13 أبريل، 2024 8:54 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. ولاء الصواف: كان لزاماً عليَّ أن أصفع وجه الظلام بكف القصيدة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“ولاء الصواف” شاعر عراقي، من مواليد مدينة الحلة 1966، حاصل على شهادة البكالوريوس في علوم الأرض/الجيولوجيا من كلية العلوم/ جامعة بغداد. صدر للشاعر مجموعة شعرية بعنوان “كاميكاز”، بابل 2000، ومجموعة “أغاني الصموت”.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

  • البدايات الأولى كانت في المرحلة الابتدائية ولم أتجاوز حينها الحادية عشرة من العمر، يوم وقفت مسمراً في مكاني وأنا أشاهد تدريبات التلاميذ على مسرحية في مدرستي.. اعتقد كانت هي الشرارة الأولى التي أضرمت نار الكتابة في داخل الطفل الذي كنته وما أزال.. إضافة إلى الجو الأسري الذي كان عاملا مساعدا جدا في تنمية حب القراءة عندي، بما متوفر حينها من كتب وكراريس اليسار العراقي الذي كان متوهجا إبان تلك الحقبة في منتصف سبعينات القرن المنصرم . كتبت ما يشبه القصة وعملت سيناريو أحاكي فيه مسرحية الأولاد في المدرسة، واستمرت قراءاتي في الدراسة المتوسطة والثانوية.

(كتابات) في ديوان “أغاني الصموت” التراث حاضر بقوة خاصة التراث الديني ما السر؟

  • السر يكمن في الجو العام للمدينة والحي الشعبي التراثي الذي أسكنه.. مدينة الحلة في بابل عاصمة الكلدانيين.. مدينة قديمة يرجع عمرها إلى 950 عاما مضى، وأسكن حي قديم اسمه جبران، كان يعج بقادة الفكر والشعر والنقد الأدبي، من أمثال شاعر ثورة العشرين الدكتور “محمد مهدي البصير” والشيخ “عبد الكريم الماشطة” من مؤسسي حركة السلم والتضامن في العراق وغيرهم الكثير، إضافة إلى أن الحي القديم كان مليء بمراقد العلماء، فكان له تأثير كبير علي.

ومن نافلة القول أيضا أن المد الديني في فترة التسعينيات ومحاربة السلطة لهذا المد، كان دافعا لي أن اتخذه قناعا لمعارضة السلطة، كمعارض سياسي للسلطة الحاكمة آنذاك يكتم معارضته إلا عن طريق الكتابة، حتى وإن كنت لا أتبنى هذا المد، فأنا في اتجاه آخر مغاير تماما، قرأت الكثير من كتب التراث والسير وكتب العقائد، كان علي أن أحصن لغتي وأغور في عوالم افتراضية ابتدعها خيالي، كان عليَّ أن أقتفي أثر خيط  الدم المسفوح من أعناق أبناء جلدتي وهو يسيح بين حارات الفقر والفاقة وألوان الجوع الذي وهبتنا إياه السلطة، رسمت لي وجها يشبه وجوه القتلى في تاريخنا المأزوم المثقل بالدسائس والمكائد والدهاء وأحذية الجند، كان لزاماً عليَّ أن أصفع وجه الظلام بكف القصيدة وأعرف ما معنى أن يكون الإنسان هامشا وكيف يمكن له أن يكون صفرا على الشمال، هذا ما أراده السيد الوالي الحاكم باسم الظلموت، لذا عملت على أن تكون كل الهوامش متوناً.. وأطلقت أغنياتي أنا الفتى الصموت. الآن انتهى عصر المتون.

(كتابات) في ديوان “أغاني الصموت” قلت: “لتَتَعالى عُتمَتي فيك/ تنفسْ خيطَ العَتْمَةِ/ سأرسمك بياضاً ناصِعَ الوَجَعِ/ أسْتَعيرُ وَجْهَك لأراني/ أمْسَحُ عن شفتيَّ/ غُبارَ ليلك/ أرصفُك صِراطاً من أغْنياتٍ/ حَجراً حَجرا” كيف هي صورة المرأة في شعرك؟

  • في البدء كانت الكلمة وهي أنثى.. إنها بالنسبة لي الكائن الأسمى واعتقد بل أجزم أن المخلوقات جميعا كان عليها أن تسجد لحواء الجمال والمحبة والعاطفة، وليس لآدم الحروب والغطرسة والجبروت.. في قصائدي أرسم الأنثى كزهرة توليب وبلاد ونخلة، موجة تتربع على عرش الماء باستحقاق.. الحليب النافر من ثدييها أحيا البشرية ومن ضفائرها أراجيح الطفولة.. هي التي تهز العالم إذا شاءت، إنها المحرك الفعلي والحقيقي لكل ما يدور في الحياة الدنيا.. إنها علامة الاستفهام الأكبر التي رسمتها القوة المهيمنة في الكون.. هي من أسقطت كل مفاهيم الفيزياء في أن تكون الجنة والنار في آن واحد.

كشاعر إنها تتلبس كياني، هي كلّي.. حرفي وقصيدتي، ألمي المكنون.. المرأة سرّ الحياة وفيَّ رغبة كبيرة لأعرف سرّها المجهول، إنها مغامرة غير محسوبة النتائج.. الكون كله بلا امرأة لا يستحق أن يكون.. لقد فهمت الدرس مبكرا..

(كتابات) في ديوان “أغاني الصموت” حنين للطفولة وللوطن والأمان وحب معجون بالاشتهاء ومعاني أخرى ثرية.. حدثنا عن ذلك؟

  • الفتى الصموت هو أنا، ذاك الذي قال كل شيء دون أن ينبس ببنت شفة.. الفتى الصموت الذي أهدى قصائده لحبل الغسيل الأزرق الذي صنع أرجوحته منه ليطير مع أخيه الصغير، ذاك الذي أكلته الحرب وأهدت لأمه الثكل ولأبيه حزن يعقوب، طفولة الفقراء في الأحياء الشعبية الرثة جعلتنا نتدور حول أنفسنا ونلوذ بجدرانها الصماء الآيلة للسقوط في أية لحظة، علمتنا معنى الوطن المعرض للانهيار..

الحروب التي مرت من هنا  ونثرت قتلاها على عتبات البيوت، في كل يوم تطرق أبوابنا وتأخذنا إلى أرضها الحرام.. الوطن الذي علمنا نشيده كيف نتحسس وجوهنا في المرآة، لنقرأ معنى الضياع والشتات، كيف نحلم  أن نكون، ثم سراعا ما يأتي الوطن ليمسح أحلامنا بكف الخراب.. كل هذا الخراب علّمني كيف أطرح الأسئلة وكيف أشتهي الحب، لتأتي فتاوى السيد الوالي أن الحب حرام.

(كتابات) ما رأيك في قصية النثر والجدل الذي يدور حولها وهل كتبتها؟

  • في البدء يجب التفريق بين الشعر الحر وقصيدة النثر فالشعر الحر هو آخر نموذج حداثوي للشعر، بينما قصيدة النثر لا تنتمي إلى جنس الشعر بل تنتمي إلى جنس السرد، وهي محاولة استخراج الشعر من النثر وأن النثر له القدرة على إنجاب القصيدة.. قصيدة النثر لا تنتمي إلى السياق الشعري المعروف، بل تنتمي إلى السياق العام للنثر أولا وللسياق الشعري العام ثانيا، بفعل إدخال الأدوات الشعرية الأساسية عليها.

كذلك إن قصيدة النثر ليست مزجا بين الشعر والنثر كما يعتقد البعض.. كما هناك خلط واضح في المصطلح بين شعر التفعيلة والشعر الحر، فالأولى لم تهجر الوزن الشعري وإن أسقطت القافية واستمرأت البحور الصافية بينما، الشعر الحر أسقط القافية والوزن معا وبالضربة القاضية.. أنا أكتب الشعر الحر وعندي بعض القصائد النثرية تضمنها ديواني الرابع (مطر مايو) والذي سيصدر قريبا..

(كتابات) لما انخرطت في مجال النشر وما هي صعوبات العمل في هذا المجال؟

  • كانت رغبة ملحة منذ فترة مبكرة من حياتي أن أمتلك دارا للنشر، وفعلا سعيت لذلك بجدية عندما توفرت الفرصة والظروف الملائمة لإنشاء دار النشر، فكان دار الصواف للطباعة والنشر، وعملت على أن يكون دار النشر ملتقى ثقافيا أدبيا وما زال لليوم يحتضن الكثير من الطاقات الشبابية الواعدة والعديد من الأدباء في بابل وبعض محافظات البلاد، لكل عمل صعوبات مرافقة له تسير معه كظله ومنها النشر، ومن دواعي أسفي أن الحكومات العراقية المتعاقبة لا تلقى بالا للنشر ولا الاهتمام بالواقع الثقافي للبلاد، بل دائما وأبدا تكون هي المعرقل الأكبر وهي من تضع العصي في عربة التطور في هذا المجال، وكأني بها تعتقد أن نمو الثقافة في البلد سيؤدي بها حتما إلى التراجع عن مواقعها الآن إلى مواقع أدنى، مع نمو الوعي الجمعي لعموم الناس وهذا ما تخشاه بل تعمل بإستراتيجية معقدة مع جهات ساندة لها لإبقاء الجهل فاعلا في البلاد، لأن بقاءها مرهون فعلا بجهل أوسع طبقة من عموم الشعب.

(كتابات) هل في رأيك ازدهر النشر في العراق بعد 2003 وما هي الأسباب في ذلك؟

  • أقول ازدهر بفعل فردي بإرادة أناس تعني الثقافة لهم كل شيء، بعد التحرر من طوق النظام البائد ومقص الرقيب والشرطي الذي كان يسكن رؤوس أغلب المثقفين.. بعد هذا كله ازدهر النشر وكان هناك تزايد مطرد لدور النشر، وكثير منها ركب موجة الثقافة حالها حال أي مهنة أخرى جالبة للربح السريع، بينما المراد منها غير ذلك تماما فالنشر ضروري لتوسيع المدارك واطلاع الآخر على علوم وآداب وفنون هذه البلاد، وعرض الكتب المنتجة في معارض عربية ودولية ليطلع الآخر على مكنون هذا الشعب، وما يحفل به من تاريخ وتراث وقيم أدبية ومعرفية.

(كتابات) لماذا سعيت إلى ترجمة ديوانك.. وهل ترجمة النصوص العربية إلى اللغات الغربية  تعاني من أزمة؟   

  • عندي رغبة كبيرة في أن يطلع الآخر على الشعر العربي عامة والعراقي خاصة، وما شجعني لهذا الأمر هو ازدياد عدد الوفود الأجنبية المشاركة في المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تقيمها بعض المؤسسات الثقافية الفاعلة في البلد، فكان لابد من وسيلة تضمن اطلاعهم على النتاج الأدبي العراقي، فكانت هنالك محاولات واعدة من مترجمين عراقيين لترجمة الشعر والقصة إلى اللغات الحية الأخرى، ومن ضمنها الانجليزية.

وصدرت العديد من الدواوين الشعرية تتضمن ترجمات بالإنجليزية والفرنسية والاسبانية والفارسية والتركية، كذلك الانطولوجيات التي صدرت مؤخرا لتعريف (الآخر الغربي) بالشعر العراقي فتمت ترجمة قصائد وببلوغرافيات لعشرات الشعراء العراقيين، ومن مشارب مختلفة ومن أجيال متعددة، وصدرت في انطولوجيات طبعت ووزعت في العديد من البلدان الأجنبية، وبمجهود فردي غير مدعوم من مؤسسة حكومية أو من أصحاب رؤوس الأموال.. هي محاولة لتعزيز المفهوم الإنساني المشترك وإشاعة لغة المحبة والسلام بين البشر بعيدا عن الحدود الإيديولوجية والدينية والعرقية.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في العراق؟

  • أريد لها أن تكون مشابهة تماما لحال السياسة في العراق، لذا عملت بجد على إيجاد شخصية وهوية خاصة بها، بل تعمل على أن تكون هي المعادل الموضوعي للنكبات التي تعملها السياسة غير الحكيمة، وعلى كل الصعد ومن مختلف الأطر ومن كل الشخصيات الحاكمة التي تجهل بالتأكيد أين مصلحة البلاد والعباد.

كبلتنا السياسة بمصطلحات وأفعال أدت بالتأكيد إلى دفع عجلة التأخر في البلاد إلى الوراء وبامتياز قل نظيره.. وعملت الثقافة العراقية وإن مسها في بعض الأحايين شيء من دنس السياسة إلى إظهار بصيص النور للناس، ونشر المحبة والجمال والسلام والتقارب بين أطياف المجتمع العراقي الذي يشهد توترات متكررة عبر تاريخه، المزمن بالدسائس والمؤامرات والنكايات ودهاء الحروب.

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتب.. وما هو جديدك؟

  • بالتأكيد الطريق غير مزروعة بالياسمين وإنها شاقة وقاسية.. ففي فترة ما من زمن مضى كان جل ما أخشاه أن يتم الضغط علي لكتابة نصوص داعمة للحروب العبثية، وتمجد من قام بها لذا آثرت الكتابة بالرمزية واستخدمت أدوات ما بعد الحداثة من الفراغ المنقوط، والتشكيل الحروفي، والقناع لإرسال الرسائل إلى المتلقي والكثير منهم فهم ما أروم إيصاله.

أدخلت نفسي في المعادلة الأصعب والخيار الأقسى في أن تخسر الكثير لتكسب الكلمة.. ففرحت بانتصاري وكسبت ثقة الكلمة ونلت قداسة الحرف غير المدنس، فنشرت بعض النصوص في صحيفة الأهرام الدولية وبعض الصحف العربية والمجلات. مجموعة “مطر مايو” ستكون قريبا في أيدي القراء، وتتضمن العديد من قصائد الشعر الحر وقصائد النثر وأتمنى أن تكون جديرة بالقراءة.

نصوص لولاء الصواف..

العودة صعودا إلى المتن المبارك

موج من ذكر وأنثى

شعوب وقبائل وسماء من ياسمين

ارني يا موج سماواتي أو اقصص علَيّ سيرتي ليصمت الخوف، سرِ بي من صوت لصوت كي أولد من صدى غيمة، لك كل يواقيت الروح، سرِ بي في ملكوت الطيف.. اضرب لي ميقات العودة وكن..

طيف ك………….

كن

لذة للشاربين

موجا ومن سنين

من ألف مد ومد

ما زلت فينا يا صاح تشدو

قم إلى الحلم المدوّن في الجراح

طول أناتك بعمق المدى بسعة حلمي قمْ

……. الق لي السمع، اخلع رداء الهم وعد… برفقة الماء إلى الأنثى

طيف ا…………..

اقرأ

زقزقة الأنثى

ابتكر لغة الأشياء

دع دف براءتنا يلهو

من صهيل يا فتى أنثاك وماء

يا هذا اطلق لنا عمر سفائننا

أيا موج يا بن أم اقرأ زقزقة الأنثى وقم

أيكم حمل طيفه والنشيد، وجدائل المرضعات النادبات على الغريب، أيكم وسد الهجير وناى عن سدرة الديار، ضاربا في العمق حد التلاشي، في فيافي الهم يغشاه الأفول

طيف م …………….

ما

لهذا الجسد

أجاجا يملأ السطور

يكتم لحظة الخصب وما ولد

قمْ أيها المشدود إلى اليباب

احمل طيفك ابن لي صرحا أو فرحا

حرا أطلق حلمك للريح لا موج إلاك فقم

جباه كالموج، موج في العين، عينا أبيك يا فتى نضاحتان

طيف ي ……………….

يقيناً

كنا ثلاثة

الموج، الموت، وأنا

نبتكر أملا في العودة

برقي وطلاسم وقبل ارتجاف المد

نطرق تحت جنح الليل نواقيس العبارة

أنبأني الموج، أردف الموت، قبّل جراحك وقمْ

صغارا يا عبد الله نسكن قلب القيظ، وتمائم عودتنا تلهو بها الريح، فاضرب بعصاك يا موج هذا التيه، كن.. كائنا حد التهجي واقرأ سفر عودتنا ساعة ينهمر الأمان.

طيف ك ……………

كم

لبثنا يا عبد الله

في تلك الجراح

كم لبثنا خلف الصهيل

كم لبثت في سمائها نون

وتلك الكلمة يا عبد الله أما زلنا فيها آمنين

قد صدقت الرؤيا فانثر درك المكنون وقم

ادخلها في جسد الليل، بيضاء يمينك، يخرج هذا الفرح المنسي

طيف ا………….

ألقى

حبالهم السحرة

ألقت حبائلها الحروب

لي أطيافي انشرها فتلقي

أقواس أمان.. وجدا.. وركام صهيل

ظلي ممدود وللموج ظلال لا تدركها الأبصار

هل زاغ بصرك.. ……..إليك جراحي اقرأها وقم

نبض.. نبض.. نبض.. نبض

نم على نبض أبيك

نمْ… وحبل مودتنا في جيدك يجهر بالعودة

أيهذا الحلم المؤطر بالحنين

طيف ز …………….

زينة

لحياتي كن

صلاة لجرحك أكون

كن يماما وللعشق إماما

أيها الموج كن كما أنت بلا عيوب

يا بن أم هل تعود جنينا بلا حروب؟

فللعشق سنينه وللعشب أنينه وللموج أمانيه…………… فنم

…..

هذا أوانُ البنفسج

مثلَ نجمةٍ

في سماءٍ سابعةٍ

أرقبُها

أشدُّ الضوءَ

فيهمي على العُشبِ

لونُ الضحى

فيا آلهةَ الخصبِ

أستميحكِ عذراً

لأنِّي أزهرتُ في الخريفْ

***

الغيمةُ نسلُ الماءِ

وأنا ابنُها بالتبني!

دثاريَ الغبش

ودميتي هالة النجوم

سرّاً ألملمُ حبات الندى

فمن ْيغتالُ فيَّ العطش؟

ومنْ يرسمُ في المرآة

وجهاً لي أعرفهُ

سقطَ عند تخومِ الخيمةِ

شظايا ألمٍ مخبوءٍ

في ذاكرةِ الطينِ

*

الطينُ رضاعي

وقوسُ اللهِ ذراعي

أنمدُّ إليك

ألبستك هالتي

فتوضئي بالنور مشيئتي

طوّقتكِ بالدرِّ

وألقيتُ فيكِ سرَّ الرفيفْ

تلقفتكِ

كسيدٍ أغواهُ المطرُ

فكيفَ لكفيكِ

أن تفتحَ أسرارَ طلاسمي

وأنا ابن غيمةٍ

وقبضةُ ريحٍ سلالتي

فيا آلهة الخصبِ

اشهدي

إني رأيتُ

احتفالَ المكائدِ بالنخيل

وليلُ الخرافةِ

يقطرُ من عباءةِ السواد

فيا آلهة الخصبِ

اشهدي

إنَّ دمَ الزهرِ

ينهمرُ عناقيدَ ضوءٍ

تشربُ قاماتَ النخيلْ

ينفذ من ذاكرةٍ

الوردِ

ينمدُّ عشبةً

فيفضحُ أسرارَ الفصول

*

هلْ انشقَ القمرُ

فأيقظ الصورَ من رقدته

وارتعشتْ كفُّ الحنّاءِ

على الطور ؟؟

*

يا آلهة الخصبِ

لكِ العتبى

فاللغةُ عمياءٌ

لا تدركُ سرَّ النصل

ولا الشفَةُ

توقظُ في المرآةِ

سرَّ القتيل

بينَ أصابعي

وجسدِ الأرض

دم النحرِ

ونزف النخيلْ

*

يا آلهةَ الخصبِ

أرى على شفتيكِ

مصارعَ قومي

ومِنْ ذؤاباتِ الليلِ

المسفوحِ

على الكتفينِ

يتقاطرُ الغرباءُ في كأسي

وأمسي

بين رمسٍ ورمسِ

*

واعدتكِ القبائلُ سرّاً

فأنجبتِ جرحاً

وكنتُ أنا ..

*

طوقُ المسرَّةِ .. إكليل الربِّ

يغرزُ في الرملِ

أصابِعَهُ

فتورقُ أجنةً

وشظايا

ينزفُ الخلقُ

وتموتُ مرايا

يا آلهةَ الخصبِ

اشهدي

إني ضفرتُ للوردةِ

جدائلها

فتنفسَ العطرُ فيها

وأيقظتُ لحناً

من بعدِ دهرٍ صموتْ

ورميتُ الظلمةَ

بسهمِ النشورِ

ففقأتُ عين الطاغوتْ

فيا آلهةَ الخصبِ

هلْ من مغيرٍ

على حماي؟

يرسِفُني بالغلِّ

ويأسرُني إليكِ

صمتُكِ قافيتي

وفيكِ قيامتي والنشورْ

أصابعي رهنُ شفتيكِ

أكتبُ

من احمرار الدمِ فيها

مبتدأي ومنتهاي

أطلقتُ سفائني

في اخضرار عينيكِ

غنَّيتُ للظاهرِ والباطنِ فيكِ

سبحانكِ

إذْ قلتِ للموتِ فينا

كنْ

فاشرأبت أعناقُ النخيلِ

وقالتْ فيكون !

*

دوّن في القرطاسِ

يا نابو

سكنتْ أنفاسُ (تيامه)

وفاضَ فيكِ

ربيعُ الأنثى

فاختزلتي كلَّ النساءِ

من حواءَ إلى القيامة

*

يا آلهةَ الخصبِ

أستميحُكِ عُذراً

لأني أزهرتُ في الخريف

إنّي أراني

أعصرُ الجمرَ على شفتيَّ

اشتهاءً

وأعصرُني

على شفتيكِ

خمرا

إني اصطفيتُكِ

دونَ آلهةِ الزهرِ

رباً

وارتضيتُكِ

نجمةً

وآمنتُ بكِ

عطرا

……….

هاليلويا

مرحباً

اسمي قيامة

ضَفيرَتي حمراء

وجَسَدي أزرقُ فضيٌّ

بشظايا آسرةٍ

تلمعُ كالخوف

*

بعيداً عن عيونِ النخلِ

انتَحلني واكتبني في لوحِ المرايا

حبةَ ندىً

أو شجرةَ لهبْ

هاليلويا

أنا غنيمتُكَ المُثلى

*

الغيبُ يُراودُني

بليلٍ بهيٍّ.. بمكائدَ.. ودسائسَ.. ودهاءْ

مسَّ سِرّي.. سُرَّتي.. وسُراتي

ضفيرتي حمراء

ببياضِ الصحفِ الأولى

من غيرِ رواةٍ

لا سرَّ لها

ولا صلاة

*

هاليلويا

أتهاوى فيلقُطُني ظلّي

من هشيمِ المرايا

أستبيحُ المدى بقبضةِ ريحٍ

كُنيتي نصلٌ وأحلامي كنانة

ضفيرتي حمراء

واسمي قيامة

*

أعلمُ أن لا شريكَ لي

في خمري

وسبحانَ لبني إذ يشتهيك

أطلقْ لبيكَ من بين شفتيكَ

اشهق بآياتي

لتتعالى عَتمتي فيكَ

تنفسْ خيطَ العَتمةِ

سأرسمُكَ بياضاً ناصعَ الوجعِ

أستعيرُ وجهَكَ لأراني

أمسحُ عن شفتيَّ

غُبارَ ليلكَ

أرصفُكَ صراطاً من أغنيات

حجراً حجرا

*

هاليلويا

أنا غنيمتُكَ المثلى

أنمدُّ إليكَ

بولدانٍ من غبشٍ نديٍّ

مثلَ أغنيةٍ تَسيحُ من أثداءِ الأمهات

أنمدُّ إليكَ بسيلِ سبايا

جِئْنَ

من آخرِ فتحٍ للرصاص

أنمدُّ إليكَ

بشَيبةٍ إذا جنَّ ليلُها

تلوكُ غُبارَ الحكايا

أنا غنيمتُكَ المُثلى

هل ثمةَ نخلةٌ مثلُ دَمكَ

هل بقيَ من فَيْء نخلِكَ

متسعٌ للأنبياءِ

لنبوءاتٍ بكرٍ

ولمريماتٍ جدد بنكهةِ البتولْ

لغياباتٍ بضفيرةٍ حمراءَ تُشبهني

هل بقي من ذراعيكَ

متسعٌ لإضمامةٍ أخيرة

*

كم من إلهٍ لاذ بصمتكَ

واختبأ خلفَ جسدكَ

من سريرِ بكائِكَ

أو بقايا شظاياك

لحمُكَ الحيُّ خمرُ الملائكةِ

ورُقْيَةُ الصبيان

هل تعلّقَ الخلقُ بأردانكَ

حين ألبسوكَ ثوبَ الصلاة

هل بقي من قمحِ الأولين

متسعٌ لجوعٍ آت

***

هاليلويا

أنا غنيمتُكَ المُثلى

*

لكزَ مُهرةَ الغيابِ

ومضى

وعُدتُ أقلّبُ الألمَ الأبيضَ

باسمك اللّهم

أطفئ أحزانَ الصغارِ.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب