9 أبريل، 2024 6:51 ص
Search
Close this search box.

نادية مراد.. جائزة نوبل للسلام لكشف جرائم الحرب ضد المرأة 

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“نادية مراد” ناشطة عراقية ايزيدية، هي “نادية مراد باسي طه” من قرية (كوجو) في قضاء سنجار، ولدت في سنة 1993، قام تنظيم (داعش) في العراق بأخذها كجارية بعد أن تمكنوا من احتلال منطقتها وقتل أهلها في القرية، من بينهم أمها و ستة من أخوانها، ثم تمكنت من الهرب ووصلت إلى مكان آمن ثم تم ترحيلها إلى ألمانيا ليتم معالجتها من الأذى الجسدي والنفسي الذي تعرضت له، وبعد فترة ظهرت في عدة مقابلات تلفزيونية ولقاءات دبلوماسية منها مجلس الأمن الدولي، وتزوجت 2018 من العراقي، “عابد شمدين”، في مدينة توتغاد بألمانيا.

اغتصاب جماعي..

وقالت “نادية مراد” لبي بي سي: “تحت حكمهم، المرأة التي تتعرض للسبي تتحول إلى غنيمة حرب، وإذا حاولت الفرار، فإنها تُحبس في غرفة منفردة، ثم يغتصبها الرجال الموجودون في المبنى، وبدوري كنتُ عُرضة للاغتصاب الجماعي”.

في 2016 عينت الأمم المتحدة “نادية مراد” سفيرة لمكافحة المخدرات والجريمة للنوايا الحسنة، وقالت المنظمة عن تعيينها أنه “الأول من نوعه لواحدة من الناجيات من تلك الفظائع” وعن عملها أوضحت المنظمة:”إن مراد ركزت في هذا المنصب على دعم المبادرات الجديدة والدفاع عنها، والتوعية بمخاطر تهريب البشر، والنساء والفتيات واللاجئين”.

فازت “نادية مراد” في أكتوبر 2016 بجائزة “سخاروف”، وهي أرقى جائزة أوروبية في مجال حقوق الإنسان، بالمشاركة مع “لمياء آجي بشار” وهي أيضا ناجية ايزيدية من الاستعباد الجنسي لمسلحي لداعش في العراق.

فضح الانتهاكات..

أصرت “نادية مراد”، ومنذ هروبها بعد ثلاثة أشهر من الاستعباد بيد “داعش”،على فضح انتهاكات هذا التنظيم الوحشي الذي قتل أمها وأشقائها، وأجبرها على العبودية والاستغلال الجنسي مع الآلاف من النساء من الطائفة الايزيدية، بعد احتلال ذلك التنظيم لمدينة الموصل والقرى الايزيدية التابعة لمحافظة “نينوى”.

في مراسم تكريمها كسفيرة نوايا حسنة من قبل الأمم المتحدة، سبتمبر 2016 تقول “نادية مراد”:  “ربما كنت محظوظة، فمع مرور الوقت وجدت طريقة للهرب بينما لم تتمكن آلاف أخريات من القيام بذلك وما زلن أسيرات”. كما أوضحت أن: “أكبر مخاوفي هو أنه في حال مني تنظيم الدولة الإسلامية بالهزيمة، أن يحلق إرهابيوه لحاهم وأن يختبئوا بين الحشود وكأن شيئا لم يكن.. لا يمكن أن نسمح لهم القيام بذلك”.

جائزة نوبل للسلام..

اليوم في 5 أكتوبر 2018 أعلن عن فوز “نادية مراد” بجائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع الطبيب الكونغولي “دينيس موكويغي”. وقالت لجنة نوبل في إعلانها، إن”دينيس موكويغي” و”نادية مراد”: “لهما إسهاما حاسما في تركيز الانتباه على جرائم الحرب من هذا النوع ومكافحتها”. وفي مسوغات قرارها، أضافت اللجنة: “دينيس موكويغي هو يد المساعدة الذي كرس حياته للدفاع عن هؤلاء الضحايا. نادية مراد هي الشاهدة التي تبلغ عن التجاوزات التي ارتكبت ضدها وضد غيرها”. وتقدر جائزة 2018 بتسعة ملايين كرونة سويدية ما يعادل 1.01 مليون دولار. وستسلم الجائزة خلال حفل يقام في أوسلو في 10 ديسمبر المقبل، بالتزامن مع ذكرى وفاة رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل الذي أسس الجائزة في 1895. وأكدت لجنة جائزة نوبل أن فوز “نادية مراد” يهدف للدعوة لعدم استخدام اغتصاب النساء كسلاح في الحرب، ولحماية المرأة خلال فترات الصراع.

الفتاة الأخيرة..

ألفت “نادية مراد” كتاب “الفتاة الأخيرة” والذي تحكي فيه قصة أسرها والتي أسمتها “الموت المؤلم والبطيء” وصدر عن دار نشر “بنجوين راندوم هاوس”، وفي مقاله ترجمتها “عالية مالك” عن صحيفة “واشنطن بوست”، عرضت لأهم أفكار كتاب “الفتاة الأخيرة”:

تقدم “نادية مراد” رصد لما حدث في العقود الأخيرة في العراق، في سياق سرد قصتها، موضحة أن الأيزيديون تعرضوا للاضطهاد منذ زمن طويل بسبب معتقداتهم الدينية، التي لها عناصر مشتركة مع العديد من الديانات الأخرى في الشرق الأوسط، بما في ذلك الزرادشتية والإسلام والمسيحية واليهودية. يقطن الأيزيديون في الأراضي المتنازع عليها بين العرب والكرد، وبذلك أصبحوا نقطة تجاذب بين هذه الطموحات القومية المتنافسة، وترى “نادية مراد”في كتابها أن حزب البعث التابع لصدام حسين، والحزب الديمقراطي الكردستاني التابع لمسعود بارزاني مارسا الإجبار على الأيزيديين لتعريبهم وتكريدهم على التوالي بهدف تأكيد أحقيتهم بالأرض التي يقطنونها.

فلم يكن هنالك سوى اهتمام ضئيل بالايزيديين على المستوى الإقليمي والدولي حتى حدوث سيطرة “داعش” على سنجار، مما أدى إلى أن يصبحوا مادة أساسية لكثير من وسائل الإعلام، الاهتمام بالأيزيديين، كما هو حال القصص عن المسيحيين في الشرق الأوسط، كان مُحيراً للكثيرين الذين شهدوا على مدى عقود معاناة العراقيين من أهوال قاسية، قادت إلى إيذاء عدد كبير من السكان، مع احتجاج عالمي محدود.

وعن استياء البعض من نشر قصص اضطهاد الايزيديين توضح “نادية مراد” في كتابها أن:  الاستياء نشأ على ما يبدو وكأنه مبالغة في التركيز على معاناة الأقليات، خاصة عندما شكل المسلمون (وبأعداد كبيرة) معظم ضحايا “داعش” والقاعدة والميليشيات وغيرهم ممن يرتكبون أعمال العنف باسم الإسلام. بالطبع، من المهم أن تولي اهتماما وثيقا بما يحدث للأقليات في جميع الدول: هم أشبه بجرس إنذار، ومقياس التسامح والشمولية والمساواة في أي مجتمع. ولكن العديد من المراقبين المتخصصين في المنطقة يشعرون بالقلق من التعرف على قصص اضطهاد الأقليات في الشرق الأوسط، خشية أن تؤدي إلى تشويه صورة الإسلام عبر ربط أوجه القصور في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة بفهم الدين نفسه. وما يؤسف له أن هذه القصص كثيرا ما تتم مشاركتها لهذه الغايات، ويفتقر هؤلاء الذين ينشرونها إلى اهتمام صادق بالضحايا. وهذا ينطبق على كل من الاسلاموفوبيين والطوائف في الشرق الأوسط.

لقد أصبحت “نادية مراد” نفسها ضحية لتوظيف محنتها سياسياً. إذ صورها مقاتلو البيشمركة وهي تحكي قصتها، ثم قاموا بنشرها على وسائل الإعلام دون أخذ موافقتها، بهدف إحراج خصومهم السياسيين، من الكرد. تقول “نادية مراد”: “بدأت أُدرك بسرعة أن قصتي التي ما زلت أعتقد أنها مأساة شخصية، يمكن أن تكون أداة سياسية لطرف آخر، لاسيما في مكان مثل العراق.. يجب أن أكون حذرة لما أقول، لأن الكلمات تعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين، وقصتك يمكن أن تصبح بسهولة سلاحا ينقلب عليك”.

حكت “نادية مراد” في الكتاب عن والدتها الهادئة، التي كانت تستقبل كل محنة جديدة بمزحة، وشقيقها، الذي هو في حالة حب مع فتاة أعلى من طبقته الاجتماعية. كانت نادية تحلم بافتتاح صالون تجميل لتزيين عرائس القرية أيام الزفاف، قبل أن حولتها جرائم “داعش” إلى ناشطة في مجال حقوق الإنسان. وخلال مدة الثلاثة أشهر لها في الأسر، تم بيعها وشرائها، وتعرضت للاغتصاب وضربت مرارا وتكراراً، ووصفت هذه الفظائع برباطة جأش. وهاجرت إلى ألمانيا بعد هروبها وسعت إلى تحقيق العدالة للضحايا الأيزيديين، بمساعدة محامية حقوق الإنسان أمل كلوني، التي كتبت مقدمة الكتاب الذي ألفته.

تسعى “نادية مراد” إلى نزع سلاح العار الذي يُبقي العديد من الضحايا صامتين كجزء من مهمتها، ويتضمن الكتاب غضباً على أولئك الذين دمروا حياة شعبها. والانتقاد لا يستهدف “داعش” فقط، بل كانت ممتعضة من مقاتلي البيشمركة الذين وعدوا بحماية الايزيديين ولكنهم انسحبوا من مواقعهم ، وجعلوا الايزيديين يواجهون مصيرهم.

 

تقول” نادية مراد” عن كتابها: “ليس من السهل أبدا أن أقول قصتي، في كل مرة أتحدث فيها وأسترجع مآسيها، ولأنها قصة من صميم الواقع فهي أفضل سلاح لديَّ ضد الإرهاب أعتزم على استخدامه حتى يتم وضع هؤلاء الإرهابيين داخل قفص المحاكمة”.

ويقدر المحققون في الأمم المتحدة أن أكثر من 5000 من الإيزيديين تم ذبحهم في هجوم عام 2014، وقال خبراء الأمم المتحدة إن (داعش) ارتكبت إبادة جماعية ضدهم في سوريا والعراق، وافق مجلس الأمن الدولي على إنشاء فريق تحقيق لجمع وحفظ وتخزين الأدلة في العراق عن أعمال داعش الدموية، وتقوم المحامية الدولية لحقوق الإنسان “أمل كلوني” التي تمثل ” نادية مراد” بحملة من أجل محاكمة (داعش) من خلال المحكمة الجنائية الدولية.

 

 

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب