خاص: بقلم- د. مالك خوري:
ترون أمامكم في هذا البوست نوع الشعارات التي لا يجب أن تتوقع أن ترى مثلها في مهرجان (كان) السينمائي هذا العام. فقد قرر مدير المهرجان؛ “تييري فريمونت”، وإدارته بالتنسّيق مع بلدية مدينة “كان” منع واستبعاد أي نوع من مظاهر التعبير العام في محيط المهرجان عن توجهات سياسية لا علاقة لها بالسينما !
عام 1968، أجبر سينمائيون من أمثال “جان لوك غودار” و”فرانسوا تروفو” وعشرات غيرهم نفس المهرجان على الإغلاق تضامنًا مع الانتفاضة الطلابية والعمالية في فرنسا؛ والتي أدت قبل إسبوع من انعقاده إلى جُرح العشرات من الطلاب في شوارع “باريس” على يد الشرطة والجيش الفرنسي.
اليوم، وفي خضم مجزرة الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” يوميًا ضد شعب فلسطين، ويكُبر عدد ضحاياها القتلى يوميًا حتى أصبح يُقارب الأربعون ألف إنسان، ومئات الألوف من الجرحى والملايين من المشّردين، يقمع أكبر مهرجان سينمائي في العالم التظاهر من أجل “فلسطين” والإنسانية.
وما يجعل المأساة أكثر إيلامًا، أن ما أطلق على نفسه اسم “مركز السينما العربي” واشترى لنفسه بأموال ونفوذ دول الخليج وملوكهم وشيوخهم حق احتكار “تمثيل” السينما والسينمائيين العرب في مهرجان (كان) وغيره، لم يجد أي حرج في التعاطي مع ما يحدث في “فلسطين” (لكي لا نقول ما يحدث في كان)؛ وكأنه شيء لا يمُّت إلى العرب وإنسانيتهم بصلة.
كل اهتمام هذا المركز المارق فكرًا وأخلاقًا وإنسانية هو استعراض مكارم وعطايا وعبقريات بعض شيوخ وأمراء الخليج وما يغدقونه دعمًا للسينما العربية ولفنونها (كذا) !، حيث أصدروا كتيبات يجري اليوم تداولها في المهرجان اليوم من النوع الذي ينُّدى لمحتوياتها جبين كل من أحب السينما في عالمنا العرب، وكل من يعشق السينما فنًا شغفه الإنسان والإنسانية ورفض الظلم والتعسّف.
رحمك الله يا “غودار” ! أما “فلسطين” فستنتصر رغُمًا عن كل تعسّفكم وأموالكم وقمعكم ونفاقكم يا عرب الردة !
(الصورة الثانية لغودار وتروفو وبولانسكي وغيرهم إبّان مؤتمرهم الصحافي عام 1968 إبّان حملة السينمائيين التي أدت إلى إغلاق مهرجان “كان” تضامنًا مع انتفاضة عمال وطلبة فرنسا).