19 سبتمبر، 2024 11:01 م
Search
Close this search box.

نعمات البحيري”.. الكتابة بالنسبة لها ترتيب العالم وفق حلم بالحب والحرية

نعمات البحيري”.. الكتابة بالنسبة لها ترتيب العالم وفق حلم بالحب والحرية

خاص: إعداد- سماح عادل

“نعمات محمد مرسي البحيري” كاتبة وروائية وقاصة مصرية تنتمي لجيل الثمانينات. ولدت بالقاهرة بحي العباسية البحرية في 1953 ثم عاشت طفولتها المبكرة في بيت جدها في تل بنى تميم بشبين القناطر قليوبية. تخرجت في كلية التجارة 1976 جامعة عين شمس شعبة محاسبة.
عملت في شركة للكهرباء كإحصائية للشئون الإدارية حتى مرضت في أكتوبر 2004 ، ظلت تقاوم المرض لتقدم رؤيتها للعالم كتابة وحياة. سافرت إلى النمسا وسويسرا وألمانيا مع وفود ثقافية وكتبت عن سفرياتها ونشرت عنها في الأهالي والعربي الكويتي والعربي الناصري. تزوجت من شاعر وناقد عراقي بعد قصة حب شهيرة وعاشت معه في العراق في نهاية الثمانينات واستوحت تجربتها معه في روايتها “أشجار قليلة عند المنحنى” الصادرة عن دار الهلال عام 2000.
كانت عضو اتحاد كتاب مصر، عضو نادي القصة بالقاهرة، عضو جمعية الفيلم، تكتب الأدب ليس لأنه رئة أخرى في مناخ اجتماعي وسياسي خانق لكن لأن هناك هموما وقضايا كثيرة تتنازعها أهمها قضية الديمقراطية وقضية العدل الاجتماعي وقضية الحرية وحقوق المرأة التي تنتهكها النساء قبل الرجال. تكتب الأدب حبا وعشقا لمساندة الحياة ومساندة الحب والحرية. اكتشفت موهبتها في كتابة القصة عبر صدفة مدهشة وكانت تكتب مقالات ذات طابع اجتماعي احتجاجا على أوضاع اجتماعية مجحفة بحق المرأة وبحق الإنسان.
حصلت على منحة قصر لافينى بسويسرا عن مؤسسة رولت فونداشن للفنانين أنهت فيها روايتها “أشجار قليلة عند المنحنى” التي صدرت عن دار الهلال في عام 2000، وحصلت على منحة تفرغ لمدة ثلاث سنوات لكتابة ثلاث روايات وعدد من المجموعات القصصية منها “حكايات المرأة الوحيدة وارتحالات اللؤلؤ وأشجار قليلة عند المنحنى”.
ترجمت بعض قصصها إلى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والكردية، وكتبت المقال والنقد السينمائي والسيناريو وأدب الرحلات.
كتبت الدراما التليفزيونية لقصتها القصيرة «نساء الصمت» وقامت بإنتاجها شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات وقامت بتمثيلها سمية الألفي مع محمود قابيل وعائشة الكيلاني وسلوى عثمان ونبيل هجرس.
كتبت النقد الفني للأعمال التليفزيونية والسينمائية. كتبت عن أفلام الموجة السينمائية الجديدة ل”محمد خان وخيرى بشارة وداود عبد السيد ومجدي أحمد علي وعن سينما البنات ورصدت المخرجات وكاتبات السيناريو الجدد بما يقدمنه من أفلام جديدة ورؤى جديدة للحياة. مثل “عزة شلبي وساندرا نشأت وهالة خليل ووسام سليمان”.
أعمالها..
1. «نصف امرأة» مجموعة قصصية عن دار الحرية عام 1984.
2. «العاشقون» مجموعة قصصية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1989 في سلسلة اشراقات أدبية.
3. «ارتحالات اللؤلؤ» عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة عام 1996. سلسلة أصوات أدبية.. ثم صدرت في مكتبة الأسرة.
4. المجموعة القصصية «ضلع أعوج» عن الهيئة المصرية للكتاب عام 1997 في مختارات فصول، ثم صدرت عن مكتبة الأسرة عام 2003.
5. ومن الروايات صدر لها عن دار الهلال رواية «أشجار قليلة عند المنحنى» في ديسمبر 2000.
6. المجموعة القصصية «شاي القمر» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2005 مكتبة الأسرة.
7. صدر لها عن المجلس الأعلى للثقافة في إبداعات التفرغ «حكايات المرأة الوحيدة» عام 2005.
8. وصدر لها أيضا “يوميات امرأة مشعة”.
وللأطفال:
1. «النار الطيبة» عن الهيئة المصرية للكتاب عام 1988..
2. و«الفتفوتة تغزو السماء» سيناريو وحوار عن سلسلة قطر الندى عن هيئة قصور الثقافة..
3. وعن دار المعارف صدر”وصية الأزهار وبالونة سحر ورسومات نيرمين”..
4. وعن الهيئة المصرية للكتاب «رحلة الأصدقاء الثلاثة».
5. نشرت قصص وسيناريوهات الأطفال متفرقة بدوريات مصرية وعربية مثل علاء الدين وقطر الندى والعربي الصغير وماجد…
مقاومة..
في حوار معها نشر بمجلة “عالم الكتاب” أجراه الكاتب “خليل الجيزاوي” عام 2007، قالت “نعمات البحيري” عن مقاومتها للمرض بالكتابة: “التجربة أكثر من مريرة، خفف من مرارتها عدد من الكاتبات الصديقات اللائي حملنني مثل فراشات فوق جناح الود وطرن بي في غير اتجاه النار، وكنت قد اكتشفت المرض في زمن ضوئي فوضعني في حالة ارتباك وتخبط وأنا أشفق على أمي وأخوتي من رعب الحالة واتكأت فقط على صديقاتي الكاتبات والإعلاميات، كنت أطمحُ في أن أجد فيهن دعمًا غير منفعل، وعقول تفكر بمنطق سرعة الإجراء لاتقاء الخطر وتجاوزه.
وهذا ما فعلته هالة البدري، وسهام بيومي، وشوقية الكردي، ووفاء حلمي، ورأيت أن تجاوز أية أزمة عبر ما هو إنساني ويسكبه عليك من حولك، أيضًا تعاملت مع الأزمة باعتبارها خبرة مضافة لكم الخبرات الإنسانية التي لابد أن تحتفي بها المرأة المبدعة وخاصة “استئصال ثدي امرأة” بورم سرطاني يحملُ الكثير من الدلالات وما تسبغه ذكورية المجتمع العربي على أعضاء جسد المرأة من أهمية، فمازال يختزل وجود المرأة في أنها قطعة لحم، كانت الكتابة في فضح هذا التوجه خليقة بالاهتمام.
وهذا واضح في يوميات امرأة مُشعة، وتمرد نساء الثدي الواحد، كنت أفرح حين أرى الرجال يساندون النساء داخل جلسات الكيماوي والإشعاعي، فأراهن علي إنسانية الرجل الذي يتجاوز ذكورته ويساند امرأته التي فقدت جُزءًا حيويًا ومُهمًا من جسدها”.
تمرد وخلاص..
وعن قصصها التي تحوي تجارب إنسانية متمردة تسعى للخلاص تقول: “الإبداع في جوهره فعل تمرد ورفض للصيغ التي تختزل الإنسان في قوالب جامدة يتم التكريس لها عبر الخطاب والثقافة السائدة، لذا فأنا أكتبُ لا لأني امرأة، لكن لأن ثمة أشياء ما يجب أن تقال من خلالي.
وعن كون الإبداعُ محاولةً لتجاوز الأزمة: “بالتأكيد عبر تأمل التجربة واستبطانها واستشراف مناطق التماس مع مجمل مُتغيرات المجتمع وخلاياه المجتمعية واعتماد منطق التماثل بين خلايا الجسم الذي طاله السرطان وخلايا المجتمع الذي تسرطن بالتطرف والتعصب في مواجهة الاحباطات والبطالة والفساد، أيضًا يمكن أن تُضاف التجربة إلى مجمل خبراتي مع الحياة التي يمكنها أيضًا أن تتبلور لتصبح تجربة إبداعية تختزل الحدث المأساوي وتحوله إلى طاقة إبداع وخلق، زرع خلايا مناعية من نوع خاص لمقاومة الخلايا السرطانية”.
نقد..
وعن مواكبة الحركة النقدية لكتاباتها: “احتفي بكتاباتي الكثيرون من النقاد والمبدعون والشعراء المصريون مثل: إبراهيم فتحي، وفريدة النقاش، وصافيناز كاظم، ومحمد مستجاب، ود. سيد البحراوي، ود. حامد أبو أحمد، ود. مجدي توفيق، ود. أحمد الخميسي، وفؤاد قنديل، وسيد الوكيل، وعبد الرحمن أبو عوف، ود. مصطفى الضبع، ود. مصطفى عبد الغني، وهالة البدري، وسهام بيومي، وحلمي سالم، وشعبان يوسف، وجمال القصاص، من النقاد العرب: د. فيصل دراج، ود. محمد الرميحي، وفاطمة المحسن، وعبد الرحمن مجيد الربيعي، والشاعر العراقي عواد ناصر، ومن المستشرقات: الباحثة الأمريكية كارولين سيمور، والباحثة الأمريكية ميرلين بوث، والباحثة الإيطالية أديزونيإيلو.
وعن إبداع جيلها من الكاتبات تقول: “أعتقد أن جيلي من الكاتبات هُنَّ أكثر الأجيال حمل وطأة حالة الردّة الحضارية وتراجع الحريات وكل مكتسبات المد الثوري التي عاشتها الأجيال السابقة؛ لذا تقع عليهن مسئولية رصد الواقع بمأساويته وثرائه الذي فاق الخيال، فنرى سهام بيومي، هالة البدري، سلوى بكر، ابتهال سالم، سمية رمضان، كاتبات صامدات رغم المعاناة”.
الكتابة..
في حوار آخر معها أجرته “باسنت موسى” تقول “نعمات البحيري” عن الكتابة ماذا قدمت لها: “الكتابة قدمت لي ما لم أحلم به أن أعيد صياغة فتاة هشة وضعيفة ومتوارية ومنسحبة، تم رفضها منذ اليوم الأول لمولدها لأنها “بنت” ومنذ السنوات الأولى حولت طاقة غضبها لسوء استقبال الحياة لها إلى طاقة ثورة على كل هذه الأعراف والموروثات الجامدة التي تحتفي بالإنسان في إطار تمايز عرقي وديني وجنسي. وتحتفي بكل ما هو جامد وقديم ويسحق الإنسان.
الكتابة حولتني إلى إنسانة تمتلك بعض الجرأة على أن تعيد ترتيب العالم في أوراقها وفق حلم عادل ومشروع هو الحلم بالعدالة والحب والحرية وحياة من صنعنا واختيارنا نحن البشر لا حياة تفرض علينا. قدمت للكتابة نفسي بحب صوفي جميل، لكن ما أعطته لي الكتابة كان أكثر بكثير مما قدمته لها.
لحظة اكتشاف الموهبة الإبداعية لحظة مهمة جداً علينا جميعاً أن نسعى لها وفي أحيان كثيرة يعيش الإنسان ويموت ولا يكتشف موهبته الحقيقية، فيظل طيلة عمرة في حالة أرجحة ما بين الثابت والمتحول. هذا ما حدث معي فقد ظللت لسنوات طويلة حتى بعد تخرجي في الجامعة أتخبط بين فنون مختلفة بين الغناء والتمثيل وكتابة الشعر، يغمرني التوتر والاضطراب النفسي ولا من أرض صلبة أقف عليها حتى اكتشفت أن موهبتي الحقيقية في إبداع القصة والرواية فهدأت بي الحياة رغم مشاكلها وصعوباتها.
لكن ظل الطريق واضحاً لا يغيب عن ناظري مهما كانت العوائق، ليست لعبقرية مني ولكن لأن الإبداع هو قضية وجود بالنسبة لي وهوية إنسانية تتحقق على الورق.
اكتشفت موهبتي بالفعل بشكل عشوائي حين تقدم لي أحد الرجال ليخطبني وكنت أرغب في نموذج لرجل مغاير عن كل رجال العائلة، تربطنا قواسم مشتركة حب القراءة والتأمل وحب الفنون موسيقى وسينما وحب البشر وتصبح عناصر الالتقاء أكبر بكثير من عناصر الاختلاف والتي يمكن احتوائها في علاقة إنسانية جميلة تنتج حب واستقرار وحياة وإبداع، وحين طرحت تفاصيل “عريس الغفلة” على الورق بغية إعادة اكتشاف فحوى هذه التفاصيل وجدتني أكتب شكلاً قصصياً فغامرت وقدمتها لمجلة خطوة في بداية الثمانينات من القرن الماضي وفوجئت بأنني كاتبة وبدأت أواظب على تطوير ملكاتي وأعيد اكتشاف أجناس أخرى للإبداع غير القصة القصيرة فكتبت الرواية والمقال والسيناريو والنقد الأدبي والسينمائي”.
الكتابة النسائية..
في حوار ثالث معها أجراه “صبحي موسى” تقول “نعمات البحيري” عن مفهوم الكتابة النسائية بالنسبة لها: ” فكرة الفروق الواضحة بين سمات كتابة الرجل وسمات الكتابة النسائية فكرة ممجوجة وهي الفكرة نفسها للسمات الواضحة بين الذكورة والأنوثة، وبعيدا عن الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة، فإن الحروب والكوارث والنكبات لا تفرق بين الاثنين بمعيار الدور البيولوجي لكل منهما، وهي فكرة تحاربها حرية الفكر وحرية العقل وحرية الإنسان من ربق الطبقية والعنصرية في كل مكان عبر رحلة البشرية.
لكننا لا نستطيع أن ننكر أن هناك وضعا للمرأة في المجتمعات الذكورية ترتب عليه أن يسجنها داخل أطر ضيقة وخانقة لإنسانيتها وإنسانية الرجل، لذلك كوني امرأة مبدعة لم أقدم تنازلات بشأن مكانتي كامرأة خارج الأطر الاجتماعية التقليدية، بصراحة أعلنتها شعارا لحياتي كمبدعة، هذه المجتمعات وفى هذا الزمن الظالم والقامع للمرأة، لذا لست في حاجة لرجال أو نقاد، وتمثلت منطق الاستغناء حتى لا تهرسني قيم ظالمة وغير منصفة لي كإنسانة وكمبدعة، وكرست كل حياتي لمشروعي الإبداعي. ومفهومي للكتابة النسائية، ولو أنني أرفض هذا المصطلح، أنها كتابة المرأة من حيث موقعها الاجتماعي والتاريخي في المجتمع غير منزوع من رؤيتها للعالم ككل.. فكتابتي ليست كتابات ذات امرأة مغلقة على نفسها لكنها امرأة وسط العالم في قلب التاريخ والجغرافيا”.

وفاتها..
رحلت “نعمات البحيري” يوم 17 أكتوبر 2008 بعد رحلة مع مرض السرطان حاربته فيها بقوة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة