بقلم محمد مختار ( كاتب وباحث )
يروي أبو هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قوله : يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له. وهذا الحديث أخرجه البخاري برقم 1145 واللفظ له، وأخرجه مسلم برقم 758، ولكن كيف يكون هذا النزول مع أن الليل يختلف بالنسبة إلى الناس، فيكون أوله ونصفه وثلثه بالمشرق، قبل أوله ونصفه وثلثه بالمغرب. هل هو النزول المعروف، ولكن إذا كان النزول هو النزول المعروف، للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل؛ إذ لا يزال في الأرض ليل.؟ وهل معنى النزول أن الله يحل في الأرض ويترك عرشه ؟ وكيف نخرج من الشبهات حول هذا الحديث ؟ حول الشبهات في هذا الحديث ذهب جمهور من العلماء إلى أن الله سبحانه وتعاى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ، كما تواترت بذلك الأحاديث، وهو نزول يليق بجلاله سبحانه ، لا نستطيع أن نكيفه أو نتصوره ، وليس هو كنزول المخلوق بالانتقال من مكان إلى مكان ، بحيث يكون شيء فوقه، بل ينزل إلى السماء الدنيا، وهو على عرشه، وفوق جميع خلقه، فلا يكون شيء فوقه.
وذهب جمهور العلماء إلى أن حديث النزول فهو حديث صحيح رواه أصحاب الكتب التسعة كلهم عن أبي هريرة ولفظه : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له . فهذا النزول نزوله سبحانه حقيقة على الوجه اللائق بجلاله وكماله ، يدل على ذلك رواية مسلم وفيها : يقول : أنا الملك أنا الملك ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له . وهل يقول ملك من الملائكة : من يدعوني ، من يسألني ، من يستغفرني ؟ وذهبوا في هذا إلى ان نزول الله سبحانه وتعالى مغاير لنزول المخلوق، ولا يمكن للعبد تخيله، وليس له أن يتوهم أو يتخيل؛ فهو سبحانه “لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام” كما قال سبحانه : (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا) وما قيل في المكان يقال مثله في الزمان، فنزول الله عز وجل على أهل كل بلد يكون في ثلث ليلهم الأخير، ولا يقال: إنه يلزم من ذلك أن يكون نازلا طول الليل لأن الثلث يختلف باختلاف البلدان، فهذا إنما يقال إذا كان النزول كنزول المخلوق، وأما الله تعالى فلا نعلم كيفية نزوله
ما السؤال عن الله سبحانه وتعالى ب”أين” كمسألة تفصيلية من مسائل علم الكلام وأصول الدين فذهبت دار الإفتاء المصرية إلى أنه من الواجب أن يؤمن المسلمون بأن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، ومعنى كونه تعالى واجب الوجود: أنه لا يجوز عليه العدم، فلا يقبل العدم لا أزلا ولا أبدا، وأن وجوده ذاتي ليس لعلة، بمعنى أن الغير ليس مؤثرا في وجوده تعالى، فلا يعقل أن يؤثر الزمان والمكان في وجوده وصفاته.