13 أبريل، 2024 6:00 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. هادي نفل: الفن العراقي مميز رغم انحسار التعريف الإعلامي وشح التسويق وانعدام التوثيق

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“هادي نفل” فنان تشكيلي وأستاذ جامعي عراقي، حاصل على ليسانس فنون تشكيلية- قسم نحت من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد- العراق. وحاصل على ماجستير تصوير ضوئي وطباعة من كلية الفنون التطبيقية- جامعة حلوان- مصر. وحاصل على دكتوراه في فلسفة الفنون التشكيلية-رسم (تصوير) كلية الفنون الجميلة- جامعة بغداد. يعمل تدريسي، أستاذ دكتور بكلية الفنون الجميلة- جامعة بغداد.

أساتذته في دراسته في النحت الأستاذ الفنان العراقي “محمد غني حكمت” وفي الرسم الفنان العراقي الكبير الأستاذ “فائق حسن” وأساتذته من مصر الأستاذ الدكتور الرائد في فن الجرافيك “عبد الله جوهر” والأستاذ الكبير “محمد طه حسين” والأستاذ الدكتور “أمين شعبان”.

وكان لنا معه هذا الحوار:

** كيف بدأ اهتمامك بالرسم وهل وجدت الدعم في البداية؟

– البداية مع المنجز التشكيلي جاءت مبكرة جداً, وليس معنى هذا أنه كان لي في التبكير منجزا إبداعيا بل أعمال هواية وتسلية ولعب بالمواد مثل مادة الطين, وقد استهوتني كثيراً لأنها سهلة التشكيل كنت حينها استخدم الطين النظيف المتماسك غير اللزج, عملت منه أشكال حيوانية مثل الخراف والطيور, استعملت الطين بطريقة عمل شرائح طينية, والدي “رحمه الله” هو الذي علمني هذه الطريقة وكان ينجز العمل بشرائح كالذي يعمل به الخزافون.

والأشكال التي أنجزها أجففها بتركها معرضة للشمس ثم أرميها في موقد نار جدتي واستخرجها من الرماد مفخورة, وبالتحاقي في المدرسة الابتدائية أحببت خامات الألوان, الأقلام الخشبية الملونة والباستيل الطباشيري, وأذكر أني كنت أحاول بالأقلام الخشبية الملونة رسم صورة الملك فيصل الثاني, ملك العراق وأنا في الصف الثاني الابتدائي, مما لفت الرسم انتباه معلم الصف, مما حدا به أن ينادي صديق له معلم هو الآخر كان زائراً للمدرسة ليطلعه على الرسم, اهتم بي هذا الزائر اهتماما بالغا في زياراته المتكررة إلى المدرسة, إلى أن طلب مني أن أقوم برسم الصور الإيضاحية في القراءة الخلدونية، وهو كتاب يدرس في الصف الأول الابتدائي آنذاك، جالباً مع الكتاب عددا كبيرا من أوراق الكارتون مع الألوان، فأكملتها له في العطلة الصيفية, فعمل لي دعاية في مدرسته, وأخذ يلف بي في صفوف المدرسة بين الطلاب مع التصفيق ولقبني بالرسام, وأهداني قرطاسية دفاتر رسم وألوان.

 ** هل تحاول أعمالك الفنية توصيل رسالة ما إلى المتلقي؟

– رسالتي إلى المتلقي في أعمالي الفنية هي التحاور في العمل, فأنا لا أحب الظاهر الفج في أعمالي الفنية, فالظاهر في العمل لا يزكي حيوية العمل, مثلما لا تنتظر أن ينطق القلب بالحب باللسان، ولا اللسان يمكنه أن ينطق الحب بقلب. كما أوجه للمتلقي رسالة مفادها أن الإبداع خروق في المنجز الفني وتحمد خروقه ولا تذم أو يقام عليها الحد.

وهنا يكون الفنان لاعب إبداعي يوصف بالتحول ولا يراعي التزلف لأصنام التداول، فيكون الإبداع هو الخروج من كون الشيء كائن بما ينبغي أن يكون إلى ما لم يكن للشيء من قبل في أن يكون, كما أني لا أسعى في عملي الفني إلى الكمال, فالكمال جوهر متعالي غير مستمكن, لكني في أحسن الأحوال على قاعدة استيفاء الممكنات في التمكين لا الكمال, والفنان عندما يعبر بفنه ينبئ بالقادم ويدحض الواقع الوضعي بعد أن يحسنه بخصائص مختلفة.

فالقيم الفنية الإبداعية قيم غير مستمكنة, مناهضة ومتحولة من خلال الافتراض أو انبعاثه عن الخيال, لذلك إني أبغي إثارة المتلقي لألزمه مهمة التحري ليشارك في كشف ثاويات المنجز الفني, لذلك أعمالي لدى الجمهور المتلقي هي أعمال غرائبية الإظهار, وهي أعمال فنية لا تسوغ الجمالية المتسامية بل تسوغ المتعة الذائقية للمظهر الغرائبي.

** حدثنا عن عملك في مجال النحت؟

– عام 1966 تم قبولي في كلية الفنون الجميلة/ جامعة بغداد في قسم الفنون التشكيلية بعد إجراء اختبار تطبيقي في النحت والرسم والخزف, وبعد نهاية العام الأول الذي كان عام دراسة شاملة في الاختصاصات الثلاثة المذكورة, تقرر من قبل لجنة توزيع الطلبة على الاختصاصات أن أكون طالبا في النحت، مع أني كنت آملاً أن أكون في الرسم وتخرجت عام 1970 وكان تسلسلي الأول على دفعتي في الاختصاص والثاني في الدفعة على الكلية.

ومن المناسب ذكره أني قد عملت مع أستاذي النحات “محمد غني حكمت” في مشغله على مدى العامين الأخيرين من دراستي بعد الانتهاء من دوامي اليومي في الكلية, وأضافت لي هذه الفرصة من الاشتغال مهارات عديدة في النحت منها صب التماثيل البرونزية, وجداريات الطرق على النحاس والألمنيوم, وبعد تخرجي أنجزت العديد من الأعمال النحتية منها نصب في أربعة محافظات في بغداد وواسط وكركوك والبصرة.

من هم الفنانون المفضلون بالنسبة لك وهل تأثرت بأحد؟

** تجتذبني الأعمال الإبداعية لكبار الرسامين والنحاتين, أحببت أعمالهم ولم أتأثر بأحد منهم ولا من غيرهم, عملي الفني فردي خالص بنزعة تمثل حضوري الفني بفكرة وبنية وتقنية وخيال وإحساس وتفكر, أذكر الفنانون الذين تجذبني أعمالهم كل من: “رمبرارنت, جوستاف كلمنت, جريكو, روبنر, ديلاكروا, ريبين, بول كلي, جون ميرو”. ومن رواد الفن العراقي الفنان الكبير “فائق حسن”, ومن النحاتين تجذبني أعمال كل من: “رودان, مايكل انجيلو, ومن العراقيين خالد الرحال ومن المصريين “جمال السجيني” و”أحمد نوار” في الجرافيك.

وأحب أن أشير أن المنجز الإبداعي عصي على المقارنة بالأفضلية لأنه فردي الإبداع، فكلمة مقارن بالأفضل تصح على الفن فلا تماثل فيه, فهو كيان يحمل صفاته لذاته حصرياً, فالإبداع نوع مطلق في ذاته, لا يصح تفسيره بالمقارنة, فكلمة تفضيل مقارن غير منتجة أو مؤهلة لإطلاقها لتمييز العمل بين مجموعة من أعمال فنية, ويمكن إطلاق أفضلية بالمقارنة بين المنجزات الصناعية. فالفن ليس صناعة كون المنجز الفني يعبر عن خوالج وثاويات ذات فنان, ولأن أصل الفن تقصي في قناعة لا تقصي لخطأ أو صواب.

** ما هي المواد التي تستخدمها في فنك؟

– الخامات هي من بين مصادر الإلهام الإبداعي في الفن, وإن لكل فن أداء يتعلق بأمرين هما طبيعة الوسيط “الخامة” والأمر الآخر بيئة الانجاز من وسائل وطرائق العمل للإفصاح عن إبداع ما أو فكرة جمالية, ولا سبيل للفن إلا أن ينطق بخامة من خلال الانفتاح على تطويع الخامة لغرض التمثيل الشكلي لصورة مرجوة.

الواقع أن المادة لذاتها تعكس صورة علية فيزيائية ما, ولكن المادة ليست كذلك حين نطالعها في منجز فني وهي تؤدي وظيفة إبداعية, هنا يبدو لنا الفرق بين صورتها لذاتها وبين صورة التعبير الجمالي بها، بسبب كيفية أداء الفنان عليها ومن خلال مقوماتها العلية وصولا إلى تحول المادة إلى تعبير يحتفي بمشهد جمالي يأتي بصيغة البنية الجديدة للخامة.

صورة تنطق عن تفكر وخيال الفنان تمكننا من تعريف موضوع فني فتصبح الخامة وحدة تذوق يحظى بمتعة, وليس المفيد الثبات في خصائص المادة “ثبات عللها الفيزيائية” إلا أن أمر المادة في الفنون يخرجها من ثابتها الشكلي لصالح غرض الفنان الإبداعي وبالتالي وإن بدت المادة ظاهرة جسمية إلا أنها مصدر إلهام لظاهرة من ظواهر التفكر المنبعث عن إحساس جمالي, وبما أني أعمل فنياً في أجناس مختلفة في الفن التشكيلي نحت ورسم وكرافيك, أذكر لوازم استخدامي للمواد في تلك الأجناس

ففي النحت لوازم عملي المفضل فيه الطين والجبس والشمع والبرونز, أما في الرسم لوازم عملي المفضل الألوان الزيتية والقماش “كانفاس” والألوان المائية مع ورق الفيريانو في الجرافيك, عملت بخامات الليثوغراف حجز الكلاهايم “حجز كلي” ومواد الإظهار على الحجر من الصمغ العربي والأحبار الدهنية وورق الفيريانو, وفي الحفر الجرافيكي ألواح الزنك, والنحاس, والأحماض, حامض النتريك والمقاومات الحفرية كالشمع والوارنيشات, وكنت حريصا كل الحرص على استعمال أفضل الخامات.

 

** في رأيك هل يعاني الفن التشكيلي في العراق من مشكلات؟

– الفن غالباً ينهض في بيئة مجتمعية تتميز بالاستقرار وقلة الصراعات السياسية والحروب وينعم بالنهوض الثقافي والاقتصادي, لكن مع الأسف هذا لم يحصل في العراق منذ عدة عقود, وبذلك اغترب العديد من الفنانين خارج البلاد لكن الأمل مازال قائما بنشاط فني إبداعي ينهض به بعض الفنانين الشباب وهم يحاولون إعادة الحركة التشكيلية إلى عافيتها المتميزة، عرفت بها عقود ما بعد الأربعينات من القرن الماضي وتتصدر نشاطهم “جماعة أزاميل”, إلا أن الصورة العامة عن الفن التشكيلي في العراق صورة متميزة بالإبداع الفني, مع ما يعانيه من انحسار التعريف الإعلامي وشح التسويق وخاصة انعدام التوثيق بوجود أرشيف فني.

** ما رأيك في إبداعات الشباب من الفنانين التشكيليين؟

– رأي في إبداعات الشباب أنها إبداعات واعدة, ويصنفون حسب نزعاتهم الفنية التشكيلية بين فنانين يعملون بأساليب أكاديمية ومنهم بنزعات الحداثة، وآخرون فنانون مزخرفون يستلهمون بعض الثيمات “الموتيفات” الشعبية أو التوطين الحروفي في أعمالهم.

** هل تنتمي لمدرسة في الفن؟

لا انتمي إلى مدرسة في الفن, كوني ممن يعملون على التجريب الإبداعي مع الحفاظ على فرادتي الفنية في إظهار التغريب الإبداعي في التشكيل.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب