إعداد/شذى خليل
تواجه الصناعة النفطية العراقية مجموعة من التحديات عام 2017، تشمل تنفيذ اتفاق «أوبك» لخفض الإنتاج، بنحو 200 ألف برميل يوميا، علماً انه يحتل المرتبة الثانية كأكبر منتج للنفط في منظمة اوبك ، لكنه يعاني من ضغوطات مالية هائلة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، والحرب ضد تنظيم الدولة (داعش)، وتحرير حقلي النفط ( القيارة & حمرين )، وإعادة أعمار المحافظات المدمرة ، فانه رغم عدم معارضته لقرار التخفيض، الا انه يجد صعوبة في تطبيقه، بسبب الحروب والعقوبات، وضعف المخزون النقدي بسبب انخفاض أسعار النفط، والفساد المالي والاداري .
وأكد وزير النفط العراقي جبار ان التراجع الحاد في أسعار النفط في أواخر 2014، شل الاقتصاد العراقي اذ بلغت مبيعاته من الناتج المحلي الإجمالي 60% فيما بلغت 90% من عائدات الحكومة.
وقال :” ليس من الحكمة أو المنطق أن تكون هندسة اقتصاد الدولة العراقية مصممة على مصدر واحد في دولة ريعية يمثل المورد الرئيسي للدخل فيها النفط”، مؤكدا توافر عناصر نجاح عملية التنمية والبناء المتكامل في العراق لما لديه من موارد مادية وطبيعية وبشرية.
واذا تتبعنا خريطة توزيع الحقول النفطية على المحافظات العراقية، وكميات إنتاجها، نجد أن محافظة البصرة جنوبي العراق تمتلك أكبر ثروة نفطية فيه، وتتميز بكثرة المعطيات، وسعة الخبرات بكل أشكالها من موارد طبيعية وبشرية .
وعلى الرغم مما أصاب البصرة من خراب ودمار وسوء إدارة وإهمال طيلة العقود الأربعة الماضية الا أنها ما زالت تحمل صفة أرض السواد التي تكتنز بطون أراضيها أغنى الثروات الهيدروكربونية والمعدنية، وربما الأعلى في المعمورة ، ذلك أنها تحتضن 15 حقلاً، منها 10 منتجة، و5 ما زالت تنتظر التطوير والإنتاج. وهذه الحقول تحتوي في صخورها على احتياطي نفطي يقدر بأكثر من 65 مليار برميل، أي نحو 59% من إجمالي الاحتياطي النفطي في العراق.
وتضم البصرة أكبر الحقول النفطية وتنتج وفقاً للإحصائيات الرسمية نحو 80% من النفط العراقي المصدر إلى الخارج، ومن الممكن ان تكون حاضنة لجذب الاستثمارات الخارجية والداخلية.
وفي محافظة ميسان جنوبي العراق يوجد 11 حقلاً منها 3 منتجة و8 غير منتجة، وتحوي ما مجموعه 8.5 مليارات برميل من الاحتياطي النفطي.
وتحتوي حقول محافظة كركوك، على 6 حقول، منها 4 منتجة و2 غير منتجة، وكلها تنتظر التطوير، مقدّراً الاحتياطي النفطي الموجود فيها بحوالي 13.5 مليار برميل، منه 12.35 مليار برميل في الحقول الحالية المنتجة والباقي في الحقول الجديدة غير المطورة. وهذا يعني أن الاحتياطي النفطي في كركوك يمثل حوالي 12% من مجموع الاحتياطي النفطي العراقي.
وصعوداً إلى العاصمة بغداد، فانها تحتوي على حقل واحد مكتشف حتى الآن، وهو “حقل شرق بغداد” ويقع في محافظتي بغداد وصلاح الدين وقد يمتد جنوباً داخل محافظة واسط، و ينتج الآن 20 ألف برميل يومياً.
احتياطي النفط العراقي
• يضم العراق أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعودية، ويبلغ أربعة أضعاف الاحتياطي النفطي الأميركي.
• يبلغ حجم احتياطي النفط العراقي المؤكد نحو 112 مليار برميل، فيما يبلغ احتياطي الغاز المعلن وفقاً لبيانات لوزارة النفط العراقية نحو 126 تريليون قدم مكعبة.
• يقدر الاحتياطي النفطي غير المؤكد بحدود 360 مليار برميل، اذ ان نسبة 80% من نفط العراق ما تزال غير مؤكدة، ولذلك ويبلغ احتياط النفط العراقي حوالي 10.7% من إجمالي الاحتياطي العالمي.
