22 ديسمبر، 2024 5:27 ص

وليد دماج.. كرس أدبه لمحاولة فهم تاريخ اليمن وأحداثه المعاصرة

وليد دماج.. كرس أدبه لمحاولة فهم تاريخ اليمن وأحداثه المعاصرة

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“وليد دماج” كاتب وروائي يمني كان له تأثيرا بارزا على حركة الأدب في بلده.

حياته..

“وليد أحمد ناجي دماج”  مواليد محافظة إب في 10 مارس 1973، ولد لأسرة أدبية معروفة، درس في إب وصنعاء وحصل على بكالوريوس محاسبة من جامعة صنعاء. أحب بالأدب منذ الصغر. تأثر ببعض الكتاب المعروفين،  مثل القاص زيد مطيع دماج، وأحمد قاسم دماج، الشاعر ورئيس اتحاد الأدباء اليمنيين لفترات طويلة، والدكتور عبد العزيز المقالح، والشاعر البردوني، والقاص محمد عبد الولي، وغيرهم.

الكتابة..

بدأ بكتابة الشعر ثم القصة القصيرة، ثم دخل عالم الرواية. عمل رئيسًا للمكتب التنفيذي لصنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004، ومديرًا تنفيذيًا لصندوق التراث والتنمية الثقافية، ثم مستشارًا لرئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتفرغ للكتابة.

صدر له روايات:

  1. “ظلال الجفر”، 2013.
  2. “هُـمْ”، 2016.
  3. ”وقش” 2019.
  4. ” أبو صهيب العزي” الصادرة مؤخراً عن “دار أروقة”.

الجوائز..

  • درع الشعراء الشباب 2004
  • جائزة دبي الثقافية لعام 2011 عن رواية “ظلال الجفر”.

الحرب والثقافة..

في حوار معه نشر في «دار الهلال»  يقول “وليد دماج” عن تأثر الحركة الثقافية باليمن بالحرب: “طبعًا أثرت الحرب تأثيرًا كارثيًّا على نمو الحركة الثقافية في اليمن، إذ تسببت الحرب في إفقار الكثير من الأدباء والمبدعين وتشريدهم، وتوقيف وإغلاق كافة دور النشر اليمنية، وصار النشر صعب داخل اليمن. وقد أثرت الحرب تأثيرًا مباشرًا على الحراك الثقافي اليمني، من خلال سيطرة بعض الجماعات الأصولية المتشددة على أجزاء كبيرة من البلاد وعلى رأسها الجماعة الحوثية وفرض الكثير من القيود على الإبداع وتدمير المؤسسات الثقافية، وإغلاق أغلب الصحف والمجلات، بالإضافة إلى منع دخول الكتب والدوريات والمجلات الثقافية إلى اليمن، مما جعل المبدع اليمني غير قادر على مواكبة التطورات الثقافية في الوطن العربي”.

وعن قلة تواجد الثقافة اليمنية في المجتمع العربي يقول: “أعتقد بأن الحركة الثقافية في اليمن رغم عدم تسليط الضوء عليها، حركة نشطة، واليمن مترعة بالشعراء المجيدين في كل المناطق، وهناك الكثير من الشعراء المتميزين في الشعر بكل أنواع وأجناسه سواء الفصحى أو الشعر الحر، أو ما يسمى بالشعر النثري، بالإضافة إلى الشعراء الشعبيين أو شعراء العامية، وهي أجناس وأنواع كثيرة في اليمن، ولابد هنا أن نذكر التطور الملحوظ والمتميز في جنس الرواية، والذي أضحى ينافس الشعر، وظهرت الكثير من الأعمال الروائية اليمنية التي لفتت الأنظار على المستوى الإقليمي والعربي، وأنا أعتقد أن هناك ما يشبه الثورة الروائية، جعلت حتى الكثير من الشعراء يتجهون لتجريب الكتابة الروائية”.

الرواية خلق عالم وحيوات..

وعن كتابة الرواية يقول: “تملكتني كتابة الشعر فترة طويلة كنت فيها شاعرًا ضمن شعراء، ولكني كنت أشعر بأن هنالك شيئًا ينقصني، وأنني لم أضع قدمي على المجال الذي يشبع قلمي ويقنع نفسي التواقة للاسترسال وسرد التفاصيل، وهنا لم تعد تقنعني الكتابة الشعرية، وما إن بدأت في تجريب الكتابة الروائية حتى تلبستني ووجدت أنها المجال الذي يمكن أن أبدع فيه وأتميز.

الرواية خلق عالم وحيوات وتكاد تحوي كل الأجناس الأدبية، وهي مجال التحدي الذي وجدت نفسي فيه، وعمومًا أنا لم أترك الشعر نهائيًّا وأحيانًا يأتيني هاجسه فأكتب بعض القصائد، ولكنني أكتبها لنفسي أو لتنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكني الحقيقة أقول بأنني شاعر ضعيف مقارنة بكوني روائي، وعليَّ فعلًا أن أترك كل شيء في سبيلها، فالرواية تستسلب كاتبها ولا تقبل في رأئي بشيء ينافسها أو يزاحمها، لذا تجد أن الكثير من الروائيين الذين بدئوا بكتابة الشعر تفرغوا بشكل كامل للرواية، وهجروا الشعر أو تركوه”.

وعن الرموز في كتابته يقول: “الرمز بالنسبة للمبدع أحد أهم أدواته الكتابية، والكتابة الروائية أو الإبداعية يجب ألا تكون توصيفية مباشرة، وإلا لأصابها الجمود والجفاف، الرمز يخلق الحيوية في الكتابة الإبداعية، وينفخ فيها عنصر التشويق أحد أهم عناصر الكتابة الروائية.

فالرموز تتيح لنا أيضًا القدرة على التعرض للكثير من القضايا والمجالات التي يصعب الكتابة عليها بشكل مباشر، وقد تمنح الكاتب قدرة أكبر على إشراك القراء في العمل الروائي من خلال الإدراك والفهم المختلف والمتنوع لهم لتلك الرموز، الأمر الذي يجعل النص متجددًا وقابلًا للبقاء”.

“ظلال الجفر”..

وعن فوز “ظلال الجفر” بجائزة دبي الثقافية يقول: “كانت روايتي “ظلال الجفر” هي عملي الأول ولم أكن أتوقع أن أحصل على الجائزة من بين الكثير من الروائيين والمتمرسين، ولا شك أن لموضوعها وأسلوبها دور كبير، فقد ظلت الصوفية شغفي لفترة طويلة، وحاولت الخوض في عوالمها، وقرأت الكثير والكثير من إنتاجات وتجارب أقطابها وأعلامها حتى إني قرأت تقريبًا كل أعمال محيي الدين بن عربي، والحلاج، والسهروردي، وجلال الدين الرومي، وابن علوان والسودي وغيرهم.”..

الكاتب مجهول الهوية..

في حوار ثان معه أجراه “محمد الصباحي” يقول “وليد دماج” عن الواقع اليمني: “أثرت بهذا السؤال الكثير من الشجون فالمثقف اليمني يمكن أن يوصم بالغريب عن مجتمعه نجد أن المثقف يسير في اتجاه وأغلب المجتمع في اتجاه آخر، فالمجتمع لا يعطي المثقف مايستحق فنجد أن الكاتب أو المبدع أو الأديب مجهول الهوية بعكس المجتمعات، فالكثير من فئات المجتمع تحتقر الثقافة والأدب باعتبارها من النقائص وأصحابها من المعتدين على قيم المجتمع”.

وعن المشهد الثقافي اليمني في ظل الصراعات الثقافية العربية وانتشار العولمة يقول: “اليمن تمتلك رصيداٍ ثقافياٍ زاخراٍ رغم محاولة التجهيل المتعمدة في المجتمع العربي بشكل عام واليمني بشكل خاص، استطيع القول من خلال خبرتي في العمل الثقافي بأن اليمن تمتلك من الكوادر الإبداعية التي لو لقيت التشجيع الملائم لطغت على الوطن العربي، وأجزم بأنه سيكون هناك مبدعون على مستوى العالم”.

وعن الرواية اليمنية يقول: “العمل مازال في البداية وهناك مبدعون وكْتاب كثر لكنها بإلاجمال مازالت في البدايات، اليمن بدأت تستوعب فكرة الرواية وتخطو خطى حثيثة في المجال الإبداعي ولدينا في اليمن رواه مبدعون أمثال “زيد مطيع دماج” “محمد عبدالولي” وغيرهم”.

وعن السرد اليمني ومستقبل الرواية في اليمن يقول: “السرد في اليمن في حالة انتعاش رغم الظروف، فهناك كتاب أمثال “الغربي عمران – وجدي الأهدل” ومبدعون في كتابة الروايات في اليمن”.

وعن الكتابة يقول: “ليس لي حدود في الكتابة، واعتبر أن البحث عن الهوية هو أحد مقومات الإبداع الحقيقي، ثم لماذا البحث عنها ونحن نمتلك ذواتنا كمبدعين. الآن في طور كتابة جديدة تدور حول تلك الحالة المستلبة للإنسان، التي يمكن تجليها من فكرتي كإنسان فاعل إنها قصة الجنون.

القراءة ليس لها حدود حدودها الإبداع وجودة ماتقرأه، لهذا يمكن أن تجد ضالتك في كاتب مغمور ويمكن أن تقرأ لأشهر الكتاب دون أن تفهم شيئاٍ اقرأ ل”نجيب محفوظ، أمين معلوف” وغيرهما”.

أول رواية..

وفي حوار ثالث مع موقع (ارفع صوتك) أجراه “غمدان الدقيمي” يقول “وليد دماج” عن أول رواية له: “في أواخر صيف 2009 جاءت فكرة روايته الأولى “ظلال الجفر”، التي صدرت طبعتها الأولى عام 2013، عن دار الآداب اللبنانية، وطبعتها الثانية عن دار أروقة في مصر عام 2015. وهذه الرواية تبحث في كتاب الجفر المنسوب لعلي ابن أبي طالب، والذي يقال إنه يحوي علم الدنيا والدين. كانت فرحتي غامرة كونها تجربتي الأولى وتفوز وكانت حافزا كبيرا لي للاستمرار في الكتابة الروائية. كما أنها أبرزتني كأحد كتاب الرواية في اليمن من العمل الأول”.

هم..

وعن روايته الثانية “هم” يقول: “بقيت في مصحة عقلية لعدة أيام، أعيش فيها بين المفارقين، حتى ظننت أني تمكنت من تمثل حالة الكثير منهم”.

وعن رواية “وقش” يقول: “الكثير ممن قرأ الرواية التي يمتزج فيها التاريخ بالخيال، مستطلعا أحداث تلك الحقبة الزمنية من تاريخ اليمن، يجد الكثير من أحداثها ووقائعها تتشابه مع ما يحدث الٱن. وكأن التاريخ اليمني مجبول على التكرار، تكرار المآسي والحروب، وإعادة إنتاج أسباب متشابهة في كل مرة”.

وعن روايته “أبو صهيب العزي”، التي كتبها خلال العام 2018 أثناء تواجده في عدن والقاهرة يقول: “هي رواية مفتوحة، لأنها تخوض في موضوع الإرهاب والحرب الحالية القائمين في اليمن. ومحاولة لاستقراء أسباب ما يحدث من انقلابات، والخوض في أفكار بعض المذاهب والتيارات المتصارعة على الساحة: السلفية والحوثية والبهائية والأحمدية والعلمانية وغيرها”.

وفاته..

رحل عن عالمنا  صباح اليوم الجمعة، 19 أغسطس 2022 “وليد دماج” إثر أزمة قلبية مفاجئة، ووافته المنية عن 49 عامًا، ويعد من أهم رموز الثقافة، اليمنية والعربية.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة