خاص: إعداد – سماح عادل
يعتقد البعض أنه مهما حدثت أزمة للنشر الورقي فإنه لن يختفي من الساحة الثقافية، لأن الكتب الورقية أكثر متعة في القراءة، في حين يرى
آخرون أن من سيبقى في ظل تلك التعثرات والصراعات العالمية هم الكتاب الذين يملكون حق طباعة كتبهم، وأنه قد يؤدي ذلك إلى أن يتم ترويج من يملك المال على حساب من يمتلك البراعة لكن لا يمتلك حق طباعة ما يكتب.
شارك في هذا الملف كاتبات وكتاب من مختلف بلدان الوطن العربي، وكانت الأسئلة كالتالي:
- هل تأثر النشر الورقي بالتغييرات الاقتصادية التي تحدث في العالم؟
- هل تؤثر الأزمة التي حدثت في النشر الورقي على حركة الثقافة في المنطقة؟
- هل يمكن اعتبار النشر الإلكتروني بديلا للنشر الورقي وما هي إشكاليات النشر الالكتروني؟
- هل ستتغير ثوابت كثيرة في مجال الثقافة مع تعثر النشر الورقي؟
اقتصار الطباعة على من يملك ثمنها..
تقول الكاتبة المصرية “شيرين شحاته”: “لطالما كانت القراءة مرتبطة بتصفح لمجلة ملونة صغارًا وتتبع لكتب معنون أكبر عمرًا، صحبة لا ينتهي وقتها بوضع المجلد برف مكتبة منزلية بجواره آخر، وهي ذات المكتبة التي ساهمت في تكوين ثقافة أفراد الأسرة ومنها للأسرة الأكبر وهي المجتمع، ولكن و مع التغييرات الاقتصادية والتي اجتاحت العالم شرقًا وغربًا فجعلت من البحث عن رغيف الخبز ضرورة ملحة والكتاب الورقي رفاهية نخجل من ذكرها أمام المعوزين لرغيف الخبز.
وبالتأكيد تضررت حركة الثقافة كغيرها من القطاعات بفعل التقلبات الاقتصادية المرهقة لكاهل كل من الدول والمشروعات التجارية الكبيرة والصغيرة، فأصبح من الصعب على دور النشر تكلفة طبع عمل ورقي على الأغلب سيقابله الكثيرين بجيوب فارغة متضررة من أوبئة وحروب”.
وتضيف: “ولأن القراءة متعلقة ببذور طفولة غرست بعقولنا صغارًا، أصبح من الضروري البحث عن بدائل وإن كانت أضعف، فتوهج دور النشر الإلكتروني كحل اجتمع عليه دور النشر والقارئ كنافذة قراءة مؤقتة سرعان ما سيغلقوها إن توفر الورقي باختفاء كل المشاكل الواقع بها، فالنشر الإلكتروني وإن تمتع بالعديد من المميزات من سهولة الحصول على العمل المكتوب وسرعة توفره وسهولته ماديًا إلا أن الورقي ما زال متربع داخل قلب القارئ المتعطش لملمس أوراقه ومطالعة غلافه بمكتبته الخاصة”.
وتؤكد: “وبالطبع لو استمر التعثر في النشر الورقي، سينتقل الاهتمام كليًة للنشر الإلكتروني والذي سيضيق من اتساع مجال الثقافة مع حجب تعدد فروع شجرتها بأوراقها المتشعبة داخل عالم ثقافي سيتضاءل فيه تدريجيًا إنتاج الأعمال الورقية لتعثر دور النشر وصعوبة الطباعة، وإن كان الأسوأ اقتصار الطباعة على من يملك ثمنها دون النظر لجودة العمل من عدمه”.
اختفاء الكتاب عن الساحة الثقافية..
وتقول الكاتبة العراقية “شيماء نجم عبد الله”: “أي سلعة تتأثر بالعرض والطلب من الممكن أن تكون عرضة للتأثر بالتغييرات الاقتصادية، والنشر الورقي بكل أنواعه هو أيضا يتأثر بالعرض والطلب، وبسبب سوء الحالة الاقتصادية للفرد وللشركات وارتفاع أسعار الورق وقلة الطلب على الكتب الورقية ساعد في العزوف الكتاب عن الطباعة والنشر، لذلك أصبح النشر الورقي يعاني من قلة رواده، رغم بعض المحاولات لإعادة أمجاده السابقة من إقامة معارض ونشاطات. إلا إن الوضع الاقتصادي أثر سلباً اتجاهه، مما جعل أغلب المجلات تنشر بشكل مجاني للكتاب عكس ما كان في الماضي حيث كان يتقاضى الكاتب أجرا عن كتاباته سواء في المجلات أو الجرائد.
وأصبحت محاولات طباعة كتب الروايات والقصص في أغلب الأحيان توزع مجانا في الحفلات المقامة، حيث يطبع الكاتب عدد قليل ويكتفي بتوزيعها في الحفل بسبب عزوف القراء عن شراءها، وتعرضه لخسارة مادية كبيرة في حالة طباعة عدد كبير من النسخ”.
وعن تأثير الأزمة على حركة الثقافة في المنطقة تقول: “أي أزمة يمر بها المجتمع قد تؤثر سلبا وإيجابا، فيما يخص حركة الثقافة فهي أثرت سلبا على الكتاب بالخصوص حيث اختفى الكثير من المبدعين عن الساحة بسبب وضعهم المادي، وعدم إيجاد فرصة مناسبة من قبل المؤسسات المختصة بالنشر لمساعدة مثل هؤلاء وإعادتهم إلى الساحة الثقافية، وبروز كتاب قد يملكون المال للطباعة ولكنهم لا يملكون الحس الثقافي، مما أثر ذلك على ذوق القراء في الاختيار، وبالتالي تغير اتجاه الثقافة ومعناها الحقيقي.
وإما التأثير الإيجابي لهذه الأزمة فهو محاولة التجمع وكسر الجمود والتصدي عن طريق التجمعات الثقافية التي ساعدت على إقامة مهرجانات لتبادل الكتب فيما بينهم، والقيام بنشاطات ثقافية بسيطة لتشجيع القراء على اقتناء الكتب وإن كان بالمجان”.
وعن النشر الإلكتروني تقول: “النشر الالكتروني هي محاولة وقتية لسد الثغرات التي حصلت بسبب الأزمة، ولن يكون بديلا بسبب بعض الجماليات التي يختص بها النشر الورقي وتأثيرات النشر الالكتروني السلبية على صحة البشر، ولدي شيء أقوله بخصوص النشر الالكتروني فبرأي هو يكلف أكثر من النشر الورقي حيث أعراضه السلبية التي تضر بصحة العين قد تكلف علاجها الكثير فيما لو كان القارئ يتابع ويقرأ الكتب الورقية لما تعرض للإصابة بأمراض العين، إضافة لسلبيات أخرى منها أن النشر الالكتروني معرض للسرقة، وعدم حفظ الحقوق، الخ. ولكن لابد من وجود إيجابيات ولن أحاول إخفاءها فهو يوصلنا إلى العالم كله “.
وعن تغير ثوابت كثيرة في مجال الثقافة تقول: “لايوجد شيء يبقى على حاله، كل شيء يمر عليه الزمان يتغير، فكيف في مجال الثقافة الذي تعرض لمطبات كثيرة خلال فترة الأزمات الاقتصادية، وانتشار النشر الالكتروني”
الكتب الورقية أكثر متعة..
ويقول الكاتب العراقي “أريان صابر الداوودي”: “بكل تأكيد، يتأثر النشر الورقي مع تغيرات الأسهم، فنحن اليوم أصبحنا نتنفس البورصة، نأكل ونشرب وننام ونفكر باللعبة الاقتصادية، وبكل تأكيد للورق سعر، يتغير مع ارتفاع الأسهم أو انخفاضها، لذا أرى بأن النشر الورقي يتأثر وله الحصة المناسبة مع المتغيرات التي تحدث في العالم الاقتصادي”.
ويضيف: “عجلة الثقافة مستمرة منذ الأزل، لا أعتقد أن هناك شيء اسمه الأزمة الفعلية على النشر الورقي بقدر ما نستطيع أن نسميه مدى جودة تلك المطابع التي تطبع، ولا ننسى أنه أصبحت بعض الدور للنشر عبارة عن دكاكين لنسخ الملفات وتحويلها إلى كتب ورقية”.
وعن النشر الالكتروني يقول: “نحن اليوم في زمن التطور، الاختصار، بعد أن كانت القراءة عبارة عن ورق فقط، أصبحنا اليوم أمام القراءة الالكترونية PDF والقراءة الصوتية، ولا أعتقد أي منهما يستطيعان التقدم للجلوس على كرسي القراءة الورقية؛ لأن الكتب الورقية أكثر متعةً، وأشهى قراءةً، وكذلك يعتمد عليها كمصادر وثيقة”.
ويؤكد: “هولاكو عندما دخل بغداد، حرق جميع الكتب، غير لون دجلة إلى لون الحبر، مع هذا استمر النشر الورقي. الطرق الأخرى غير منافسة أبداً، لكنها بدائل جيدة أحياناً لاسيما أصبحنا اليوم في عصر التطور التكنولوجي حيث نستطيع الحصول على الكتاب أو المصدر الذي نرغب فيه ونحن جالسون على فراشنا”.