• يمتاز النفط العراقي بوجود جميع حقوله في اليابسة، لذلك فان تكاليف إنتاجه تعد الأقل في العالم إذ تتراوح بين 0.95 و1.9 دولار للبرميل الواحد، مقارنة بتكلفة إنتاج البرميل في بحر الشمال التي تصل إلى عشرة دولارات.
• يوجد في العراق جميع أنواع النفط من خفيف ومتوسط وثقيل.
• يوصف العنصر البشري العامل في قطاع النفط العراقي بأنه من أفضل العناصر كفاءة في الشرق الأوسط.
هبط إنتاج النفط العراقي بعد 2003 ، ثم ارتفع في سنة 2004 إلى حدود 2.3 مليون برميل يوميا، غير أن الإنتاج بلغ في فبراير/شباط 2007، حوالي 1.54 مليون برميل يوميا.
وأظهرت بيانات رسمية أن العراق أنتج 4.7 مليون برميل يوميا في2016، ولكن قطاع النفط يعاني منذ 1980، غياب عمليات الصيانة والادامة، حيث توجد منشآت ومعدات يزيد عمرها على عشرين عاما، بالإضافة الى تعرضه لعمليات التخريب للسلب والنهب، التي دمرت الأنابيب.
وعلى الرغم من توفر الإمكانات المالية الكبيرة لنشاط الاستثمار الا أن ما تحقق خلال العقود الأخيرة لا يرتقي الى درجات الطموح، وعليه يتطلب وبشكل مؤكد اجراء مراجعة شاملة تستند الى معايير علمية ونهج واضح لقوانين وأنظمة جديدة مع التركيز على إدخال تغييرات جذرية وجوهرية في هيكلة القطاع وتصحيح مسارات عمله.
كما يتطلب الاستثمار التركيز على قطاع الطاقة وتنمية الثروة النفطية والغازية في العراق ووضع خطط علمية واضحة في مساهمة الاستثمارات الأجنبية، ذات الخبرة في تحسين وتطوير منظومات الطاقة الكهربائية، واعتماد برنامج لاستحداث الطاقة المتجددة في بعض المجالات الخدمية والمنزلية ثم توسيع استخداماتها.
وادى انخفاض أسعار النفط الخام الى مستويات متدنية، الى الهلع والفزع ليس في أوساط القائمين على ادارة شؤون الدولة بل شمل قطاعات وشرائح واسعة من المجتمع العراقي ، فمن المعلوم أن تقلبات الأسعار والدوائر الاقتصادية للنفط ظهرت منذ الحقب الاولى في الصناعة النفطية وازدادت في الخمسينيات من القرن الماضي والتي على أثرها انبثقت منظمة البلدان المصدرة للنفط ( أوبك ) وأخذت مسارات متفاوتة ازدادت حدتها عام 1973 خلال حرب اكتوبر مع اسرائيل ، ثم ازدادت حدة خلال الحرب العراقية الإيرانية حتى وصل سعر البرميل الواحد أقل من ( 7 ) دولار، ثم عاودت التوازن لتهوي الى مستويات دنيا مباشرة بعد توقف الحرب في الثمانينيات، ما ادى الى استمرت حروب النفط بلا انقطاع ولكن بدرجات متفاوتة، والتي ربما تكون أحد الدوافع في احتلال العراق للكويت.
ويواجه اليوم العراق تحديات كبيرة، وخاصة في القطاع النفطي ، وتعود لأسباب عدة منها وجود خزينة خاوية وحروب شرسة باهظة التكاليف يضاف لها فساد مستشر على كل الأصعدة يضعف امكانات ومقومات الاقتصاد الأساسية .
وهناك عامل مهم ومؤثر في الاقتصاد العراقي يتمثل في التضخم العالي في كلف الاستخراج والانتاج والتشغيل وتصاعد حصص الربحية لعمليات النفط المرتبطة بشركات النفط في عقد وجولات التراخيص.
وللمحافظة على الثروة النفطية العراقية شدد وزير النفط على محاربة الفساد والاصلاح واسناد المناصب بعيدا عن المحصصات والفئوية، ورفع شعار الاصلاح ومكافحة الفساد والفئوية.
ودعا “الى حل الخلاف النفطي بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة الاتحادية” مؤكدا انه “لا توجد صعوبة في ذلك ولا يوجد شيء اسمه مستحيل”.
ويصدر إقليم كوردستان نحو 500 ألف برميل يوميا بشكل مستقل عن بغداد فيما ينتج العراق نحو 4.7 مليون برميل من النفط الخام يوميا معظمه من المنطقة الجنوبية، كما أعلنت شركة “نفط الجنوب” المملوكة للدولة، التي اشارت الى وجود 13 مصفاة بحاجة إلى التطوير لزيادة إنتاج المشتقات النفطية.
وشدد لعيبي على وضع خطة لتعزيز قطاع النفط في البلاد، تتضمن زيادة معدلات التصدير النفطي والغازي إلى جانب تعظيم تخزينهما، وزيادة معدلات الإنتاج النفطي والغازي ورفع القدرة التصديرية، وتعظيم الاحتياطي الوطني من النفط والغاز، ما يؤدي بالنتيجة الى أن يأخذ العراق مكانته المؤثرة التي يستحقها في منظمة أوبك والمحافل الدولية”.
ويعد العراق واحداً من أكثر البلدان النفطية تضرراً بهبوط أسعار النفط، خصوصاً بعد تدني الأسعار إلى اقل من 40 دولاراً، ما يعني مضاعفة العجز المالي في الموازنة السنوية، اذ يعتمد العراق على نسبة تتجاوز 90% من إيراداته المالية من النفط.
واوضح وزير النفط ، ان خطط الوزارة المستقبلية هي استثمار الغاز بالطريقة المثلى ، مبينا وجود كميات كبيرة من الغاز ينتج مع استخراج النفط دون استثمار.
واكد ان” الوزارة ستدخل عهدا جديدا من العمل على كل المستويات وان عام 2017 ستكون فيه مشاريع كبيرة في قطاع النفط والغاز ، داعيا شركة شل الى الاستمرار في عملها وتطويره من خلال زيادة الانتاج واستثمار الغاز والدخول في نشاطات الطاقة الكهربائية في البلاد”.
واضاف ان” وزارة النفط تتطلع الى تقوية وتطوير العلاقة مع شركة شل للنهوض بقطاع النفط في العراق، ما ينعكس ايجابا على قطاع النفط والغاز”. وفتح افاق جديدة للتوسع في عملية التسويق العالمية عبر شركة سومو بالاستفادة من الخبرة الكبيرة التي تمتلكها شركة شل في هذا المجال، والاهتمام بأعداد الكوادر العلمية وتأهيلها .
وكان عقد اجتماعاً في محافظة البصرة مع مسؤولي الشركات النفطية الوطنية، تمت فيه مناقشة الخطط والبرامج للسنوات 2020،2019،2018،2017 لقطاعات الاستخراج والتصفية والحفر وصناعة الغاز والتوزيع والتعليم المهني النفطي والتدريب .
وشدد على ان الوزارة تضع الخطط الطموحة من اجل الارتقاء بالبنى التحتية وتنشيط قطاع الاستثمار في عملية التنمية والتطوير بهدف الاستثمار الامثل للثروة النفطية وتنمية وتطوير القطاع النفطي ، مؤكدا ان الوزارة وبفضل جهود العاملين في القطاع النفطي العراقي نجحت في تحقيق زيادات غير مسبوقة في الانتاج والتصدير وفِي تلبية احتياجات ، و بذل الجهود الاستثنائية في تلبية احتياجات العوائل النازحة والمواطنين في المناطق المحررة.
وبين لعيبي ان من المشاريع النفطية المهمة للعراق هو مشروع إمداد العراق للكويت بنحو 200 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا، وهذا المشروع ليس جديدا، بل كان يعد له منذ فترة طويلة وتحديداً بين عامي 2004 و2008، وتم الاتفاق على تزويد الكويت بـ200 مليون قدم مكعبة يوميا تبدأ بـ50 مليون قدم وتتدرج إلى 100 ثم 200 قدم مكعبة في اليوم، لكن هذا المشروع واجه بعض الصعوبات وتوقف حينها ونطمع إلى إعادته إلى الواجهة مرة أخرى.
ونشر وزير النفط السابق عادل عبد المهدي دراسة تحت عنوان “الحسابات المالية للشركات للفترة 2011-2015″، بين فيها معلومات مهمة عن النفط العراقي، ومنها:-
1- الانتاج الكلي من الحقول= 4,669,898,152 مليار برميل؟
2- الانتاج الاساس = 2,348,437,726 مليار برميل (الانتاج قبل الجولات محسوباً منها هبوط الانتاج سنوياً 5%).
3- الزيادة في الانتاج (فوق الانتاج الاساس)= 2,321,460,426 مليار برميل.
4- العوائد المالية للإنتاج الكلي = 395,549,902,281 مليار دولار.
5- المدفوع للشركات (الكلف البترولية والاضافية)= 46,039,214,618 مليار دولار.
6- ربحية الشركات المقاولة = 2,257,271,507 مليار دولار.
7- الضريبة المدفوعة للخزينة = 1,213,567,268 مليار دولار.
8- العائد المالي الاجمالي الصافي للدولة = 348,356,488,855 مليار دولار.
ووصف عبد المهدي العقود على مدى السنين بالجيدة ، مثل الاستثمارات بالأسعار الطبيعية للنفط. وان جميع المنشآت والابار والاحتياطات النفطية هي ملك العراق عندما تنتهي هذه العقود.
واشار الى ان العقود قد تبدو مكلفة عندما تحتسب على مدى الايام والشهور خصوصاً عند انخفاض اسعار النفط، ولكنها اطلقت نهضة كبيرة في القطاع النفطي من حيث الكميات والموارد والمستقبل، وكشفت ايضاً عن بعض الثغرات الاقتصادية والبنيوية والاجرائية وفي انماط العمل التي يجب التعاون مع مجلس النواب والوزارات والشركات لتصحيح مساراتها.
خط بصرة – العقبة
المدينة الأردنية الواقعة على ساحل البحر الأحمر، تبحث عن شريان حياة يمد اقتصادها بالازدهار وموقعها الجغرافي بالاستثمارات الجديدة، فيما يبحث العراق عن أسواق جديدة لنفطه الذي يشهد أسعاراً متراجعة عالميا، ففي 9 نيسان 2013، وقع العراق والاردن، اتفاقية لمد أنبوب لنقل النفط العراقي الخام من البصرة إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة، على ساحل البحر الأحمر وبتكلفة نحو 18 مليار دولار، وكان وزير النفط العراقي السابق ، عادل عبد المهدي، أعلن عن تشكيل ائتلاف عالمي لإقامة هذا الخط من مدينة البصرة العراقية إلى ميناء العقبة ، لافتا الى إن شركة صينية وشركات أجنبية اخرى وقعت على اتفاق بكين لتشكيل ائتلاف (كونسورتيوم) للاستثمار في اقامة خط لأنابيب النفط يربط مدينة البصرة الجنوبية بميناء العقبة على البحر الأحمر.
ويعد خط بصرة –عقبة من المشاريع المهمة لكلا البلدين( الاردن ، العراق) ويمتد من مدينة النجف جنوبي العراق ويسير بمحاذاة الحدود السعودية وصولا الى العقبة جنوبي الأردن ، و سيتم بناؤه وفق نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T ) لفترة تمتد من 15- 20 عاما ثم تعود ملكية الأنبوب الى البلدين إلى مدينة العقبة ، ويمتد هذا الأنبوب مسافة مقدارها 1700 كم عبر مرحلتين، الأولى تمتد من البصرة إلى حديثة غربي العراق، والثانية تمتد إلى أن ينتهي في ميناء العقبة لتصدير النفط إلى باقي العالم.
وسينقل الجزء الأول من الأنبوب حوالي 2.25 مليون برميل نفط يوميا، فيما تبلغ كمية النفط التي ستصل إلى ميناء العقبة عبر الأنبوب مليون برميل يوميا وسيتم تحويل 850 ألف برميل إلى مصفاة البترول الأردنية، بالإضافة إلى أنبوب آخر لنقل 100 مليون متر مكعب يوميا من الغاز سيقوم الأردن باستخدامه لإنتاج الكهرباء. ويُتوقع الانتهاء من تنفيذ المشروع عام 2017، وتقدر تكلفته بنحو 18 مليار دولار، وتتكفل الحكومة العراقية بمد الأنبوب بالكامل على نفقتها.
وختاما اكد وزير النفط جبار القول خلال منتدى الطاقة العالمي في ابو ظبي في يوم 13/1/2017 ، ان العراق ماض نحو تطوير صناعته النفطية رغم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها.
وأشار الى إن “العراق وبالرغم من جميع التحديات التي يواجهها بحربه ضد الارهاب والأزمة الاقتصادية العالمية فانه ماض نحو تطوير صناعته النفطية”.
واوضح التزام العراق بقرار منظمة أوبك بتخفيض الإنتاج من اجل دعم استقرار سوق النفط العالمي”، مؤكدا ” تكاتف جهود الجميع للعمل معاً من خلال تحقيق التوازن في العرض والطلب من اجل استقرار السوق وامن الطاقة لينعكس ذلك ايجابيا على الدول والشعوب”. وأكد الحاجة للمضي قدما في زيادة إنتاج النفط والغاز العراقي من خلال تعزيز الجهود المحلية وجهود الشركات الحاصلة على تراخيص خلال 2017 .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية