لوحة المرأة الباكية (بابلو بيكاسو).
من هم الهمج الرعاع؟
عندما يقوم شخصٌ ما بطرحِ موضوع معين، أو رأي يُخالفُ السائد به، ويخترق بواسطته الكثير من المسلمات التي اعتاد عليها الكثير من العامة ، واصبحت لديهم من الثوابت التي لا يجوز لها أن تخضع للنقد أو النقاش، ترى هذا الشخص يُجابه هو وما يقوم بطرحه من قبل البعض بعدة طرق ، أهمها استعمال طريقة التنميط أو الفئوية (أي نسب هذا الشخص قسراً لجهة معينة فكرية كانت أم سياسية ، ولربما يكون الشخص نفسه أبعد ما يكون عنها) ، لكي يتم كيل التهم الجاهزة جزافا عليه ، وهذه الطريقة توفر لمن يستخدمونها، أن يخوضوا في نقاش الموضوع الذي تم طرحه، أو في أسوء الأحوال مناقشة جزئية معينة من جزئياته، ولكنهم في الحقيقة لا طاقة لهم على ذلك، فعملية حصر أو وضع صاحب الرأي المخالف في خانة معينة، أو نسبه إلى جهة أو تيار معين، أسهل عليهم بكثير من النقاش المحترم.
قد يلجأ بعضهم إلى سلاح الأحاديث والآيات القرآنية، فيقومون هؤلاء المغفلين بلوي عنق الأحاديث والآيات القرآنية ليكون المقصود بها من يُريدونه أن يُقصد، فحينها يصبح هو بصورة تلقائية في خانة الخطأ والأوهام والضلال ، وهم في أحضان الحق والحقيقة.
وأشهر هذه الأحاديث المستعملة في هذه الطريقة الدفاعية هو حديث الإمام علي بن ابي طالب (الذي يصف به نوع أو نمط من الناس ، ويصفهم بالهمج الرعاع الذين يميلون مع كل ريح وينعقون مع كل ناعق ) ، وفي الحقيقية أنكَ عندما تنعق وتميل معهم فأنت إنسان سوي وذو فكرٍ قويم ، وعندما تخالفهم في الرأي، فتكون من (الهمج الرعاع ) والعياذ بالله.
في رأيي إن الذي يتبع جهة أو تيار معين بغض النظر أن كان هذا التيار على حق أو باطل، من غير دراية وبحث وتدقيق وتمحيص ويسلم له تسليماً مطلقاً فهذا النمط من الأشخاص هو بعينه من الفئة التي قصدها الإمام في حديثه ووصفهم (بالهمج الرعاع).
وأن الشخص الذي يتبع جهة أو تيار معين عن علم وتمعن ودراسة وبحث وتدقيق ولا يسلم له ذلك التسليم المطلق، فهو أكرم عند الله بكثير من ذلك النمط من الأشخاص ..
ألا هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟؟.
✍محمد ساجت السليطي.