10 أبريل، 2024 8:01 م
Search
Close this search box.

ناصر الظفيري.. طرح قضايا شائكة في أدبه أهمها (البدون)

Facebook
Twitter
LinkedIn

 خاص: إعداد- سماح عادل

“ناصر الظفيري” كاتب كويتي، ولد سنة 1960 في منطقة الجهراء الكويتية، درس الهندسة المدنية في جامعة الكويت، ثم تحصل على الماجستير في اللغويات في إحدى جامعات كندا، نشر كتبا عديدة في القصة والرواية نذكر منها “الصهد”، و”المسطر”، و”سماء مقلوبة”، و”أبيض يتوحش”، و”كاليسكا”، و”وليمة القمر”، و”أغرار”.

البدون..

عاش “ناصر الظفيري” محنةَ الهُوية في الحياة وكَتَبَها في الرواية. يقول: “أحب الكويت أكثر من كندا، وتُحبني كندا أكثر من الكويت، هذا هو تعريفي للجحيم”، سعى بكل جهده إلى أن يحصل على جنسيته الكويتية، إلا أنه كان من فئة “البدون” التي قال عنها في أحد حواراته إن الوعي بها “ارتبط معي بالفقر الذي صاحبها، كان ذلك فقرا يرتبط بالمكان المهمش الذي صنع الإنسان الهامشي الملقى بعيدا عن تطور البلاد التي تشهد ثورة نفطية بشكل متسارع، لا يلقي بظلاله عليه. كانت الجهراء إحدى هذه الضواحي المنبوذة التي ضمت أطيافا من البدو، الذين استوطنوا المدينة، بعيدا عن صحراء الجدب والقحط، كانت الوظائف الممكنة لهم هي الجيش والشرطة وبقية الأعمال الخفيفة التي يجيدها هؤلاء الأميون المتعبون. كنت ابن أحد هذه الأسر التي اقتسمت الشقاء الذي لم يميز بيننا، بسبب جنسية في بادئ الأمر. ولأن التجنيس لاحقا كان انتقائيا وغير عادل، فقد أصبحت المدينة تضم فئة البدون وفئة الكويتيين، وكنت في الفئة الأولى. عشت معاناة الناس وبؤس حياتهم، وحين اكتشفت أنني مولع بالكتابة كانوا هم هدفي، أشكل من حيواتهم ما يصلح للكتابة. كنت مغرما ككاتب بشخوصهم وجنونهم وولعهم في الحياة، وكانت القصص الأولى لهم وعنهم».

هاجر “الظفيري” إلى كندا وحصل على جنسيتها. وعلى الرغم من بُعْدِه عن الكويت، ظل “الظفيري” حريصا على إعلان انتمائه إلى بلده، ومساهمًا في نقاش ما يجدّ بالكويت من قضايا سياسية واجتماعية وثقافية، ويقترح سبلاً لتجاوزها، فقد كتب منذ فترة قائلا: «لكي تعود الكويت الكويت، يحدث هذا فقط حين تعود حركتها الثقافية التنويرية، حين تعود حركتها الفنية والمسرحية، حين تعود رياضتها الرائدة، حين تكون حكومتها ومعارضتها في الرصانة ذاتها والإخلاص ذاته للوطن”.

عاشقة الثّلج..

في حوار معه أجرته “تهاني فجر”  يقول “ناصر الظفيري” عن روايته الأولى «عاشقة الثّلج»1992، وكيف استطاع تناول مجتمع لم يعش به قط، وكم استغرق منه الوقت لقراءة تاريخ الأكراد السياسي والاجتماعي: “في «عاشقة الثلج» حاولت تناول فكرة خطر الأنظمة الشمولية التي تدّعي النضال ضد الاستكبار والاستيلاء العالمي على مقدرات الشعوب، رغم أنها تمارس أبشع صور استلاب الإنسان العربي الخامل والمنصاع دائما لفكرة الغالب والطاعة كجزء من تركيبته النفسية. كان النظام العراقي يمارس كل ذلك قبل أن تنقلب صورته في أعين عشاقه وكان الأكراد يتعرضون للكثير وهم تحت حكمه، ولكن المصادر المتوافرة عن هذا الشعب كانت قليلة واعتمدت في أكثر مصادري على الخيال، خصوصا وأنني لم أزر العراق في حياتي لا جنوبا ولا شمالا. وكنت اعتمد على الخرائط لرسم المدن والمسافات الفاصلة بينها، وكانت الرواية تعتمد على جزء أول وهو الطغيان الداخلي الذي يمارسه الطاغية في الداخل قبل أن تتوسع أطماعه للخارج. وفكرة الرواية كانت في ذهني عام 1989 حين زرت لندن وكان المعارضون العراقيون يعرضون صورا وفيديو لأطفال قرية «حلبجة» الكردية التي تعرضت للهجوم الكيمياوي، لكن الصحافة العربية تجاهلت هذا الأمر لأسبابها الخاصة يومها”.

ويواصل عن روايته “الصهد”: “الصهد هي الرواية الأهم بالنسبة لي، وجاءت بعد صبر طويل على فكرة التكوين الأول لقضية البدون في الكويت وأسبابها، والحقيقة كان الإقبال مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، فقراء الأدب الجاد مقارنة بأدب السوق قلة، ولكن ناشر العمل الزميل محمد النبهان راهن عليه وكان رهانه بمحله حيث نفذت جميع النسخ قبل نهاية معرض الكتاب في الكويت. العمل يتضمن قسمين، الأول كتبته دون تخطيط حقيقي، الفكرة كانت محاولة كتابة تاريخ تكون المجتمع الكويتي بما فيه البدون، على ألا تكون الطريقة سردية تاريخية مملة ومزعجة، وكان لا بد من تحويل التاريخ إلى رواية لا تحويل الرواية إلى تاريخ. ولأن التاريخ هو مهمة المؤرخ لا الروائي منحني ذلك ميزة أن أضع خيالي الخاص في السرد التاريخي، وكانت الشخصيات التي شكلت هذا التاريخ هي البدو والحضر والفلسطينيين وهي الأطراف التي شكلت نسيج المجتمع وشكلت صراعاته أيضا. في الجزء الثاني كان السرد روائيا بحتا، تغيرت فيه اللغة وطريقة الكتابة وتداخل الأزمان السردية، ولهذا اكتشف القارئ الذي يفاضل بين السردين وكأنهما سرد واحد أنهما ليس كذلك”.

وعن قضية البدون يضيف: ” البدون قضيتي منذ ولادتي وستبقى حتى مماتي لأنني لا أريد أن أنتمي إلى أي مكان آخر، لكنني لست كاتب بيانات أو مقالات صحفية عن البدون، أنا روائي فقط ولا أهتم بمطابقة الشخصيات مع الواقع. وأعتقد أن الأدب لا يستطيع أن يحل قضية ولكنه بالتأكيد يقدمها بشكل إنساني للآخر، والنص الذي يكتبه الزملاء البدون يترك أثره في الخليج والعالم العربي ويمنح قضية البدون مساحة أكبر من التعبير وتهميشهم سبب في مواصلة عملهم، الأدب بشكل عام هو الصورة الأنقي لطرح قضية والأكثر صدقا حتى حين نختلف معه أو مع مضامينه لأن القارئ يدرك أسباب الكتابة الأدبية”.

مساحة للتجريب..

وعن الرواية يقول: “الرواية منحتني مساحة كبيرة للتجريب في الأزمان وطرق السرد وأصوات الحكي، وهي تقنيات لا يمنحها الشعر وتختصرها القصة القصيرة في حدود ضيقة. في الرواية أستطيع رسم تاريخ وأبني مدينة وأحرك الزمان إلى الأمام والخلف، وخامة الشعر والقصة القصيرة مكثفة وحادة بينما خامة الرواية منتشرة ومستوية تمنحك القدرة على تشكيلها وإعادة تشكيلها بشكل أفضل”.

وعن النقد يوضح: ” المدارس النقدية في العالم العربي عموما تعاني مشاكل عدة أهمها غياب الرؤية النقدية الخاصة بها كما توحي ظروفنا الثقافية والسوسيولوجية أو حتى النفسية، فنحن ما زلنا نعتمد على الآخر في الطرح النقدي نقلا لا تفاعلا أو معارضة، وأغلب نقادنا نسخ مشوهة من نقاد غرب. في الغرب مثلا هناك ناقد ياباني وروسي وروماني وفرنسي وكثيرون يشاركون في صياغة غرف المدارس النقدية، لكن للأسف ليس بينهم أي ناقد عربي، فإدوارد سعيد وإيهاب حسن مثلا يعتبران ناقدين أمريكيين بامتياز (قراءة ونقدا ولغة). وفي الخليج مثلا لا يوجد ناقد حقيقي، بل هناك قراءات لدارسي أدب أغلبهم محاط بمرض الشللية والصداقة وحمى المجاملة، وحتى الأساتذة الذين عولنا عليهم لم ينجحوا في طرح مشروع نقدي واكتفوا بالتدريس”.

 

أغرار..

في مقالة بعنوان “أغرار ناصر الظفيري… أرجوحة حياتية بين كمينين” تقول “حنان عبد القادر”: ” يفاجئنا الكاتب ناصر الظفيري في روايته «أغرار»… بمستوى سردي متميز، وقد تناول فيها قصة الثأر المبرر بشكل يبتعد عن الاختلاق والتلفيق، عارضا ما للسلطة الأبوية في بعض المجتمعات التي مازالت قائمة من سطوة في تحريك مصائر الأبناء، وربما أراد الكاتب أن يلمح أيضا إلى كيفية إعداد أفراد بأهداف مؤسسات تبتعد كل البعد عن أهدافهم الخاصة، وقد اعتمد الكاتب على أكثر من تكنيك في سرده: – استخدم الكاتب تكنيك «الفلاش باك» في أكثر من موضع في الرواية، وقد اعتمد عليه ليرسم لنا أبعاد شخصياته الفنية داخل السرد الروائي، ويتمم نظرة المتلقي لها بشكل يجعله أكثر قربا منها، وتلمسا لملامحها. – اعتمد الكاتب في صيغة سرده على السرد الموضوعي باستخدامه ضمير الغائب، وهو ما نسميه السارد الغائب، وهو سارد يأتي من خارج العمل الفني وليس ساردا من داخل النص نفسه، وهذا السارد يبدو للمتلقي عالما بكل شيء يخص الشخصيات ظاهرها وباطنها ولهذا يسمى: «السارد العليم». – استعان الكاتب أيضا بالسرد الذاتي في النص، ويبدو ذلك جليا في الفصل الخامس الذي عنونه بالفصيل… والذي يقوم فيه إسماعيل وهو إحدى شخصيات الرواية بحكاية تجربته الشخصية داخل هذا المعسكر… مما أعطى للسرد كثيرا من الحميمية والصدق والتواصل مع المتلقي. – استخدامه أيضا للمونولوج الداخلي… نجد ذلك مثلا في الفصل الخامس «الفصيل» والفصل السادس: «لون الرائحة»… ومتداخلا مع السارد العليم مثلا في الفصل الثامن: «الوهم»… وهو تكنيك يكشف للقارئ ما يدور في ذهن الشخصية القصصية، ويقربه أكثر من سماتها النفسية، وهو تكنيك لم يستثمره الكاتب بشكل جيد في سرده الروائي، ربما لو فعل… لعمق لدى المتلقي كشفا أرحب لشخصيات عمله. – استخدام آلية الحوار في السرد: استخدمها الكاتب بمهارة… حيث كشف بها واقعية الشخصيات ومدى ثقافتها، ومما يعد من جميل حواراته ما دار بين الأخوين يحيى وإسماعيل في الفصل الثالث: «غواية»، حوار يسقط فيه الأخ الأكبر ما بنفس شقيقه الأصغر من خوف على ذاته؛ حتى يذهب عنه خوفه بأن يرى هذا الإحساس طبيعيا، فليس وحده الخائف، ويشعره بأهمية وجوده إلى جواره، وأنه المحتاج له وليس العكس، وقد قدم لنا الكاتب بهذا وسيلة تربوية جميلة للتعامل مع الصغار في مثل تلك المواقف، ومما يحسب للكاتب: استخدامه للتصوير المبتكر في غير مكان، ومن الجميل أن يشير الكاتب في مهارة إلى كيفية إذكاء الأفكار بالنفوس المستقبلة… كما فعل الأب مع إسماعيل وإذكائه لفكرة الثأر في ذهنه بالضرب على عمق مشاعره تجاه المقتول، ووضعه في موضعه حتى يرى ماذا كان فاعلا”..

وفاته..

توفى “ناصر الظفيري” بعد صراع مع مرض السرطان في 20 مارس 2019.

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب