15 نوفمبر، 2024 12:00 م
Search
Close this search box.

ولاء أكبر: الحقيقة والأكاذيب والزعامة

ولاء أكبر: الحقيقة والأكاذيب والزعامة

تأليف: جيمس كومي
عرض: آية عبد العزيز
بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على إقالة “جيمس كومي” المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (F.B.I)، على خلفية التحقيقات المرتبطة بالتدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية في 2016، التي مثلت ضغطًا على الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، وذلك وفقًا لما أبلغه “كومي” للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ.

أصدر “جيمس كومي” كتابه المُعنون “ولاء أكبر: الحقيقة والأكاذيب والزعامة”، في 17 أبريل/نيسان 2018. يعد هذا الكتاب تتويجًا لعقود من العمل القانوني، كمحاميًا أميركيًا لمنطقة جنوب نيويورك، ثم نائبًا للمدعي العام الأميركي في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق “جورج بوش الابن”، وأخيرًا مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي بين عامي 2013-2017.

ويذكر، أن الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” أقال “جيمس كومي” مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي يوم الثلاثاء الموافق 9 مايو/ أيار 2017.

جاء عنوان الكتاب مُستوحى من حوار “كومي” مع الرئيس “ترامب”، الذي جرى في البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2017؛ حيث طلب منه الولاء شخصيًا له باعتباره مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، الأمر الذي نفاه “ترامب” على “توتير”، وذلك وفقًا لما أوضحه “كومي” لمحطة (إيه.بي.سي نيوز). ويأمل الكاتب أن يكون الكتاب مصدر تحفيز للجميع في التفكير في القيم، مع البحث عن قيادة تجسد تلك القيم

يرتكز الكتاب على عدد من الموضوعات المركزية من أبرزها العواقب الوخيمة للكذب، والآثار المدمرة لإعلاء الولاء للأفراد على حساب الولاء للحقيقة وسيادة القانون. ويضيف أن “الكذب والخداع” كان مركزياً “لمشروع كامل للجريمة المنظمة على جانبي المحيط الأطلسي”. ويُبرهن الكاتب على ذلك بقوله “إننا نمر بوقت خطير في بلدنا”، حيث تتنازع الحقائق الأساسية، وتكون موضع تساؤل، والكذب طبيعي، كما يتم تجاهل السلوك غير الأخلاقي.

محورية الحقيقة “The Truth”

يُجادل الكاتب فهم “الحقيقة” باعتبارها التزام أساسي للقادة في المؤسسات العامة، وكمبدأ قانوني، باعتبار أن النظام القضائي لن يعمل بكفاءة وفعالية بدون قول الحقيقة، فبدون الحقيقة سيتبدد النظام بل والمجتمع بأسره. بالإضافة إلى إنها مبدأ للقيادة فإذا لم تنتهج القيادات العليا في المجتمع الحقيقة كقيمة أساسية في إداراتهم، ولم يستمعوا إلى الآخرين، فإنهم لن يستطيعوا اتخاذ قراراتهم بشفافية وبشكل جيد، فهم لا يستطيعون تحسين أنفسهم، ولا يمكنهم إلهام الثقة بين من يتبعونهم. إن الالتزام بالنزاهة والولاء الأكبر للحقيقة هما ما يفصل القائد الأخلاقي عن أولئك الذين يحتلون أدواراً قيادية.

وعليه فقد استقى الكاتب من خلال مسيرته المهنية معنى أن يكون هناك ولاء أكبر في الحياة، موضحًا أن الولاء لا يستقيم لشخص أو حزب أو مجموعة من الناس، ولكنه يكون للقيم، وتأتي في صدارة هذه القيم “الحقيقية”.

مركزية القيادة الأخلاقية “”Ethical Leadership

يتناول الكتاب مذكرات “كومي” المهنية، والمحفوفة بالمخاطر خلال العقود الماضية، محاولًا استكشاف كيف تبدو القيادة الأخلاقية الجيدة؟، وكيف تكون ذات قرارات صائبة؟، فبرغم من كونه ليس خبيرًا بهذا الشأن، إلا إنه قضى عقودًا من الزمن في التفكير في هذه المسألة منذ أن كان طالبًا وحتى الآن، وذلك لإنه يعتقد أن هناك مسئولية تقع على عاتق المهتمين بهذه المسألة لدفع الحوار والتحدي بين القادة ليكونوا أفضل.

كما يوضح الكاتب أن من سمات “القادة الأخلاقيون” إنهم يمتلكون رؤية على المدى الطويل، وأن الهدف الأسمى لكل خطوة يقومون بها تكون من أجل الوصول إلى قيم دائمة. وقد يجدون قيمهم في تقليد ديني أو نظرة أخلاقية للعالم أو حتى تقدير للتاريخ. ولكن هذه القيم مثل الحقيقة والنزاهة واحترام الآخرين، -على سبيل المثال- بمثابة نقاط مرجعية خارجية للزعماء الأخلاقيين لاتخاذ القرارات، وخاصة القرارات الصعبة التي لا يوجد فيها خيار سهل أو جيد.

بجانب عدم الهروب من النقد، والإصرار على الخطأ. مشيرًا على ضرورة الاستماع للآخرين الذين يختلفون مع القادة لثقب إغراء اليقين. فالقادة الذين يعتقدون إنهم لا يخطئون، في أحكامهم أو قراراتتهم أو وجهات نظرهم، ما هم إلا خطر على المنظمات والأفراد التي يقودها، وفي بعض الأحيان قد يكونوا خطرًا على الأمة والعالم.

واقع ما بعد “ترامب”

“ولاء أكبر” أول كتاب يتم نشره من قبل فاعل رئيسي وبارز في الإدارة الأميركية للرئيس “ترامب”. يُقيم “كومي” من خلاله سلوك الرئيس “ترامب”، واصفًا إياه بانه “غير أخلاقي” وغير ملتزم بالقيم المؤسسية، فضلًا عن كونه جاهل بشأن واجباته الأساسية كرئيس، كما يستهين بالضوابط والتوازنات التي تحمي الديمقراطية الأميركية، بما في ذلك استقلال القضاء وتطبيق القانون.

يحتوي الكتاب على شهادة “كومي” التي قدمها أمام لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ في يونيو/حزيران 2017، بشأن ما تردد حول ضغط “ترامب” عليه ليترك التحقيق الخاص بمستشاره السابق “مايكل فلين”. ويصف الكاتب رئاسة ترامب بـ “حريق الغابات” الذي يلحق ضررًا جسيمًا بأعراف البلاد وتقاليدها. كما لا يتردد الكاتب في تشبيه الرئيس الأميركي الحالي برؤساء المافيا.

يعرض الكتاب بعض التفسيرات المنطقية وراء القرارات الخطيرة التي اتخذها “كومي” بشأن رسائل وزيرة الخارجية السابقة “هيلاري كلينتون” عبر البريد الإلكتروني خلال حملة في 2016 – تفسيرات تشهد على جهوده غير الحزبية وذات النوايا الحسنة لحماية المهاجرين.

يُقدم الكاتب الكثير من المعلومات الحادة عن بعض اللاعبين الرئيسيين في الإدارات الرئاسية الثلاث التي عمل بها؛ حيث رسم صورة لاذعة لنائب الرئيس الأميركي “Dick Cheney’s”، والمستشار القانوني “David S. Addington”، الذي قاد حجج العديد من المتشددين في البيت الأبيض لـ”جورج بوش الابن”؛ حيث يصف “كومي” وجهة نظرهم إن الحرب على الإرهاب تبرر تمديد القانون إن لم يكن كسره”.

ويروي الكاتب إنه تلقى بعد إقالته اتصالًا هاتفيًا من وزير الأمن الداخلي “جون كيلي” حينذاك، الذي أصبح كبير موظفي البيت الأبيض، يعبر “كيلي” من خلاله عن نيته في الاستقالة كرد فعل على استقالته، إلا إنه رفض مشددًا إلى أن البلاد بحاجة إلى أُناس مثله حول الرئيس، وتحديدًا هذا الرئيس.

في حين يتضمن الكتاب لأول مرة النقاش الذي دار بين “كومي” و”ترامب” المتعلق بالمزاعم غير المؤكدة حول سلوكه غير اللائق في موسكو عام 2013، فقد قام ضابط المخابرات البريطاني “كريستوفر ستيل” بتجميع تلك المزاعم في ملف، ولكن لم يتم التحقق من ذلك، إلا إن “ترامب” أنكر هذه المزاعم.

ختامًا؛ أثار الكتاب -الذي تصدر العناوين الرئيسية لأكثر من أسبوع، محققًا إقبالًا كبيرًا تمثل في بيع أكثر من 600 ألف نسخة خلال الأسبوع الأول- مخاوف البيت الأبيض وعدد من المسؤولين الجمهوريين من الأضرار التي قد يلحقها بإدارة “ترامب” التي عانت كثيرًا من الشائعات والإقالات.
المصدر/ المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة