إعداد/ د. محمد عبد الهادي
يسود الإجماع الدولى على استشعار خطورة الأعمال الإرهابية وأضرارها بعد أن تجاوزت النطاق المحلى والإقليمى وباتت ظاهرة عبر قومية تهدد المجتمع الدولى، وأضحت التنظيمات الإرهابية فاعل دولى غير رسمى وأنشطتها تشكل تهديد متنامى لاستقرار الدول أو بقائها واستمرار أنظمة الحكم ولآمال وتطلعات الشعوب فى تحقيق تنميتها ورخائها. وهذا يفرض عدة متطلبات تتجاوز الإطار القانونى والأمنى لتشمل كافة قطاعات السياسات العامة فى الدولة، وتربتط بتفاعلات العلاقات الدولية والتغير أو الاستمرارية فى شكل وهيكل النظام الدولى، على نحو ما تناولته المرجعية الدولية لمحاربة الإرهاب الذى يتمثل أهمها فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب التى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 6 سبتمبر 2006 وخطة العمل الملحقة بها.
يستعرض هذا التقرير سبل مواجهة الإرهاب فى دول الخليج العربى باعتبار ما تمثله الظاهرة الإرهابية فى تطوراتها الراهنة بشكل خاص وما تواجهه المنطقة العربية من تهديدات، وما لها من تأثير فى دول الخليج العربى والتى أصبحت فاعل مؤثر فى رسم سياسات المنطقة العربية والشرق الأوسط وإعادة ترتيبات معادلات التوزان الإقليمى مما يدفعها لتحقيق الاستقرار الداخلى وحفظ الأمن الإقليمى، فى ضوء ذلك تتناول الدراسة تحديات وتهديدات الأمن الإقليمى العربى وارتباط هذه التهديدات بالظاهرة الإرهابية بصورة أو بأخرى، وعلاقة التأثير والتأثر فى ذلك مع النظام الإقليمى الخليجى كنظام فرعى وكونه المنطقة أو مجموعة الدول التى يُعنى التقرير بدراستها ولكن بدون عزلها عن محيطها الإقليمى العربى وطبيعة المشكلات والأزمات التى تواجه المنطقة العربية، كما يعرج التقرير على الآليات المستخدمة ومدى تنوعها ما بين الأدوات القانونية والتدخلات الأمنية والسياسات الاجتماعية والثقافية فى ضوء إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وآليات بعض التجارب الدولية فى مواجهة الإرهاب.
استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب(1):
فى سياق تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المعنون “الاتحاد فى مواجهة الإرهاب توصيات لإستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب”، اعتمدت الجمعية العامة فى 6 سبتمبر 2006 “إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب”، ولذا من المهم استعراض أهم ما احتوته هذه الإستراتيجية، وقد تضمنت التأكيد على عدة ثوابت دولية من أهمها:
– التزام الرؤساء والملوك بمؤازرة جميع الجهود الرامية الى دعم المساواة فى السيادة بين جميع الدول واحترام سلامتها الإقليمية واستقلالها السياسى، والامتناع فى العلاقات الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها بأى شكل يتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، دعم تسوية المنازعات بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدالة والقانون الدولى، احترام حق الشعوب التى لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية أو الاحتلال الأجنبى فى تقرير مصيرها، عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، احترام المساواة فى الحقوق بين الجميع دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، التعاون فى حل المشاكل الدولية ذات الطابع الاقتصادى أو الاجتماعى أو الثقافى أو الإنسانى، والوفاء بنية صادقة بالالتزامات التى قطعتها الدول على نفسها وفقاً للميثاق .
– التأكيد على أن الأعمال والأساليب والممارسات الإرهابية بجمع أشكالها ومظاهرها إنما هى أنشطة تهدف الى تقويض حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية ، وتهدد السلامة الإقليمية للدول وأمنها وتزعزع استقرار الحكومات المشكلة بصورة مشروعة، وأنه ينبغى للمجتمع الدولى أن يتخذ الخطوات اللازمة لتعزيز التعاون من أجل منع الإرهاب ومكافحته .
– التأكيد على أنه لا يجوز ولا ينبغى ربط الإرهاب بأى دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية، والتأكيد كذلك على أن التنمية والسلام والأمن وحقوق الإنسان مسائل مترابطة وتعزز كل منها الأخرى .
– التأكيد على عزم الدول الأعضاء على مواصلة بذل كل ما فى وسعها من أجل حل الصراعات وإنهاء الاحتلال الأجنبى والتصدى للقمع والقضاء على الفقر وتعزيز النمو الاقتصادى المتواصل والتنمية المستدامة والازدهار العالمى والحكم الجيد وحقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون، وتحسين التفاهم فيما بين الثقافات وكفالة احترام كافة الأديان أو القيم الدينية أو المعتقدات أو الثقافات، انطلاقا من الحاجة الماسة إلى مُعالجة الظروف التى تؤدى إلى انتشار الإرهاب.
وفي هذا الإطار اعتمدت الجمعية العامة خطة عمل لتفعيل الإستراتيجية تقوم على المحاور التالية :
– إدانة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره إدانة مستمرة وقاطعة وقوية، أياً كان مرتكبوه وحيثما أرتكب، وأياً كانت أغراضه على أساس أنه يُعد واحداً من أشد المخاطر التى تهدد السلام والأمن الدوليين .
– اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره ، والانضمام إلى الصكوك الدولية المبرمة فى هذا المجال وتفعيل قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات العلاقة .
– التسليم بأن التعاون الدولى وأى تدابير تضطلع بها الدول من أجل منع الإرهاب ومكافحته يجب أن تتماشى مع الالتزامات المنوطة بها بموجب القانون الدولى، بما فى ذلك ميثاق الأمم المتحدة والإتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة، وخاصة قانون حقوق الانسان، وقانون اللاجئين والقانون الإنسانى الدولى .
وتضمنت خطة العمل الآليات والتدابير تمثل العناصر الرئيسية التى يتعين على الدول تفعيلها والعمل بها ومن أبرزهما؛ “التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب” و”تدابير منع الإرهاب ومكافحته”، ويمكن تناولها على النحو التالى:
أولاً: اتخاذ تدابير رامية الى معالجة الظروف المؤدية الى انتشار الإرهاب مع التسليم بأنه “لا يمكن أن تُشكِل أى من هذه الظروف ذريعة أو تبريراً لأعمال الإرهاب” .
ثانياً: اتخاذ تدابير منع الإرهاب ومكافحته، لاسيما من خلال حرمان الإرهابيين من الوصول إلى الوسائل التى تمكنهم من شن اعتداءاتهم، ومن بلوغ أهدافهم وتحقيق الأثر المتوخى من اعتداءاتهم .
ثالثاً: الاعتراف بأنه يمكن اعتبار مسألة إنشاء مركز دولى لمكافحة الإرهاب جزءاً من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مكافحة الإرهاب .
رابعاً: اتخاذ تدابير رامية إلى بناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظمة الأمم المتحدة فى هذا الصدد، وتعزيز التنسيق فى إطارها فى سياق النهوض بالتعاون الدولى فى مجال الإرهاب .
خامساً: اتخاذ تدابير رامية الى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب مع التشديد على ضرورة تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحمايتها.
تحليل الإستراتيجية الأمنية الخليجية فى ضوء إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب:
فيما يلى تحليل للإستراتيجية الأمنية الشاملة لمجلس التعاون الخليجى، وقد أكدت المراجعات الدورية فى الأمم المتحدة على توافق الإجراءات التى تتبعها دول الخليج العربى مع إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهو ما يؤكد وجود اتساق عام في الأسس والأهداف بين الإستراتيجيتين، كما تمثل هذه الإستراتيجية إطاراً جيداً لدول الخليج العربى فى الرؤية المشتركة لمواجهة الجريمة والإرهاب، ويمكن استعراضها على النحو التالى(2):
أقرت الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون في الاجتماع الاستثنائى الثانى لوزراء الداخلية الذي عقد في العاصمة العمانية (مسقط) فى 15/ 2/ 1987، وصادق عليها المجلس الأعلى في دورته الثامنة في الرياض. وهي عبارة عن إطار عام بين الدول الأعضاء بمفهومه الشامل تعزيزاً للتنسيق والتعاون في المجال الأمنى، ولتحديث الآليات والتدابير المشتركة للأجهزة الأمنية بالدول الأعضاء. ولمواكبة التطور المتنامى للجريمة بمختلف أنواعها خاصة مع تفشى الإرهاب الدولى بكل صوره وأخطاره، وجّه وزراء الداخلية في لقائهم التشاورى الثامن فى الرياض فى شهر مايو 2007، بمراجعة الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول المجلس بهدف تحديثها من قبل لجنة مختصة. وقد أقرّ وزراء الداخلية قي لقائهم التشاوري التاسع الذى عقد فى العاصمة القطرية)الدوحة) فى مايو 2008 مشروع تحديث وتطوير الإستراتيجية الأمنية الشاملة، ورفعه إلى المجلس الأعلى لاعتماده، حيث قرر المجلس الأعلى، في دورته التاسعة والعشرين فى مسقط ديسمبر 2008 اعتماد وتحديث وتطوير الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون الخليجى.
وقد اهتمت الإستراتيجية الأمنية الشاملة بتحقيق أهداف محددة منها إن الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون الخليجى هي اتفاقية تهدف إلى توطيد الأمن وحماية الحدود، وتنمية الوعي الأمنى ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية الخليجية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين تلك الأجهزة، ومواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية مثل المخاطر النووية والصراعات الإقليمية والكوارث، والتعرف على مصادر الخطر والتصدي لها، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، في مجال مكافحة الجريمة، وتعزيز مشاركة وتعاون القطاع الخاص في تحقيق الأهداف الإستراتيجية والتفاعل معها، وتنظيم العمالة الوافدة مع عدم التأثر باعتبارات لا تتفق مع المصالح العليا لدول مجلس التعاون الخليجى.
وتحققت العديد من الإنجازات في مجال التعاون الأمنى من بينها إقرار المجلس في دورته الخامسة عشرة في البحرين، ما توصل إليه وزراء الداخلية بشأن التوقيع على الاتفاقية الأمنية لدول المجلس، وكذلك إقرار الإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول المجلس، التي اعتبرت إطارا عاما للتعاون الأمنى بين الدول الأعضاء. وأبدى المجلس اهتمامًا خاصًا بإنشاء جهاز الشرطة الجنائية لدوله، وأقرت الدول الست التدريب في مجال المراقبة والبحث والمكافحة للجرائم الاقتصادية وضرورة التنسيق بين المعاهد المصرفية ومؤسسات النقد بالدول الأعضاء مع وزارة الداخلية في كل دولة. كما أقرت دول المجلس وفق توصيات وزراء الداخلية إنشاء قاعدة معلومات أمنية، تحقق الربط الآلى بين دول المجلس، في مجال التحقيقات والمباحث الجنائية. وأقرت أيضا النظام الاسترشادي الموحد لمنع الجرائم ومراقبة المشبوهين والعمل به لمدة ثلاث سنوات.
وتم إقرار لجنة التخطيط الإستراتيجى، التي تجتمع سنوياً لمتابعة تنفيذ الإستراتيجية الأمنية الشاملة. كما أقرّ وزراء الداخلية آلية لضمان التزام اللجان الأمنية المتخصصة التي تعقد في إطار مجلس التعاون تتمثل في جداول لرصد ما أنجزته كل لجنة لتحقيق أهداف الإستراتيجية الأمنية الشاملة، ومن ثم تعرض تلك الجداول على اللجنة الدائمة للتخطيط الاستراتيجى الأمنى بدول المجلس في اجتماعاتها الدورية.
عوامل التهديدات الراهنة للأمن القومى العربى:
هناك كثيرًا من التحديات والتهديدات الرئيسية التى تواجه الأمن القومى العربى بشكل عام، كما أنها تمس الأمن الخليجى بشكل خاص الذى يقع فى قلب مخاطر التهديدات الخارجية والإقليمية التى تواجه المنطقة العربية فى المرحلة الراهنة، وتعد هذه التهديدات عوامل تعوق أو تحول دون تفعيل الترتيبات الأمنية العربية الجماعية والمواجهة الموحدة لهذه التهديدات، وبلا شك ترتبط بصورة أو بأخرى بالإرهاب، ذلك لأن الظاهرة الإرهابية يصعب دراستها وتحليلها وتفسيرها والتنبؤ بمآلاتها وبناء سيناريوهات مستقبل الدول والمجتمعات العربية فى ظل انتشارها وكونها الخطر الذى يعصف بأى سياسات يتم وضعها للتنمية المستدامة للأجيال العربية الحالية والقادمة، ومن أبرز هذه العوامل يتمثل فيما يلى:
– عامل التدخلات الإقليمية والتى تكمن آثارها وأضرارها في كونها تمارسها دول تحمل نزعة امتداد النفوذ عبر الجغرافيا والتضاريس الطبيعية ضد السيادة الوطنية للدول العربية فى إطار تدخلى ما بين التنافس والصراع، وتتغذى على النزعات المذهبية والطائفية والاختلافات الإثنية والعرقية وتستخدمها كوسيلة لدعم سياساتها التدخلية فى الدول العربية، وفى سبيل ذلك تسعى إلى إعلاء دور الجماعات أو الميليشيات المسلحة فى تهديد سيادة واستقرار الدول العربية، خصوصًا بعد بثورات الربيع العربى وتراجع الأوضاع الأمنية في كثير من هذه الدول فى ظل حالة السيولة السياسية والفترات الانتقالية، كما أن التدخلات الخارجية الإقليمية توظف تضارب المصالح الوطنية أو توجه “المصلحة الوطنية أولاً” لكل دولة عربية، وهذا انعكس على أنماط التحالفات الإستراتيجية لبعض الدول العربية وجعلها تنتهج سياسة تحالفات أو بدرجة أقل تنسيق إقليمى قائم على التعاون مع دول جوار تطمح فى تمدد نفوذها الإقليمى، وهذا قد يتعارض مع الأمن القومى العربى. وعلى سبيل المثال فى هذا الصدد سياسة إيران الخارجية ذات الطبيعة التدخلية تحمل أخطارًا وتهديدات للكيان العربى إن جاز التعبير وتفرض سياسة الهيمنة الإقليمية، وتفتت المجتمعات العربية وتنشر مسببات ودوافع الصراعات الطائفية. ويرتبط بذلك ظاهرة الميليشيات المسلحة التي برزت في عدد من دول العالم العربى. فكون هذه الميليشيات المسلحة تتمدد على ضعف الدولة المركزية وانهيار سلطتها، يبقى العامل الأهم في توفر الدعم الخارجى الإقليمى لهذه الميليشيات. ومما يثير القول تعجباً فيما أصبح عليه الواقع العربى فى هذا الصدد؛ أنه بينما يظهر تأثير عامل التدخل الإقليمى الخارجى، يوجد هناك بعض الدول العربية تنتهج نزعة “الحياد” في تحديد موقفها تجاه الصراعات والنزاعات القائمة فى المنطقة العربية(3).
– انتهاج عدد من دول العالم العربى منفردة (جزئيًا أو كليًا) للاعتماد فى منظومة أمنها القومى على الدعم العسكرى الخارجى والضمانات الأمنية والدفاعية الخارجية، ويعد هذا العامل من الخطورة المتزايدة على الأمن القومى العربى الجماعى لكون الضمانات الخارجية عاملاً متذبذبًا وقابلاً للتغيير مع احتمالات التغير فى الأوضاع الدولية وترتيبات الأمن العالمى والإقليمى، وكذلك فى تغير حكومات الدول المانحة وشكل التحالفات السائدة، وقد يتعارض مع أهداف الأمن القومى العربى، وبالتالى لا يمكن الاعتماد على هذه الضمانات لكل دولة عربية منفردة حيث أن طبيعة المصالح القومية فى العلاقات الدولية تتسم بعدم الثبات وكونها ليست دائمة(4).
– الإرهاب وما يمثله كمصدر أساسى للتهديد أو المخاطر ويوجه ذلك التركيز على أسبابه ودوافع من يدعمه، فمن المؤكد أن أنشطة التنظيمات الإرهابية هي مصدر تهديد العابرة للحدود تمثل خطرًا كبيرًا على ترتيبات الأمن العربى، ولكن الإرهاب هو خطر قابل للاحتواء عبر تبنى حزمة من الإجراءات الأمنية والقانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا يمكن اختزال التهديدات والمخاطر التي تواجه الشعوب العربية عبر التركيز على مكافحة الإرهاب وإهمال المخاطر والتهديدات الأخرى المرتبطة، والتي تشكل تحديات حقيقية للدولة والمجتمع في المنطقة العربية، وكذلك ظهور الدولة الفاشلة أو الرخوة فى المنطقة العربية نتيجة انتشار الفوضى الأمنية والنزاعات المسلحة فى بعض الدول العربية والأوضاع السائدة في المنطقة العربية ودول الجوار الآسيوى والأفريقى، يمثل عارضًا شديد الخطورة على الأمن القومى العربى، وأيضًا الهجرة غير الشرعية، وتجارة المخدرات، وإساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي فى الأعمال الإرهابية أو الإجرامية واستهداف الشباب العربى من خلال التأثير أو إعادة تشكيل الهوية العربية للناشئة بما يأتي يهدد الموروثات العربى والانتماء والهوية العربيتين(5).
إذن، يتبين مما سبق أن تنوع عوامل التهديد للأمن القومى العربى، ويأتى أبرزها تزايد مخاطر العمليات الإرهابية وانتشار المنظمات والشبكات الإرهابية، يدفع نحو ضرورة قيام الدول العربية من تطوير قدراتها للتعامل الشامل والحد من تزايد التهديدات الإرهابية، وإن كانت دول مجلس التعاون الخليجى قد استشعرت هذه المخاطر مبكرًا وسعت إلى مواجهتها بشكل بناء، منذ اجتماع وزراء الداخلية الخليجيين بمدينة الرياض في 23 فبراير عام 1982، ثم اجتماع مسقط فى فبراير عام 1987، وما تلا ذلك بصورة تتسم فى القمم الخليجية واجتماعات وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون الخليجى، وقد تولد عن تلك الاجتماعات مشروع الاتفاقية الأمنية الخليجية، والشرطة الخليجية المشتركة، كل ذلك وغيره من الجهود الخليجية يؤكد إدراك والاهتمام دول المجلس التعاون الخليجى واهتمامها بضرورة تحديد سبل مواجهة مخاطر الإرهاب وأن كانت معظمها تركز على الأبعاد القانونية والأمنية(6).
وهكذا، تسعى دول الخليج العربى كافة إلى تحقيق الاستقرار الداخلى ومواجهة تهديدات النظام الإقليمى الخليجى، وفيما يتعلق بالأزمة الخليجية لمقاطعة قطر لحثها عن التراجع عن ممارساتها وسلوكها الخارجى الذى قد لا يتوافق فى تفسيرات السعودية والأمارات بالنهج المتعاون والمشترك فى محاربة الإرهاب، وتشير الاحتمالات من حدوث التراجع فى الأزمة وحلها داخل البيت الخليجى مما يساهم فى حفظ أمن الخليج وفق التفسيرات الراهنة للتهديدات الإيرانية من ناحية والجماعات الإرهابية وخاصة “داعش” وما يرتبط بذلك بالتطورات الميدانية فى الساحتين العراقية والسورية من ناحية أخرى.
آليات مكافحة الإرهاب فى بعض الخبرات والتجارب الدولية:
تشهد أنشطة التنظيمات والشبكات الإرهابية والعمليات الإرهابية تطورات دائمة وذلك بسبب امتلاك هذه التنظيمات للتقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وتطور الصناعات العسكرية، كما سيطرة هذه التنظيمات على مناطق تذخر بموارد طبيعية مما وفر لها موارد مادية تستخدمها فى التقوية والتطوير.
وتعد العمليات الإرهابية من أخطر التحديات التى تهدد وتعرقل سياسات الدول فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث هناك ارتباط طردى ما بين تنامى حركات العنف والإرهاب وزيادة إنفاق الدول على مجالات الأمن والتسليح والتدريب العسكرى، ناهيك عن الآثار الاجتماعية التى تقع مع حدوث عمليات عنف دموى وأعمال إرهابية، وتهديد التماسك المجتمعى والظواهر الأخرى التى تعوق التنمية المستدامة(7).
وتشير تجارب عدد من الدول إلى انتهاج أساليب قانونية وقضائية ناهيك عن التدخل الأمنى وتطوير منظومات مكافحة الإرهاب، وفى هذا الصدد لا بد من التأكيد على ضرورة التعاون وتبادل الخبرات بين الدول كافة، وكذلك أن تكون المواجهة شاملة تتضمن إجراءات ثقافية ومجتمعية وفى إطار من التوزان بين متطلبات الأمن وضرورات الحرية، ويمكن ذكر أبرز الآليات بما يمكن لدول الخليج العربى أن تحقق ما يتناسب مع سياقها المكانى والزمانى وتوجهاتها، مع التأكيد على ضرورة مراعاة البعد الإنسانى والحقوقى فى سياسات مواجهة الإرهاب، وذلك على النحو التالى(8).
§ إصدار تشريعات أو تعديل قوانين ومواد قانونية لمكافحة الإرهاب.
§ وضع سياسات وقواعد أمنية جديدة للمؤسسات الأمنية.
§ إنشاء تنظيم أمنى متخصص فى مواجهة الإرهاب.
§ تركيز التنظيم والرقابة الدولية على عملية نقل وتجارة الأسلحة.
§ اتخاذ إجراءات أمنية جديدة لحماية المنشآت والمرافق والفئات التى تكون هدفاً للإرهاب.
§ إجراءات التنسيق بين الأمن والإعلام وتحقيق والشفافية فى نشر المعلومات وتبادلها ووجود مراسلين متخصصين فى التغطية الإعلامية عن الحوادث الإرهابية والطارئة.
§ تقنين إجراءات تأمين محطات الركاب والشحن.
§ التعاون الأمنى لمواجهة زيادة رقعة عمل عمليات المنظمات الإرهابية وانتشارها
§ وضع تدريبات أمنية جديدة:من أجل تزويد المتدربين بالمهارات الفنية والإنسانية والفكرية التي يحتاج إليها للقيام بمهام وظيفته. وهي عملية مستمرة.
§ إنشاء قاعدة بيانات مركزية والسرعة في تبادل المعلومات.
§ إنشاء مراكز أبحاث متخصصة وتدعيم أدوار المراكز البحثية القائمة فى دراسة ظاهرة الإرهاب والقضايا المرتبطة بها واستفادة صناع القرار والقادة السياسيين من أوراق السياسات والتوصيات التى تصدر عن أعمال هذه المراكز.
دول الخليج العربى وتحديات الإرهاب:
على الرغم من مرور أمد من الزمن على تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو
)مجلس التعاون الخليجى فيما بعد)، والـذي أُنـشـئ بـالأسـاس لمواجهة زيـادة عـوامـل ومعدلات عـدم الاسـتـقـرار فـي الـمـنـطـقـة، فلا يـــزال هـذا الملف مهيمناً على سياساته وسـيـاسـات أعضائه، ولا تزال منطقة الخليج مضطربة من الناحية الأمنية.
ويبقى التطرف الديني والإرهاب، وبصورة محددة أنشطة تنظيم القاعدة وفروعه وتنظيم
الدولة الإسلامية (داعش) والتنظيمات الشيعية الأخـرىّ، هماً أمنياً رئيساً لدول الخليج العربى(9).
ولا يقتصر التطرف الذي يؤدى إلى العنف السياسى في دول الخليج على التنظيمات الراديكالية
السنية فقط، بل يشمل جماعات شيعية متطرفة يُنسب إليها معظم أعمال العنف أيضاً وقــد مـثّـل “الربيع العربى تهديداً جدياً للوضع الإقليمى الراهن، وتوزانات القوى الإقليمية فى المنطقة العربية والشرق الأوسط. وهو ما حدث في البحرين وعمان، وما قد يفضى إليه ذلك من تأثيرات خطرة جداً في الاستقرار السياسى ونظم الحكم الملكية والتنمية الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجى. ثـم ساد تصور، لا سيما بعد وصـول جماعة الإخـوان المسلمين إلـى السلطة في مصر، تقوده السعودية والإمـارات والكويت وإن بدرجة أقل، مؤداه أن الربيع العربى يحمل تهديداً بتمدد نفوذ الإخوان المسلمين إلى منطقة الخليج، وإطاحتها نظمها الملكية كما أدى “الربيع العربي” إلـى زيـادة اختلال ميزان القوة لمصلحة دول المحيط، وإعـادة تشكيل التحالفات الإقليمية أكثر من مرة. ووجـدت دول الخليج العربى نفسها، باستثناء قطر، أخيراً فـى معسكر واحـــد مـع مصر والأردن ضـد معسكر يضم دولاً وحــركــات إسلامية تتزعمه تركيا، وفى مواجهة المعسكر الإيرانى. ولا تزال النزاعات المسلحة في سوريا واليمن وليبيا، ودخول بعض دول الخليج فيها، تخلق تداعيات كبيرة على الأمن الإقليمى، من ناحية انتشار السلاح، وزيادة الاحتقان الطائفى، والسماح للمنظمات الإرهابية بإعادة الانتشار والتمركز في المنطقة أو الاحتماء فى مناطق معينة في دولها خارج نطاق السيطرة الحكومية(10).
كما ّ أن الوضع في اليمن يمثّل تهديداً خطراً لأمن الخليج. وتتضمن أبعاد هذا التهديد نشاط “تنظيم القاعدة فـي شبه الجزيرة العربية” فـي جنوب اليمن، وسيطرة الحوثيين على مناطق
واسعة من البلاد، والاقتتال بين الأخيرين والقبائل في الشمال والوسط، ونذر صراع طائفى
بين القاعديين والحوثيين، وتصاعد أنشطة الحراك الجنوبى فى عدن. وفي ضوء انهيار المؤسسات الأمنية والعسكرية، وعـدم وضـوح آفـاق ٍّ لحل سياسى للأزمة اليمنية، وغياب الإسناد الخليجى للحكومة الشرعية، وتـنـامـي الـدعـم الإيـرانـى للحوثيين، وتفشى المشكلات الصحية خاصة انتشار مرض الكوليرا، فـــإن الاحـتـمـالات كلها مفتوحة، وأخـطـرهـا تأسيس دولة مذهبية “شيعية” في اليمن الشمالى تابعة لإيران، وانفصال جنوبى اليمن مع ارتباطات مع دولة الإمارات، أو استمرار اندلاع الحرب الأهلية(11).
يتضح مما سبق أن مصادر عـدم الاستقرار في النظام الخليجى عديدة ومتنوعة، وبعضها تقليدي، والآخـــر مستحدث مثل تصاعد دور تنظيمات التطرف والإرهــــاب الـعـابـرة لـحـدود الـــدول وتنامى النزعات الطائفية والمذهبية. وقد تفضى خلاصة متسرعة إلى الادعاء بأن احتمالات عدم الاستقرار الخارجى في هذا النظام عالية؛ ولكن التحركات الخليجية ومساعى القادة الخليجيين تؤسس لفرضية تحقيق الاستقرار وحفظ سلامة وسيادة دول الخليج فى إطار محاربة الإرهاب ومكافحة التطرف والعنف ففى مـجـال الأمـــن الـداخـلى، يترأى أن التنسيق والـتـعـاون بـيـن دول الـخليج العربى أكـثـر تقدماً.
ويدفع البعض بأن الضمانات الأمنية الغربية، والأمريكية بالخصوص، عامل مهم لاستقرار المنطقة في غيبة هيكل أمنى جماعى، فالولايات المتحدة تعد المحور الرئيس الذي تدور حوله عملية تنظيم البنية الأمنية في منطقة الخليج. وفي وقت يعد فيه التهديد الإرهابى التهديد الرئيس لدول الخليج العربى، فـإن القوات الجوية والبحرية ووحـدات مكافحة الإرهاب الأمريكية وإمكاناتها في الانتشار السريع تظل رادعاً قوياً. كما أن وجود مقرات وقواعد بعض القيادات العسكرية الأمريكية في المنطقة يمنح الــولايــات الـمـتـحـدة الــقــدرة عـلـى دمــج عـمـلـيـاتـهـا بـصـورة مـبـاشـرة مـع قــوات دول الخليج العربى. ومع ذلك، يبدو أن الوجود العسكرى الأمريكى في المنطقة عطل مجلس التعاون من أداء أى دور فى مسألة أمن المنطقة؛ فقد انخرط كل أعضائه في اتفاقات أمنية ثنائية مع الولايات المتحدة، وغيرها من القوى الغربية. وعلى الرغم من أن مجلس التعاون أصبح لاعباً إقليمياً أكثر استقلاليةً وفاعلية، فلا تزال الولايات المتحدة تمثل القوة الحاسمة لضمان استقرار المنطقة وثمة إمكانية أن يخلق الوجود العسكري الأجنبي رأياً عاماً خليجياً مضاداً. بعبارة أخرى، يمكن أن يكون الوجود العسكري الأجنبي باعثاً على عدم الاستقرار في المنطقة. ولكن دول الخليج العربى أضحت بما تمتلكه من موارد سياسية واقتصادية تستطع حماية استقرارها، وتطوير هيكل ذاتى للأمن الجماعى المنشود قادر على مواجهة مصادر عدم الاستقرار في المنطقة(12).
هكذا يتلاحظ أن منطقة الخليج العربى قد واجهت تحديات إرهابية كبيرة وشهدت تطورات هامة مما جعل لظاهرة الإرهاب انعكاس على مضمون الخطاب السياسى الخليجى، رسميًّا وشعبيًّا؛ وسعت دول الخليج العربى إلى تفعيل آليات تحرك إقليمى ودولى في مواجهة الإرهاب(13)، وكان يبدو أن البيئة الجيوسياسية في العالم العربى وتحديدًا في منطقة الخليج باتت مهيأة لتشكيل تحالفات إقليمية، لا سيما بعد التغيرات الملموسة فى وزيادة التهديدات للأمن القومى العربى(14). ويعود التنسيق الأمنى بين دول الخليج العربى، ولكن ليس بالصورة التى فرضتها التحديات الراهنة، إلى بدايات التأسيس لمجلس التعاون الخليجى، وهي استجابة فرضتها التحديات والمخاطر الأمنية التي شهدتها هذه الدول(15).
وقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب تضمن الفعالية الناجزة، ويتجلّى هذا بصورة أكثر وضوحاً عندما يتم التعاون والتنسيق مع شركائها العرب فى هذا المجال وتحديداً مصر ودول الخليج العربى لمواجهة الإرهاب وتحديات الحكم في ليبيا ومساعدة العراق على إنشاء آليات فعالة للرقابة على عدم إعادة تمركز تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وإيجاد آليات لمواجهة مخاطر التنظيمات الإرهابية فى الحرب السورية وكذلك ضمان آليات للتعامل مع الصراع اليمنى وحماية البحر الأحمر(16). ولمواجهة هذه التحديات، أﺻﺒﺢ اﻟﻨﺎﺗﻮ أﻛﺜﺮ اﻟﺘﺰاﻣﺎً ﻓﻲ المناطق التى تشهد وجود جماعات إرهابية والقيام بدورﻳـﺎت ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻟـﺮدع اﻹرﻫـﺎب واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻵﻟﻴﺎت مع ضرورة ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ والتعاون الذى أُحرز مع دول الخليج العربى(17). ناهيك عن القول انضمام دول مجلس التعاون للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والعمل على إيجاد رؤية عربية مشتركة لمواجهة التحديات التي أصبحت تهدد الأمن القومى العربى(18).
إذن يتلخص من ذلك نتائج ومقترحات عملية لدعم الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب والتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية فى هذا الصدد بشكل عالى المستوى بشأن التهديدات والتحديات الجديدة وذلك يمكن أن يكون أساساً مفيداً، وينبغي لهذا الغرض، وضع السياسات والآليات الرامية إلى تطوير التعاون لدول الخليج العربى، ومجلس وزراء الداخلية العرب، ورابطة العالم الإسلامي(19).
جدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية تعد من أوائل الدول التي أولت التصدى لظاهرة الإرهاب اهتماما، ومنذ أن وقعت المملكة على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولى في منظمة المؤتمر الإسلامي، ولم تدخر جهداً لتنظيم المؤتمرات الدولية والمشاركة فى العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره(20).
الخاتمة:
إن وضع تعريف موحد للإرهاب يمثل أكبر التحديات التي تواجه جهود عملية مكافحة الإرهاب، ويعود ذلك إلى طبيعة الظاهرة الإرهابية، فهو مصطلح يختلف نتيجة اختلاف صور الإرهاب وأشكاله وأساليبه، كما أن هناك إشكالية هامة في تعريف الإرهاب تتمثل فى غياب الحيادية فى وصف ظاهرة الإرهاب والتى أصبحت تنظيماته لها أهداف تمثل تحديات للدولة القومية.
كما تتعدد صور الإرهاب وأشكاله وتنعكس ظاهرة الإرهاب على الأوضاع الأمنية من خلال علاقتها بالجريمة المنظمة في ظل التطور التكنولوجى الهائل، الذي يتسبب في اتساع رقعة الآثار المترتبة على عمليات الإرهاب.
وجدير بالذكر أن مجريات العلاقات الدولية تلعب دوراً هاماً وكبيراً في انتشار ظاهرة الإرهاب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فهناك دولاً تقوم باستغلال المنظمات الإرهابية لتحقيق أهدافاً قد يصعب عليها تحقيقها من خلال الحروب المباشرة، كما أن هناك بعض الدول التي تقوم بتقديم الدعم للمنظمات الإرهابية والشخصيات الإرهابية كحق اللجوء السياسي مثلاً، أيضاً مساعدة بعض الدول للدول الراعية للإرهاب.
وكما أضحت المنظمات والشبكات الإرهابية فاعل دولى غير رسمى، فأن الإرهاب يمثل كذلك تهديداً مباشر لقضايا السلام الدولية الحالية، وتمثل كلك هذه الظاهرة تهديداً لسلامة أراضى الدولة ووحدة الشعوب ويجعلها عرضة للتقسيم كما ما ظهر فى حالة طموحات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” فى سوريا والعراق.
لذا، يستوجب على دول الخليج العربى فى ظل استمرار العمليات الإرهابية أن تقوم هذه الدول بإصدار تعليمات أمنية جديدة، من شأنها الحد من مخاطر العمليات الإرهابية، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات الاستباقية، كما يتطلب الأمر أنشاء تنظيم أمنى جديد أو إعادة هيكلته (أو قوة أمنية متخصصة فى مكافحة الإرهاب)، كما يتطلب كذلك وضع مجموعة من القواعد الأمنية الجديدة تكون أكثر صرامة لمواجهة الأعمال الإرهابية. وبشكل شامل ومستدام ضرورة إعادة وضع سياسات أمنية جديدة لتحكم وضبط الأجهزة الأمنية العامة في مجال مكافحة الإرهاب، مع إنشاء قاعدة بيانات مركزية حديثة مع العمل على تبادل المعلومات للمحافظة عليها من الاختراق والتلف.
ومن الضرورى فى هذا الصدد عمل دول الخليج العربى ضمن إطار عربى شامل بحيث تكون هناك إمكانية الاهتداء فى تعديل الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهـاب بما انتهت إليه وثيقة إعلان الرياض وتوصيات فرق العمل الأربعة الصادرة عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض عام 2005 تحت رعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز، إذ تمثل تلك الوثائق مُضافاً إليها الثوابت والمفاهيم الأساسية الواردة بالوثيقة الأساسية للإستراتيجية العربية والإستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون الخليجى، والمؤتمر الإسلامى العربى الأمريكى الذى دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وانعقد فى حضور الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، منهج مفصل ومتكامل يمكن أن تستعين به دول الخليج العربى في التصــدى للإرهــاب ومواجهتـــه وفق رؤية تنطلق على أسس التعاون.
ومن نافلة القول لا بد من إعلاء دور مراكز الأبحاث المتخصصة فى العلوم الاجتماعية والتى تعد رافداً علمياً فى وضع وصياغة سياسات مكافحة الإرهاب من كافة جوانبه الدينية والقانونية والإستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا بد من أن يكون هناك تنسيق ما بين الباحثين وصناع القرار والإعلاميين فى ورش العمل والمؤتمرات وأوراق التوصيات الصادرة وهذا إطار يوفر التعامل الناجز ويراعى اعتبارات المتغيرات والمستجدات على الساحتين الدوليـــة والإقليميــــة التى فى علاقة ارتباط مع ظاهرة الإرهاب.
قائمة الهوامش:
1. دراسة حول تشريعات مكافحة الإرهاب فى دول الخليج العربية واليمن، الأمم المتحدة، المكتب المعنى بالمخدرات والجريمة، 2009، ص ص 153-156.
https://www.unodc.org/documents/terrorism/Publications/Study_CT_Legislation_Gulf_Yemen/Arabic.pdf
2. مـمـدوح أنيس فتحى، الحركات الإسلامية والتطرف والإرهـاب في دول مجلس التعاون، )أبـو ظبي:
مركز الإمـارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2007)، ص ص 60-96.
3. أحمد سيد أحمد، إدارة ترامب وقضايا الشرق الأوسط: حدود التغير، مجلة السياسة الدولية، العدد 207، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، يناير 2017)، ص 48-49.
4. مايكل آيزنشتات، اختبار الثروات: كيف تستفيد الولايات المتحدة من تحالفها مع إسرائيل، تقارير إستراتيجية، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى،
فى: http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/asset-test-how-the-united-states-benefits-from-its-alliance-with-israel.
5. أحمد سيد أحمد، مرجع سبق ذكره، ص 48.
6. عبد العزيز بن عثمان بن صقر، الأمن القومى العربى فى خطر والحلول مؤجلة، الشرق الأوسط، فى:
https://aawsat.com/home/article/8118314/
7. هدى توفيق محمد سليمان، التحديات الاجتماعية في الوطن العربي في الألفية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مؤتمر الحماية الاجتماعية والتنمية، الذى عقد فى الفترة من 25 إلى 27/ 11/ 2014، ص ص 11-16، فى:
repository.nauss.edu.sa/…/التحديات%20الاجتماعية%20في%20الوطن%20العربي%20
8. إيهــاب حازم المنبــاوى، توافق الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب مع استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ص ص 8-10. فى:
repository.nauss.edu.sa/…/توافق%20الاستراتيجية%20العربية%20لمكافحة%20الإرها…
9. شادى عبد الوهاب، توظيف أمننة الإرهاب فى هيمنة القوة وانتهاك الحقوق، مجلة السياسة الدولية، ملحق اتجاهات نظرية، العدد 207، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، يناير 2017)، ص 33.
10. نظر:
Alasfoor, The Gulf Cooperation
Council: Its Nature and Achievements, A Political Analysis of Regional Integration of the GCC States,
1979-2004, pp. 95-96 and 101-106.
11. انظر:
Cordesman, «Moving Toward Unity: Making Effective Use of Arab Gulf Forces and Resourc-
es,» p. 229.
12. أيمن إبراهيم الدسوقى، معضلة الاستقرار فى النظام الإقليمى الخليجى، المستقبل العربى، ص ص 69-70، 77-79، فى:
www.caus.org.lb/PDF/…/mustaqbal_434_ayman_ibraheem_aldsouky.pdf
13. أمن الخليج في عام 2015: الإدراك والخطاب والسلوك السياسي، 22/ 12/ 2015، فى:
studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/12/20151222101722318165.html
14. قوة الخليج العسكرية بين التحالفات المؤقتة والآليات الدائمة ، 18/ 5/ 2015،
studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/05/20155181022790304.html
15. دول الخليج ومكافحة الإرهاب، اليوم، 19/ 8/ 2016، www.alyaum.com/article/4152555
16. التعاون الأميركي-العربي لمكافحة الإرهاب في منطقة يانعة للتطرف، معهد كارنيجى، 23/ 10/ 2014، فى:
carnegie-mec.org/2014/10/23/ar-pub-57145
17. التعاون الأمنى، الناتو، 16/ 1/ 2012، فى:
www.nato.int/nato_static/assets/pdf/pdf_publications/20120116_secopmed-arb.pdf
18. عرض لدراسة: قوة الخليج العسكرية بين التحالفات المؤقتة والآليات الدائمة، 7/ 6/ 2015، فى: mugtama.com/…/19834-عرض-لدراسة-قوة-الخليج-العسكرية-بين-التحالفات-المؤقتة
19. المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، المملكة العربية السعودية، وزارة الداخلية، 26/ 12/ 2013،
www.mofa.gov.sa/…/InternationalCenterTerrorism/…/AntiTerrorismConference25459
20. جهود المملكة في مكافحة الإرهاب محليًا وإقليميًا ودوليًا، متلابعات وتحليلات، الركن الإعلامى، السكينة، 23/ 9/ 2016، فى:
www.assakina.com
المصدر/ المركز العربي للدراسات والبحوث