8 أبريل، 2024 10:39 م
Search
Close this search box.

نحو قراءة عصرية للحديث النبوي وللسيرة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : بقلم – عدة بن عطية الحاج (ابن الريف) :

يمكننا اعتبار الحديث النبوي هو الجانب الاجتماعي والنفسي من حياة الرسول، فهو يُصوّر لنا كيف كان يتصرّف النبي مع نفسه ومع أزواجه ومع صحابته، استطاع الحديث أن يرسم لنا ملامح المجتمع الإسلامي والذي بلور ركائزه “محمد” (ص) وأصحابه، فهو يُصوّر لنا الحياة الروحية التي كان يحياها “محمد” (ص) مع أزواجه ومع صحابته، فـ”عائشة الحميراء” روت أحاديث كثيرة عن الرسول ولعلّها هي الوحيدة التي روت أحاديثًا عن الرسول؛ وكانت صغيرة في السن؛ وكان الرسول يُفضّلها على جميع أزواجه، وهذا طبعًا بعد “خديجة”؛ زوجته الأولى وأمّ أولاده، والتي لم يتزوج الرسول زوجة غيرها في حياتها، كان لها مكانة خاصة في حياته وبقي يذكرها بخير حتى غارت منها “عائشة”، فـ”خديجة”؛ هي من اكتشفت نبوة “محمّد” (ص) وبشّرته بأنّه سيكون نبيّ هذه الأمّة وسيّدها، فـ”محمد” (ص) عندما جاءه الوحي في “غار حِراء” فزع وخاف وأرتعدت فرائصه وأصابته برودة شديدة وجاء إلى “خديجة” وهو يرتجف: “زمّلوني، زمّلوني، دثّروني، دثّروني”، قال لها: “إنّي رأيت شيئًا عجيبًا يُخاطبني في غار حراء ويقول لي: {اقرأ}، ويضمّني ضمًّا عنيفًا حتى ينقطع نفسي، من الذي جاءني في غار حراء ؟ هل هو ملاك أم شيطان رجيم؟، قالت له “خديجة”: “بل هو ملاك، أبشر يا ابن العم، ستكون نبي هذه الأمّة”، وأيّدها في ذلك ابن عمّها؛ “ورقة بن نوفل”، وكان قد تنصّر وقرأ الكتاب المقدس الذي يُبشّر بقدوم نبي من بني إسرائيل، وليس من العرب، وشاء الله أن يكون النبي من العرب؛ وهذا دليل على أنّ الكتاب المقدّس (التوراة) تعرّض للتحريف وللتغيير، وبقي “محمد” (ص) وفيًّا لزوجته “خديجة” ولم يتزوّج عليها في حياتها، لأنّها هي من اكتشفت نبوة “محمد”، وتأكدت من أنّ زوجها سيكون نبي هذه الأمّة، والغريب في الأمر هو أنّ “خديجة” لم تروِ ولا حديثًا واحدًا عن زوجها الذي عاشرها سنين عديدة، وكانت شاهدة على نزول الوحي عليه، في كتب السيرة وفي الأحاديث الصحاح نجد بأنّ “خديجة” زوجة النبي؛ هي من اكتشفت بأنّ زوجها هو نبي هذه الأمة، وهنا ينتهي دورها ولا نجد لها أيّ أثر بعد ذلك، أمّا “عائشة” التي تزوجها النبي وسنّها لا يتعدى التاسعة؛ فقد روت أحاديث كثيرة عن الرسول، بل صارت فقيهة يأتي إليها الصحابة من كلّ حدبٍ وصوب ويسألونها عن مواضيع حسّاسة في الدين، وكانت تُجيبهم بكلّ أريحيّة لأنّ لا حياء في الدين.

عندما توفي الرسول كان “ابن عبّاس” غلامًا يافعًا لا يتعدّى سنّه التاسعة، فكيف استطاع أن يروي تلك الأحاديث كلّها عن الرسول، بل يُصبح حبر هذه الأمّة وتُرجمان القرآن، فالرسول دعا له بخير قائلا: “اللّهمّ فقهه في الدين وعلّمه التأويل”، لو رجعنا إلى كتب التفسير الأولى والتي تُعتبر من أمّهات الكتب في التفسير كتفسير “الطبري” وتفسير “ابن كُثير” سنجدهم يستشهدون بأقوال “ابن عبّاس” في التفسير وهي أقوال غير قابلة للنقاش شعارهم هو: أعتقد ولا تنتقد.

يُعتبر “أبوهريرة” من أشهر الرواة، روى أحاديث كثيرة عن الرسول، ويُقال بأنّ الرسول بسط له رداءه وقال له: “أجلس على هذا الرداء وقم، إذا فعلت هذا ستحفظ كلّ شيء سمعته منّي”، هناك كتيب صغير عنوانه: (وصايا الرسول لأبي هريرة)، وهناك كتيب آخر يُشبهه قلبًا وقالبًا عنوانه: (وصايا الرسول لعليّ بن أبي طالب).

أمّا “علي بن أبي طالب” لم يرو ولا حديثًا واحدًا عن الرسول، بل صار “عليّ بن أبي طالب” أمّة وحده، قال عنه الرسول: “أنا مدينة العلم وعليّ بابها”، فـ”عليّ بن أبي طالب” هو الوريث الحقيقي لميراث النبوة؛ ولكن الشيعة ألّهوا عليًّا وجعلوه معصومًا من الخطأ هو وأئمّة آل البيت وجعلوا (نهج البلاغة) هو قرآنهم الذي يؤمنون به.

نحتاج في هذا العصر أن نقرأ الحديث النبوي قراءة عصرية حداثية تنويرية تواكب العصر، فالحديث النبوي الذي لا يتناقض مع القرآن ومع المنطق نقبله وما دون ذلك نضرب به عرض الحائط، لأنّه لا يساهم في البناء الحضاري للإنسان العربي المسلم الذي يُحاول أن يتعايش مع الآخر الذي يختلف عنه دينًا ولغةٍ وسلوكًا اجتماعيًا؛ خاصة ونحن في عصر العولمة وعصر حوار الحضارات وعصر صدام الحضارات، فالحديث النبوي الشريف يحتاج إلى إعادة قراءة وإلى إعادة تنقيب، وهذا من أجل الوقوف عند الصورة الحقيقية للإسلام الذي يدعو إلى السلام وإلى الحريّة وإلى المساواة وإلى العدالة الاجتماعية.

أمّا السيرة النبوية فهي تحتاج كذلك إلى قراءة عصرية حداثية تنويرية تُساهم في رسم الشخصية الحقيقية للرسول وللصحابة؛ وبالتالي يتسنى لنا معرفة التاريخ الحقيقي للإسلام ولرسول الإسلام، فمن خلال قراءة هذه السيرة النبوية قراءة عصرية حداثية تنويرية يتسنى لنا أن نميط اللثام عن أهمّ الأحداث التي جرت في عهد الرسول، من بينها قصّة مولده وقصّة وفاته، فالسيرة النبوية تحتاج إلى إعادة تنقيح وإعادة صياغة وهذا من أجل معرفة الجوانب الخفية في حياة النبي “محمد” (ص)، والتي أهملها الرواة ولم يتطرقوا إليها في كتبهم التاريخية، فحياة النبي “محمد” يجب أن تدوّن بكلّ موضوعية بعيدًا عن العاطفة والمبالغة الشديدة؛ نُريد أن نعرف شخصية النبي الإنسان.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب