16 نوفمبر، 2024 2:40 م
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. “هدى درويش” : الكتابة عالمُ من البوهيميا لا يمكن في داخله أن تحددّ نفسك كحلقة في فضاء كوني شاسع !

مع (كتابات) .. “هدى درويش” : الكتابة عالمُ من البوهيميا لا يمكن في داخله أن تحددّ نفسك كحلقة في فضاء كوني شاسع !

خاص : حاورتها – سماح عادل :

“هدى عامر درويش” روائية وشاعرة وكاتبة مقالات ومقدمة برامج إذاعية، من مواليد الجزائر، حائزة على بكالوريا تخصص علمي بتقدير ممتاز، لتحضر فيما بعد دكتوراه في العلوم الطبية، امتهنت التعليم في معهد خاص باللغات الأجنبية بالتوافق مع “المركز الثقافي الفرنسي” بالجزائر، وأوّل منشوراتها باللغة العربية هو رواية (آمال.. حب يبحث عن وطن)، إنتقلت فيما بعد إلى كتابة المقالات. أعمالها: (آمال.. حب يبحث عن وطن) رواية، (رسائل خلود الياسمين)، (لك وحدك) شعر، (نساء بلا ذاكرة) رواية، (لأنك دائماً تكون غيرك) شعر.

إلى الحوار:

(كتابات) : كيف بدأ شغفك بالكتابة .. وكيف تتطور ؟

  • إنطلقتُ منذ زمن طويل يتعدى عمري الكرونولوجي طبعاً من شغف الكتابة إلى كتابة الشغف, الكتابة بالنسبة لي كانت تجربة في التلذذ بالحرف أولاً، ثم وجدتني في مهرب وقصة إحتياج لا تنتهي, لا يمكن الإستغناء عنها لدرجة أنها أصبحتْ نمط حياة بالنسبة لي.. ثم أصبحت الآن أتعلق بكل ما أكتب عنه من الوجوه إلى الذاكرات إلى التضاريس إلى الأسفار إلى المدائن.. الكتابة عالمُ من البوهيميا لا يمكن في داخله أن تحددّ نفسك كحلقة في فضاء كوني شاسع.. الكتابة هي أن تضع رأسك تحت المفصة وأن تدفع ضرائب أفكارك وأن تتحمل العيش عكس التيار وألاّ يعيق مسار بوحك الضجر والحرب مع تفاهات العيش اليومية.. الكتابة هي أن تكون قادراً على ألا تتوقف عن الحلم..

(كتابات) : في رواية (نساء بلا ذاكرة) تناولت نظرة الذكر العربي الدونية للمرأة حدثينا عن ذلك ؟

  • رواية (نساء بلا ذاكرة) عمل أرضى عنه إلى حد كبير، لكنه ليس العمل الذي يمثلني ولم أكتب العمل الذي يمثلني بعد في الرواية.. سرد الكثير عن وهران “المدينة الأنثى”، ببحرها وأحلامها وعن “سوسة” و باريس وليموج أيضاً, وهو عمل صارخ بوجع النساء ولا يمكنني ــ أعتقد ــ أن أكتب يوماً بمسودة تخلو من عطرها الأنثوي, المرأة بالنسبة لي هي محور الكون الحقيقي وهي بذرته ونواته وهي عالم من الجمال ومن التمرد ومن التفرد.. المرأة نفسها تسيء في تمثيلها للأنثى وهذا شيء رهيب وغير مقبول، وهذا ما صورته في رواية (امرأة بلا ذاكرة)، وما الذي يجعلها كذلك.. ولكنني وجدتُ في بحثي المستتر، خلال عملي مع جمعيات تنشط في هذا المجال والتي لا يمكن ذكرها للسرية التامة طبعاً، والتي توغلتُ من خلالها في عمق المجتمع الوهراني، ولكوني طبيبة أيضاً، وبعدها أخترتُ الشخصيات التي أعمل عليها إسقاطات دقيقة تحمل سمات شخصياتي الحبرية للعمل ومن ثم إنطلقت..

بالنسبة للنظرة الدونية والتي مازالت طبعاً موجودة بصورة واضحة في ثقافتنا الشرقية فهذا صحيح، لكنني أعتبر أن المرأة يجب أن تتعالى على مثل هذه الآراء.. عليها أن تكون فوق مستوى الأحكام والأوصاف.. عليها أن تدين بدين الحرية والقوة والعزيمة ولا شيء سوف يقف أمامها إن أحسنتْ التسلح بمثل هذه المبادئ.. إن لم تستسلم.

(كتابات) : كتبتي الرواية والشعر .. أيهما تفضلين .. ولما ؟

  • بين الشعر والنثر كأنني بين عالمين مفتوحي الأبواب، كلاهما يؤدي إلى الآخر وأرى نفسي أكتب فيهما بذات اللغة، فقط أسبغها وأرتلها بشكل مختلف.. ديواني الشعري الأخير (لأنك دائماً تكون غيرك)، والذي صدر في طبعة جزائرية خاصة بمعرض الجزائر الدولي للكتاب 2017، والذي أحضر لإطلاقه في نسخة عربية عام 2018، هو عمل يحمل في طياته وجع الأوطان والقلوب والنساء والفراق والإغتراب والإختلاف.. كتبتُ فيه عن مصر وثورة 30 يونيو ويحمل في حقي شهادة من الصحافي الراحل القدير “عصام عبدالعزيز” رئيس تحرير مجلة (روزاليوسف) سابقاً، وأعتبر كلمته وساماً أعتز به جداً من رجل سبقني بخبرته وإحترافيته في مجال الإعلام والكتابة الصحافية ورحيله ترك في ذاتي فراغاً رهيباً.. أفتقده كما أفتقد “أحمد فؤاد نجم”، الذي كنتُ أراسله باستمرار وحالت الظروف ألا نلتقي أبداً إلى أن رحل.. والذي كان يحب كتاباتي وينعت نصوصي بالمختلفة والقوية.. أشعر حالياً أنني أعطف على الكتابة النثرية أكثر.. وأبحث عن وجهي في حرفي باستمرار.. أبحث عن عمل يوقّع مساري الكتابي وأشعر أنه سيكون روائياً..

(كتابات) : هل تنوع أصولك بين جزائرية وسورية أثر على كتاباتك ؟

  • بطبيعة الحال أنا سورية لحبي لهذا الوطن، ومصرية وفلسطينية وجزائرية.. أحب كل أوطاني العربية وأحمل جراحها في صدري وأحمل هوياتها وأحب لهجاتها.. ووالدتي هي جزائرية عاشت بسورية بين دمشق وحلب لفترة معتبرة وأرضعتني حبي لسوريا.. أحب ركوة القهوة الدافئة وأحاديث الياسمين الدمشقي.. أحب وجه “ماري عجمي” و”ماريانا مراش” و”ألفت أدلبي”.. وسيظل يحزنني وجه دمشق الجريح.. وتواطؤ العرب والعالم في إشعال هذه المحرقة القذرة..

(كتابات) : حدثينا عن عملك كمذيعة في مجال الإذاعة الثقافية ؟

  • عملي كمذيعة مراسلة في أكثر من إذاعة  ثقافية داخل وخارج الجزائر؛ أمر هام في مساري الكتابي والإعلامي, أحب لغة الأثير وأسكن ذبذباته ودفء الأمسيات التي يخلقها للمستمع.. الإذاعة منبر اللغة الساحرة التي تستقطب الخواطر والأسرار وتنقل الحوادث بين البقاع البعيدة والقلوب البعيدة والأزمنة البعيدة..

(كتابات) : ما رأيك في حركة النشر في الجزائر .. وهل واجهتي صعوبات معها ؟

  • الناشر الجزائري غير محترف وبعيد جداً عن كونه ناشراً باستثناء بعض دور النشر القليلة، والتي تعد على الأصابع.. وأنا كتجربة شخصية لم أتعرض لمثل هذه الظروف لأنني لم أنشر تقريباً في الجزائر وبدايتي كانت من مصر ومن فرنسا..

(كتابات) : هل لديك مشروع للكتابة .. وهل يندرج تحت إطار النسوية والدفاع عن حقوق المرأة ؟

  • لا أحب هذا التصنيف “كتابة نسوية”.. لأنني أشعر دوماً أنها وضعت بمقاييس عنصرية جندرية.. لكنني أعتز لكوني امرأة كاتبة، وأنا أحمل على عاتقي هذه المسؤولية والشجاعة.. أنا كما قال عني الكاتب الجزائري الكبير “كاتب ياسين”: “أن تكون امرأة كاتبة في المجتمع الشرقي هي امرأة تستحق وزنها باروداً”.. أما مشروعي الحالي هو رواية جديدة أنا بصدد كتابتها وتدور أحداثها بمدينة “الإسكندرية” وسوف أعلن عن تفاصيلها في الوقت المناسب.. وأعد القارئ أن يكون موقع (كتابات) أول المنابر التي أعلن منها عن ميلاد كتابي الجديد القادم..

(كتابات) : ما رأيك في حال الثقافة في الجزائر وباقي البلدان العربية ؟

  • حال الثقافة.. صعب جداً أن نصفه في حكم واحد أو بعبارة واحدة, الكاتب الحقيقي لاجئ في الأمل إلى أن تعود الثقافة إلى طبيعتها.. الساحة الثقافية العربية مفتوحة ومختلطة لكنني أثق في أرضنا.. التي ينبت في كنف ترابها أبطال ومبدعون باستمرار وتجدد لا محالة منه.. أتمسك بالأمل..

(كتابات) : في رأيك هل هناك إزدهار وتطور لكتابات النساء عربياً في الوقت الحالي .. ولما ؟

  • نعم هنالك إزدهار وعطاء وتمرد وتفرّد وإصرار لدى المرأة العربية الكاتبة، فقد وصلتْ إلى درجات من النجاح والتميز رغم كل العوائق والعقد والفذلكات والعراقيل والعقائد التي نُصبَتْ للإطاحة بكينونتها الأنثى.. نحن بحاجة إلى عمل يغير مسار الكتابة العربية.. وأعتقد أننا لم نصل إليه بعد.. نشبه بعضنا كثيراً في هذه الفضاء الواسع..

(كتابات) :هل وجدتي الدعم حين كنتِ في بداية طريق الكتابة .. وممن ؟

  • “أبي” كان أول قارئ يطرق باب حرفي.. ومن قبل ذلك تفرّدتُ بمكتبة بيتنا التي فتحتْ عالمي على أفق بعيد مضيء وأطلعتُ من خلالها على الكثير من الأعمال العريقة.. باللغتين العربية والفرنسية “فيكتور هيغو”، “أونوري دو بالزاك”، “لاكومتاس دو سيغور”، “نجيب محفوظ”، “محمد العيد آل خليفة” وغيرهم..

(كتابات) : في ديوان (لأنك دائماً تكون غيرك) تحب المرأة بقوة وندية .. هل يختلف الحب حين تكون المرأة قوية ؟

  • إن المرأة حين تقترنُ بصوتها تختلف كثيراً، ومن هنا تختلف حياتها رأساً على عقب, تختلف في العشق وفي الحلم وفي نمط التفكير.. تصبح رائدة و صلبة.. تدفن في ذاكرتها الأحزان والخوف والمهازل الجائعة وتفرض على الرجل وعلى كل مخلوقات الأرض حقيقة وجوديتها المستقلة..

(كتابات) : في ديوان (لأنك دائماً تكون غيرك) هل الحب حلم المرأة الشرقية الذي لا يتحقق ؟

  • الحب هو الوصول إلى “ما فوق الذات”.. إلى “ما وراء الحلم”.. الحب ليس القمة التي نبلغها، بل هو لذة المسار.. علينا أن نتعلم كيف نفعل أشياء صغيرة بمحبة عظيمة.. على المحبة أن تكون ملجأنا الأكبر والأوحد.. وسأظل أذكر أنه ومهما تداعتْ علينا الخيانات سيظلّ يُكْتَبُ للمحبة وحدها أن تنتصر.. !!

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة