5 مارس، 2024 10:33 ص
Search
Close this search box.

ميفع عبد الرحمن.. أحد مبدعي جيل الثورة في اليمن وتميز بروح الرفض

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“ميفع عبد الرحمن” كاتب قصص قصيرة وصحفي يمني، من مواليد 1951م، درس في معهد “مكسيم غوركي” للأدب في موسكو، وحصل على درجة الماجستير في عام 1982. معروف بقصصه القصيرة التي تستكشف الحقائق الاجتماعية والسياسية في اليمن.

ظهرت مجموعته القصصية الأولى في عام 1975 ثم مجموعة ثانية في عام 1983، ترجمت أعماله إلى اللغة الإنجليزية في 1988 وأدرجت ضمن مختارات الأدب العربي الحديث.

عمل في وزارة الإعلام في عدن، كان أحد المؤسسين لصحيفة “النداء”، وفي عام 2010 كجزء من حكم قضائي ضد صحيفة “النداء” وصحفييها حكم على “ميفع عبد الرحمن” بالسجن لمدة ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ.

جمعت (كتابات) كلمات لبعض الكتاب اليمنيين عن الكاتب الراحل “ميفع عبد الرحمن”.

قال عنه الكاتب والشاعر”صالح سالم عمير”: “رحم الله الصديق الأديب القاص/ ميفع عبد الرحمن..  ميفع عبد الرحمن، وهذا هو اسمه الأدبي. أما اسمه الحقيقي فهو محمد عبد الرحمن أحمد، من مواليد الشيخ عثمان، بدأ ينشر قصصه في مرحلة مبكرة من حياته.. وأول عمل نُشر له، أول قصة كانت في إحدى الصحف المحلية بعدن سنة ١٩٧٢، وقد  نَشَر مجموعته القصصية (بكارة العروس) في مارس سنة ١٩٧٥.

تعود معرفتي به (طيّب الله ثراه) إلى الثمانينيات من القرن الماضي، عندما زار سيئون (بلاد علي أحمد باكثير) بمعية الشاعر “جنيد محمد الجنيد” متعه الله بالصحة، وكنتُ حينها أترأس جَمعية الأدباء الشباب بوادي حضرموت، وأبرز مدن هذا الوادي المدن الحضارية المعروفة تريم وسيئون وشبام والقطن وغيرها، وقد رافقتُ الضيفَين العزيزين إلى مدينة شبام وتريم، وإلى بعض المدن الأخرى”.

وأضاف: “وتوطدت صداقتي مع الأستاذ ميفع، بعد أن قرأتُ مجموعته القصصية (بكارة العروس) وأعجبتني كثيرا.. وأحببتُه كإنسان غاية في التواضع والأخلاق الراقية الرائعة..

ولإعجاب ميفع بحضرموت، وبمدن الوادي، فقد آثر أن يقضي، شهر العسل، بها، فبعد زواجه في عدن قبل أكثر من ثلاثة عقود، اختار وادي حضرموت لقضاء شهر العسل، ولمحبتي له فقد تفرّغتُ له ولعروسِه، ورافقتهما عدة أيام إلى عِدّة مُدن، وإلى قصر القُبَّة بتريم، لقضاء يوم رائع في ذلك القصر الباذخ بأشجاره وأزهاره ومسبحه..

وأيضا رتّبتُ لهما جلسة فنية (طربية) بمدينتي ومسقط رأسي “حوطة أحمد بن زين”، في بيت صديقي الشاعر “عمر أحمد الحبشي” أطال الله بعمره، وكان المغني الفنان المعروف “سعيد عبد الخير”.

أتذكر الآن تلك اللحظات الجميلة، والأيام الجميلة، وأنا أترحّم على ميفع القاص الثائر، والكاتب الثائر. والحزن يحاصر الجميع، بتنا نتساقط  كل يوم كأوراق الخريف، واحدا  إثر  آخر، في ظل هذه الأوضاع العصيبة.. والأوبئة الرهيبة”.

ويواصل: “بقيَ أن أشير إلى أن  الكتاب الموسوم (القصة اليمنية المعاصرة ١٩٣٩- ١٩٧٦، وكانت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في  ١- ١٢-  ١٩٧٧كتب الدكتور “عبد الحميد ابراهيم”مؤلف الكتاب، عن من أسماهم مبدعي “جيل الثورة” وهم (ميفع عبدالرحمن- ومحمد صالح حيدرة- ومحمد عبد الولي- وأحمد محفوظ عمر- وعبد الله سالم باوزير) وغيرهم.. ومما قاله “د.عبد الحميد إبراهيم” عن ميفع عبد الرحمن:

“إنّ الروح الذي يكتب به ميفع هو روح الرفض، وإنّ طريقة الرفض عند ميفع طريقة قاسية.. إلخ”. وفي موضع آخر، أشار أنّ قصة ميفع عبد الرحمن (ليكن جحشا المدعو حبيبي) تأتي على لسان فتاة ثائرة على البيت، ومتحدّية لكل التقاليد.. إلخ” رحم اللهُ “ميفع عبد الرحمن” ومؤاساتنا القلبية لأسرته الطيّبة والعزيزة”.

وقال عنه الكاتب والروائي “الغربي عمران”: “ميفع عبد الرحمن.. مخلص لما يؤمن به.. فصداقاته قائمة على قيم ومبادئ من يشابهونه في عقائد وطنية وحياتية.. قاص ونقابي  حفر أسمه بجداره.. ولذلك كان متميز لا يعجبه أنصاف الحلول.. حاد في أرائه.. بفضل الوحدة اليمنية تصادقنا من ثلاثين سنة تعلمنا منه الكثير.. في فن القصة.. فن التعامل الجاد.. هو مدرسة قيمية لا يشبهه أحد  له الرحمة ولأعماله الخلود”.

وقال عنه الكاتب الصحفي “عبد الله الدهمشي”: “ميفع عبد الرحمن مجدد القصة القصيرة في اليمن ورائدها، الذي كان في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، وله فضل كبير على الجيل التالي من كتاب الرواية إلى جانب نضاله في مجالات الحداثة والتنوير”.

وقال عنه الكاتب ورئيس تحرير مجلة (إل مقه) “زياد القحم”: “عرفنا ميفع عبد الرحمن كاتبا مثابرا في الصحافة الثقافية اليمنية وأحيانا في الصحافة السياسية، وميفع يشبه اليمن في تعبه والتنقل من الغياب ومشاكله إلى الحضور ومشاكله الأكثر، فقد سبق للراحل أن حوكم بسبب مادة صحفية، ولكنه يترك أثره الأهم من خلال مجموعتين قصصيتين صدرتا في حياته، وقصص كثيرة عبر الصحافة لم تجمع بعد في كتاب، وهو من أهم كتاب القصة القصيرة في اليمن، عاش حياته في مدينة عدن الساحلية.. رمز المدنية في اليمن، ولكن حضوره كان ملء اليمن.. مثله مثل نجوم عدن الكبار الذين أثروا الحياة الثقافية في اليمن، وتوفي مؤخرا بعد معاناة من جلطة دماغية، ليترك فراغا كبيرا في مرحلة حساسة”.

أحد رموز المشهد الأدبي..

ونعاه الكاتب “حسن عبد الوارث” في مقال نشر في موقع بلقيس جاء فيه: ” وداعـاً… ميفــع!.. صُعقتُ، يوم أمس، بنبأ رحيل صديق حميم كان من القلة القليلة التي جمعتني بها وشائج صداقة حقَّة، منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي. في ناصفة أول شهور هذي السنة داهمت جلطةٌ دماغَ محمد عبد الرحمن أحمد (ميفع عبدالرحمن)، وهو أحد رموز المشهد الأدبي والثقافي اليمني منذ أواسط السبعينيات من القرن المنصرم.

ويومذاك، أنبرت أصوات صادقة وجِلة لمطالبة ما تسمّى بالحكومة بالسعي لإنقاذ حياة هذا الرمز. ولكن- وكالعادة طبعاً- لا تسعى الحكومات اليمنية لمحاولة إنقاذ حياة أحد من الناس إلاَّ إذا كان يندرج ضمن أحد نوعين لا ثالث لهما: النسوان (أيّاهُن)… وأشباه الرجال (المخلصين)!

أدركتُ حينها أن ميفع في خطر داهم. وأخبرته يومها بضرورة أن يسعى لإنقاذ نفسه، بعيداً عن أي مناشدة لا طائل منها سوى مضاعفة المهانة والإساءة للمكانة.. فلا لذة لدى الحُكّام في هذي البلاد تساوي لذة رؤيتهم المثقفين يستجدون عند عتباتهم.

كان ميفع – طوال حياته – ساخن الدّم والصوت والحضور في المعترك الوطني، سياسياً وثقافياً واجتماعياً. فقد كان لا يعرف مطلقاً أي منطقة وسطى أو رمادية في المواقف من القضايا الكبرى والمصيرية، بما فيها تلك التي لا يراها الآخرون بهذا الحجم وتلك القيمة، كما يراها هو. ولذا كان هؤلاء يجدونه مبالغاً في اتخاذ هذا الموقف أو ذاك من هذه القضية أو تلك. وقد كنتُ أحياناً أنضمُّ إلى هؤلاء في بعض أحكامهم، حتى إنني أروح أناديه مُناكِفاً بـ “مدفع” عبد الرحمن، فإذا به يضحك ساخراً: “حتى أنت يا بروتوس؟” .

كان أخونا الأكبر وصديقنا الأصدق الأستاذ عمر الجاوي – طيّب الله ثراه – أكثرنا إشفاقاً على ميفع مما يعانيه في صراعه الدائم مع أولئك “الوسطانيين” و “الرماديين” في القضايا التي لا تقبل القسمة على اثنين، ولا الجمع بين الأختين ولا اللعب على الحبلين. وكان يُردّد أمامه ناصحاً دائماً: “صنعاء ما ابتنتش بيوم يا صاحبي. والجماعة شوفهم ما يعرفوش يبنوا إلاَّ على ورق والاَّ نيسة!”.

وقد عاش بائساً، وظيفياً ومعيشياً وسكنياً.. حتى عندما ظنَّ أن الدنيا بدأت تبتسم له إثر تخرُّجه من معهد ‘جوركي’ للأدب في موسكو، في أوائل ثمانينيات القرن المنصرم، ونيله شهادة الماجستير، كانت مواقفه الصلبة تحُوْل دائماً دون أن تكتمل ابتسامة الدنيا له، فإذا بمشروع الابتسامة يستحيل إلى تكشيرة حقيرة!”.

وأضاف: “فقد جاء ميفع إلى الدنيا مُقارِعاً من الصنف الذي لا يصدأ له معدن ولا يهدأ له عصب. وهكذا عرفه رفاقه وزملاؤه في عهد الرئيس علي ناصر محمد، ثم في زمن البيض وشركائه، ثم في فترة الوحدة والانفصال ومرحلة عفاش، وأخيراً في زمن الأوباش الذي صار فيه أبطال القشاشة نجوم الشاشة، وفي أتون هذه الحرب الضروس التي أحرقت أكباد الناس، ودكّت بُنيان الأساس، وأغارت على خيام اللاجئين قبل ثكنات المتقاتلين، ثم وسَّعت رقعة العمالة والنذالة والارتزاق الرخيص على حساب أمثال ميفع عبد الرحمن.

كان ميفع من تلك العجينة التي تختلف مع صاحبها أحياناً حتى العظم، ولكنك تظل تحترمه إلى أبعد الحدود.. وقد تختصمه وربما تقاطعه حيناً، ولكنك تظل تحبه وتخشى عليه وتتمنّى له كل خير الدنيا.. فهو من طينة نادرة من البشر، ومن صنف نادر من المثقفين ممن لا يعرفون طبع الحرباء ولا طابع الأفعى ولا طبيعة الغراب.

ومنذ أن تعكَّر صفو الحياة تماماً في السنين المنصرمة، لم يعد ميفع يمسك قلماً ولا يقطر حبراً، فقد صار يتشظى ألماً ودماً، ويُكابد تدهور الوضع في اليمن والصحة في البدن، حتى بلغت به رداءة الأوضاع إلى جلطة يناير الماضي التي ظل يعاني من تبعاتها حتى نهار يوم أمس حين عاودته ثانيةّ لتكون القاتلة هذه المرة. رحمة الله تغشاك يا صاحبي الذي لم أحظَ بوداعه كما يليق به، وكما تقتضيه الصداقة … فوداعاً”.

وفاته..

توفي الكاتب اليمني “ميفع عبد الرحمن” يوم 3 أبريل 2021 بعد معاناة مع المرض.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب