“نور الدين الدامون”..  الشعر بالنسبة له يؤسس واقعا جميلا بلغة لها غموضها المقدس

“نور الدين الدامون”..  الشعر بالنسبة له يؤسس واقعا جميلا بلغة لها غموضها المقدس

خاص: إعداد- سماح عادل

“نور الدين الدامون” شاعر مغربي.

التعريف به..

من مواليد قرية أمجادي آل سريف قيادة تطفت القريبة من مدينة القصر الكبير العريقة والتاريخية. حاصل على الإجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس بمدينة الرباط في السبعينيات، سافر إلى مدينة باريس لاستكمال دراسته العليا، وتعرف هناك على الأدب الغربي.

نشر عند بداية منتصف السبعينيات الشعر متحرر وملتزم بقضايا مجتمعه في الصحف والمجلات مثل: “المحرر ـ العلم ـ الاتحاد الاشتراكي ـ بيان اليوم ـ القدس ـ مجلة أقلام المغربية ـ والأقلام العراقية ـ آفاق عربية ـ آفاق اتحاد كتاب المغرب ـ مجلة أخبار الأدب المصرية ـ الثقافة المغربية”.

أعماله:

  • الوقوف بين الأسماء ـ شعر سنة 1999.
  • ويشرقون موتا ـ شعر سنة ـ 2010.
  • كم الساعة في الكون ـ شعر سنة 2011.
  • أصبحنا خطوة بين خوفين ـ شعر سنة 2012.
  • لم ينزل الملاك بعد سنة 2011.

ومن ترجماته:

– أنطلوجيا الشعر الفرنسي للقرن العشرين دار الناية ـ بيروت 2013.

– الواقع والرغبة ـ لويس سيرندا 2010.

أنطولوجيا الشعر الفرنسي..

في مقالة بعنوان (“أنطولوجيا الشعر الفرنسي” إصدار جديد للشاعر والمترجم نور الدين الدامون) كتب “رشيد الجلولي”: “في صمت وإخلاص يليقان بالأدباء الصادقين، يواصل الشاعر والمترجم نور الدين الدامون مشروعه الإبداعي بإصرار وتفان كبيرين، سواء تعلق الأمر باستكشاف مناطق جديدة في الكتابة الشعرية أو بترجمة أعمال شعرية لشعراء كانوا ومازالوا يتربعون على قمم الشعر العالمي.

فبعد إصداره لعدة دواوين شعرية، احتفى من خلالها نور الدين الدامون بإشكاليات العيش في المغرب، على صعيد السياسة و الوجدان المشروخ بقوة المعاناة و الرياء الدائم، وكذلك على صعيد الحياة البسيطة بين عامة الناس، والتماهي مع أسئلتهم الخفيفة لكن العميقة حول المعاني التي قد تحملها ظواهر الحياة وتقلباتها، انتقل نور الدين الدامون إلى مرحلة جديدة، دشن من خلالها مشروعه الطموح والجبار بترجمته لكبريات القصائد الإنسانية و تقديمها للقارئ العربي، حتى يتسنى لهذا الأخير ولوج الفضاءات الجمالية المدهشة لشعراء كبار أمثال الاسباني لويس سرنودا في ديوانه ”الواقع و الرغبة“، و كوكبة أخرى من الشعراء المجايلين لسرنودا من ” جيل 27 ” وغيرهم”.

وهج الترجمة..

في مقالة أخري بعنوان (نور الدين الدامون.. رحيل شاعر حمل أسئلة الكون ووهج الترجمة) كتب فيها “د. عبد السلام دخان”: “فقد المشهد الشعري المغربي، أحد أصواته العميقة والنادرة، برحيل الشاعر والمترجم نور الدين الدامون، الذي غادرنا تاركا خلفه إرثا شعريا نابضا بالحياة، وبصمة لا تمحى في نسيج الحداثة الأدبية. كان الفقيد نور الدين الدامون المنتمي إلى تربة القصر الكبير شاعرا رفيعا، وكائنا مسكونا بأسئلة الكون، متجولا بين عوالم المعنى، منقبا عن أسرار اللغة في تخومها القصية.

منذ ديوانه الأول “الوقوف بين الأسماء”، ثم “يشرقون موتا”، وصولا إلى “كم الساعة في الكون؟” و”صبحنا خطوة بين خوفين”، ظل صوته الشعري متفرّدا، يحمل شغف البحث، ويجسّد رؤية شاعر لا يهادن اللغة، ينحتها لتضيء زوايا الوجود. كانت رحلته الإبداعية مرتبطة بعوالم الشعر في أفقه الإنساني، وبالترجمة التي خاض مغامرتها بشغف العاشق، باحثا عن صوت آخر يجاور صوته، فكان من أوائل من مدوا جسور التلاقح بين الشعر المغربي والإسباني، عبر أعماله الرائدة، وعلى رأسها ترجمته لـ”الواقع والرغبة”، لأحد أبرز أعمال لويس سيرنودا، شاعر جيل ما قبل الحرب الأهلية الإسبانية. كما ساهم في نقل روح الشعر الفرنسي إلى العربية، عبر أنطولوجياته القيمة، مثل أنطولوجيا الشعر الفرنسي للقرن العشرين.

بقي الدامون وفيا لمسيرته، شاعرا ومترجما، قارئا نهما للأدب الكوني، ومسكونا بهاجس الأسئلة. وقد حظي بتكريم يليق بمقامه الإبداعي من قبل رابطة الإبداع الثقافي بالقصر الكبير، تقديرا لإسهاماته في تجديد القصيدة العربية وإثراء الترجمة الأدبية. برحيله، يفقد الشعر المغربي أحد وجوهه البارزة، لكنه يظل حاضرا بيننا، في لغته المتوهجة، في أصوات الذين قرأوه وتأثروا به، وفي أفقه الذي لم يتوقف عن السؤال”.

الشعر..

في حوار معه نشر في “دائرة الحوار” يقول “نور الدين الدامون” عن رؤيته للشعر والشاعر: “الشاعر هو كائن الليل يتأمل المخلوقات الخرافية مستعملا الرموز ويجند لفهم غموض الكون والعلاقات البشرية لغة خاصة غامضة مقدسة على حد تعبير الشاعر هيني شتيموس، الإيرلندي.

والشاعر هو المبدع الذي يجد في الأشياء المألوفة المعروفة أشياء غير معروفة، غير مألوفة، والشاعر بطبيعة الحال هو كاتب بلغة خاصة لغة القلق والتمزق البعيدة عن اللغة الباردة للنشر اللغة المباشرة. والمترجم الإبداعي مهمته صعبة

لنقل تجارب شعوب أخرى إلى لغة الشاعر، وهنا تكمن صعوبة حمل عبور هذا الجسر الحضاري بمعنى أنه ـ وخاصة إن كان شاعرا فهو يجند كل خيالاته ولغته وتوتره ليشحن ما يترجمه بالقوة والجماليات الخاصة التي تضمن لما يترجمه عدم السقوط في برودة النثر وإبادة جماليات الخطاب المترجم. بمعنى آخر إن المترجم للشعر يسعى لأن يظل متماهيا مع شاعر النص المترجم وهو بذلك يخوض أصعب مهمة تناط به على مستوى نقل تجربة حضارة معينة إلى عالم حضارة وطن الشاعر. على ضوء ما سبق أن ذكرته أتمنى أن يتجلى لكل من هو نور الدين الدامون الشاعر والمترجم والكاتب.

ويواصل عن مفهوم الشعر: “لم يعد الشعر هو الكلام الموزون المقفى كما حدده النقاد القدامى كقدامة إبن جعفر وغيره بمعنى آخر الشعر لم يعد هو النظم الخاضع لقوالب وبحور محددة.

إن الشعر لما طاله التطور صار شيئا مغايرا لما سبق أن ذكرته. صار تجربة الغوص في أعماق الشاعر المسكون بإحساس غموض الوجود، وصار قلقا وخيالات متوترة تخلخل ما يراه الشاعر بشعا مأساويا لما في مجتمعه غير أخلاقي في فساد الكون، ومن ثمة يسعى طوال حياته الإبداعية إلى تأسيس وجود أسمى وأرقى ما يستريح فيه الشاعر قليلا ويواصل مهمة حارس الأخلاق والعواطف النبيلة.

ومن هنا يتجلى الفرق بين ضرب من القول يقف عند ظاهر الأشياء وقول آخر ينخرط في ( سرد حلمي) يؤسس واقعا جميلا وأخلاقا سامية بلغة كثيفة لها غموضها المقدس وجماليتها التي تميزها عن باقي الأشكال الأدبية الأخرى؛ والشاعر بإيجاز هو الذي قال عنه سان جون بيرس (الشاعر هو الذي يقوض من أجلنا الاعتياد والتعود).

ويواصل عن شعره وهل يحمل هوية ما نضالية أم طلائعية : “يقول (هوراس) صاحب كتاب (فن الشعر) (إذا كان الشعر يستلهم في محراب أبولو فجمال الصورة شأنه لا جمال الروح. إن قلت شعرا فلتراع له النسب كأنك تنحت، إن قلت شعرا فليكن همك الأول كمال القالب، كمال اللفظ، كمال البنيان).

يمضي الشاعر يعدو بدرب الكتابة الإبداعية الشعرية وهو صغير يضع كلمات حنينه وحسرته وحبه وثورته وفورة أحاسيسه في كلمات بسيطة بساطة طفولته وعفويتها وكلما اشتدت ضراوة تجربة شعره وتجربته صارت لغته أمتن وأقوى تتضمن خيالاته السامية وأحلامه التي تمزق روحه آناء الليل وأطراف النهار فالشاعر كيتس الإنجليزي في بداية تجربته الشعرية كتب قصائد غزلية بلغة بسيطة لكنها جميلة كانت تنم عن موهبة شعرية قادمة على مستوى الصورة والشكل.

وبالنسبة لي تطورت لغتي الشعرية منذ الديوان الأول (الوقوف بين الأسماء) وانتهاء بعملي (صبحنا خطوة بين خوفين) بشكل ملموس يحمل هموم شعبي الأساسية.

وفي هذا الإطار أضم قولي لما قاله أدونيس (ينبغي على القارئ/ الناقد أن يواجه في تقييم شاعر ما ثلاثة مستويات:

ـ مستوى النظرة أو الرؤيا،

ـ مستوى بنية التعبير،

ـ مستوى اللغة الشعرية”.

الترجمة..

وعن توجهه إلي الترجمة يقول “نور الدين الدامون” : “إن كتابتي الأدبية تتراوح ما بين الشعر وترجمة الشعر الأجنبي إلى لغتي العربية، وإني أترجم من الشعر الأجنبي الأعمال الشعرية الهامة التي أتمنى لو أني كنت من أبدعها. وفي هذا الإطار قمت بترجمة منتخبات من الشعر الإنجليزي (جزآن) تغطى مرحلة من الإبداع الشعري الإنجليزي بدءا من القرن 11 إلى القرن العشرين.

إلى جانب هذا قمت بترجمات عديدة للشعر من ضمنها ترجمة لمختارات شعرية للشاعر الفرنسي الكبير (رنيه شار) والأعمال الشعرية الكاملة ل”سيزار فايخو”، وهذا الشاعر يعتبر من كبار شعراء أمريكا اللاتينية ومن كبار المجددين في لغة الشعر الإسباني توفي فقيرا بعد أن عاش فقيرا، في سنة 1938 بباريس، وغير هذا من الأعمال الإبداعية الأجنبية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة