7 أبريل، 2024 4:46 ص
Search
Close this search box.

موفق خضر.. صاحب (الاغتيال والغضب) اتسمت كتاباته بالواقعية وبالبطل الإيجابي

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“موفق خضر” كاتب عراقي له تأثير هام في مسيرة الأدب العراقي، ورغم وفاته في سن صغيرة إلا أنه خلف إنتاجا أدبيا مميز، وقد تناوله النقاد العراقيين بالدراسة.

الكتابة..

في مقالة بعنوان (موفق خضر) ل “سامي مهدي” يقول: “كان موفق خضر واحداً من أصدقاء العمر القليلين، أعني الحميمين. بدأت علاقتي به عند بدء السنة الدراسية 1956 – 1957 حين انتقلت من متوسطة فيصل إلى ثانوية الكرخ. فقد جمعنا صف واحد هو الصف الرابع الأدبي، وجلسنا، مصادفة، على مصطبة (رحلة) واحدة، وبقينا كذلك طوال هذه السنة والسنة التي تلتها، فنشأت بيننا صداقة حميمة، رسخها في ما بعد تاريخ مشترك من المصادفات، فقد كانت هذه المصادفات تجمعنا كلما فرقتنا سبل الحياة، وبذلك امتدت صداقتنا حتى وافاه الأجل عام 1981.. فحين أنهينا دراستنا الثانوية عام 1958 دخل كلانا كلية الآداب على غير اتفاق، فدرس هو فيها علم الاجتماع ودرست علم الاقتصاد. وحين تخرجنا فضل هو التدريس وفضلت أنا غيره، ولكننا عدنا فالتقينا عام 1968 في مجلة ألف باء هو مشرفاً على زاوية القصة القصيرة، وأنا محرراً لصفحات المجلة الأدبية. وحين فرقتنا الظروف مرة أخرى عدنا فالتقينا عام 1980 في وزارة الثقافة والإعلام، هو مديراً عاماً لدار الجاحظ، وأنا مديراً عاماً للشؤون الثقافية ودار الرشيد، وكلتاهما تقعان في مبنى واحد. ومن المفجع أنني ورثت عنه إدارياً دار الجاحظ وأنا من وقع كتاب ترقين قيده بعد وفاته. وقعته والدموع تنهمر من عيني”..

ويصفه : “كان رومانسياً في نظرته إلى الحياة والأشياء، وكان في علاقاته عذباً، رقيقاً، مهذباً، محباً، ميالاً للتأنق والترف.. هو من شجعني على الكتابة في بداية عهدي بها، وهو من عرفني على الأدباء الشباب في أواخر الخمسينيات، وهو من كان يحثني على العودة إلى الكتابة حين توقفت عنها بعد دخولي كلية الآداب، وهو من كان يعيرني كل كتاب جديد يشتريه. وكثيراً ما كنا نتناقش حول الكتب التي نقرأها. وكان موفق يكتب القصة والمقالة إلى جانب بعض المحاولات الشعرية، غير أن موهبته الأدبية كانت تتجلى في القصة أكثر من الشعر، وأول قصة قصيرة نشرت له عام 1954. وأذكر أنه أخبرني بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أنه بدأ يكتب رواية فشجعته، وبقيت أتابعه حتى أنجزها، نشرها عام 1960  وكانت تلك روايته الأولى (المدينة تحتضن الرجال).. توفي موفق خضر وعمره لا يزيد عن أربعة وأربعين عاماً بعد مرض مفاجئ لم يمهله طويلاً، وتركت وفاته غصة في قلوب أصدقائه ومحبيه. فقد كان إنساناً طيب القلب، محباً للآخرين، وكان في ذروة عطائه الأدبي.. صدرت له روايتان: (المدينة تحتضن الرجال) 1960،  و(الاغتيال والغضب) 1980، وخمس مجموعات قصصية هي: (الانتظار والمطر 1962، ومرح في فردوس صغير 1968، وألقِ ما في يدك 1970، ونهار متألق 1974، وأغنية الأشجار 1977)” .

أصغر قاص..

في مقال بعنوان (استعادة سيرة أصغر قاص عراقي.. موفق خضر الغائب منذ 1980) يقول “زيد الحلّي”: “القاص الراحل “موفق خضر”غاب اسمه عن المشهد الثقافي العراقي، فيما كان شاغل المثقفين بإبداعاته، ودماثة خلقه، ودوره في إذكاء الذوق القصصي من خلال تقديمه قصص عشرات القصاصين العراقيين حينما كان مشرفا على ركن ريادي يسعى إلى التعريف بالقصص وكتّابها الذين كانوا ينشرون في مجلة “ألف باء” العراقية في سبعينيات القرن المنصرم، أو حين تسلمه رئاسة تحرير مجلة الطليعة الأدبية وأسس مجلة الثقافة الأجنبية..إنه موفق خضر الذي سجل اسمه كأصغر قاص عراقي ينشر قصة وهو بعمر14 عاما، طالبا في الدراسة المتوسطة، وأمامي عدد من جريدة بغدادية أسمها “أنباء الساعة” صادر يوم27  تموز عام 1954 فيه قصة بقلم موفق خضر تحمل عنوان (الشقية).. رحل موفق خضر منذ سنوات لكن نشاطه القصصي المبكر، ظل شامخا، متفرداً”.

البساطة والعمق..

ويواصل “زيد الحلي” عن أسلوبه الأدبي: “إنني لم أر في موفق خضر قاصا حسب، بل رأيت فيه فنانا رائعا في رسم شخصيات رواياته بريشة محترفي الفن التشكيلي، وهو بارع في تقديم نماذج بشرية من سطح وقاع المجتمع، ويبدو اهتمامه واضحا بحدثه الروائي وتسلسه وبكثرة الأفكار والأسئلة المنبثقة عنها. وكان مؤمنا بأن للقارئ الحق في تتبع مسيرة الشخصيات الروائية، دون تعقيد في الحبكة الروائية، فالبساطة والعمق عنده أفضل من هلامية التعبيرات والجمل غير الواقعية التي تجعل القارئ يعلن اشمئزازه من أولى صفحات الرواية!! لقد ظهر موفق في فترة جيل منتصف خمسينيات القرن المنصرم، وهو لم يزل فتى يافعا، وهي فترة اصطرعت فيها الأيدولوجيات السياسية والفكرية والثقافية والأدبية، ومن يقرأ بدايته المتمثلة في روايته الأولى (الشقية) يجد أن هذا الفتى ملما بخفايا فن الرواية ربما بطريقة فطرية، لاسيّما أسلوبه المتفرد في جو الرواية، وأظن أن تمكن موفق في فن الحوار القصصي جاء من إعجابه بالكاتب ديكنز المعروف باهتمامه بالحوار في جميع رواياته.. وقد حدثني موفق في بولونيا على هامش جلساتنا اليومية عن تأثره الشديد بكاتب العصر الفيكتوري “تشارلز ديكنز” ومما أذكر قوله بهذا الصدد، أن ديكنز كان فيلسوفاَ ومهرجاً، وعالماً نفسياً، وفناناً يمزج الجد بالهزل والعاطفة بالشعور الصادق. لقد كتب موفق بأسلوب واقعي مثير، دون أية محاولة للافتعال، فجاءت قصصه صادقة، بسيطة، مؤثرة، تنفذ إلى أقسى القلوب من أسهل طريق. وفي قصص موفق القصيرة، كل ملامح الرواية الطويلة، غير أنها أكثر تركيزا، وهي تحمل طابعا متميزا وفلسفة واضحة المعالم ونظرة متفحصة للحياة والناس. وهو حريص أن لا تقع تلك الشخوص فريسة لليأس، رغم قناعاته بأن العالم الذي تعيش فيه قاس، غليظ يجافي أحكام العقل والمنطق”.

المدينة تحتضن الرجال..

وعن رواياته يوضح: “رواية “المدينة تحتضن الرجال” صدرت في العام 1960 وموفق ما يزال طالبا في الجامعة، وموضوعها يتحدث عن شاب أضطر لقطع دراسته في بغداد في أعقاب انتفاضة 1956 الشعبية التي شهدها العراق رفضا للعدوان الثلاثي على مصر، حيث التجأ هذا الشاب عند أقاربه في الناصرية.. وهذه الرواية تدلل على عمق الشعور الوطني للمؤلف من خلال اختياره تداعيات العدوان على مصر وما كانت تمثله مصر جمال عبد الناصر في الوعي الجمعي العروبي في تلك المدة المعروفة في التاريخ العراقي”.

 

الاغتيال والغضب..

وعن رواية “موفق خضر” الأخرى الأكثر شهرة يقول: “وله رواية أخرى بذات المضمون الوطني بعنوان “الاغتيال والغضب ” وللناقد باسم عبد الحميد حمودي رأي في هذه الرواية ثبته في كتابه المهم (رحلة مع القصة العراقية) قال فيه أن رواية “الاغتيال والغضب” تستند إلى ديالكتيك حدثي مدهشّ والقاص في الرواية كائن حالم، يمتلك القدرة على التصوير الفني المعتمد على الواقع متطلعا إلى المستقبل، وهو بهذه الصورة إنسان رافض لكل ما يشوه التجربة الإنسانية، ولكل ما يعيق الإنسان عن مستقبله الأفضل وأن نماذج موفق تحب الحياة، وتثق بها وتمنحها تجربتها كاملة رغم وعيها للواقع المتغير ولممكناته، فالأبطال ينشدون إلى الواقع ليقاوموا الجانب الرديء منه، وينهلوا من جانبه الغض، الأمل الشديد الضياء وإن هموم موفق خضر في قصصه، هموم عامة يطغي فيها الموضوعي على الذاتي، ويتدخل الذاتي بالموضوعي مشكلا جزءا منه و لغة موفق تتميز بإشراقها الهادئ، يبدأها بجمل وصفية ثم ينطلق منها إلى الحوار والمنولوغ، لينتهي بنهاية مرتبطة بالبدايات في وحدة درامية متشددة التفاصيل إلى غاية. ضمن تصورات الناقد باسم عبد الحميد حمودي، فأنني لم أتفاجأ حين قرأت أن رواية لموفق خضر اختيرت من بين أفضل مائة رواية عربية خلال القرن العشرين في أعمام لاتحاد الكتاب العرب في دمشق قبل أشهر، فكانت من ضمن ست روايات عراقية هي (الرجع البعيد) لفؤاد التكرلي، و(الوشم) لعبد الرحمن مجيد الربيعي، و(النخلة والجيران) لغائب طعمة فرمان، و(سابع أيام الخلق) لعبد الخالق الركابي و(الاغتيال والغضب) لموفق خضر، و(رموز عصرية) لخضير عبد الأمير”.

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب