6 أبريل، 2024 9:04 م
Search
Close this search box.

نظام الأسد والاستثمار البراغماتي للقضية الفلسطينية

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد النقيب/ رشيد حوراني
لقد اتخذ نظام الأسد من القضية الفلسطينية ركنا استراتيجيا في البروباغندا الإعلامية، ووظفها في توطيد دوره الإقليمي والدولي، وعمل على شق الصف الثوري وضرب الشرعية الفلسطينية تحت شعارات الحفاظ على الثوابت التاريخية، إذ شكل بضعة فصائل فلسطينية مرتبطة بأجهزته الأمنية أكثر من ارتباطها بقضيتها الوطنية، معتمدا في ذلك على الدوافع السياسية لنهجه، المتمثلة بحسابات الداخل وبازارات الخارج الإقليمية، ليضمن بذلك بقاء نفوذه و دوره الإقليمي في المنطقة، والذي اتبعه من خلال بعض المراحل التاريخية التي مرت بها القضية الفلسطينية، ومع بداية الثورة السورية في آذار 2011م، حاول زج الفلسطينيين بشكل عام في مواجهة السوريين المنتفضين ضد حكمه من خلال تجنيدهم ضمن فصائل موالية له، إذ لم يكن المطلوب موقفاً سياسياً فقط.

المقدمة

بدأ حافظ الأسد منذ انقلابه في العام 1970م العمل على حماية نظامه من الضغوط الخارجية من خلال تفعيل الدور الإقليمي الذي رسمه لسوريا والاحتفاظ بدوره في الخريطة السياسية لهذه المنطقة، ببقائه حاضرا في كل نزاعاتها وقدرته على صياغة مكان خاص لها وسط تسابق المصالح الغربية على النفوذ والمكاسب الجيوسياسية فيه، وحرصه على الإمساك بالورقتين الفلسطينية واللبنانية وإحكام قبضته عليهما بانتهازية شديدة، ولم يدع شيئا لم يفعله لشق المؤسسات الفلسطينية المكونة لمنظمة التحرير، ولم يتعاط بشكل ملائم مع تبلور الهوية والكيانية الوطنية الفلسطينية المتمثلة باستقلالية القرار الفلسطيني الذي حرص عليه الرئيس الراحل ياسر عرفات، ولم يقدر أهميتها متجاهلا التفاوت بين الوضع السوري والوضع الفلسطيني الباحث عن مكان له في الخريطة الدولية.

مثّل تغييب الشعب الفلسطيني من المكان والزمان، أي من الجغرافيا والتاريخ أحد أهم المرتكزات الأساسية التي قام عليها المشروع الصهيوني، وشاركه فيها نظام الأسد في سورية، وليس أدل وأبلغ على ذلك من تحفظه على قرار مجلس الأمن لنقصه القوة الديناميكية المحركة له (رقم 1397 الصادر في آذار 2002م) الخاص بحق الفلسطينيين في إقامة دولة لهم، على الرغم من أنه أول قرار من نوعه يصدر عن هذا المجلس، وعكس وقوف العالم إلى جانب الفلسطينيين بحسب المستشار السياسي للرئيس عرفات نبيل أبو ردينة[1].

ساهم حافظ الأسد بتأسيس القيادة القطرية الفلسطينية لحزب البعث بسوريا كمعبر للتدخل بالشأن الفلسطيني، ومن ثم أسست أجهزته الأمنية فصائل موالية، وساهمت في شق بعض الفصائل، مثل حركة فتح حينما انشق عنها سعيد مراغة أبو موسى “الموالي لحافظ الأسد” عقب حرب لبنان، وتبعها عدة انشقاقات من الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وأضحت الفصائل المنشقة، والتي كان وراءها النظام السوري، أكثر ولاء من الفصائل الأم، وأطلق عليها فصائل التحالف، وهي تقاتل اليوم مع النظام السوري ضد الشعب.

تسلط الدراسة -وهي مهما بلغت من العمق والحجم فإنها لا تحيط بحجم المكر والاستغلال للقضية الفلسطينية من قبل النظام السوري – فإنها تسلط الضوء على الدوافع السياسية لمثل النهج الذي اتبعه الرئيس السوري السابق حافظ الأسد من خلال بعض المراحل التاريخية التي مرت بها القضية الفلسطينية، وبعد الثورة من خلال البحث في العوامل الأيديولوجية والسيكولوجية التي دفعت نظام الأسد إلى الاعتماد عليها في قتل الشعب السوري الثائر، غير آبه بالمقتضى السياسي والوطني.

مشكلة الدراسة

بلغ التدخل السوري في الشأن الفلسطيني ذروته مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة في العام 1970م وتحكمه بكلّ مفاصلها، لأن أي نظام أو حزب في المنطقة العربية يسعى لهدف ما، فإنه يحاول استغلال القضية الفلسطينية للوصول إلى مبتغاه، لما تكتسبه القضية الفلسطينية من أهمية على المستوى الإقليمي والدولي، وبما أن العلاقة بين النظام السوري والفلسطينيين اتسمت بالمد والجزر باستمرار بسبب نزوع منظمة التحرير الفلسطينية نحو استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، ومحاولته “النظام” إدارة القضية الفلسطينية وفق رؤاه، وادّعائه أنها تعبّر عن المصالح القومية العليا للأمة العربية باعتبار سوريا دولة هامة في الصراع العربي الإسرائيلي، كونها من دول الطوق ولديها جزء محتل من أراضيها (الجولان) كما أنها تشكل حلقة وصل رئيسية في محور ما يسمى الممانعة، واعتقاده أن تلك السياسة مبرر للوجود والاستمرار لما تمثله من أهمية في الواقع القيمي للمجتمع السوري والفلسطيني، غير أن الوقائع التاريخية تكشف أسلوباً متناقضاً في تعامل نظام البعث مع الفصائل الفلسطينية.

أهمية الدراسة

تتجلى أهمية الدراسة في تسليطها الضوء على أن النظام السوري اعتبر القضية الفلسطينية الركن الاستراتيجي في البروباغندا الإعلامية له، ووظفها أبشع توظيف وعمل من خلال ادعاءه الحرص والخوف عليها على شق الصف الفلسطيني وضرب الشرعية الفلسطينية، وتشكيل بضعة فصائل فلسطينية ترتبط بأجهزة أمن النظام السوري أكثر من ارتباطها بقضيتها الوطنية، ومع بداية الثورة السورية في آذار 2011م، حاول زج الفلسطينيين بشكل عام في المواجهة بينه وبين الشعب وبين فصائلهم الموالية للنظام، أو التي تتخذ من دمشق مقرا لها، خاصة أن المطلوب لم يكن موقفاً سياسياً فقط. كما تكمن أهمية الدراسة في إظهار أن دافع النظام وراء الاهتمام بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني أكثر من القيادات الفلسطينية نفسها هو التجلي الواضح لدوره الإقليمي وبسط حالة اللا استقرار في المنطقة بعدم قدرته على الحرب ولا على السلم.

‌هدف الدراسة

تهدف الدراسة إلى إظهار احتكار نظام الأسد (الأب والابن) القضية الفلسطينية سياسيًا وعسكريًا وعقائديًا واستخدامها وفق اعتبارات براغماتية في حسابات الداخل وبازارات الخارج الإقليمية، ليضمن بذلك بقاء نفوذه في المنطقة، عبر احتواء الفصائل الفلسطينية الفاعلة، بالقوة تارة وبالنفوذ والسلطة تارة أخرى، وتقديم نفسه نموذجا استثماريا مطلوبا بشدة وإلحاح للقوى الإمبريالية ثم للنظام العالمي الجديد، خاصة أن الرقابة الاجتماعية التي مارسها نظام الأسد في جميع أنحاء البلاد طالت الفلسطينيين وتم اعتقال المعارضين لسياسته في هذه القضية من أبناء الشعب الفلسطيني، كما لم تكن حياتهم أفضل ولا أسوأ من حياة بقية مكونات المجتمع السوري، على الرغم من أن خطابات النظام المعادية للغرب والصهيونية جعلته يبدو كحليف صَدوق للفلسطينيين[2].

منهج الدراسة

تعتمد الدراسة منهج البحث التاريخي، والمنهج الوصفي التحليلي مستندة إلى جملة من الأحداث السياسية وما أفرزته من نتائج من الناحية السياسية على القضية الفلسطينية وعلى السياسة السورية، وما ورد من الناحية الدلالية في الأقوال التي تخص موضوع الدراسة من قبل بعض الفاعلين فيها.

أولا: الوضع الاجتماعي والاقتصادي لفلسطينيي سورية

منح القانون /260 / لعام 1956م الصادر في عهد الرئيس شكري القوتلي وحكومته اللّاجئ الفلسطيني كافة الحقوق الممنوحة للمواطن السوري ما عدا حقي الترشح والانتخاب، وبيّن القانون المذكور أن التسهيلات المقدمة للفلسطينيين في سوريا ليست من عطاءات النظام السوري ومواقفه القومية، وإنما تعود إلى بداية تواجد الفلسطينيين في سوريا على إثر نكبة 1948م والتي هجّرت العدد الأكبر من الفلسطينيين، وإلى حالة التعاطف مع القضية الفلسطينية والاحتضان الشعبي والرسمي لها[3]،

قدّر مكتب الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط سنة 2011م بأن نصف مليون فلسطيني يعيشون فوق التراب السوري[4]، ويتركز67% منهم في العاصمة السورية دمشق، والمخيمات القائمة في ضواحيها مثل اليرموك وسبينة وجرمانا وخان الشيح والسيدة زينب وذانون والرمدان والحسينية. في حين يتوزع الباقون 33% على المحافظات الأخرى، اللاذقية وحلب وحماه وحمص ودرعا والمخيمات القائمة فيها، وينقسمون إلى فئات في الحقوق كما يلي:

1 – لاجئي عام 1948م: هم النسبة الأكبر من اللاجئين، وتشرف على شؤونهم الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، ويتمتعون بحقوق المواطن السوري في كافة المجالات الوظيفية والمهنية والتعليمية، عدا الانتخاب والترشح لعضوية مجلس الشعب.

2 – لاجئي عام 1956م: تم تسجيلهم على قيود مؤسسة اللاجئين وعلى قيود الأونروا، وينطبق عليهم ما ينطبق على الفئة الأولى سوى أنهم لا يستطيعون دخول سوق العمل إلا من خلال التعاقد بصفة مؤقتة.

3 – نازحي عام 1967م: بعضهم يعامَل معاملة فئة عام 1956 والبقية يعاملوا معاملة الأجنبي إذا كانوا من حملة الوثائق المصرية(قطاع غزة)، ومعاملة العربي لمن يحمل جواز السفر الأردني المؤقت.

4 – نازحي عام 1970م: تعتبر أوضاع هذه الفئة الأكثر تعقيداُ لأن غالبيتهم لا يملكون وثائق، وعلى حاملي وثائق السفر المصرية والأردنية تجديد إقامتهم في سوريا دورياً كل سنة، وثمة تعقيدات لدخولهم سوق العمل بالإضافة للصحة والتعليم[5].

يضاف إلى الفئات السابقة ما يلي:

1 – لاجئو جنوب لبنان الذين تم استهدافهم خلال الغزو الإسرائيلي سنة 1982م.

2 – اللاجئون الفارون من العراق نحو سوريا عقب حرب الخليج في 1990م، والغزو الأمريكي للعراق سنة 2003م.

3 – الفلسطينيون المنضوون في صفوف المقاومة وعائلاتهم، وقد حصلوا على الإقامة بقوة الأمر الواقع، وبعد طرد مسؤولي فتح سنة 1983م وتدهور العلاقات بين منظمة التحرير والسلطات السورية أصبح الفلسطينيون القادمون من البلدان التي تجمعت فيها الوحدات العسكرية الفلسطينية (اليمن – تونس – الجزائر – السودان) يخضعون للاستجواب لبيان علاقتهم بمنظمة التحرير الفلسطينية[6].

قامت سورية، ومنذ بداية اللجوء الفلسطيني، باتخاذ عدد من الخطوات القانونية بما يضمن معاملة الفلسطينيين على قدم المساواة مع المواطنين السوريين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. في جميع ما نصت عليه سواء منها المتعلقة بحقوق التوظيف والعمل والتجارة والتعليم والانتساب إلى النقابات السورية (مثل نقابة الأطباء، المحامين، والمقاولين إلخ)، ويكون للفلسطيني الواجبات والحقوق ذاتها التي تكون للمواطن السوري في النقابات السورية. كما يحصلون على وثائق سفر خاصة بهم لتسهيل الانتقال من وإلى سوريا، ولا تقييد على حركتهم داخل البلد حتى عام 2012، كما كان لهم الحق في العمل، والتدرج الوظيفي إلى أعلى الدرجات في السلم الوظيفي. ويؤدون الخدمة العسكرية داخل وحدات خاصة تابعة لجيش التحرير الفلسطيني باستثناء الأطباء والمهندسين منهم الذين يُؤدون خدمتهم في الجيش السوري، مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية ومعاملتهم كالسوريين تماماً للتأكيد على الموقف السوري الرافض للتوطين بكافة أشكاله وصوره، وعملا بتوصيات جامعة الدول العربية الهادفة إلى الحفاظ على الهوية الفلسطينية، باستثناء المرأة المتزوجة من مواطن سوري[7]،وهذا ما ميّز اللاجئين الفلسطينيين في سوريا المسجلين في سجلات مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين مقارنة بباقي تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في مناطق اللجوء المختلفة،

للفلسطينيين مصدران للدخل، الأول: ليس بمتناول يد السلطات السورية لخضوعه لوكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، ودخل بموجب برنامجها البعض منهم عالم الأعمال وخاصة التجارة[8]، وتوفر الأونروا في سورية الصحة والتعليم والإغاثة والخدمات الاجتماعية لتجمعات اللاجئين الفلسطينيين، والثاني: المال المرسل من قبل المغتربين في دول الخليج والدول الغربية.

بشكل عام اندمج الفلسطينيون في المجتمع السوري من خلال علاقات العمل والمصاهرة وسكن عدد كبير من السوريين من مختلف الفئات والطبقات في المخيمات كاليرموك في دمشق والرمل في اللاذقية[9]، على الرغم من ظروفها الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، وقد لمع نتيجة التداخل الاجتماعي فيما بينهما أسماء عديدة في الاقتصاد والأدب والرياضة، إلا أنه ما يقع على السوري يقع على الفلسطيني في مستويات حياته كافة، وتطالب السلطات ضيوفها بامتثال كامل والتحاق غير مشروط بالنظام القائم، وتبقي إدارة المخيمات من صلاحياتها، وربما تفسر المعاملة بأسباب ديمغرافية، فعدد الفلسطينيين المقيمين في سوريا لا يتجاوز ثلاثة بالمائة من عدد السكان، ولهذا فإن استقبالهم لا يشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد والمجتمع السوري على عكس الحال في لبنان والأردن[10]، وأن الأراضي السورية لم تشهد مواجهات عسكرية بين الفصائل الفلسطينية وسلطات البلد المضيف كما في لبنان والأردن.

مع انطلاق أولى التحركات الشعبية في آذار 2011م وجدوا أنفسهم في وضع صعب ودفعتهم السياسات العقيمة والمستفزة التي اعتمدها النظام (دفع النظام في 15 أيار 2011م بعض فلسطينيي سوريا لعبور الخط الفاصل عند بلدة مجدل شمس واستفزاز الجنود الاسرائيليين الذين ردوا بإطلاق النار وأسقطوا أربعة قتلى منهم – تنظيم مظاهرة في الخامس من حزيران من العام نفسه في مرتفعات الجولان التي أدت إلى سقوط 23 قتيلا منهم) وبدؤوا يوما بعد يوم، يرون بأم أعينهم ويسمعون بآذانهم ما يفعله نظام الأسد، وهو ما دفعهم إلى تغيير موقفهم شيئا فشيئا لإدراكهم أن الأنظمة تأتي وتروح، ولكن الشعوب هي الخالدة، باستثناء بعض المنظمات الفلسطينية ومن يدور في فلكها من الفلسطينيين، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي لم تنتظر طويلا لتحمل السلاح دفاعا عن نظام الأسد الذي آواها لعقود[11].

ثانيا: الفلسطينيون والنظام الأمني في سورية

ساهم النظام السوري منذ البداية في تأسيس القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي على الأراضي السورية وبرعاية أجهزته الأمنية لتكون أداته التي يتغلغل من خلالها بالشأن الفلسطيني ويصل إلى باقي فصائل الثورة الفلسطينية ويعمل على اختراقها وإضعافها من خلال دعم عملية الانشقاقات التي حصلت في صفوفها فيما بعد.

كذلك عمل على إضعاف الحراك الثوري الفلسطيني بشكل عام، و منع الثوار الفلسطينيين من استخدام الأراضي السورية في منطقة القنيطرة والجولان المحتل، حتى أنه منع ليومنا هذا أي مواطن فلسطيني أن يطأ بقدمه أرض محافظة القنيطرة المحاذية بحدودها مع الكيان الصهيوني المحتل، ووضع عبر أجهزته الأمنية آلية مراقبة شديدة للمخيمات الفلسطينية، فوظف كافة المؤسسات الفلسطينية التي تعمل داخل المخيمات مثل الاتحادات الشبابية والمهنية وأغلبها يتبع للتنظيم الفلسطيني لحزب البعث، حتى المخاتير يتعين على الواحد منهم أن يكون بعثيا وينفذ ما يطلب منه من الجهات الأمنية، لتوفر هذه المؤسسات والقائمين عليها كافة المعلومات الأمنية عن السكان اللاجئين من كافة نواحي الحياة، فضلا عن انتشار أجهزته الأمنية في هذه المخيمات وربطها بمئات المناديب “المخبرين” لإيصال المعلومات بشكل يومي، واستخدم مكاتب ومقرات الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات للتجسس على اللاجئين الفلسطينيين، واعتقل المئات منهم عقب حرب لبنان ومات الكثير منهم تحت التعذيب في الأقبية الأمنية بتهم سياسية ملفقة ( سجن المزة العسكري- سجن كركون الشيخ حسن- سجن صيدنايا).

سهّل النظام السوري إقامة الفعاليات الثقافية والفلكلور الفلسطيني ليرسخ من خلالها فكرة الانقسام وتزكيته، فمثلا تعمل حركة فتح الانتفاضة على تنظيم ندوة ثقافية أو مؤتمر ما بموافقة النظام وتدعو المحاضرين فيها للحديث في محاضراتهم وكلماتهم حول سياسة حركة فتح الأم وتخوينها ومن يقف وراء تصرفاتها “ياسر عرفات”، وازدادت وتيرة مثل هذه اللقاءات بعد اتفاقية أوسلو التي تم استثمارها أسوأ استثمار لتشويه صورته وانعدام حسّه الوطني، ولم تكن تلك الفعاليات الثقافية تخلو من تمجيد النظام السوري والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد نحت هذا المنحى أغلب الفصائل الموالية للأسد مثل الجبهة الشعبية – القيادة العامة – وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني وغيرهما.

عمل النظام على احتجاز كافة الأموال التي تعود ملكيتها لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما وضع يده على كافة أملاك حركة فتح بعد الخلاف مع قيادتها عقب الاقتتال الذي جرى بين الطرفين في لبنان، ويعتبر ملف الأملاك العائدة لحركة فتح شائكا ومعقدا نظرا لضخامته وما يتضمنه من أملاك وعقارات واسعة في دمشق وريفها ودرعا وبعض المحافظات الأخرى، ومبلغ مالي يقدر بــــــ/6 مليون دولار / لا يزال حتى الآن في بنك سورية المركزي يتقاضى العاملون في الفصائل الفلسطينية من استثماراته رواتبهم وصرفياتهم، وللأجهزة الأمنية التابعة للنظام دور كبير في تعقيده من خلال تسليم جزء من هذه الممتلكات لحركة فتح الانتفاضة التي يدعمها رغم احتجاج شديد من قيادة حركة فتح ولجنتها المركزية، وإعطاء وكالات لعدد من الأشخاص والمحامين على بعض تلك الممتلكات، نذكر منهم المحامي ظافر الخضراء، ويتولى إدارة هذا الملف فرع فلسطين التابع لإدارة المخابرات العسكرية، ويعمل على توزيع بعض هذه الممتلكات على الموالين له، فمثلا تم تسليم بيت الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس الكائن في ساحة العباسيين بدمشق للممثل المعروف بولائه للنظام بشار إسماعيل، وبقي الأخير مقيما فيه إلى أن طلبه الرئيس الفلسطيني من الرئيس السوري عند زيارته لدمشق بعد وفاة ياسر عرفات.

يعتبر فرع فلسطين كابوسا بالنسبة للفلسطينيين، وخاصة قسم الضابطة الفدائية المختص بالشأن الفلسطيني وحركات المقاومة الفلسطينية المعارضة، والذي زرع مئات الجواسيس من اللاجئين الفلسطينيين مستغلا ظروفهم الاجتماعية الصعبة منذ بداية السبعينات في فصائل الثورة الفلسطينية المتواجدة على الأراضي السورية واللبنانية من خلال تطويعهم في هذه الفصائل بصفة فدائيين، و هم في الحقيقة عناصر أمنية يتلقون رواتبهم من القسم المذكور، ومهمتهم جمع المعلومات السرية التي تتعلق بفصائل المقاومة الفلسطينية وإيصالها إلى قسم الضابطة الفدائية بفرع فلسطين، حتى الفصائل الفلسطينية الموالية للأسد كان ولازال لدى كل فصيل منها ضابط ارتباط مع فرع فلسطين (قسم الضابطة الفدائية) ولهؤلاء اجتماع أسبوعي أو نصف شهري مع رئيس القسم يتم من خلاله تلبية مطالب قيادة فرع فلسطين مهما كانت وتزويدهم بالتوجهات السياسية التي تتناغم مع النظام وتتناسب مع ظروفه السياسية السائدة، وكان لفرع فلسطين الدور الكبير وبتوجيه من قيادة النظام في أبرز الانشقاقات التي حصلت في الثورة الفلسطينية وفصائل المقاومة الفلسطينية[12]، وهو ما سنأتي على ذكره لاحقا.

كما تمثل سياسة الاعتقال بحق الكوادر القيادية لمنظمة فتح الأم ومناصريها إحدى صور تعامل النظام السوري مع الفلسطينيين لتكون بمثابة رسالة انتقام يوجهها إلى قيادة المنظمة الرسمية بسبب اختلافها السياسي معه، فمثلا أمضى سمير الرفاعي، عضو اللجنة المركزية، في سجن المزة ست سنوات، ويشغل حاليا رئيس إقليم سورية لحركة فتح، ولايزال العديد منهم قيد الاعتقال حتى الآن.

ثالثا: أبرز التكتلات السياسية والعسكرية الفلسطينية العاملة في سورية وموقفها من الثورة

1-حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح: توجد عبر دوائر ولجان منظمة التحرير الفلسطينية (الدائرة السياسية – الدائرة التنظيمية– اللجنة التنفيذية…) ومؤسساتها ويطلق عليها أيضا سفارة فلسطين أو ” ممثلية منظمة التحرير”، ويدير أمورها في سوريا الدكتور سمير الرفاعي، مدير مؤسسة أسر الشهداء وعضو اللجنة المركزية في الحركة، وكذلك أنور عبد الهادي ممثل منظمة التحرير في سوريا (سفارة) وهو مقرب من المخابرات السورية “فرع فلسطين” منذ فترة طويلة ويعمل لصالحهم، ولم تحدد موقفها بشكل واضح اتجاه الثورة السورية، وانشق عنها سعيد موسى مراغة الملقب بــــ “أبو موسى” وأسس بدعم كبير من الرئيس السابق حافظ الأسد حركة فتح الانتفاضة، واستولى على مقرَي قيادة الكتيبتين الأولى والثانية التابعتين لقوات اليرموك التابعة لفتح في 9/5/1983، وأعلنوا بدء (حركة تصحيحية) في فتح، وأيده نمر صالح، وسميح أبو كويك، والعقيد موسى العملة من دمشق، واشتركت الجبهة الشعبية والقيادة العامة ومنظمة الصاعقة في القتال ضد قوات فتح، وعقب الانشقاق أقدم النظام السوري على تسليم جزء كبير من الممتلكات الكبيرة العائدة لحركة فتح الأم في سوريا خاصة في دمشق وريفها للفصيل المنشق، حركة (فتح الانتفاضة).

اتهم ياسر عرفات السلطات في دمشق أثناء تواجده فيها بأنها وراء ما حدث وندد بتدخل القوات السورية، وصرح بتعرضه لمحاولة اغتيال على الطريق ما بين دمشق وحمص. ليطلب على إثرها منه رئيس الأركان السوري حكمت الشهابي في 24/6/1983 مغادرة سوريا وعدم العودة إليها مستقبلاً، وتعقَّد الموقف أكثر مع مطالبة الأسد أبا عمار بالاعتذار ومطالب تنظيمية وسياسية أخرى. ولذلك أعلنت القوات السورية في 31/7/1983م بدء تدخلها المباشر إلى جانب تحالف (المنشقين – القيادة العامة – الصاعقة)،واستؤنف القتال في الشمال اللبناني حتى جرت محادثات لترحيل مقاتلي فتح بضمانات من سوريا والسعودية وفرنسا ومصر عبر البحر، وغادر عرفات طرابلس في 19/12/1983م بحماية البحرية الفرنسية وأشاد الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران بعملية إخراج عرفات وحمايته في البحر باعتبارها عملية تخدم السلام[13].

2 -حركة فتح الانتفاضة (بقيادة عدلي الخطيب أبو فاخر): لها مليشيات مسلحة تعمل مع قوات النظام في محيط مخيم اليرموك وفي ريف دمشق ومناطق أخرى.

3-الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة) بقيادة أحمد جبريل وطلال ناجي (المتزوج من عمة أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري الحالي) وابنه خالد جبريل: لها قوات مسلحة تعمل مع قوات الأسد منذ اليوم الأول للثورة، وتقاتل الشعبين الفلسطيني والسوري وتنتشر في محيط مخيم اليرموك وريف دمشق ومناطق ريف السويداء، ولاقى الانشقاق استياءً كبيرا في أوساط النخب السياسية الفلسطينية وقيادة الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش الذي ساءت علاقته مع نظام الأسد بشكل كبير عقب الانشقاق وعليه تم إصدار حكم بالإعدام على جورج حبش غيابياً من محكمة أمن الدولة، ألغي هذا الحكم لاحقاً بعد عودة العلاقات مع الجبهة الشعبية (حبش) عندما عادت إلى الساحة السورية، ويعتبر أبرز ما قاله: إن هذا الذي يجري في بيروت (الحرب على المخيمات) على يد قوات حركة “أمل” لا يمكن أن يكون قد تم بدون ضوء أخضر سوري”. (الرأي العام 1985/06/11)[14]

4 – الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ” جورج حبش” انبثقت عن حركة القوميين العرب.

5 –الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين (نايف حواتمة): شيوعية يسارية تؤيد نظام الأسد وتعارض الثورة السورية لها مقرات في دمشق ومقرها الرئيسي في منطقة الأوزبكية بدمشق، لا تشارك بالقتال إلى جانب الأسد، وانشق عنها ياسر عبد ربه وأسس حركة “فدا” بدعم من حافظ الأسد وتبع ذلك العديد من الانشقاقات التي كانت وراءها أجهزة أمن النظام السوري[15].

6-جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بقيادة خالد عبد المجيد: تعمل وفق أجندة الأسد، وتقاتل إلى جانب نظام الأسد في دمشق وريفها ودرعا.

7-الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: لها مقرات في مدينة دمشق وريفها إلا أنها تأخذ دور المؤيد السياسي لنظام الأسد فقط دون المشاركة بالقتال إلى جانبه.

8-جبهة التحرير الفلسطينية “أبو نضال الأشقر”: هي جبهة صغيرة ذات توجه يساري ولا تملك قوات في سوريا، إلا أنها تملك مكاتب ومقرات في دمشق وتؤيد نظام الأسد سياسياً.

9 -الحزب الشيوعي الفلسطيني: هو حزب صغير، عبارة عن مجموعة أشخاص، يؤيد سياسة نظام الأسد ويعارض الثورة السورية، لا توجد لديه قوات مسلحة ويقتصر حضوره على العمل السياسي.

10-حركة الجهاد الإسلامي: يرأسها الدكتور رمضان عبد الله شلح، وتتواجد مكاتبها في دمشق وتؤيد نظام الأسد ومقربة منه سياسياً، ولها علاقات وطيدة مع إيران لما تقدمه لها من دعم مادي وعسكري، ولا تشارك النظام السوري في القتال، ولم يصدر عنها موقف واضح تجاه الثورة السورية.

11-جيش التحرير الفلسطيني تأسس من قبل القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي – التنظيم الفلسطيني – عام 1969م، ويرأسه اللواء محمد طارق الخضراء وهو موالي بالمطلق لنظام الأسد وتتوزع قواته على عدة جبهات في دمشق وريفها والسويداء ودرعا. ويتكون من ثلاثة ألوية مشاة وصاعقة، وهي “قوات حطين” ومقرها في قطنا قرب دمشق، و”قوات أجنادين”، و”قوات القادسية” وتتمركز قرب محافظة السويداء جنوبي البلاد، وبعض الكتائب المستقلة المساندة، كما ينتشر في العديد من الدول العربية كالأردن (لواء بدر) ومصر.

12-طلائع حرب التحرير الشعبية” (قوات الصاعقة): وهي منظمة فلسطينية قومية موالية لحزب البعث، تأسست أثناء حرب حزيران عام 1967م، وتتخذ قيادتها العسكرية من بساتين كفر سوسة والتي تقع إلى الجنوب من دمشق مقراً لها، ويعتبر لطف غنطوس، عمر خليفة، عبد الله الحوراني، إميل صبيح، يوسف البرجي، هاجم الهنداوي، ضافي الجمعاني (أبو موسى)، حسن الخطيب، محمد رباح، أمين سعد (الأخضر العربي)، علي أبو الهوى، سليمان أبو منديل، يوسف قطناني (أبو الوليد)من أبرز قيادييها[16]. لها قوات عسكرية تقاتل إلى جانب قوات النظام منذ بداية الثورة، وأعلنت وقوفها إلى جانب نظام الأسد حتى يومنا هذا، ويقودها فرحان أبو الهيجا، عضو القيادة القومية للحزب، والأمين القطري للتنظيم الفلسطيني.

وجرت عدة انشقاقات من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة فتح والجبهة الديمقراطية، كان في الظاهر أن سبب الانشقاقات أيديولوجي أو تبني فكر سياسي معين، إلا أن الحقيقة كان وراءها أنظمة عربية وأجنبية وعلى رأسها نظام الأسد فمثلاً انشقت مجموعة من عناصر وقيادات حركة فتح وأسست حركة فتح – المجلس الثوري – وتلقت دعما غير محدود من أنظمة عربية كليبيا والعراق والنظام السوري الذي عمل على هذا الجانب ودعم مجموعة الفصائل التي انشقت وأحاطها بالرعاية، ما ساهم في إضعاف الثورة الفلسطينية والكفاح المسلح الفلسطيني وتحويل البوصلة الثورية من نضال ضد المحتل الصهيوني إلى خلافات ضمن الأطر التنظيمية والفكر السياسي، وكان لفرع فلسطين الدور الكبير، وبتوجيه من رأس النظام، في أبرز الانشقاقات التي حصلت في الثورة الفلسطينية وفصائل المقاومة.

رابعا: التدخل في القضية الفلسطينية-الآليات والنتائج

وظف النظام السوري القضية الفلسطينية كورقة لتحقيق مصالحة في الداخل والخارج وفق آليات مركبة ومتشابكة، وأدوات السيطرة الخشنة والناعمة تتمثل بــ:

1 – ادعاء البعد القومي للمسألة الفلسطينية:

انطلق التصور السوري للقضية الفلسطينية على أنها قضية قومية وشأن عربي، على اعتبار أن سوريا دولة حدودية (مع إسرائيل)، ولديها تجمع فلسطيني كبير، ما يبرر أن يكون لها دور في الشأن الداخلي الفلسطيني. وبناء على ذلك، لم يتعاط نظامها بشكل ملائم مع تبلور الهوية والكيانية الوطنية الفلسطينية[17]، الذي كان أحد الأسباب الرئيسة وراء الاختلاف مع ياسر عرفات الذي سعى لاستقلالية القرار الفلسطيني، وأن تبقى البندقية الفلسطينية والقرار الفلسطيني في وضعية الاستقلال التام عن جميع الأنظمة العربية، وأن تنأى الثورة الفلسطينية عن الصراعات بين هذه الأنظمة، وكذلك عن النزاعات الداخلية في كل قُطر، حيث خاطبه حافظ الأسد عام 1976م بقوله: “إنكم لا تمثلون فلسطين بأكثر مما نمثلها نحن. ولا تنسوا أمرًا، أنه ليس هناك شعب فلسطيني وليس هناك كيان فلسطيني، بل سوريا، وأنتم جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، وفلسطين جزء لا يتجزأ من سوريا. وإذاً فإننا نحن، المسؤولون السوريون، الممثلون الحقيقيون للشعب الفلسطيني.[18]” ولم يُخفِ رغبته الجامحة في التحكم والسلطة واستحضار المستلزمات العقائدية لمشروعه، كالترويج لمصطلح الصمود على أنه البديل عن النصر؛ ومقارعة المشاريع الاستعمارية والتوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني ومسيرة البناء والتحرير وصولا إلى المقاومة والممانعة، مستغلا الحيز الكبير والثابت الذي شغله الصراع العربي الفلسطيني من ثقافة الجمهور ووعيه ليقدم نفسه على أنه المدافع الأول عن القضية دون إنكار دفاعه عن الحقوق الفلسطينية في المحافل المختلفة وفقاً لما يناسب سياسته الخارجية تجاهها والتي مثلت أهم مكونات شرعيته.

2 – النظام كأداة تنفيذ في يد الدول الكبرى:

نظرا لارتباط النظام العربي، بصيغته القديمة، بالنظام الدولي القديم، فقد عمل على الاستجابة لمتطلباته، وبالتالي فإن مشاريع الحيازة على السلطة وخاصة بالنسبة للنظام السوري نُسجت على قاعدة التواطؤ بين الغرب وهذا النظام الذي يعطي المبرر لتعاطي العالم مع الواقع الذي يقيمه على أنه واقع مؤقت[19]، ويضع، من جانبٍ آخر، شعَبه أمام حقيقة تقول أن هناك مؤامرة دائمة تواجهه وهو ما يجعل من مجرد استمراره انتصارا يبيح له تسويق شعاراته على أنها انجازات نضالية، دون الكف عن الادعاء بالحرب الكونية التي تُشن ضده وأن شرعيته تتأتى من وقوفه عقبة أمام الغرب والامبريالية، إلا أن الثورة السورية 2011م كشفت عكس ذلك وفتحت الطريق أمامه على مرأى أعدائه بحسب زعمه أن يتصرف بشعبه كما يشاء قتلا وتدميرا وتهجيرا، نظرا لجسامة الدور الذي يؤديه على المستوى الإقليمي والدولي، فقد سبق للنظام الدولي أن صمت عن التدخل السوري في لبنان بعد أن نجح الأخير بتقديم أوراق اعتماده بإغلاق الحدود البرية الأردنية أمام العمليات الفدائية الفلسطينية.

3 – التكوين النفسي للأشخاص في التنظيمات الفلسطينية:

يتطلع أعضاء الجماعة إلى تسلق سلم السلطة والمكانة داخل التنظيم، وكثيرًا ما يتعجل البعض منهم الوصول إلى هذه المكانة ولا يحققون طموحهم، ويتطلع بعضهم إلى الوصول إلى هذه الإمارة عن طريق الانشقاق عن جماعته بأي دعاوى إيديولوجية أو آراء سياسية، ويسعى إلى تكوين جماعة مستقلة، ويعمل على استقطاب أعضاء جُدُد؛ بهدفٍ تحقيق طموحه في الوصول إلى الزعامة، ونتيجةً لذلك تتصارع هذه الجماعات فيما بينها فكريًّا، وهذا الصراع في حقيقته صراع على الزعامة، وتحرص هذه التنظيمات المتكاثرة من بعضها على ألا يصل هذا الصراع إلى حد استخدام العنف فيما بينها، وقد تختلف الأفكار فيما بينها وقد تختلف الأساليب التي يستخدمونها، ولكن يربطهم جميعًا وحدة الهدف المشترك، وقد عمل النظام السوري على الاستثمار في هذا المجال في علاقته مع النخب السياسية الفلسطينية مستفيدا من عقدة “كاريزما الفرد” الموجودة في الشخصية الفلسطينية بشكل عام والمترتبة على إرث (الحزب، الجماعة، الطائفة، والعائلة)[20]،وفَهمه للعلاقات المترابطة بين الأفراد والمواقف التي تتأثر بمعتقداتهم السياسية.

4 – التدابير الإدارية والتنظيمية:

أدت سياسة النظام في تعامله مع الفصائل الفلسطينية ومجال التحرك الذي منحه لها إلى ضمورها وتراجع قيمتها التمثيلية، وبات يقتصر دورها كفصائل معارضة لفتح والسلطة، وعلى موقفها المعارض لخط المفاوضات والتسوية، وهذا ما يتبدى من اجتماعاتها ومؤتمراتها وبياناتها ومظاهراتها، أكثر مما يتبدى من مكانتها التمثيلية في المجتمع، أو من دورها في مقارعة العدو الصهيوني. لأنه حَصَرَ تجربتها السياسية في المنحى المدني المتمحور حول الأنشطة التنظيمية والإعلامية دون “التفرغ” في الفصائل، وعمل على اندماج الفلسطينيين في الحياة الاقتصادية السورية، فمثلا لم يكن لتنظيم “فتح” في مخيمات سورية نشطاء متفرغون، باستثناء المتفرغين في مقر الإقليم (في مخيم اليرموك) لأغراض إدارية، ثم إن نضوب الإمكانيات المادية التي تحكم بها النظام بشكل نسبي بين الفصائل، رغم سيطرته على ممتلكات منظمة التحرير الآنفة الذكر، أدى إلى خلق ظاهرة العاطلين عن العمل من ناشطي الفصائل والفدائيين السابقين، الذين باتوا على قارعة الطريق (مثلا تجد بائعا على الرصيف أو في سوق الخضار كان في السابق ضابطا أو مسؤولا في أحد الفصائل)، وعدم تأثر المخيمات في سورية بالعمل السياسي الفصائلي بسبب تباعد توزعها الجغرافي، والعمل على بناء قناعات سياسية تتمثل بالالتفاف حول راية المقاومة والدعاية لها[21]، ويبقى كل ما ذكر سابقا أمر نسبي بين الفصائل، بالإضافة إلى سعي النظام على العمل بالتدريج على تغيير عقيدة الفصائل الفلسطينية المسلحة التي تتخذ من سورية معسكرات تدريب لها وتحويلها من ذراع عسكرية لتحرير فلسطين ودورها الوطني في مواجهة العدو الصهيوني إلى أداة عسكرية يسيطر النظام عليها من كافة الجوانب، المالية واللوجستية والتنظيمية والتدريبية، إلى أن أحكم السيطرة عليها خلال العقود السابقة واستخدمها كإحدى أدواته في المواجهات العسكرية خلال الثورة السورية، ويأتي على رأسها جيش التحرير الفلسطيني[22].

وأفرزت تلك الآليات عدة نتائج وفق ما يلي:

1 – على الصعيد الداخلي: أنتج في سياق نشاطه السياسي والمجتمعي شعارات ومفاهيماً للاستهلاك الداخلي (القائد الرمز – الحزب الحاكم – الاستعداد لمواجهة الاستعمار) ورسم الاستراتيجيات التي تكفل استعادة الأراضي المحتلة باعتبارها موضوعا تعبويا لتعزيز شرعيته وتغطية استبداده بتسليط الأمن والمخابرات على الشعب الذي وجد نفسه بين عدو احتل الأرض وآخر اغتصب المواطنة والحياة.

2 – على الصعيد الخارجي: سعى من خلال تحكمه بالقضية الفلسطينية أن يكون اللاعب الأقوى في المنطقة، ولم يتورع عن أي عمل ضدها لإحكام قبضته على دفتها، لتعزيز نفوذه الجيوسياسي وتحقيق التوازنات التفاوضية والابتزازات الإقليمية ليضمن بذلك بقاء نفوذه في المنطقة، ولابتزاز الأنظمة العربية الأخرى وأخذ “إتاوة” منها بدعوى مواجهة إسرائيل[23]،

3 – على صعيد القضية الفلسطينية: تقييد الحركة الوطنية الفلسطينية والتدخل في شؤونها والتلاعب بأوضاعها وإضعاف الهوية الوطنية؛ خاصة أن القوى الفلسطينية المحسوبة على السياسة السورية لم تستطع تعزيز حضورها أو دورها في المجتمع الفلسطيني، أكان ذلك في الداخل أو في الخارج، ولم تستطع تأكيد دورها في ساحة الصراع ضد إسرائيل، في حين أنها ظلت تركز دورها في معارضة القيادة الفلسطينية، أي قيادة فتح.

خامسا: قراءة في أبرز المحطات التاريخية للنضال الفلسطيني وما وراء تدخل النظام السوري بها – أهداف وتداعيات.

تطلّع الرئيس السوري السابق منذ بداية بروزه في المشهد العسكري السوري للقيام بدور متميز في معادلات الحرب والسلام في المنطقة، وتعزيز مكانته الإقليمية في الشرق الأوسط، ورغم أنه أكد على تلازم المسارات العربية في المفاوضات مع إسرائيل، فقد عمل على مبدأ الاستحواذ على الورقة الفلسطينية بالتزامن مع صعود الطرف الفلسطيني على الخريطة السياسية والجغرافية، الذي حرص على استقلالية القرار ورفض أي نوع من الوصاية المتمثل بياسر عرفات وقيادة فتح، ليكون التوتر سيد الموقف في هذه العلاقة عبر مراحلها التاريخية:

1 – اعتقال ياسر عرفات بتهمة التحضير لأعمال تخريبية 1964م، عندما كان ينقل شحنة من المتفجرات من لبنان إلى الأردن عبر الأراضي السورية بعلم اللواء سويداني، رئيس الأركان، إلا أن أمر الاعتقال عن قائد القوات الجوية والدفاع الجوي، حافظ الأسد، الذي كان يتمتع بنفوذ واسع داخل الجيش السوري، وبخاصة أفرع الاستخبارات فيه ليكون رسالة موجهة له ولتنظيم فتح وسائر التنظيمات الفدائية التي كانت في طور التشكل، مفادها أن من أراد التنسيق مع القيادة السورية فعليه المرور عبر بوابة اللواء الأسد دون سواه[24].

2 – محاولة اغتيال ياسر عرفات 1966من قبل المخابرات العسكرية السورية، التي قصفت مواقع منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة لإخراج عرفات، وحينها قال الشهيد صلاح خلف أبو إياد “الآن أدركنا تآمر الأسد علينا وأن له علاقات أوثق مع إسرائيل والكتائب[25].

3 – النكسة 1967م: دعم الاتحاد السوفيتي، باعتباره إحدى الدول الاشتراكية التي انفتحت الدول العربية عليها في تلك المرحلة، حزب الشعب الشيوعي السوري الذي دعم بدوره موقف حافظ الأسد، وكيف حمّل استراتيجية الحرب الشعبية طويلة المدى مسؤولية الفشل، وقرر ألا يترك قرار المقاومة بيد الفدائيين الفلسطينيين وأحكم سيطرته على الجيش المدعوم سوفياتياً، وأصدر عددا من القرارات لخنق المقاومة الفلسطينية ومنع القيام بأي عملية دون موافقة رسمية كتابية، ما وسع خلافه مع قيادة الحزب بقيادة صلاح جديد، لتبنيه استمرار الحرب الشعبية الذي حسمه حافظ الأسد بانقلابه في 16 تشرين2 1970م[26]. ومن الجدير ذكره أنه بمجرد إعلان الدولة الإسرائيلية كان الاتحاد السوفياتي أول دولة تعترف بإسرائيل رسميا ودعمها سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا وفتح باب الهجرة لليهود من دول شرق أوروبا وتدريب الطيارين الإسرائيليين في تشيكوسلوفاكيا.

4– أيلول الأسود 1970م: أحجم حافظ الأسد عن تأمين الغطاء الجوي للقوات السورية التي دخلت الأردن لتطويق الاشتباكات بين الجيش الأردني والثورة الفلسطينية، عقب معركة الكرامة التي قتل فيها 250 جندي إسرائيلي وجرح 450، وفقد جيش الاحتلال الإسرائيلي مئات الآليات، وصنف هذا النصر على أنه أول انتصار لجيش عربي على إسرائيل وانضمت حشود ضخمة من الشباب إلى تنظيمه، حركة فتح.

ترك القوات الفلسطينية تذبح في أحراش جرش وعجلون بعد التهديد شديد اللهجة الذي وجهته الولايات المتحدة الأمريكية وطالبته بسحب القوات السورية من الأردن، ملوحة بإمكانية تدخل بري وجوي إسرائيلي[27]، الأمر الذي سمح للجيش الأردني وطيرانه بتدمير جزء كبير من القوات السورية حتى انسحبت[28]، والقضاء على التواجد الفلسطيني المسلح تماما، وإغلاق الحدود البرية أمام “الفدائيين “من الجانب الأردني.

وعمل على لعب دور الحامي للقضية الفلسطينية والفدائيين، ليقوم باستضافة الفصائل الفلسطينية الهاربة من أتون الجحيم وفتح المعسكرات لهم واستمالتهم واستعمالهم مستغلا رفع النظام المصري غطاءه السياسي عن حركة فتح وقيادة منظمة التحرير بعدما راحت تهاجمه بعنف بسبب قبوله لمبادرة روجرز الرامية لوقف حرب الاستنزاف.

5 -الحرب الأهلية اللبنانية 1975 – 1976م ومحاصرة مخيم تل الزعتر من قبل الجيش اللبناني “ميشيل عون” والجيش السوري[29].

اشتعلت الحرب الأهلية اللبنانية الأولى 1975م بين جبهتين: اليمين المتمثل في الكتائب المارونية (حزب الكتائب بزعامة بيير الجميل، وميليشيا النمور التابعة لحزب الوطنيين الأحرار بزعامة كميل شمعون، وميليشيا جيش تحرير زغرتا بزعامة طوني فرنجيه، وميليشيا حراس الأرز)، واليسار اللبناني والقوى الوطنية اللبنانية المتحالفة مع المقاومة الفلسطينية. واندفع حافظ الأسد لتأييد اليمين وطرح نفسه كحاضن وداعم له، وبمجرد تحقيق المقاومة الفلسطينية – اللبنانية الانتصارات، وتنامي قوتها وامتداد الشرارة الثورية لداخل سوريا .دفع بـ 30 ألف جندي سوري، فشل خلالها في السيطرة على المدن اللبنانية الرئيسية، ثم حاول احتلال المواقع الاستراتيجية لعزل بؤر المقاومة عن بعضها، مما أخل بموازين القوى لصالح الكتائب المارونية، التي اندفعت لإبادة المقاومة مرتكبة مجازر بشعة في الأحياء الفقيرة (الكرنتينا والمسلخ والنبعة) وأهمها مذبحة مخيم اللاجئين “تل الزعتر” الذي رزح /52/ يوماً تحت الحصار الخانق والقصف السوري بينما ذبحت كتائب الموارنة 4000 فلسطيني، وهو عدد مقارب لضحايا نكبة 1948م[30].

ويمكن إيجاز الأسباب التي دفعت حافظ الأسد إلى التدخل بما يلي:

خوف النظام أن يجرّ النظام اليساري اللبناني الجديد النظام السوري إلى معركة لا يريدها مع العدوّ الإسرائيلي
الخوف من خلق موطئ قدم لخصومه العرب في لبنان، وخصوصاً النظام العراقي.
الخشية من خسارة النظام السوري للورقة اللبنانيّة.
منع ياسر عرفات من تقوية فصيله في منظمة التحرير على حساب الفصائل الموالية لسوريا.
الخوف من أن تثوير الوضع اللبناني سيؤدّي إلى تثوير الوضع السوري، وكان لهذا لو حدث، أثر إيجابي لحرب تحرير فلسطين الشعبيّة[31].
6– الاجتياح الإسرائيلي لبيروت 1982م:

منذ انتقال قيادة الثورة الفلسطينية إلى لبنان أوائل 1971م، وحتى خروجها منه بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في 1982م، كان صراع قيادة منظمة التحرير ضد محاولات النظام السوري للسيطرة على القرار الوطني الفلسطيني مسارًا رئيسيًا من مسارات الحرب الأهلية اللبنانية المتعددة، إذ أحدث الدخول الفلسطيني المسلح في لبنان ارتباكًا في معادلات التوازنات اللبنانية الطائفية والطبقية والحزبية الهشة أصلًا، مُرجِحًا كفة الحركة الوطنية اللبنانية ذات التوجه القومي اليساري التي كانت حليفًا طبيعيًا لسوريا قبل الحرب الأهلية، وأثارت هذه التحولات قلق النظام السوري إزاء احتمالية تحول لبنان عملياً إلى كيان منفلت عن هيمنة القيادة السورية وغير منضبط لحساباتها الإقليمية في الصراع مع إسرائيل، وعمل خلال هذه التطورات على تصفية عرفات وقصف مواقع له في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة بلبنان[32]، وفي ذلك يقول صلاح خلف (أبو إياد): أرسل ياسر عرفات اثنتي عشرة رسالة إلى حافظ الأسد يطالبه بفك الحصار المفروض علينا في بيروت، وعندما لم يتلق جوابـاً أرسل مبعوثاً خاصاً، وبعد أن سلم رسالة عرفات، وعرض عليه سوء الأوضاع وصلف العدو أجاب حافظ الأسـد: (أنـا أريـد أن تهلـكوا جميعـاً لأنكم أوبــاش). يتابع خلف بقوله: عندئذ أدركنا تآمر الأسد علينا، وأن له أوثق العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة وحزب الكتائب.[33] ولأن عرفات يدرك أن وجوده في دمشق سيحوله إلى ممثل شرفي للقضية الفلسطينية قام بتوزيع قواته على عدة دول عربية مستثنيا سورية رغم أنها الدول الوحيدة في محيط إسرائيل لا تزال في حالة مواجهة حقيقية معها.

استغل النظام السوري الوضع الذي آل إليه ياسر عرفات وقبوله بعمليات “السلام” المقترحة (خطة ريغان)، وعمل على شق الصف الفلسطيني أثناء اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر 1983، وتمكين المنشقين من السيطرة على مكاتب الحركة ومعسكراتها في سوريا ولبنان، في مرحلة شهدت نوعاً من الاقتتال الفلسطيني في منطقتي البقاع وطرابلس بلبنان[34].

7–اتفاقية عمان والحرب على المخيمات الفلسطينية في لبنان 1985 – 1988م:

رأى حافظ الأسد في الاتفاق الذي وقّعه عرفات في 11 شباط 1985م مع الملك حسين في عمّان، القاضي بقيام اتحاد كونفدرالي مستقبلي بين الأردن والدولة الفلسطينية المُتوقع إقامتها على أي جزء يتم تحريره من أراضي فلسطين، والسعي لتسوية سلمية ينتهي بها الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وفق قرارات الأمم المتحدة، رأى أن عرفات ألقى بالورقة الفلسطينية بيد الملك حسين حارمًا إياه منها، وبدأ فصل دامٍ جديد من الصدام بين الأسد وعرفات، على يد حركة أفواج المقاومة اللبنانية (أمل)، تساندها فتح-الانتفاضة بتوجيه سوري[35]، واللواء السادس المنشق عن الجيش اللبناني في حصار وقصف المخيمات الفلسطينية (صبراـ شاتيلاـ برج البراجنة)والقوات المتحصنة بداخلها في بيروت وجنوب لبنان بهدف إرهاب الشعب الفلسطيني وفقدان الأمل في النضال والمقاومة، ومثلت تلك المرحلة إرهاصات لوجود فرق عسكرية منضبطة توظف في التوازنات السياسية ولا تنحى منهج العمل الفدائي كما في الحالة الفلسطينية وهو ما بات يعرف اليوم بحزب الله اللبناني.

8– مؤتمر مدريد 1991م:

تعتبر ثنائية المفاوضات أحد شروط عقد مؤتمر مدريد، وهو ما كان يرفضه النظام السوري الذي يقبل بعملية التسوية من حيث المبدأ، إلا أن وقوف منظمة التحرير الفلسطينية إلى جانب صدام حسين ومقاطعته سياسيا من دول الحلف المتشكل آنذاك، وتوجه أمريكا بأن يدفع ياسر عرفات الثمن من القضية الفلسطينية، وجد النظام السوري نفسه في المكان الصحيح فيما يتعلق بمؤتمر مدريد للسلام، دون تحقيق أي تقدم على المسار السوري-الإسرائيلي، ليؤكد أن حافظ الأسد يرى في ياسر عرفات “عقبة ينبغي إزالتها ” أو النيل منها متجاهلا ما للقضية وشخصيته من بعد رمزي ووطني، مستغلا في سبيل ذلك تدجين فصائل فلسطينية تخلت عن سلاحها وكفت عن مقاومة الاحتلال.

9– تسوية أوسلو وتشكيل السلطة الفلسطينية:

كان من بين الأسباب التي دفعت ياسر عرفات للالتفاف على مسارات مؤتمر مدريد أن النظام العربي ذهب إلى هذا المؤتمر من دون أن يكون للفلسطينيين وفد مستقل، وعلى قدم المساواة مع الوفود الأخرى، بل جاؤوا إلى المؤتمر ضمن الوفد الأردني، وهو ما أثار حفيظة القيادة الفلسطينية،

وعلى الرغم من الإجحاف الكبير بحق القضية الفلسطينية في أوسلو إلا أنه تم تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، وعودتها إلى الداخل الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بصلاحيات حكم ذاتي محدودة، وهو ما كان يطمح إليه ياسر عرفات لتحقيق الكيانية الوطنية الفلسطينية، وبالتالي انتزع من النظام السوري- الذي لم يكف عن الهجوم على مسار أوسلو وما تمخض عنه- صفة الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، كما أن هذا النظام لم يكف عن محاولات تصفيته سياسيا، والتي بلغت ذروتها عندما انسحب رئيس وفد السلطة الوطنية الفلسطينية فاروق القدومي احتجاجا على رفض لبنان رئيس القمة العربية آنذاك /2002/ السماح لياسر عرفات بإلقاء كلمته مباشرة عبر القمر الصناعي أمام القادة الحاضرين[36].

10 – التقرب من التنظيمات الإسلامية واحتضانها (حركة حماس):

أدى أوسلو إلى تجميد المقاومة المسلحة، وهذا أدى بدوره إلى بروز التنظيمات الإسلامية (حركة حماس) الذي لم يتردد النظام السوري (بشار الأسد) بدعمها لتكون ورقته الجديدة في مسار القضية الفلسطينية وصراعه مع قيادتها الرسمية في ضوء عجز الفصائل الفلسطينية المتواجدة في سوريا (الصاعقة، القيادة العامة، فتح الانتفاضة) عن القيام بمثل هذا الدور، وأيد سيطرتها على غزة بقوة السلاح 2007م عقب رفض السلطة نتائج الانتخابات الفلسطينية، ووقف إلى جانبها في العدوان الإسرائيلي على غزة 2009م لتعزيز أوراقه التفاوضية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ومواقفه اتجاه دول المنطقة فمثلا ظهر تباين واضح داخل الحركة بين تيارين: الأول يفضل إصلاح العلاقة مع مصر، والثاني وهو الاتجاه التابع لسوريا وإيران، يصعد بوجه النظام المصري واضعا العصي في عجلة المفاوضات التي دعت إليها القاهرة من أجل استئناف الحوار الفلسطيني[37].والاستفادة من الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها هذه الحركة في غزة والضفة والمهجر للحصول على تعاطف الفلسطينيين مع بشار الأسد. والتعويض عن إخفاق الفصائل الدائرة في فلكه، إذ وجد فيها ضالّته لمناكفة القيادة الفلسطينية، على رغم احتساب «حماس» على منظومة “الإخوان المسلمين” .

11 _ تدمير مخيم نهر البارد على يد الجيش اللبناني:

يضم المخيم 6174 أسرة مؤلفة من 31499م فرداً، عمل النظام السوري على استثمار قربه من الحدود السورية لتنفيذ إحدى العمليات الأمنية التي بدأها في لبنان بعد إخراجه منه مكرها بموجب القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي 1559، فدفع برجل يدعى شاكر العبسي، زعيم تنظيم فتح الإسلام والمنشق عن فتح الانتفاضة، مع رجاله إلى المخيم والقيام بأعمال يمكن توظيفها في الشأن اللبناني بشكل عام، كاختطاف رجال أمن، أو القيام بتفجيرات لخلق توترات طائفية[38]، هنا سارعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/القيادة العامة باتهام تيار المستقبل بإعداد مقاتلي فتح الإسلام لخوض “حرب مذهبية” ضد الشيعة من أجل إضعاف حضور حزب الله. وبموجب هذه التصرفات التي تكاد تكون مكشوفة بالنسبة لجهة التخطيط والتنفيذ والأهداف المتمثلة بتغطية جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، والحرب على مؤسسات الدولة اللبنانية، شن الجيش اللبناني حملة عسكرية نتج عنها تدمير المخيم وإجلاء سكانه منه، ليضاف إلى تدمير مخيمات تل الزعتر وصبرا وشاتيلا. ويتمكن في نهاية المطاف شاكر العبسي من الفرار.

سادسا: فلسطينيو سورية والثورة السورية

عانى الفلسطينيون في سوريا ما عاناه المواطن السوري، سواء من الناحية الاقتصادية، أو من ناحية القبضة الأمنية التي حكمت المجتمع السوري، ومع اندلاع الثورة السورية تعجل النظام السوري باتهامهم بأنهم يفتعلون الصراع في الجنوب السوري، وفي الساحل في اللاذقية (اتهام المستشارة الرئاسية بثينة شعبان للفلسطينيين في مخيم الرمل بما حصل في اللاذقية)[39]، وجرهم نحو الصراع الدائر ليبدأ فصلا جديدا من فصول مأساتهم الممزوجة مع الكثير من تفاصيل المأساة السورية، وتطرأ على المجتمع الفلسطيني السوري تبدلات كارثية على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والثقافية جعلته في حالة من اللا استقرار والضياع.

أ – الموقف من الثورة.

في الوقت الذي لم تغب التجارب المأساوية للاجئين في الأردن ولبنان والعراق والكويت عن مركز إدراكات فلسطينيي سوريا لحساسية ما يجري، احترمت القوى المحركة للثورة السورية في مرحلتها السلمية خصوصية المخيمات الفلسطينية ولم تحاول استخدامها أو إقحامها في فعالياتها حيث كانت المظاهرات التي تجري في محيطها تقف عند حدود تلك المخيمات[40]، مقابل سعي النظام المحموم لجر الفلسطينيين لطرفه من خلال الأطراف الفلسطينية المرتبطة به وسعيها لإثارة الفتن بين الفلسطينيين وجوارهم السوري، وتشكيل لجان شعبية تقف إلى جانب النظام، واستخدامه المخيمات كنقاط عسكرية لمهاجمة المناطق المجاورة، وبالتالي أدت السياسات المستفزة التي يعتمدها النظام إلى تأجيج غضب الشارع الفلسطيني منها، على سبيل المثال تنظيمه لمظاهرة في الخامس من حزيران 2011م في مرتفعات الجولان، أدت المواجهات مع الجيش الإسرائيلي خلالها لسقوط 23 قتيلاً، وترافقت جنازاتهم مع مظاهرات في مخيم اليرموك ضد الفصائل الفلسطينية التي يشعر اللاجئون بالاستياء منها، حيث اتهموهم بالتورط مع النظام السوري عبر إرسال الشباب نحو الموت، بهدف خدمة الماكينة الدعائية لحزب البعث تحت شعار المقاومة والممانعة، وقد تجاوز هذا الغضب ترديد الشعارات مثل “الشعب يريد إسقاط الفصائل” ليصل الأمر لأعمال عنف واشتباكات أدت لسقوط 14 متظاهرًا وحرق مقرات الجبهة الشعبية، القيادة العامة التي نظمت المظاهرات في الجولان[41]. ليتبلور الموقف الفلسطيني اتجاه الثورة السورية في اتجاهين:

الأول: الموقف الرسمي: هو مزيج من الحياد الذي أعلنه الرئيس محمود عباس، والمشاركة الفعلية التي تمثله الفصائل الفلسطينية التي احتضنها النظام السوري ويُعتبر سبب بقائها، والتي وجدت نفسها بعد أن تم إفراغها على يدي النظام من محتواها المتمثل بفعاليتها في مواجهة العدو، وبالتالي أفقدها مكانتها بين شعبها؛ فنمى عند أغلبها قناعة مفادها أن مصيرها بات وثيق الصلة بمصير النظام، ما يفسّر المواقف والسلوكيات المتوتّرة التي باتت تعتمدها، وضمن ذلك محاولاتها إقحام المخيمات فيما يجري،

ويعتبر أسلوب الإغراءات المالية في تعامل النظام مع التنظيمات الفلسطينية أحد أنجع طرقه، فقد وجه الرئيس السوري بشار الأسد بتشكيل لجنة لتسليم حركة فتح الأم أرضا تعود ملكيتها لمنظمة التحرير الفلسطينية على طريق دمشق – حمص الدولي عند مفرق حفير تبلغ مساحتها 700دونم، بسبب ما صرح به عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأم في العام 2013م أن ما يجري في سورية صيف قاحل وليس ربيع عربي وهو ما أشعل فتيل الخلاف بين فتح الأم وفتح الانتفاضة.

ويمثل الاتجاه الثاني: الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين في سورية، دفعت به الطبيعة السلطوية التدخلية للنظام وعطف الفلسطينيين على الثورة السورية، ومناصرتهم للمطالب العادلة للسوريين، على الرغم من عدم انخراط الفلسطينيين في الحياة السياسية السورية، وغياب المرجعية الوطنية لهم مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مخيم بحسب موقعه الجغرافي وقربه أو بعده عن المناطق السورية الساخنة.

في المحصلة انخرط الفلسطينيون في كل فعاليات هذه الثورة، المدنية والسلمية، التي كانت تجري خارج المخيمات، في المظاهرات والاعتصامات والتجمعات، وفي المعركة على الرأي العام، وفي العمل الإغاثي والإعلامي. ومنهم من استشهد ومن اعتقل ومن عذّب ومن اختطف، بحكم ميوله وعواطفه السياسية، مثلهم مثل الشباب السوريين، حتى إن رصد حجم الخسائر البشرية نتج عنه استشهاد 2800 لاجئ فلسطيني في سورية منذ بداية الثورة السورية وحتى بداية عام 2015م[42].

ب – فصائل عسكرية فلسطينية في مواجهة الشعب الثائر

يغلب على معظم الميليشيات المساندة لقوات النظام التوجه القومي اليساري، وينسجم خطابها مع نموذج حزب البعث السوري المعادي للصهيونية، وأبرزها:

1 -لواء القدس: تشكل في تشرين الأول 2013م من دون إعلان رسمي مستغلا تردي الأوضاع الاقتصادية وانعدام الموارد المالية للعائلات الفلسطينية وانتشار البطالة، ليُغري الشباب برواتب مالية منتظمة، حيث ضمَّ في بداياته أغلبية فلسطينية. وشارك في العديد من المعارك على خطوط جبهات مدينة حلب وريفها، ما تسبب بمقتل المئات من أفراده، البالغ عددهم الإجمالي 1800 مقاتل، بينهم نحو 500 فلسطيني. ويتوزع عناصره في محيط مخيم النيرب وقرب مطار النيرب العسكري والمدني، وفي قرى العزيزة والشيخ لطفي وحيلان وغرب سجن حلب المركزي ومحيط مخيم حندرات، وفي محيط مبنى الاستخبارات الجوية[43]، ويقوده المدعو محمد السعيد، وهو فلسطيني سوري، مرتبط بالاستخبارات السورية والإيرانية.

2 -ميليشيا قوات الجليل: ميليشيا فلسطينية تأسست عام 2011 م. بقيادة فادي ملاح من مهجري مخيم خان دنون بريف دمشق، كجناح عسكري لحركة شباب العودة الفلسطينية لمحاربة الثورة السورية، تعمل قيادته ضمن مخيم خان دنون لاستقطاب شباب المخيم وزجهم في المعارك، واشترك في معارك جبهات القلمون واللاذقية ووصل إلى دير الزور[44].

3 – حركة فلسطين حرة -الجناح العسكري- قوات درع الأقصى: ميليشيا فلسطينية تأسست عام ٢٠٠٨م برئاسة ياسر فشلق، شاركت ضد الثورة، وزعيمها العسكري سائد عبد العال المعروف بتهريبه للمخدرات وسوابق النصب والاحتيال، خسرت العديد من عناصرها في المعارك الناشبة في محيط المخيمات الفلسطينية[45].

4 -ميليشيا الحزب الفلسطيني الديمقراطي -سوريا العودة والتحرير: تنظيم سياسي له جناح عسكري يتزعمها مازن شقير من أصحاب السوابق والاحتيال وتأسيس الشركات الوهمية، تقاتل هذه المليشيا مع نظام الأسد في دمشق وريفها.

شكل النظام هذه الفصائل لتوجيه رسالة إلى الفصائل الموالية له (ميليشيا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة وقوات الصاعقة -فرع البعث الفلسطيني، وميليشيا فتح الانتفاضةـ حركة التحرير الوطني الفلسطيني، وميليشيا جيش التحرير الفلسطيني، وميليشيا جبهة النضال الشعبي الفلسطيني) على أنها ميليشيات احتياطية في حال أظهرت عدم الرغبة للامتثال لأوامره، ولإشاعة انطباع أنّ نسبة كبيرة من الفلسطينيين تقف في صفّ النظام وتقاتل إلى جانبه.

سابعا: خلاصة

1 -عمل النظام السوري من خلال توظيف الخطاب الممانع لخلق أدوات داخل الصف الفلسطيني نفسه تعمل لحسابه وتنفذ أجندته. فجيش التحرير الفلسطيني المشكّل من السلطة الحاكمة في دمشق رفع شعار تحرير الأرض، لكن وظيفته الفعلية كانت محاربة الفلسطينيين في لبنان لحساب النظام. والنهج ذاته تمارسه في الوقت الراهن بعض التنظيمات المليشيوية الفلسطينية عبر مشاركتها في حصار مخيم اليرموك وتجويع سكانه، أو القتال على جبهات أخرى إلى جانب الميليشيات الإيرانية في الساحة السورية.

2 – أثبتت المظاهرات في حيفا والقدس وأماكن أخرى من فلسطين رغم قلة المشاركين فيها دعم الشعب الفلسطيني للشعب السوري، وأنه لا يمكن لدعاية النظام السياسية أن تخدع فلسطيني الداخل[46].

3 –تسعى إسرائيل من وراء تعزيز العلاقة إلى تنصيب بوتين كوسيط بينها وبين النظام السوري، على افتراض أن النظام سوف ينجح في الحفاظ على سلطته بمساعدة التدخل الروسي، وتعتبر هذه العلاقة إشكاليةٌ بالنسبة إلى الفلسطينيين، خاصة أن التركيز الإسرائيلي نحو الدعم الروسي هو زيادة الانتقادات الأمريكية والأوروبية للسياسات الإسرائيلية مثل توسيع المستوطنات غير الشرعية.

4 -عمل الصراع في سوريا على استنزاف الفلسطينيين على كافة المستويات المادية والبشرية والوطنية، كما عمل مع اندلاع الثورة السورية وتشابك المواقف الدولية على تقزيم القضية الفلسطينية التي كانت تشكل أهمية مركزية لدى الرأي العام العالمي.

5 –فقدت بعض الفصائل الفلسطينية نظرا لتغليبها المصلحة الفصائلية على المصلحة الوطنية رصيدها الشعبي بعدما اقتصر حضورها في المشهد السوري على حصار المخيمات الفلسطينية وتدميرها وتشريد سكانها، وتأمين الغطاء الإعلامي لانتهاكات النظام السوري للفلسطينيين بعد تدميره عدداً من المخيمات خاصة أنها لا زالت في مرحلة تحرر وطني.

6 –لم تتمتع الفصائل الفلسطينية على الساحة السورية بأي ثقل وازن بين الفلسطينيين وهو ما أثبته الموقف المجتمعي للفلسطينيين اللاجئين في سورية، كما أنها لم تستطع توليد أي حالة نموذجية بديلة في مجتمع اللاجئين في سورية، وانعدام دورها في مجال الهدف الرئيس منها وهو الصراع مع إسرائيل.

الخاتمة

أمعن النظام السوري في كل مراحله في استهداف الفلسطينيين ووجودهم المادي والمعنوي وبشتى الأدوات السياسية والعسكرية، فهو نظام لم يتورع عن قتل شعبه حتى يتورع عن قتلهم، وهو ما بدا جليا خلال الثورة، وبات بالإضافة إلى استهدافهم جسديا مستقبلهم الوطني يكتنفه الغموض لأن عمليات إخلاء وتدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية وعدم السماح لهم بالعودة إليها إطلاقاً، ولو انتهت المواجهات العسكرية، تهدف في الحقيقة إلى تصفية قضية هذه المخيمات وبالتالي إنهاء حق العودة الذي يعتبر على الدوام عقدة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبالتالي يقدم النظام السوري خدمة كبيرة للاحتلال الإسرائيلي، ومرد كل ذلك إلى أن هذا النظام لم يستطع هضم التبلور الحاصل في الوطنية الفلسطينية، وظل يتعامل مع القيادة الرسمية كما يتعامل مع أي فصيل فلسطيني آخر لتحقيق سياسته بأبعادها الجغرافية والعسكرية.

[1]المركز العربي للمعلومات – مفهوم الدولة الفلسطينية

[2]الشبكة – الفلسطينيون والحرب السورية: بين الحياد والمعارضة– سمر بطراوي

[3]مؤسسة الدراسات الفلسطينية – الفلسطينيون في سورية بين مطرقة الثورة وسندان النظام – طارق عزيزة

[4]نون بوست:الفلسطينيون في سوريا بين جحيم المخيم وضياع القضية (2/1) – فرانتز غلاسمان – أستاذ علوم سياسية فرنسي

[5]منظمة التحرير الفلسطينية – مركز الأبحاث – فلسطينيو سوريا وتحولات المشهد السوري – نبيل السهلي

[6]مقالات نشرت في مجلة الدراسات الفلسطينية – الفلسطينيون في سوريا وعملية السلام

[7]المرجع السابق.

[8]المرجع السابق.

[9]مؤسسة الدراسات الفلسطينية – الفلسطينيون في سورية بين مطرقة الثورة وسندان النظام – طارق عزيزة

[10]مرجع سابق – رقم 4

[11]الجزيرة نت – فلسطينيو سوريا بين المطرقة والسندان

[12]مقابلة أجراها معد الدراسة مع مساعد 1 منشق من شعبة الأمن السياسي.

[13]فلسطين أونلاين – حركة فتح تاريخ من الانشقاقات (3)

[14]جدلية – جورج حبش

[15]المرجع مكرر رقم 12 – أفاد المصدر بأن ياسر عبد ربه انشق عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في عام 1989م، وثبت كما يروي أن حالات الانقسام الفلسطيني كانت تقف وراءها الأجهزة الأمنية السورية، خاصة أنه جرت اشتباكات عقب انشقاق عبد ربه بين الطرفين في مخيم اليرموك دون أن تحاول تلك الأجهزة رأب الصدع بينهما وهو ما يدل على قبولها بالأمر، وبعد اتفاق أوسلو وقف ياسر عبد ربه ضد النظام السوري وأصبح من القربين لياسر عرفات.

[16]وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية – منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية

[17]فلسطين – إشكالية العلاقة السورية الفلسطينية – ماجد كيالي

[18]إضاءات – بين فكي الأسد: مطاردة الثورة الفلسطينية (1970–1991) الجزء الثاني– أحمد محرم

[19] دار الساقي – الممانعة وتحدي الربيع – بهاء أبو كروم

[20]جيل -الحراك الشبابي الفلسطيني: نظرة إلى التجربة– محمد عامر

[21]عرب 48 – تجربة العمل السياسي الفلسطيني في سورية: الخصائص والتوقعات – ماجد كيالي

[22]العربي الجديد – استغلال فلسطينيي سورية: أبرز ألوية ومليشيات الفصائل الموالية – عدنان أحمد

[23]جيرون – الثورة السورية وقضية فلسطين – ماجد كيالي

[24]إضاءات – ماذا قدمت سوريا الأسد للقضية الفلسطينية؟ البداية (1963–1970) – الحلقة الأولى– أحمد محرم

[25]وطن يغرد خارج السرب – تقرير يكشف عن سر علاقة الراحل ياسر عرفات بالأسد والنظام السوري.. تآمروا عليه وفشلوا– وعد أحمد

[26]النظام السوري وأكذوبة دعم المقاومة

[27]حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) دور منظمة التحرير الفلسطينية في العلاقات العربية – العربية – فادي قدري أبوبكر

[28]المرجع مكرر رقم 23

[29]شباب الشرق الأوسط – مجزرة تل الزعتر من صفحات الحرب الأهلية اللبنانية – محمود عرفات

[30]المرجع مكرر رقم 25

[31]صحيفة الأخبار سوريا ولبنان:1976 – أسعد أبو خليل

[32]أورينت نت – في ذكراه العاشرة: ياسر عرفات والأسد عدوٌ ما من صداقته بدّ – عبد السلام الشبلي ُ

[33]الحقيقة – من جرائم نظام الأسد ضد الفلسطينيين– أحمد محمود الحيفاوي

[34]الجزيرة نت – المحطات التاريخية للتوترات السورية الفلسطينية

[35]المرجع السابق.

[36]العربي الجديد – الفلسطينيون ونظام الأسد.. للتاريخ ولكي تعرف الأجيال – عدلي صادق

[37]فلسطين الثورة – سوريا تواصل عرقلة الحوار الفلسطيني والقطاع يتهيّأ للانتفاض على سلطة “حماس”

[38]الجزيرة نت – فتح الإسلام

[39]عرب 48 – فلسطينيو سورية وصعوبة خيار النأي بالنفس

[40]منظمة التحرير الفلسطينية – مركز الأبحاث – ثورة السوريين وأثرها على مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا – ماجد كيالي – عدد 252

[41]نون بوست – الفلسطينيون في سوريا بين جحيم المخيم وضياع القضية (2/1) – فرانتز غلاسمان – أستاذ علوم سياسية فرنسي

[42]الجزيرة نت – تأثيرات الثورة السورية على المخيمات الفلسطينية

[43]المرجع مكرر رقم 21

[44]كلنا شركاء – النظام يدفع بميليشيا (قوات الجليل) الفلسطينية للدفاع عن مواقعه– سعيد جودت

[45]بلدي – الميليشيات الفلسطينية والقومية حليفة الأسد– تركي مصطفى

[46]المنشور – فلسطين والثورة في سورية – بدور حسن – ترجمة: وليد ضو

المصدر/ مركز طوران للأبحاث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب