كتب: الفاتح ميكا
أرى قبري من خلال النافذة
_________
للموت رائحة …
وللقبر نداء لا يتوقف ..
وأنا أتأرجح على حبل نحيل وتحتي ھاوية ….!
أتنفس..بصعوبة….
وقارب الحمى المتين يرسو بحمولتھ الملتھبةعلى جسدي . ..بشغف ناري مرعب …!
يحاول ان يحملني خارج الحياة…….
ھل حان ميعاد الرحيل …؟؟ !
عيناي حفرتان من اللظى ..اكاد أن لا أبصر..من كثافة الجمر…كل الأشياء حولي بلون الدم ….والرماد..وفقدت بوصلة الزمن…وضاع النھار في غياهب الليل ..!!
الناس حولي…أضياف ..أضياف.. أضياف..بلا ملامح ….وبرغم كثرتھم ..وبمعاناة ..وبمشقة شديدة لا أرى الا القلة …. تفيض عيونھم بالدمع ..بكاء ..ودعاد مستمر ..
لساني ملتصق بحلقي …..
سجين الحمى والھزيان …
اسمع صفارة عمري بعد سقوط ھويتي في قاع الظلام الموحش …
تعلن الاقتراب من المحطة الأخيرة……
____
كائن ھزيل مسجى على فراش المرض يحمل في أحداقھ كفنھ ……..!
تنطلق دھشة ..السؤال الانين ..الحزين ..
ماذا تبق من العمر…..؟؟!!!
أسمع ھمس رنين الذكريات كجرس معلق في عنق الافق الشاحب المزدحم برائحة الموت المتمرد على الوصف والشرح..
الحياة بداية ونھاية …. نبض يرتعش من ثقل اللحظة المضطربة ……
ھذيان….ھذيان …ھذيان ….
وقوة تحمل في ظاھرھا النعومة والرقة …وفي باطنھا العذاب…..
وأحس ان قارب الموت يبحر بي خارج الحياة ….
_____
يرتد الي بصري من ثقب الوھن ولا ادري كم طالت غيبوبتي….!!!!!
حولي …أطباء…أطباء..أطباء واجھزة عديدة ومختلفة تتنقل في كل جسدي ….
لقد تم نقلي الى مستشفى الحميات بحلوان القاھرة ..
____
أطل في شاشة عمري المتعب المنھك .. واضع خطواتي من جديد في عتبة الحياة …
ھناك بعض المسرات .. وبعض الأحزان …وبعض الجحود …..
وتعصر قلبي بعنف بعض اسرار من الصعب البوح بھا ..برغم بعض الناس سبب لي الاذي ….!!!!!!!
وفي ذات اللحظة فخور بالاعزاء ..الأوفياء ..الأتقياء الذين عاشوا معي اسوا مراحل حياتي ومعاناتي وصراعي مع المرض..لحظة..بلحظة ..وانا كنت على حافة القبر….. رجالا ونساءا تتساقط علي دموعھم الصادقة ولا يتوقفون عن الدعاء..كنت أرى الحياة من خلالھم برغم حشرجة العمر وانا اضمحل واتلاشى كشمعة في الرمق الاخير …!!!!!!
كل الشكر والمحبة والعرفان لھم
لا احد يعلم متي. واين ..وكيف يغادر الحياة
فإذا جاء اليوم الموعود فلا ھروب منھ ولا اعتراض على حكم اللھ وكلنا راحلون نسال الله حسن الخاتمة.
مستشفى حلوان القاھرة
