خاص: إعداد- سماح عادل
“نيل جيمان” كاتب وروائي بريطاني..
التعريف به..
وُلد “نيل ريتشارد غيمان” في 10 نوفمبر 1960، وهو كاتب قصص خيال قصيرة وروايات وكتب مصورة وروايات مصورة ومسرح صوتي وأفلام. تشمل أعماله سلسلة الكتب المصورة رجل الرمل –The Sandman ورواية ستاردست Stardust، وآلهة أمريكية American Gods، كورالاين Coraline، وذا غريفيارد بوك The Graveyard Book.
عائلته من أصل يهودي بولندي من يهود شرق أوروبا، هاجر جده الأكبر من أنتويرب، بلجيكا إلى أمريكا قبل 1914 واستقر جده في في جنوب إنجلترا في مقاطعة هامبشير في مدينة بورتسموث وأسس سلسلة من محلات البقالة. عمل والده ديفيد بيرنارد غريمن في نفس سلسلة المحلات، بينما كانت والدته شيلا غيمن صيدلانية، كما كان له أختان هما كلير وليزي.
بعد أن عاشوا لفترة في بلدة بورتشستر، هامبشير حيث وُلد نيل في 1960، انتقلت عائلة غريمن في 1965 إلى بلدة غرب ساكس حيث درس والداه في مركز العلوم في البلدة، حيث عملت إحدى أخوات نيل في إحدى الكنائس في لوس أنجلوس. قالت أخته الأخرى ليزي «لقد كانت معظم نشاطاتنا الاجتماعية في مركز العلوم أو مع عائلتنا اليهودية. لقد كان الأمر مربكا للغاية عندما كان الناس يسألونني عن ديني وأنا طفلة، فقد كنت أقول أنا يهودية مؤمنة بالعلم».
استطاع نيل القراءة في عمر الرابعة، وقال «لقد كنت قارئا. لقد أحببت القراءة. لقد أعطتني قراءة الأشياء السعادة. كنت جيدا في معظم مواد المدرسة ليس لأني كنت ميالا إليها، ولكن لأنهم كانوا يعطوننا عادة في أول أيام الدراسة الكتب المدرسية وكنت قد قرأتها مما يعني أنني كنت أعرف القادم، لأنني قرأته بالفعل». عندما كان نيل في عمر العاشرة، تمكن من قراءة أعمال دينيس ويتلي إذ كان لكتابي The Ka of Gifford Hillary و The Haunting of Toby Jugg تأثير كبير عليه. أحد الأعمال الذي أثر عليه كثيرا هو كتاب جون ر. تولكين سيد الخواتم The Lord of the Rings من مكتبة مدرسته، على الرغم من أنها احتوت فقط على أول مجلدين من الرواية. كان كثيرا ما يخرجها ويقرأها. لاحقا فاز نيل بجائزة المدرسة في اللغة الإنجليزية في مسابقة قراءة مدرسية والتي مكنته لاحقا من الفوز بالمجلد الثالث. في عيد ميلاده السابع، استقبل سلسلة سجلات نارنيا للكاتب سي. إس. لويس. تذكرها لاحقا وقال «لقد أحببت استخدامه لعبارات تحدثه مع القارئ وكأنه يتحدث إليك.. كنت أفكر» يا إلهي إن هذا رائع «لقد أردت فعل ذلك! عندما أصبحت مؤلفا، أردت فعل الشيء ذاته». كانت رواية أليس في بلاد العجائب للكاتب لويس كارول مغامرة أخرى في طفولته، وروايته المفضلة للأبد. استمتع غيمان أيضا بكتب باتمان المصورة كطفل.
أثناء طفولته وفترة مراهقته، قرأ غيمان أعمال سي إس لويس، وجيه آر آر تولكين، ولويس كارول، وماري شيللي، وروديارد كيبلينج، وإدغار آلان بو، ومايكل موركوك، وآلان مور، وستيف ديتكو، وغيرهم.
صرح “بيل” إن روجر زيلازني هو المؤلف الذي أثر عليه أكثر من غيره، مع هذا التأثير الذي شوهد بشكل خاص في الأسلوب الأدبي له والموضوعات التي يكتب عنها. استوحى “نيل” أيضًا من تقليد الحكايات الشعبية، مستشهداً بكتاب أوتا إف سواير عن أساطير جزيرة سكاي باعتباره مصدر إلهامه لـ «الحقيقة هي كهف في الجبال السوداء».
الصحافة..
في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، تابع الصحافة وأجرى مقابلات ومراجعات الكتب كوسيلة للتعرف على العالم ولإجراء اتصالات كان يأمل أن تساعده لاحقًا في نشره كتب واستعرض على نطاق واسع لجمعية الخيال البريطانية، وكان أول منشور له عن القصة القصيرة المهنية “Featherquest” القصة الخيالية في مجلة Imagine Magazine في مايو 1984.
عند انتظار قطار في محطة فيكتوريا بلندن في عام 1984، لاحظ غيمان نسخة من Swamp Thing كتبها ألان مور وقرأها بعناية. كان لنهج مور المرح والقوي للكاريكاتير تأثير كبير على غيمان لدرجة أنه كتب لاحقًا «كانت تلك القشة الأخيرة، ما تبقى من مقاومتي انهارت. شرعت في القيام بزيارات منتظمة ومتكررة لمتجر فوربيدين بلانيت في لندن لشراء كاريكاتير».
في عام 1984، كتب كتابه الأول، سيرة فرقة دوران دوران وكذلك غاستلي بيوند بيليف وكتاب الاقتباسات مع كيم نيومان. على الرغم من اعتقاد غيمان أنه قام بعمل فظيع، إلا أن الطبعة الأولى من الكتاب بيعت بسرعة كبيرة. عندما ذهب للتخلي عن حقوقه في الكتاب، اكتشف أن الناشر قد أفلس. بعد ذلك، عرض عليه وظيفة من قبل السقيفة، ولكنه رفض العرض.
كما كتب مقابلات ومقالات للعديد من المجلات البريطانية بما في ذلك مجلة كنافي. خلال هذا، كتب في بعض الأحيان تحت أسماء مستعارة بما في ذلك جيري موسغريف، وريتشارد جراي، وأسماء أخرى غيرهم. قال غيمان إنه أنهى مسيرته في مجال الصحافة عام 1987 لأن الصحف البريطانية تنشر بانتظام أكاذيب كحقيقة.
لا داعي للذعر..
في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، كتب كتاب «لا داعي للذعر: دليل هتشكر الرسمي رفيق المجرة فيما أسماه أسلوب الفكاهة الإنجليزية الكلاسيكية». بعد ذلك كتب افتتاح ما سيصبح تعاونه مع زميله المؤلف الإنجليزي تيري براتشيت في الرواية الكوميدية Good Omens حول نهاية العالم الوشيكة.
بعد تكوين علاقة صداقة مع الكاتب الكتاب الهزلي آلان مور، بدأ غيمان في كتابة الكتب المصورة والتقاط ميراكلمان بعد أن أنهى مور جولته في السلسلة. وقد كتب ثلاث روايات مصورة مع مساعده المفضل وصديقه القديم ديف ماكين: حالات العنف، وإشارة إلى الضوضاء، والكوميديا المأساوية أو مأساة كوميديا السيد بانش. إعجابًا بعمله، عينته دي سي كوميكس في فبراير 1987 وكتب السلسلة المحدودة أوركيد أسود (Black Orchid). قرأت كارين بيرغر، التي أصبحت فيما بعد رئيسة لشركة فيرتقو دي سي كوميكس (vertigo)، بلاك أوركيد وعرضت على غيمان وظيفة: إعادة كتابة شخصية قديمة The Sandman.
يروي فيلم The Sandman قصة التجسيد المجسم (Dream) الذي يعرف باسم العديد من الأسماء، بما في ذلك Morpheus. بدأت السلسلة في يناير 1989 وانتهت في مارس 1996. في العدد الثامن من The Sandman ، قدم غيمان والفنان مايك (Death) الأخت الكبرى لـ Dream، والتي ستصبح شعبية مثل شخصية عنوان السلسلة.
الروايات الخيالية..
في مقال له عن أهمية القراءة والخيال وتأثيرهما كتب ” نيل جيمان”: “في الواقع، أنا منحاز للغاية بصورة واضحة؛ فأنا مؤلف روايات، وغالباً ما أؤلف قصصاً من وحي الخيال، وأكتب للأطفال والكبار، وكنت أكسب رزقي من مؤلفاتي منذ نحو 30 عاماً عن طريق اختلاق الأشياء وكتابتها؛ لذا أهتم بأن يقرأ الناس، وأن تتواجد المكتبات وأمناؤها، ويساعدوا على تعزيز حب القراءة وتوفير الأماكن المُخصَّصة لها؛ إذ إنَّني منحاز ككاتب، وأكثر انحيازاً كقارئ، بل وأكثر انحيازاً كمواطن بريطاني.
لقد كنت في نيويورك ذات مرة، واستمعت إلى حديث عن مشروع بناء سجون خاصة مجال يشهد اهتماماً بالغاً في أمريكا إذ يتعيَّن على قطَّاع السجون التخطيط للنمو المستقبلي؛ ولكن كم عدد الزنزانات التي سيحتاجون إليها؟ وكم سيكون عدد السجناء بعد 15 سنة من الآن؟
لقد وجدوا أنَّ بإمكانهم التنبؤ بذلك بسهولة شديدة باستخدام خوارزمية بسيطة جداً، وذلك استناداً إلى النسبة المئوية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و11 عاماً ولا يمكنهم القراءة عموماً، وليس القراءة من أجل المتعة بالتأكيد.
لا تؤثر الأمية في الشخص نفسه فحسب، ولا يستطيع أحد أن يجزم بأنَّ المجتمع المتعلم ليس فيه إجرام؛ ولكن توجد ارتباطات حقيقية بين الأمرين، وأعتقد أنَّ بعض تلك الارتباطات وأبسطها تنبع من شيء بسيط للغاية، وهو أنَّ الناس المتعلمين يقرؤون الروايات الخيالية”.
ويؤكد عن أهمية الروايات الخيالية: “للروايات الخيالية غرضان:
أولاً: إنَّها بوابة للقراءة؛ فهي تنطوي على الدافع إلى معرفة ما سيحدث بعد ذلك في الرواية، والرغبة التي تدفعنا إلى قلب الصفحة والحاجة إلى الاستمرار حتى لو كان الأمر شاقاً؛ ذلك لأنَّ هنالك شخصٌ ما قد وقع في ورطة، وعليك أن تعرف كيف سينتهي الأمر كله؛ وهذا بحد ذاته دافع حقيقي وقوي؛ كما تجبرك القراءة على تعلُّم كلمات جديدة، والتفكير في أفكار جديدة، والمواصلة لاكتشاف أنَّ القراءة بحد ذاتها ممتعة؛ وبمجرد أن تتعلم ذلك، تبدأ قراءة كل شيء.
لقد ثار جدل قبل بضع سنوات حول فكرة أنَّنا نعيش في “عالم ما بعد القراءة والكتابة”، حيث كانت القدرة على فهم الكلمات المكتوبة محدودة إلى حدٍّ ما، وتُعدُّ رفاهية بشكل أو بآخر؛ ولكنَّ تلك الأيام قد ولَّت الآن، وأصبحت الكلمات أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وتزامناً مع انخراط شبكات الويب في حياتنا بصورة كبيرة، أصبحنا بحاجة إلى متابعة وفهم والتواصل مع ما نقرأه؛ إذ لا يستطيع الأشخاص الذين لا يمكنهم فهم بعضهم بعضاً تبادل الأفكار، ولا يمكنهم التواصل، ولن تكفي برامج الترجمة وحدها لمساعدتهم بأي شكل من الأشكال.
تُعدُّ أبسط طريقة للتأكد من أنَّنا نربي أطفالاً متعلمين هي تعليمهم القراءة، وإظهارها لهم كنشاط ممتع. يعني هذا العثور على الكتب التي يستمتعون بها على الأقل، ومنحهم إمكانية الوصول إليها، وتشجيعهم على قراءتها.
لا أعتقد أنَّ هناك كتاباً سيئاً للأطفال؛ لكن من الشائع بين الكبار أن يشيروا بين الحين والآخر إلى مجموعة فرعية من كتب الأطفال، أو نوع معيَّن من الموضوعات التي تتناولها بعض الكتب الموجهة إلى فئة عمرية معينة، أو ربَّما مؤلف ما؛ ويعلنوا أنَّها كتب سيئة يجب منع الأطفال من قراءتها.
لقد رأيت ذلك يحدث مراراً وتكراراً، فقد قيل عن إنيد بليتون (Enid Blyton) أنَّها كاتبة سيئة، وكذلك روبرت لورانس ستاين (RL Stine)، والعشرات من الكُتَّاب الآخرين؛ كما استنكر الناس القصص المصورة باعتبارها تعزِّز الأمية؛ ولكنَّ هذا هراء وغطرسة وحماقة، إذ لا يوجد مؤلفون سيئون للأطفال، بل يحب الأطفال هذا النوع من الكتب ويريدون قراءته والبحث فيه؛ لذا لا تثبِّط عزيمة الأطفال عن القراءة لأنَّك تشعر أنَّهم يقرؤون شيئاً خاطئاً، فالأدب الخيالي الذي لا يعجبك هو طريق لكتب أخرى قد تفضِّل أن يقرؤوها.
قد يدمِّر الكبار بنيَّة حسنة حب الأطفال للقراءة من خلال منعهم من قراءة ما يستمتعون به، أو منحهم كتباً يحبونها ولكنَّها مملة بالنسبة إليهم؛ إذ سينتهي الأمر بجيل مقتنع أنَّ القراءة غير لطيفة ومنفِّرة؛ لذا يجب علينا جعل أطفالنا يصعدون سلم القراءة درجة درجة، بحيث ينقلهم أي شيء يستمتعون بقراءته تدريجياً إلى مستوى ثقافي جديد”.
بناء التعاطف..
وعن دور الروايات الخيالية في بناء التعاطف: “ثانياً: تعزِّز الروايات الخيالية بناء التعاطف، والذي يعدُّ أداة تدفع الناس إلى أن يعيشوا في جماعات ويشعروا ببعضهم بعضاً، بدلاً من أن يكونوا مجرد أفراد مهووسين بأنفسهم.
يتلخَّص الخيال النثري في أحداث تشكِّلها من 26 حرفاً ومجموعة من علامات الترقيم، وتخلق منها باستخدام خيالك عالماً وأشخاصاً، وتنظر إليهم بعيون الآخرين؛ فتشعر بأشياء وتبتكر أماكن وعوالم لم تعرفها من قبل، وتعيش في الشخصيات وكأنَّها أنت؛ وعندما تعود إلى عالمك الخاص، تشعر بتغيير جلي في طريقة تفكيرك ونظرتك إلى العالم؛ كما تكتشف أمراً هاماً للغاية في أثناء القراءة، وهو أنَّ العالم ليس كما تتوقَّعه بالضرورة، فقد تكون الأمور مختلفة تماماً عمَّا تصورناه في عقولنا.
لقد حضرت في عام 2007 أول مؤتمر خيال علمي وفانتازيا في تاريخ الصين، فأخذت مسؤولاً كبيراً جانباً وسألته عن سبب قبول هذا المؤتمر الذي رُفِض لفترة طويلة، فقال لي: “الأمر بسيط، لقد كان الصينيون بارعين في صنع الأشياء إذا أحضر لهم الآخرون مخططاتها؛ لكنَّهم لم يبتكروا، ولم يخترعوا، ولم يكن بوسعهم التخيُّل؛ لذلك أرسلوا وفداً إلى الولايات المتحدة، وسألوا الناس الذين يبتكرون الاختراعات المستقبلية عن أنفسهم، ووجدوا أنَّهم جميعاً قد قرؤوا قصص الخيال العلمي عندما كانوا صغاراً”.
قد تُرِيك الروايات الخيالية عالماً مختلفاً، وتأخذك إلى أماكن لم تذهب إليها من قبل؛ وبمجرد زيارة عوالم أخرى، لن ترضى تماماً عن العالم الذي نشأت فيه. قد يكون التمرُّد جيداً أحياناً؛ إذ يمكن للأشخاص المتمردين تحسين عوالمهم، وجعل العالم مكاناً أفضل؛ وربَّما يغيِّرهم ذلك على المستوى الشخصي”.