “يوسف وهبي” في 17 أكتوبر عام 1982 بسكتة قلبية مفاجئة.

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب