7 أبريل، 2024 1:51 ص
Search
Close this search box.

نشأة المسرح العربي (7) في الخليج العربي بدأ في المدارس

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – سماح عادل :

ازدهر المسرح في منطقة الخليج العربي في دولتين “الكويت والبحرين”، وارتبط بالمدارس ثم تكونت الفرق المسرحية.

المسرح في الكويت..

عرفت “الكويت” المسرح كنشاط تعليمي وتثقيفي عن طريق فرق المدارس، وبجهود الفنان الكويتي “حمد الرجيب”، الذي كان الحافز للفنان الشعبي الكويتي “محمد النشمي” على أن يتخذ المسرح وسيلة للتعبير عن ذاته ومجتمعه، وذلك حين أستدعاه ليكون ضمن فريق مدرسة الأحمدية، الذي كان يعتزم التمثيل منافسة مع فريق المدرسة المباركية، كان ذلك في ١٩٤٠، وكانت فرقة تمثيلية قد سبقت “فرقة الأحمدية” إلى الظهور هي “فرقة المباركية” التي قامت عام ١٩٣٨.

أصبح “محمد النشمي” نجماً من نجوم النظرة الشعبية لفن المسرح، فقد قدم في الأعوام ما بين ١٩٥٦ و١٩٦٠ عشرين مسرحية؛ بينها واحدة فقط كتبت سابقاً على العرض، وهي مسرحية (تقاليد)، لشاب من هواة المسرح سوف يلمع اسمه وهو “صقر الرشود”، وكانت عملية التأليف الإرتجالي هذه تأخذ الشكل المألوف لدى فرق الإرتجال في أنحاء العالم. وقد كان “محمد النشمي” نجم هذه العروض الإرتجالية، وعن طريق جهوده التي أستمرت حتى ١٩٥٧ عرفت قطاعات عريضة من أهل الكويت فن المسرح، الذي جعل يتسرب عن طريق محبب لكل الناس وهو الكوميديا الشعبية.

قدم “محمد النشمي” في الكويت خدمة كبيرة داخل بلد لم يعرف المسرح، وكانت الصعوبة صعوبتين: شق الطريق والسير فيه، والنتيجة العملية لمسرحيات “محمد النشمي” التسع عشرة؛ هي بزوغ فن المسرح الموجه إلى الجمهور العريض في الكويت وأنتج هذا الفن نوع من العرض المسرحي يجمع بين النقد الاجتماعي، هدف الكوميديا الدائم، وبين العرض الترفيهي.

بداية المسرح..

إلى جانب جهود “محمد النشمي” وزملائه من أعضاء فرقة المسرح الشعبي، كان جهد “حمد الرجيب”؛ الذي ساعد على تطور المسرح، وذلك بالتأليف للمسرح أو بمشاركة الغير في التأليف أو بالتمثيل أو بالإخراج، وينقل الدكتور “محمد حسن عبدالله” في كتابه (الحركة المسرحية في الكويت)، عن مجلة (رسالة النفط) ١٩٦١، أن “حمد الرجيب” هو أول هاو للمسرح في الكويت؛ إذ أسهم في تمثيل مسرحية (إسلام عمر)، التي قدمت عام ١٩٣٨، وقام فيها بدورين: دور امرأة اسمها “فاطمة” ودور “سراقة”، ثم توالت في العام ذاته المسرحيات، تقدمها “فرق المدارس” في العطلة الصيفية، فشهد ذلك العام مسرحيات (هاملت) و(المروءة المقنعة) و(في سبيل التاج) و(فتح مصر)، وقد قام “حمد الرجيب” بالإشراف على هذه المسرحيات جميعها، وكان من ضمن ما يقدم إلى جانب الإخراج والتمثيل صناعة الماكياج والديكور، كما ألّف بالإشتراك مع الشاعر الكويتي “أحمد العدواني” مسرحية (مهزلة في مهزلة)، وألّف من بعدها منفرداً مسرحية (خروف نيام نيام)، وظل يدعم المسرح حتى ١٩٦١، حين قدم له المسرح الشعبي مسرحية (من الماضي).

وقد أوفد “حمد الرجيب” إلى مصر لدراسة فن المسرح في معهدها العالي، وذلك في ١٩٤٨ وعاد منها عام ١٩٥٠، وأتجه إلى تأصيل المسرح في بلاده، ولم تلبث الحياة المسرحية أن عرفت السبيل إلى طريق التقدم فقرر “مجلس المعارف” إنشاء دار حديثة للمكتبة ملحق بها قاعة للمحاضرات ومسرح للتمثيل، كما تقرر تكوين فرقة للتمثيل في كل مدرسة وتكوين منتخب من المدارس للتمثيل باسم فريق المعارف وفرقة من المدرسين.

كذلك شجع “حمد الرجيب” ترجمة المسرحية العالمية إلى العربية فأعان عام ١٩٥٧ “محمود توفيق” على نشر ثلاث مسرحيات لـ”موليير” ترجمها إلى العربية، كما ظل على علاقة بالحركة المسرحية في مصر وخاصة “زكي طليمات”، وكان “الرجيب” قد عين عام ١٩٥٤ في منصب مدير الشؤون الاجتماعية ثم العمل وكيلاً لوزارة الشؤون ١٩٦٢، وبهذا أعطى رجل المسرح الأول في الكويت الرغبة والقدرة على التنفيذ في وقت واحد.

مساعدة من الخارج..

استقدمت الكويت الفنان المصري “زكي طليمات” للعمل بها على النهوض بفن المسرح؛ فقضى عشر سنوات تبدأ من ١٩٦١، شهدت هذه الفترة قيام فرقة المسرح العربي ١٩٦١، وكان “طليمات” قد دعا إلى قيام هذه الفرقة في تقريره إلى وزارة الشؤون ١٩٥٨، إذ رأى أن فرقة التمثيل العربي ستقوم بمهمة مختلفة عن المسرح الشعبي الذي كان قائماً في البلاد منذ ١٩٥٦، فبينما المسرح الشعبي يخاطب الجمهور الكويتي بلغته وعاداته؛ فإن على “فرقة التمثيل العربي” سعت لإحياء أمجاد العروبة، وقد كونت فرقة المسرح العربي على أسس علمية معروفة فجرى جلب المواهب إليها عن طريق الإعلان العام، وكان بين المتقدمين امرأتان هما “مريم الصالح” و”مريم الغضبان”، فكانتا أول امرأتين تقفان على خشبة المسرح في الكويت، ودرب “طليمات” أفراد الفريق وأنشئت لجنة ثقافية للفرقة وخصصت لها مكتبة.

وقد قدمت الفرقة من خلال مواسمها اﻟﻤﺨتلفة وفي عهد “زكي طليمات” مسرحيات من الأدب المسرحي العربي في مصر، وهي (صقر قريش) لـ”محمود تيمور” ١٩٦٢، ومسرحيتي (فاتها القطار) و(عمارة المعلم كندوز) من فصل واحد لـ”توفيق الحكيم” ١٩٦٢، ومسرحيتي (ابن جلا) و(المنقذة) لـ”محمود تيمور” ١٩٦٣. وفي ١٩٦٣ قدمت فرقة المسرح العربي أول مسرحية كويتية وهي (استأرثوني وأنا حي) كتبها “سعد الفرج” وأخرجها “طليمات”، وقامت بالدور النسائي فيها “مريم الغضبان”، وكان بقية الممثلين من الكويتيين، وفي ١٩٦٤ قدمت أول مسرحية كويتية خالصة تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً؛ إذ أخرجها “حسين الصالح” واسمها (عشت وشفت).

وفي ذلك العام أيضاً أنشئت “مؤسسة المسرح والفنون” استجابة لرغبة “طليمات” في تقريره، وتخلت وزارة الشؤون عن الإشراف على فرقتي المسرح العربي والمسرح الشعبي، وكان الأخير قد ألحق باختصاص الوزارة في ١٩٥٧، وإلى جوار هذا كانت فرقتان مسرحيتان أخريان قد ظهرتا إلى الوجود وهما فرقة “الخليج العربي” وفرقة “المسرح الكويتي”، وبهذا أصبح هناك أربع فرق مسرحية هي: “العربي والشعبي والخليج والكويتي”، وكل منها أشهر في ١٩٦٤ كجمعيات ثقافية ونظم القانون طريقة إدارتها ومنح كلاً منها دعماً مادياً قدره ثمانية آلاف دينار وأخذت هذه الفرق تتنافس فيما بينها.

مركز الدراسات المسرحية..

كذلك قام في الكويت “مركز للدراسات المسرحية” في أواخر ١٩٦٥، التحق به ثلاثون طالباً وطالبة أكثرهم من الكويت وبعضهم من إمارات الخليج، وقد منح المركز الفتيات مكافآت مالية تشجيعية، وكانت الدراسة فيه مسائية ثم تحول إلى “معهد للمسرح”، وذلك عقب أن أسند إلى وزارة الإعلام شؤون فنون العرض كلها من إذاعة صوتية ومرئية ومسرح في ١٩٦٧، وفي ١٩٧٢ استقدمت الكويت “د. علي الراعي” لفحص شؤون معهد المسرح على وجه الخصوص.

وقام “المعهد العالي للفنون المسرحية” في ١٩٧٣، وصدر في ١٩٧٦ مرسوم أميري بإنشاء المعهد وحدد مهماته وقصر القبول فيه على حملة شهادة الثانوية العامة وجعلت مدة الدراسة أربع سنوات، وقد تخرجت الدفعة الأولى من طلبة المعهد في ١٩٧٧، وقد استقطب المعهد منذ سنواته الأولى نجوم المسرح المصري، كان بينهم اﻟﻤﺨرجون “أحمد عبد الحليم، وكمال يسن، وفاروق الدمرداش، وكرم مطاوع، وسعد أردش، وفؤاد دوارة، والدكتور أمين العيوطي، والدكتور إبراهيم سكر”.

التأليف المسرحي..

ينتقل التأليف المسرحي نقلة واضحة حين نقرأ أعمال الكاتب واﻟﻤﺨرج المسرحي “صقر الرشود”، الذي كتب مسرحيات (أنا والأيام) ١٩٦٤، و(اﻟﻤﺨلب الكبير) ١٩٦٥، و(الطين) ١٩٦٥، و(الحاجز) ١٩٦٦، قبل أن يشارك صديقه وزميله في الفن المسرحي الكاتب “عبد العزيز السريع” كتابة بعض من أهم ما قدمت “فرقة مسرح الخليج” من أعمال.

كان “الرشود” قد كتب مسرحيتين من قبل أولاهما؛ (تقاليد)، المسرحية المكتوبة الوحيدة بين مسرحيات المسرح الشعبي المرتجلة الأساس وقدمت ١٩٦٠، وفي العام التالي كتب “الرشود” مسرحيته الثانية (فتحنا)، وسنجد “صقر الرشود” في مسرحيته التالية (اﻟﻤﺨلب الكبير) ١٩٦٥، لا يزال مشغولاً بهموم الأسرة الكويتية، وفي المسرحية التالية (الطين) ١٩٦٥ يعالج الكاتب مشكلة النساء الشابات بإزاء الرجال الطاعنين في السن، وفي مسرحية (الحاجز) ١٩٦٦ يعالج موضوع صراع الأجيال.

ومن كتاب المسرح الكويتي البارزين “عبد العزيز السريع”، الذي قدم خمس مسرحيات هي: (الجوع) ١٩٦٤، و(عنده شهادة)، و(القرار الأخير)، و(فلوس ونفوس) ١٩٦٩، و(ضاع الديك) ١٩٧٢.

أدت فرقة “مسرح الخليج” للمسرح الكويتي خدمة كبرى حين أعلت من شأن المسرح الجاد وحافظت على قيمته الأساسية، وهي التصدي لمشاكل اﻟﻤﺠتمع وتحليلها ونقدها وتصحيح مسارها، وقد كان من أثر هذا في الفرق الثلاث الأخرى أن أخذت هي الأخرى تعنى بالنص وتدقق في اختياره.

وقد خرج هذا الفريق القومي بالمسرحية إلى خارج حدود الكويت، فقدمت في “مهرجان دمشق” عام ١٩٧٥، ونالت نجاحاً فائقاً، ومن ثم قدمها الفريق في المغرب ومصر، وحصل بها على النجاح ذاته، كما قدمت فرقة المسرح الكويتي مسرحية (السدرة) عن نص إسباني أخرجها “كرم مطاوع”، ومسرحية (رسائل قاضي أشبيلية) للكاتب “ألفريد فرج” ومن إخراج “سعد أردش”.

 المسرح في البحرين..

عرفت “البحرين” فن المسرح حينما أنشئت فيها أول مدرسة نظامية ١٩١٩، وهي مدرسة “الهداية الخليفية” في مدينة المحرق، وكانت المسرحية الأولى في تاريخ البحرين هي مسرحية (القاضي بأمر الله) في ١٩٢٨، قدمت المدرسة نفسها مسرحية (أمرؤ القيس) وتبعتها مسرحية (نعال بو قاسم الطنبوري)، وفي ١٩٢٨ كذلك قدمت مسرحية (ثعلبة) على مسرح مدرسة “الهداية الخليفية” فرع المنامة، وفي ١٩٣٢ قدمت مدرسة “الهداية” في المحرق مسرحية (داحس والغبراء)، ثم أخذت المدارس الأهلية تظهر إلى الوجود، وأولى هذه المدارس كانت مدرسة “إبراهيم العريض”، التي أسست ١٩٣٢، وظلت تعمل طوال سنوات ثلاث أو أربع ثم أقفلت نتيجة لسفر مؤسسها إلى الهند، وقد قامت هذه المدرسة ببعض النشاط المسرحي أبرزه مسرحية شعرية كتبها “إبراهيم العريض” بعنوان (وامعتصماه)، وهي أول مسرحية بحرانية يعالج موضوعها فترة من تاريخ العصر العباسي، وقد أخرجها المؤلف نفسه، ثم كتب مسرحية (وليم تل) بطل الاستقلال في سويسرا، وقد أنشأها “إبراهيم العريض” باللغة الإنكليزية ومثلها نفس الطاقم الذي قدم (وامعتصماه)، وقد لاقت هذه المسرحية نجاحاً كبيراً، وكانت عروض هذه المدرسة تقدم على أرض تبرع بها أحد الأثرياء كما تبرع ثري آخر بألواح الخشب التي صنع منها هيكل المسرح وتبرع القادرون من الطلاب بالمقاعد والستائر.

وإلى جانب مدرسة “العريض” كانت هناك عروض مدرسة “الإصلاح الأهلية”، التي أسسها الشاعر “عبد الرحمن المعاودة”، الذي يعتبره البعض الرائد الأول للمسرح في البحرين، فقد كان مؤلفاً ومخرجاً وممثلاً أيضاً، وقد قدمت المدرسة بفضل مواهبه المتعددة عديداً من المسرحيات كان أولها مسرحية (سيف الدولة بن حمدان) من تأليف وإخراج “عبد الرحمن المعاودة” ١٩٣١، وتبعها مسرحية (عبد الرحمن الداخل) ١٩٣٦ من تأليف وإخراج “المعاودة” أيضاً، وفي ١٩٣٨ قدمت الفرقة مسرحية (الرشيد وشرلمان) من تأليف وإخراج “المعاودة”، وفي ١٩٤٠ قدم “المعاودة” للمسرح البحريني مسرحية (المعتصم بالله) من تأليفه وإخراجه ١٩٤١، وتوالى إنتاج “إبراهيم المعاودة” للمسرح، فقدم عديداً من المسرحيات كلها شعرية، منها مسرحية (خروج العرب من الأندلس) ومسرحية (سقوط بغداد) أو (هولاكو خان)، وفي ١٩٤٠ قدم طلاب مدرسة الإصلاح الأهلية “المعاودة” مسرحية (الأمير سيف الدولة)، كما كتب “المعاودة” مسرحية (أمير غسان) وإن لم تمثل.

مسرح المدارس..

في ١٩٤٠ قدمت “المدرسة الخليفية للبنات” بالمنامة مسرحية (لقيط الصحراء)، وقدم “نادي البحرين” في العام ذاته مسرحية (مجنون ليلى) لـ”أحمد شوقي”، ومسرحية (مصرع كليوباترا) لـ”أحمد شوقي” أيضاً، ثم مسرحية (قيس ولبنى) للشاعر “عزيز أباظة”، وقدم النادي كذلك مسرحية (أرينب بنت إسحاق)، وقد قام بدور “أرينب” ممثل رجل هو “عبد الرحمن بن رشدان”، وقدمت إدارة المعارف مسرحية عربية موضوعها فظائع الطليان في طرابلس ١٩٤٠، وذلك على مسرح المدرسة الخليفية للبنات في المنامة، وأشترك في التمثيل نخبة من أساتذة إدارة المعارف في البحرين، وفي ١٩٤١ قدمت مدرسة البنات بالمحرق مسرحية (محبة الوالدين)، وفي العام ذاته قدمت على مسرح المدرسة الخليفية بالمحرق مسرحية (في سبيل التاج) من إعداد وإخراج “حسن القباحي”، وهو مصري كان مديراً للمدرسة وعضواً في البعثة التعليمية المصرية.

كما قدمت المدرسة ذاتها مسرحية (صلاح الدين الأيوبي) من إعداد وإخراج الأستاذ “حسن القباحي” على مسرح سينما البحرين وذلك في ١٩٤٢، وقدم نادي العروبة في ١٩٤١ مسرحية (الحجاج بن يوسف)، التي مثلت على مسرح البنات الخليفية بالمنامة وهي من إعداد وإخراج “إبراهيم المعاودة”.

وفي عام ١٩٤٢ قدمت المدرسة الخليفية للبنات بالمحرق مسرحية (كلمة الخلاص)، ووصفتها إحدى الصحف المعاصرة لها بأنها تمثل رواية عصرية اجتماعية واقعية ترسم الرابطة العائلية الوثيقة وفي ١٩٤٢، قدمت الهيئة التعليمية للمدرسة الخليفية للبنات بالمحرق مسرحية (ليلى ابنة الملك النعمان والأكاسرة)، وفي ١٩٤٢ قدمت المدرسة الخليفية للبنات بالمنامة مسرحية (واقعة ذي قار)، التي تشيد بالإخلاص والوفاء والتضحية بالنفس في سبيل حماية الجار، وفي ١٩٤٢ قدمت المدرسة الخليفية مسرحية (الفرد الكبير) وقدمها كذلك مسرح المدرسة الخليفية بالمنامة، ويميز هذه المسرحية على وجه الخصوص أن عدداً كبيراً ممن مثلوها قد تولوا أعمالاً مهمة كبيرة في البحرين فيما بعد، وأن طلبة بعثة الكويت في البحرين قد شاركوا بالتمثيل أيضاً.

وفي ١٩٤٣ قدمت مدرسة البنات بالمحرق مسرحية (الفاروق في جاهليته وإسلامه)، وخصص إيراد الحفلة للطلبة المحتاجين، وفي ١٩٤٣ قدم نادي البحرين (مصرع كليوباترا) لـ”شوقي”، و(أهل الكهف) لـ”توفيق الحكيم” ١٩٤٣.

وفي ١٩٤٣ قدمت مدرسة الإصلاح الأهلية مسرحية (أبو عبد الله الصغير)، كما قدم نادي الثقافة الرياضي مسرحية (لولا المحامي) من إعداد وإخراج “محمود المروي”، الذي أعد وأخرج كذلك مسرحيتين أخريين هما (عبد الرحمن الناصر) و(موسى الهادي) وقدم نادي الثقافة الرياضي أيضاً مسرحية (نخب العدو).

ويصف تقرير قسم المسرح والفنون بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية المسرحيات المدرسية هذه بأنها تتركز على بعض المواضيع التاريخية المكتوبة خارج البحرين أو المسرحيات الشعرية التي يؤلفها شعراء البحرين مثل “إبراهيم العريض” و”عبد الرحمن المعاودة”، ويضيف أن المسرحيات الشعرية كانت تسير على نهج “أحمد شوقي” وغيره من الشعراء العرب وتقدم بشكل يعتمد بالدرجة الأولى على إجادة اللغة العربية؛ ويقوم تلاميذ المدارس بأدوار البطولة فيها ويقع عبء تجسيدها على مديري ومدرسي المدارس الذين نالوا من التعليم واطلعوا على النشاط المسرحي في البلاد العربية التي قدموا منها.

ومن مؤلفي فترة ما قبل الخمسينيات “حسن الهرمي”، الذي بذل الجهود لمدرسته “مدرسة النجاح الأهلية”، كذلك قدم “محمد حسن أبو هاني”، الذي كان ممثلاً ومؤلفاً إذاعياً كثيراً من الأعمال الفنية، ومثل في العديد من المسرحيات التاريخية والاجتماعية، وقد ظفر مسلسله الإذاعي الكبير (عنترة بن شداد)، الذي مثل فيه دور “عنترة” بالكثير من النجاح، ومن جهة أخرى يذكر الكاتب المسرحي البحريني “سلطان سالم” في مقدمته لمسرحيتين من تأليفه ظهرتا على شكل كتاب بعنوان (نادي المتفرجين)، لوناً طريفاً من التمثيل كان يقدمه الشاعر الشعبي “محمد رحمة الذوادي” فقد جعل هذا الشاعر الحياة مسرحاً دائماً له يؤدي فيه أعماله بالكلمة والحركة والسخرية وبهذا استطاع أن يجعل البحرين طولاً وعرضاً ترحب به وتفتح له الأبواب.

الأربعينيات..

في أوائل الأربعينيات ظهرت طائفة جديدة من الفنانين، وهي “فرق شباب الأندية”، أندية متواضعة جداً تستأجر غرفة أو غرفتين من مبنى تتم فيهما نشاطاتها الثقافية والفنية كافة، إذا ما أرادوا تقديم عرض مسرحي سألوا بعض القادرين أن يأذنوا لهم بإقامة عروضهم على أرض خالية، أو أي ساحة تقع أمام منزلهم، وكانوا يستأجرون الخشب أو يشترونه ليبنوا به بأنفسهم مسرحاً صغيراً في العراء فإذا ما انتهوا من الغرض باعوا الخشب بنصف ثمنه للتاجر الذي اشتروه منه، وكانوا يعتمدون في الإيراد على بيع تذاكر لا ثمن محدد لها، ويترك تحديد هذا الثمن للمدعو، وكان هذا يحدث في الليلة الأولى فقط ثم تباع التذاكر من بعد بالطريقة المألوفة، وكانوا إلى هذا يختارون الأحداث في سن ١٢ و ١٣ سنة لأداء الأدوار النسائية أو الشبان من ذوي الأصوات الرقيقة الذين كانت تقوم إليهم حاجة لأن المسرحيات كانت تتخللها مقاطع غنائية.

الأندية الثقافية..

قد ازدهرت الأندية الثقافية في مدينة المنامة، وكان أعضاؤها من الشباب يهتمون بالمسرحيات الكلاسيكية التي تتناول أحداثاً اجتماعية أو تاريخية، وفي إحدى هذه المسرحيات “عبد الرحمن الناصر”، التي قدمت عام ١٩٤٧ لمع نجم فنان الديكور البحريني “يوسف قاسم”، ومن شخصيات الأندية الفنية أيضاً “أحمد محمد يتيم” الذي كان عضواً بارزاً في النهضة المسرحية البحرينية فكان يعمل في المسرح المدرسي والمسرح الجماهيري والمسرح الإذاعي، وكان أيضاً مدرساً مسؤولاً عن فرقة التمثيل في مدرسته يشرف على حفلاتها كما كان عضواً فعالاً في فرقة تمثيل النادي وأحد المؤلفين والمعدين واﻟﻤﺨرجين للمسرحيات، كما لعب أدوار البطولة في كثير من المسرحيات التاريخية والاجتماعية وكون أول فرقة تمثيلية إذاعية كانت تقدم أعمالها على الهواء مباشرة وذلك في عام ١٩٤١.

ومن أبرز أعماله بعد ذلك نقله للنشاط المسرحي إلى مدرسة القرية، حيث أعد المسرحيات وقام بتدريب أول فرقة تمثيل مدرسية في القرية وأعد جميع برامج الحفل المدرسي القروي الساهر في ١٩٤٣ في مدرسة البديع التي تخدم جميع القرى اﻟﻤﺠاورة، وقد كان الحفل ناجحاً إلى حد كبير.
وفي ١٩٥٢ أسست أول جمعية نسائية في البحرين، وهي جمعية “فتاة البحرين”، وبعد مرور عام على تأسيسها طلبت الجمعية من “أحمد محمد يتيم” إخراج مسرحيتها الأولى وقام إلى جوار الإخراج بإعداد المسرح وتدريب الممثلات وعمل المكياج لهن، فكان هذا حدثاً فنياً فريداً وغير مسبوق في البحرين.

نادي الثقافة الرياضي ونادي البحرين ونادي العروبة ونادي الإصلاح ونادي النهضة، كانت أهم الأندية التي مارست النشاطات المسرحية، وفي أغلب هذه الأندية كان يعقب المسرحية الجادة فاصل هزلي، وهذه الظاهرة لازمت النشاط المسرحي حينما كان ضمن حدود المدارس، وقد استمر هذا اللون من النشاط المسرحي حتى أوائل الخمسينيات وكان يعهد إلى ذوي خفة الظل من الممثلين بتقديم إسكتش فكاهي أو مونولوج، وكان هذا اللون من العروض يحظى بإقبال واسع النطاق نظراً لإنعدام وسائل الترفيه الأخرى، وكانت المسرحيات المقدمة تسير على نهج قريناتها في المسرح المصري، وتعتمد في الإلقاء على المبالغة وإثارة عاطفة الجمهور.

الفرق المسرحية..

في ١٩٥٥ تشكلت فرقة من هواة التمثيل أطلقت على نفسها اسم “الفرقة التمثيلية المتنقلة”، وكانت تتكون من عدد من الشباب المتحمس لفن المسرح، اتخذت من المكتبة الشعبية الخاصة بأحد أعضائها مقراً لها ثم زاد عدد أعضائها واستطاعت الفرقة أن تقدم أول عرض مسرحي لها في ١٩٥٥ على مسرح نادي العروبة، وكان العرض يتألف من ثلاث مسرحيات؛ (الإنسانية المشردة) تأليف وإخراج “محمد صالح عبد الرزاق”، و(صرخة لاجئ) من إخراج “محمد صالح عبد الرزاق”، و(الضمير) من تأليف وإخراج “صلاح المدني”.

ثم انقسمت قسمين القسم الأول تحت اسم “الفرقة التمثيلية المتنقلة”، والثاني تحت اسم “فرقة البحرين التمثيلية”، وقامت الفرقة الثانية بنشاط واضح في إذاعة البحرين، أما الأولى فقد تفرقت حتى اجتمع ما تبقى من أعضائها عام ١٩٥٦، واتفقوا على استئناف نشاطهم تحت اسم جديد هو “أسرة هواة الفن”، وذلك بعد أن انضم إليها عدد كبير من الهواة، وقدمت أول مسرحية لها عام ١٩٥٧ على مسرح نادي العروبة، وكان اسم المسرحية (جميلة بوحيرد) وتلتها مسرحية (حفار القبور) و(زواج بلا أمل).

وفي ١٩٥٨ قدمت الفرقة عملها الثاني بعنوان (إخلاص) من إقتباس “يوسف أحمد حسين”، وفي ١٩٦٠ قدمت مسرحية (أمل) من تأليف وإخراج أحد أعضاء البعثة التعليمية المصرية في البحرين “عبد الرحمن رفعت النجدي”، وقدمت الفرقة كذلك مسرحية (حامد وإلياس) مع مجموعة من الاستكشات الفكاهية قدمها الثنائي “محمد عواد وفوزي صقر الزياني”، بالاشتراك مع ثنائي آخر هو “جاسم خلف وصالح حسين”، وفي ١٩٦٧ قدمت الفرقة مسرحية (أعمامي الثلاثة) تأليف “عبد الله أحمد” وإخراج “عبد الرحمن بركات”، وفي ١٩٦٩ قدمت الفرقة مسرحية (بيت طيب السمعة) تأليف “راشد المعاودة”، وفي ١٩٧١ قدمت نادي المتفرجين تأليف وإخراج “سلطان السالم”، وبعد هذه المسرحية الأخيرة توقف نشاط الفرقة.

سرعان ما ظهرت إلى الوجود فرقة “مسرح الاتحاد الشعبي”، وارتفع عدد أعضاء الفرقة إلى ستين، وكانت المسرحيات المقدمة هي (قيس وليلى) و(تذكر يا ولدي) و(دكتور في إجازة)، كان هذا كله في العرض الأول، أما في العرض الثاني فقد أعادت الفرقة تمثيل (قيس وليلى) وقدمت مسرحية (آه على حظي) و(من الغلطان: أنا وألا هو وألا هي؟).

وفي ١٩٧١ قدم مسرح الاتحاد الشعبي مسرحية (اﻟﻤﺨلب الكبير) من تأليف “صقر الرشود” الكويتي وإخراج “سالم الجوهر”، ثم قدمت مجموعة من مسرحيات الفصل الواحد كلها مترجمة.

ورشحت اللجنة الثقافية مسرحية “انتيجوني” لسوفوكليس لتقدمها ضمن المهرجان المسرحي الأول الذي أقامته مراقبة المسرح والفنون بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية والذي جرى في نهاية ١٩٧٢وأخرج المسرحية يوسف حمادة.
وفي ١٩٧٠ أيضا ظهرت فرقة مسرحية أخرى تحمل اسم”مسرح أوال” وقدمت مسرحية “كرسي عتيق” تأليف وإخراج “محمد عواد” في ١٩٧١ و مسرحية “سبع ليالي” تأليف “راشد المعاودة” وإخراج “عبد الرحمن بركات” وتلتها “السالفة وما فيها” في١٩٧٢ تأليف وإخراج “محمد عواد” ومسرحية “مالان وانكسر”.وقد تكونت بعد ذلك فرقة مسرحية جديدة تحت اسم “مسرح الجزيرة” وقدمت مسرحيتين أولاهما كويتية “غلط يا ناس” والثانية “الضايع” لفؤاد عبيد.

أزمة المسرح..

بالرغم من هذا النشاط الذي قدمته الفرق الأربع فإن المسرح البحريني يعاني أزمتين أولاهما: عدم وجود الطاقم الفني المؤهل والمحترف الذي يتصل نشاطه عبر موسم كامل سنة بعد أخرى، وثانيتهما: عدم وجود المؤلف المسرحي الذي تكون له القدرة الفنية اللازمة على إمداد الفرق المسرحية مسرحيات على قدر مقبول من الجودة.
سعت إمارة البحرين من جانبها إلى محاولة سد الفراغ فأنشأت قسم المسرح والفنون وجعلت إحدى مسؤوليات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وقد رسم هذا القسم لنفسه البرنامج التالي: “الاستعانة بخبير مسرحي من خارج البحرين- إرسال الشباب إلى الخارج لدراسة فنون المسرح- استضافة محاضرين من الدول العربية للتحدث عن المسرح- توفير قاعة عرض مهيأة تهيئة فنية كاملة ووضعها تحت تصرف الفرق المحلية- إنشاء صندوق للفنانين لمساعدة الشباب على الالتحاق بالمعاهد الفنية بالخارج-إقامة المسابقات الفنية وتشجيع اللقاءات المسرحية في داخل وخارج البحرين وإقامة الأسابيع الثقافية لكبار المسرحيين العالميين.

المصادر: – كتاب” المسرح في الوطن العربي” د. على الراعي.

– ويكيبيديا.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب