28 نوفمبر، 2024 5:56 ص
Search
Close this search box.

مكتبة جامعة “الموصل” .. ذكريات الأيام الأولى لسقوط مدينة العلوم في أيدي “طيور الظلام” !

مكتبة جامعة “الموصل” .. ذكريات الأيام الأولى لسقوط مدينة العلوم في أيدي “طيور الظلام” !

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

لا تزال “المكتبة المركزية” لجامعة “الموصل” في طور التعافي مما طالها على يد تنظيم (داعش) الجهادي، إذ تحولت منارة العلم إلى مركزًا للعمليات الإرهابية على يد عناصره، خلال الفترة من 2014 حتى 2017، وربما يكون اختيار هذا المكان بالذات، لتحويله إلى قاعدة عسكرية، لا يتعلق بمسألة إستراتيجية وإنما كان دليلًا على إعتزام التنظيم إخضاع المنطقة ثقافيًا، إذ كانت المكتبة جوهرة ثقافية ورمزًا للفخر نظرًا لتنوعها الببليوغرافي؛ إذ كانت تذخر بكتب نادرة بلغات وثقافات مختلفة، إلى جانب كونها مركزًا للتزود بالمعرفة بالنسبة إلى طلبة الجامعات.

ومن بين ما كانت تتضمنه 12 ألف مخطوطة تعود إلى عصر ما قبل الميلاد، لذا بكى مؤرخون من الشرق الأوسط على فقدان فهرسها الضخم، كما أسف أساتذة الجامعة وطلابها لتحول تراث ثمين إلى رماد بعدما ألتهمته النيران أو فُجر بالقنابل.

يوم سقوط الموصل..

روى الأمين العام السابق للمكتبة، “محمد جاسم الحاج أحمد”، لصحيفة (لا بانغوارديا) الإسبانية؛ الأيام التي تلت تدمير المكتبة، فقال: “كان يوم الخامس من حزيران/يونيو من العام 2015؛ آخر يوم عمل في المكتبة، ولم ندرك ذلك وقتها، لقد كانت أيامًا صعبة على الأساتذة؛ إذ كان علينا تغيير الطريق من المنزل إلى العمل كل اليوم بعدما وضعنا على قائمة الإرهابيين، كنا معرضين للقتل أو الاعتقال بسهولة، وفي ذاك اليوم تكثفت الإعتداءات حتى قررنا إنهاء العمل قبل الموعد الرسمي، فأغلقت المكتبة وإتجهت إلى منزلي”.

وأشارت الصحيفة إلى أن سقوط مدينة “الموصل”، حاضرة محافظة “نينوى”، بدأ بهذه الإعتداءات، ومع ذلك كان المواطنون لا يزالون يحتفظون بثقة كبيرة في القوات الحكومية، لقد كان 150 ألف جندي قادرون على إحتواء الإسلاميين، لكن الحقيقة جاءت مغايرة؛ إذ إنهارت القوات المسلحة بفعل الفساد والرواتب المتدنية والخوف.

وأضاف “الحاج أحمد”: “أعتقدنا أن القوات المسلحة سوف تأتي من بغداد، خلال أيام لإنقاذنا، لم نتوقع أن يتمكن مئات الأشخاص من السيطرة على مدينة بحجم الموصل”، وفي الأسبوع التالي، أطلقت القوات العراقية هجمة مضادة في مناطق أخرى واستعادت “سامراء”، كما قصفت “الفلوجة” من أجل إضعاف عناصر (داعش)، لكن التنظيم أعاد تسليح نفسه في “سوريا” وهاجم “الموصل” الضعيفة.

وتابع: “كان ليل التاسع من حزيران مرعبًا، سمعنا دوي تفجيرات ودبابات ومركبات تحطم وتحرق، وصفارات إنذار دون توقف، كما أدرمت النيران في المدينة كلها، وكان الدخان كثيفًا للغاية، أدركنا حينها أنه لا يوجد من يحمي الشعب، فتسلل الخوف إلى قلوبنا، شعرنا بالخوف على أنفسنا وعلى أبناءنا، ولكوني مترجمًا عرفت أنني مستهدفًا من قِبل الإسلاميين”.

مستطردًا: “لقد دمروا المكتبة، وكانوا يلقون كل الكتب التي يرونها معارضة لإيديولوجيتهم أو كتبت بلغة غير العربية في كومة حطب لإحراقها دون اهتمام، وكان من بين الجواهر المحترقة كتب مهمة باللغة الآرمينية”، كما دمرت كل مباني الجامعة، وفر كثير من الطلبة والأساتذة خارج البلاد، بقيت فقط 25 كلية مفتوحة دون إغلاق.

زيارة للمكتبة قبل الرحيل..

كان “الحاج أحمد” بين الفارين، في البداية لجأ إلى منازل الأصدقاء والأقارب، حتى قرر الخروج من البلاد، دون وجهة محددة، فقط أراد أن يبقى بعيدًا عن “العراق”، ومن الجانب الشمالي الشرقي سار بأهله ناحية الجنوب، متجنبًا المواقع التي يسيطر عليها الجهاديون، وأشار إلى أنه في الطريق وصل إلى مسامعهم أن عناصر التنظيم يقومون بقطع رؤوس كل من يحاول الهرب، ومع ذلك تابعوا السير حتى وصولوا إلى العاصمة، “بغداد”، ومنها إلى الشمال ناحية، “أربيل”، عاصمة إقليم “كُردستان”؛ وبقيوا في مخيم للنازحين ثم طلب اللجوء إلى “إسبانيا”، ووصل إليها بالفعل، في 2018، لكنه قبل خروجه من البلاد عاد إلى مكتبته بعد خروج (داعش) منها.

وقال “الحاج أحمد” إنه وجدها “بحرًا من الرماد، تملأ رائحة الكيروسين الذي استخدمه التنظيم في حرق محتوياتها كل جوانبها، كان منظرًا بشعًا أن أرى الأرض قد تلونت باللون الرمادي”.

لكن الجامعة فتحت أبوابها من جديد، خلال العام الدراسي الحالي، رغم وجود عدة عوائق بسبب التدمير الذي لحق بكثير من مبانيها، لكن أعمال الترميم مستمرة ومن المتوقع أن تعمل بكامل طاقتها خلال عامين، وأشار “الحاج أحمد” إلى أن المكتبة تستقبل طرودًا تحوي كتبًا في جميع التخصصات، معربًا عن طموحه في أن يصبح “العراق” أفضل وعن آماله المعلقة على المظاهرات ضد الفساد.

تضمنت الصفحة الإسبانية مقطعًا مصورًا للدمار الذي لحق بالمكتبة، وعنوانه..

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة