13 أبريل، 2024 7:22 ص
Search
Close this search box.

هل دور البطولة هو الأنسب لأطفالنا وقت الأزمات؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

مراجعة نقدية لآخر إصدار من الأمم المتحدة موجه للأطفال لمحاربة كوفيد19-
“أريدك أن تكوني بطلتي يا سارة!” هذا ما قالته أم سارة خلال حديثهما قبل النوم حول فيروس كوفيد-19 أو كورونا المستجد… ولكن سارة لم تشعر أبدًا أنها البطلة؛ “الأبطال لديهم قوى خارقة، ماذا لدي أنا؟” تساءلت سارة، ليظهر أريو، كائن خيالي يشبه التنين أتى من أحلامها، ويطير الاثنان في رحلة الإجابة عن تساؤلات سارة ليتعرفان على أطفال من دول مختلفة وكيف يتعاملون مع فيروس كورونا المستجد.

كتاب “بطلتي أنتِ: كيف يمكن للأطفال محاربة كوفيد-19!” صدر إلكترونيا عن لجنة مشتركة بين وكالات الأمم المتحدة كتبته ورسمته هيلين باتوك وتمت ترجمته إلى عدة لغات، العربية منها.

تحمسنا لصدور مثل هذا الكتاب، الذي بلا شك مهمته الأولى مساعدة الأطفال في عالمنا على تجاوز هذه الأزمة بأقل التأثيرات السلبية النفسية الممكنة. وبما أن الأعمال الأدبية العربية الموجهة للأطفال ذات الجودة العالية غير متوفرة بسهولة، كما توجد صعوبة في الوصول إليها بالنسبة لفئة عريضة من الأطفال والأهل والمعلمين في كثير من الدول العربية، فإن أي مبادرة لنشر كتاب مجاني باللغة العربية من قبل جهة دولية غير ربحية يجعلنا نعلق آمالًا عليها. وبحماس تمت القراءة الأولى، التي بينت العديد من الأمور الإيجابية في هذا الكتاب: جعل البطل طفلة سمراء، والحرص على إظهار أطفال من ثقافات ومجتمعات مختلفة، وعرض بعض الطرق للتعامل مع المشاعر المربكة التي تظهر في هذه الأزمة، والتأكيد أن بعض المصابين بالمرض يشفون، وأن مشاعر الصداقة والمحبة لا تتوقف أمام المرض.

أولا نعرفكم بأنفسنا. نحن مجموعة من النساء المتخصصات في مجالات أدب الطفل والصحة النفسية للأطفال والمراهقين في المنطقة العربية وبعد قراءة الكتاب عن قرب، قررنا تقديم بعض الآراء البناءة النابعة من خبراتنا.

في مقدمة الكتاب وبخط صغير، ينصح صُناع الكتاب أن يقوم أشخاص راشدون، من أولياء أمور أو معلمين أو مقدمي رعاية، بالتحضير للقراءة ومشاركة الأطفال في قراءته. هناك صورة صغيرة لأم وطفلها في أسفل بعض صفحات الكتاب؛ ربما للتأكيد على القراءة المصاحبة لبعض الأجزاء. كما تم التنويه عن وجود دليل وأنشطة تكميلية مصاحبة للكتاب ولكن لم يتم نشر هذه الموارد بعد.

لذلك نود أن نلفت الانتباه إلى عدد من النقاط الهامة التي من شأنها مساعدة القارئ على تحليل الكتاب والتعاطي معه في ظل غياب هذه الموارد التكميلية.

الكثير من المواضيع والقضايا في كتاب واحد لفئة عمرية صغيرة: يتطرق الكتاب إلى الكثير من المواضيع الدقيقة في الوقت نفسه ويتعامل معها بشكل عابر. فكانت النتيجة كتابًا مزدحمًا بالقصص المنفصلة المتصلة التي أفقدته التأثير المنشود للفئة العمرية المستهدفة (11-6) سنة. كما يتناول الكتاب الصحة النفسية للأطفال ويقترح آليات للتعامل مع مشاعر القلق والخوف مثل تمارين التنفس والتخيل وكتابة الرسائل للأصدقاء والأحباب. هذه الآليات فعّالة لحد معين ولكنها غير مناسبة لكل الأطفال ولا تتم بهذه البساطة المطروحة لأنها قد تترك أثرًا سلبيًّا أكثر من فائدتها. فعلى سبيل المثال، طرق التطمين في المخيمات تختلف عن طرق التطمين في السياقات الأخرى.

كان يمكن ببساطة أن يخرج من هذا الكتاب سلسلة من القصص المصورة الناجحة، على سبيل المثال وليس الحصر: الصداقة وكورونا: كيف يتعامل الأطفال مع صديقهم المريض بكورونا قبل وبعد الشفاء؟ العلاقات العائلية وكورونا: كيف تتعامل الأسر المختلفة لمواجهة الفيروس وتبعاته؟ المخيم وكورونا: كيف يتعامل الأطفال النازحين واللاجئين مع كورونا في ظل اكتظاظ المخيمات؟

عدم التشويق في عرض المعلومات. ضعف الحبكة أثر على متعة القراءة. القصة عبارة عن تنقل سارة وأريو من منطقة إلى أخرى للتحدث مع أطفال مختلفين، فلا تصاعد أحداث ولا تشويق. لم ينجح الكتاب في جذب القارئ أو في تقديم المعلومات المفيدة بتسلسل مشوق. تم إعطاء المعلومات بشكل مباشر ورتيب فنرى مثلًا أن الصفحة الأولى بمثابة كتيّب عن الجائحة حيث تسرد الأم كل المعلومات بإجابة واحدة. كان من الممكن أيضا توظيف القصة والرسومات لإيصال مفاهيم التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي بصورة أفضل؛ مثلًا توضيح ما هو طول المتر أو المترين برسومات أو ربطها بأشياء معتادة ومعروفة للأطفال.

الخلط بين الحقائق والخيال في مواجهة وباء عالمي. لقد حاول الكتاب استخدام فكرة السفر بالخيال للتغلب على الحظر إلا أن استخدام مشاهد واقعية وحوار مبني على حقائق علمية جعلت الأمور ملتبسة لنا نحن الكبار فما بالك بالصغار. ليس هناك مانع من الخلط بين الواقع والخيال، بل على العكس هو أسلوب محبب في قصص الأطفال لكن الكتاب لم يستطع خلق التوازن المطلوب. في جملة واحدة يخرق الكائن الخرافي كل قواعد العزلة باستخدام حجة “لا يمكن لأي شيء أن يؤذيك إذا سافرت معي” ليعطي بذلك الضوء الأخضر للأطفال لخرق السلوكيات المطلوبة في زمن الجائحة.

الشخصيات ما بين التعددية والنمطية. سعى الكتاب إلى تقديم شخصيات متعددة الخلفيات مثل البطلة السمراء والطفلة في كرسي متحرك والأطفال اللاجئين وطفل من الشرق الأوسط وآخر من شرق آسيا. ولكن استخدام بعض الصور النمطية في الكتاب استوقفنا وبالأخص اختصار الثقافة العربية في طفل يرتدي الجلباب ويقف بالقرب من جمل! إضافة إلى ذلك، لم لا يكون المكان الآمن بالنسبة لسليم، الطفل المصري في القصة، الملعب أو المنزل أو غيرها من الاحتمالات العديدة الأخرى غير الدينية؟

الترجمة والتعريب. استخدم النص الأصلي للكتاب مستوىً جافًا من اللغة لا يتناسب مع الفئة العمرية المستهدفة (11-6 سنة) انعكس بوضوح في الترجمة بل وزاد الأمر سوءًا. لقد وجدنا أن النسخة العربية من الكتاب مترجمة حرفيًا وليس بها أي مجهود في التعريب مما نتج عنه نص غير سلس من حيث المصطلحات وبناء الجمل؛ إضافة إلى الكثير من الأخطاء اللغوية والنحوية والمطبعية.

مما لا شك فيه أن صدور كتاب مجاني للأطفال ذي رسوم دافئة وجذابة وسهل التحميل عن فيروس كورونا المستجد هو أمر هام وجهد مشكور. إن كتاب “بطلتي أنتِ” مليءٌ بالنوايا الحسنة ولكن تعدد المواضيع المطروحة أدّى إلى فقدان العمق في تناول الكثير من الأمور.

كما أن تسمية القصة “بطلتي أنتِ” تشير إلى التمكين وإعطاء الطفل شعور بالتحكّم ونوع من الشراكة في الوقاية. بالطبع إن إدراك نقاط القوة في الشخصية، يجعل الطفل يشعر وكأنه بطل خارق بالفعل في مواجهة المواقف الصعبة. ولكنها عملية صعبة ولا تأتي بالتشجيع والتطمين فقط دون الاعتراف بمشاعر الطفل من خوف وقلق. والدة الطفلة سارة بطلة القصة تطلب منها أن تضغط على نفسها وتصبح بطلة مستخدمة عبارة مبهمة جدًا “عليك أن تبقي في أمان لصالحنا”؛ ذلك يشكل عبئًا نفسيًا إضافيًا على أطفالنا.

في النهاية، لا يوجد كتاب للأطفال في وقت الأزمات وآخر في أوقات الرفاه، الكتاب الجيد هو الكتاب المناسب في كل الأوقات، والكتاب الجيد من وجهة نظرنا هو الكتاب الذي يحترم مشاعر وإدراك الطفل ويخاطبه من خلال قصة وشخصيات ولغة وإخراج فني مناسبين لعمره وتكوينه العاطفي. حاول كتاب “بطلتي أنتِ” أن يوفر وسيلة للتواصل مع كل أطفال العالم خلال هذه الأزمة لكنه أشبه بحافلة مكتظة بشخصيات نمطية وأمتعة كثيرة مما جعل التفاعل معه صعبًا للصغار والكبار على حد سواء.

ربى بيضون، كاتبة ومنتجة موارد للأطفال
سوزان أبو غيدا، مدونة مرسال لأدب الطفل
ميراندا بشارة، وهند بدوي، ورنيم حسن، وسهير أباظة، حادي بادي لأدب الطفل واليافعين بالعربي
خولة أبو سعدة، أخصائية تعليمية ونفسية للأطفال والمراهقين
منار هزاع، حكاءة وكاتبة أطفال
ندى الأحمر، مدونة حكايتي حكيتها لمراجعة كتب الأطفال

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب