13 أبريل، 2024 7:08 ص
Search
Close this search box.

مهاباد قره داغي.. ذاقت السجن وعبرت عن قضايا المرأة في أعمالها الغزيرة

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“مهاباد قره داغي” كاتبة وشاعرة ومترجمة من أكراد العراق، وباحثة في مجالات الاقتصاد والسوسيولوجيا وعلم النفس التربوي. أجادت اللغات: الكردية، السويدية، الانگليزية، العربية، والتركمانية، وكتبت باللغتين الكردية والسويدية، حاصلة على الجنسية سويدية.

ولدت 22 كانون الثاني 1966 في بلدة كفري، وهي بلدة تقع بالقرب من كركوك. نشرت أول قصيدة لها في عام 1980، وسجنت من قبل حكومة البعث من 1980 إلى 1981. في عام 1993، هاجرت إلى السويد. وعملت كمستشارة لرئيس الوزراء في قضايا المرأة في الحكومة الإقليمية الكردية (حكومة إقليم كردستان) في أربيل، شمال العراق.

انتمت إلى (عصبة كادحي كردستان) 1981، وتخرّجت في المعهد الفني – قسم المحاسبة / في كركوك1987، عاشت في دمشق/ سوريا من1991-1992، وتزوّجت من الشاعر والصحافي مصطفى گرمياني الذي استشهد لاحقاً إثر عمليّة إرهابية في كركوك 1992، أنجبا ابنتهما (شاكار). عاشت في السويد في الفترة ما بين 1992- 2005. حصلت على شهادة جامعيّة في السويد.

عادت إلى كردستان بدعوة من حكومة إقليم كردستان 2005، وعملت سنة واحدة مستشارة لرئيس وزراء حكومة إقليم كردستان لشؤون المساواة، ونالت شهادة البكالوريوس من جامعة (سايبس)– قسم اللغة الإنگلیزیة 2012. نالت عضويّة العديد من الاتحادات والجمعيات والنقابات الثقافية.

أعمالها..

أصدرت “مهاباد قَرَداغي” أكثر من 30 كتاباً ولها العديد من المخطوطات.

في الشعر: “(خارطة المستقبل) 1992- (پانوراما) 1993- (الجبل حقل ذُرة) 1994- (المداليا) 1995- (هسيس الروح) 1997- (snö fägler) (طيور من ثلج) باللغة السويدية 1998- (عنقود العشق) 2004- (ديوان مهاباد قرداغي) كردستان  2013”.

في القصة القصيرة والرواية والسيرة: “(الفنتازيا) قصص- (الهجرة) رواية  السويد 1994- (الحب ماء الحياة) رواية شعريّة السويد وكردستان 1996- (موت إنسان ونصف) قصص/ كردستان 2004- (الصدى) رواية/ كردستان 2007- (سنة في الجحيم) مذكّرات 2003 ترجمة جلال زنگابادي إلى العربية2010، وتُرجم أيضاً إلى اللغة الإنگلیزیة- (الثريّا) مذكّرات/ كردستان 2006- (شطيرة رجل) قصص/ كردستان2012- (فاتیلا) رواية/ كردستان 2017”.

في الدراسة والبحث: “(من أجل إحياء المرأة) 1995- (تحريرالتاريخ) 2002- (المرأة في هامش المجتمع)- (شرفنامه، الشرف مفتاح لاستعباد المرأة) 2003- (المرأة والمجتمع عند شيركو بيكس) 2004- (اللغة، الفكروالهويّة) بالكردية  2005- (اللغة،الفكر والهويّة) بالسويدية- (كارثة الأنفال والتأثيرات النفسية في المجتمع) 2003- (مطر الكلمات) مقابلات صحافية2011- (من الفينيمزم حتى الهيومانيزم) 2013- (كردستان، النسويّة/ قرن من الكفاح في سبيل حق المساواة في جنوب كردستان) 2018”.

في الترجمة: “(الشعر نفَـس الكون) مختارات من الشعر العالمي المعاصر/ عن اللغة العربية، ستوكهولم 1994- (الخبز المسموم) مسرحية للكاتب البلغاري ڤیسیلین هانچێڤ/ عن اللغة العربية 1994- (إعتراف رجولي) د.نوال السعداوي/ عن اللغة العربية 1996- (هولوكوست اليهود من قبل ألمانيا النازيّة) آريل هوروتز، عن اللغة الإنگلیزیة 2017- (الجینوساید- في رواندا) 1994- بنیامین نیوبيرگه‌ر، عن اللغة الإنگلیزیة 2018-(جینوساید الأرمن المنسي) یایر آورون، عن اللغة الإنگلیزیة 2018-(الجينوسايد) ياير آورون، عن اللغة الإنگلیزیة 2019”.

سنة في الجحيم..

في مقالة بعنوان “(سنة في الجحيم) مذكّرات للأديبة الكرديّة مهاباد قرَداغي، ترجمة: جلال زنكابادي” جاء فيها: “بالرغم من أنّ حادثة السجن وقعت في 27 نيسان 1980 إلا أنّ (مهاباد) لم تتمكّن من الكتابة عن هذه التجربة المريرة إلاّ بعد مرور أربع وعشرين سنة. فما إن تعقد العزم على الكتابة حتى تنتابها القُشعريرة وأكثر من ذلك أنّها كانت تصاب بالدوار والصداع الشديد الذي كانت تعالجه غالباً بتناول بعض أقراص الباراسيتامول. ثم تحاول أن تنسى تلك اللحظات الجهنمية الرهيبة، ولكن أنَّى لها أن تنسى ساعات التعذيب الطويلة التي كانت تتعرض لها في غرف التعذيب بغية تحطيم إرادتها وإجبارها على الاعتراف بجرائم لم تقترفها”.

وأيضا: “يستغرب القارئ حين يعلم أنها لم تجتز عامها الرابع عشر، وهي طالبة متفوقة في الصف الرابع الثانوي، تحب القراءة كثيراً، وتكتب الشعر، وقد سبق لها أن نشرت قصيدتين في بعض الصحف الكردية قوبلتا بالاستحسان من قبل الأهل وبعض المعارف. أما التُهم الموجهة إليها فهي (كتابة قصائد ثورية تمجّد فيها البيشمركة، وتدوين أنشطة ‘المخرّبين’ كما سماهم العفالقة حينها، والارتباط بحزب محظور الحديث عنه أو تلفظ اسمه. من خلال التهم التي وجهت لمهاباد أصبحت سجينة سياسية على الرغم من صغر سنها ومن هناك بدأ عذابها بعد أن اقتيدت للسجن وصفحات الكتاب تروي ما تعرضت له من أشكال التعذيب المختلفة التي تنوعت ما بين بدنية ونفسية”.

يقول الكاتب والمترجم “جلال زنكابادي”: “إنّ كتاب (سنة في الجحيم) يعد عملاً استثنائيا ورائداً لا نظير له عن جدارة واستحقاق، من شأنه أن يرسّخ صورة البعث الحقيقية البشعة في ذهن القاصي والداني وذاكرة الأجيال القادمة، لئلا يتباكى أحدٌ على نظامهم البائد الذي كرست سلطته الشوفينية قوتها لتقديس وتأليه الزعيم الكاريزما الأوحد.

 

إنّ التنهدات والحسرات التي عاشها السجناء والسجينات في سجون الفاشية الصدامية، لن يروى بالكلمات فقط إذ كيف يمكن فعل ذلك إزاء نظام يعتقل صبية في الرابعة عشرة من عمرها أكثر من عامٍ بعيداً عن أسرتها؟ وينقلها من سجن أمن كفري إلى سجن أمن بعقوبة، ثم إلى الأمن العامة وفروعها في الزغفرانية والكاظمية وبغداد الجديدة وما هو غير معلوم؟

حيثُ تدار جميعها من قبل مجاميع من المسوخ هكذا يجب وصفهم لأنهم وحوش وليسوا آدميّين فما إن كانت تصلهم مكبلة بالأصفاد حتى يعمدوا إلى صفعها وإطفاء سجائرهم في جسدها الطاهر الفتيّ الذي لم يعتد الضرب من أحد وهي المدلّلة التي لم ينهرها أحد و لم يصرخ في وجهها أحد. كما وعلّقوها إلى عتلات المراوح حاولوا قطع لسانها بمقصٍ للتهديد المريع، فضلاً عن تجويعها وترويعها ورميها في غرفٍ مظلمة، وتمادوا أكثر إذ هدّدوها أيضا بكلامهم: سنعرّيك ونلتقط لكِ صوراً نوزّعها على كل بيت في مدينة كفري”.

الصدى..

وفي مقالة بعنوان (الروائية مهاباد قره داغي في روايتها الجديدة الصّدى”زنـﮝدانه وه”) يكتب “حكيم نديم الداوودي”: “مهاباد قرداغي صوتٌ قادمٌ من َمديات القهر والعنف، قلم ٌينضح بما دونته ذاكرتها في ذلك اللقاء الأثيري مع رحلة الشعور الداخلي، هي في روايتها الصدى كم ٌ من الأسئلة المتراكمة والمتزاحمة في ترابطها الشائك في الوصول إلى محطة موحية تفي الاستفسار عن المجهول. أفكارٌ متداخلة على شاكلة مناجاة صوفية بمفاهيم أخرى قد تكون عصّية بعضها على الوعي الساذج. مهاباد في روايتها الجديدة غير مهاباد الشاعرة والقاصة والكاتبة، لغتها متزنة حد الألم تشتعل بين كلماتها وهجاً نورانيا كقديسة في حضرة مبادئ فلسفة اليوغا التي تسمو على جرح الإنسان أو خدشه حتى بأقلَ من حرف مبتذل، سلكتْ في الصدى طرقا وليس طريقا أو نيسما كي تكون حاصل نهاياتها إلى قبلة واحدة قبلة النور والصفاء والسمو من الأنا الضيقة المَلتبسة في تعريفتها الحياتية بالتباهي من الطرف القوي”.

ويضيف: “مهاباد تبدو عليها الاشتغال الجاد والمضني في كتابة كل سطر أو جملة دبجتها كي ترسم  صورة واقعية أقربها إلى رج التفكير وإلى دغدغة تلافيف الوعي. صُورٌ تشي بصَرخة أنثى بكل تنوعها الجغرافي في مملكة الأماني، وفي ملكوت الإيمان وصولا إلى تلك الحقيقة التي تكون فيها لغة الروح والجسد مفردة واحدة لا تشعر نفس في فهمها إلى من يوصل لها المعنى مبتورا كي تشوش عليها صفحات مِتع الحياة. لا تحتاج هي في توصيفها وفي نسق روايتها إلى عناوين إضافية كي تبدو في عيون الآخر كشجرة مصطنعة متفرعة من الأنساب والألقاب، أو الاتكاء على إرث الماضي التليد أو لاسم شهرة ما طال امتداده مع ديمومة بلاء النعم المغموسة بشقاء الآخرين.هي الآن لا تملك غير قلمها واسمها وكنيتها التي تثبت لها وجودها في السّعي نحو الارتقاء نحو سلّم الإنسانية”.

موقعها من الأدب النسوي..

وفي مقالة بعنوان (الأدب النسوي في كوردستان) يقول “نوري بطرس”: “مازال الخطاب النسوي في كوردستان في بداية الطريق، يرسم خطوطه العريضة تجاه المتغيرات الحالية في ساحة الأدب الكوردي بعد مرحلة السقوط. وهذا القول يفسر مدى الصعوبات التي تعترض سبيل الكاتبة، التي ترفض الوقوع في شرك الصورة النمطية المرسومة لها من قبل المجتمع الذكوري”.

ويبين: “وإذا كنا نستخدم مصطلح الأدب النسوي، فإنه ما زال هناك حالة عدم اتفاق بين الكتاب والأدباء والمثقفين في كوردستان بوجود هكذا أدب، على أساس أنه يشكل خلخلة في الثقافة الذكورية المهيمنة، وعدم وجود مرجعيات فكرية أو ثقافية تعمل عليها المرأة، ومازال هناك خطوط حمراء لم تتجاوزها المرأة، بسبب التسلط الذكوري عليها، وهناك رؤية نسوية خاصة أدت إلى تكوين مرحلة لاحقة بأسلوب نسوي، فظهرت كتابات لها صفات ومميزات تختلف عن الكتابة الذكورية في الكثير من الاتجاهات التي اقتحمت تفاصيل الحياة. والصورة التي تسعى إليها في هذا المقام هو تشخيص أنماط المرأة في الأعمال الأدبية، كالرواية والشعر، وكيفية التعامل مع موضوعات أو تجارب أنثوية بحتة، لا يتعرض لها الرجال، وما زال الأدب النسوي يعاني من عدم وجود قارئات نسويات، أي أن المتلقي ما زال غائبا(3). أما المهم الآخر، فهو إثبات وجود تجارب نسائية مستقلة، ومتميزة، في أنماط التفكير، والشعور، والتعبير، والإحساس بالذات”.

ويؤكد: “ولكن رغم ذلك، برزت أسماء نسوية أثبتت جدارتها، وأصالة منجزها الثقافي الإبداعي. ففي المجال الروائي، هناك عدد من المبدعات، مثل الكاتبات: (كلاويز صالح)، (كليزار أنور)، (شيرين كمال)، (هيرو عبدالله كوران). كما في الشعر، مثل: (جنار نامق)، (مهاباد قرداغي)”.

وفاتها..

توفيت “مهاباد قره داغي” عن عمر 54 عاماً، يوم الجمعة 9 تشرين الأول 2020 في مستشفى بمدينة أربيل، بسبب إصابتها بفيروس كورونا.

قصيدتين ل”مهاباد قره داغي”..

خلف دكّة الحب

من أنتَ،

لتأتيَ، وترشَّ ملامح حبي القديم؟

من أنتَ.. قل،

من!؟

عند رحيلك تحمل نسيم الصبِّ،

لشحذ نظرات الإله والنور.

من أنتَ؟

في طفولتكَ

كنتَ هديل أحلام صبواتي

ومنمنمات الشوق الناصع.

منعوا أصابعي من لمسكَ

لئلا تبتلعكَ.

وفي شرخ صباك

منعوا قلبكَ لتكون أغنية

منعوا جلجلة الضحك أن تغزو ابتسامتي

منعوا بيني والرقص

كي لا أجعله طريقاً إلى ممارسة الحب.

وعندما كبرتُ

وجدتك في نشوة اشتياقي الحريري،

في حركة جفون غسقي العاشق

في نمو لؤلؤات المراد.

كنتُ أراكَ، خلف شِباك الأسماك

تُصطاد في أعماق بؤبؤتيّ، دون أن تبصرني.

كنتُ أراك

وراء تخوم النمو

وراء ذاتي الغاشية بندى القبلات

وراء كل الكلمات

وفي الأقاليم المحترقة.

ألم تراني بحق؟

عندما كنتَ مقيداً بحرير عشق عارٍ

بعيداً عن جسد

في أعماق روحي

أمام نظرات أبواب ليالي الحب الحمراء.

لازالتْ نظراتكَ ملآى بالعيون

وعيونك ملآى بشظايا زجاج الحب

ورمال ضباب الحدود.

أراكَ، ولا تراني.

أراك كالسحاب تهمي

تجعل منه نبضاتٍ لقلبي

أراكَ كالليالي تقطف النجوم

تجعل منها أقراطاً فضية للأذن

أراك في زاوية الموعد الأول

تتفجر الكلمة من شفتيك

كياقوتة قانية

تتقد كذاتي المحترقة.

ماذا أنت؟ من أنت؟

تتفحص ذهولي

تداوي جروحي بجرحك.

أحياناً أجدك بحراً،

أحيانا، قطرة من البحر

أحياناً شمساً

أحيانا، لستَ إلا الشعاع منها

ماذا أنت؟ من أنت؟

تأتي ولا تأتي.

لستَ بنورٍ ولا إلهٍ ولا ظلٍ

إن كنتَ حبيبي

تعالَ، لنرقص معاً،

لأعلمنك الشوق

لتعلمني الولع.

…………

عنقود العشق

مهداة إلى (هيشو) فتاة أخرى من اللواتي ولدن في يوم ما، وفي يوم آخر قتلن على أيدي الآباء.

أول عنقود من عناقيد العشق،

سالت من جسد امرأة

قطرة فقطرة

ليتجمع في كأس الحياة الكرستالية

الأم، وكأنها كرمة وارفة

غطت جسد طفلتها

بأوراق العنب كلحاف أخصر!

طفلة سوداء العينين كحبات العنب

وجنات مشعة كنبيذ العنب

بسمة ملئها البرآءة

نظرة،

ملئها الحسرة،

ولجت حياتا

ملئها الوحشة

شربت ستة عشر ربيعا

حتى غدت عنقودا للعشق

وخمرت شرابا ل (مم وزين) *

شرابا وردية كياقوتة الوحدة

شرابا يشع كأس الحياة

شوقا ومرادا وصبا

آه، كم مكتدرة من الخريف أنا

كم غاضبة من شهر أكتوبر العاق

ذاك الذي يُسقط العناقيد تباعا

ذاك الذي يشوه أطياف كريستال الأحلام

ذاك الذي يفرق بين أنامل مَم وشفاه ژين

شفاه مًمْ وأنامل ژين!

قبل أن يًشرب نخب حلاوة العشق

آه، يا ابنة العاصفة

آه يا سيل الليالي الليلاء

كم أمقت رؤية وجوهكم

آه يا عنقودة مظلة الوحدة

كم زخة أخرى تحتاجون

حتى تصبحوا عناقيد عشق غناءة

كم قرن ستحتاجون

كي يهتف الجميع لسقوطكم (لا)

* مم وزين: ملحمة عشق كوردية أشبه بقصة قيس مع ليلى وروميو وجوليت.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب